عصر سبي بابل - الجزء الثالث

15 أكتوبر 2018
Large image

(5) العودة من السبي
+ كورش الملك الوثني مسيح الرب صرخ الشعب إلى الله، وندموا على خطاياهم التي تسببت في سبيهم، وأحسوا باحتياجهم للعودة إلى أرضهم، وهيكلهم، وعلاقاتهم القديمة مع الله، واعترفوا بخطيتهم، وأخطائهم قائلين: "أنتَ بارٌّ في كُل ما أتَى علَينا لأنَّكَ عَمِلتَ بالحَق، ونَحنُ أذنَبنا ومُلوكُنا ورؤَساؤُنا وكهَنَتُنا وآباؤُنا لم يَعمَلوا شَريعَتَكَ، ولا أصغَوْا إلَى وصاياكَ وشَهاداتِكَ التي أشهَدتَها علَيهِمْ" (نح33:9-34) حينئذ سخّر الرب الملك الوثني "كورش" لخدمة شعب الله، وذلك بأن أمر بعودتهم إلى بلادهم، وتعمير أورشليم والهيكل وقد تنبأ إشعياء النبي عن هذا الملك الوثني باسمه قبل ولادته بأكثر من مائة عام قائلاً: "هكذا يقولُ الرَّبُّ لمَسيحِهِ، لكورَشَ الذي أمسَكتُ بيَمينِهِ لأدوسَ أمامَهُ أُمَمًا، وأحقاءَ مُلوكٍ أحُلُّ، لأفتَحَ أمامَهُ المِصراعَينِ، والأبوابُ لا تُغلَقُ: أنا أسيرُ قُدّامَكَ والهِضابَ أُمَهدُ أُكَسرُ مِصراعَيِ النُّحاسِ، ومَغاليقَ الحَديدِ أقصِفُ وأُعطيكَ ذَخائرَ الظُّلمَةِ وكُنوزَ المَخابِئ، لكَيْ تعرِفَ أني أنا الرَّبُّ الذي يَدعوكَ باسمِكَ، إلهُ إسرائيلَ لأجلِ عَبدي يعقوبَ، وإسرائيلَ مُختاري، دَعَوْتُكَ باسمِكَ لَقَّبتُكَ وأنتَ لستَ تعرِفُني أنا الرَّبُّ وليس آخَرُ لا إلهَ سِوايَ نَطَّقتُكَ وأنتَ لم تعرِفني" (إش1:45-5)وقد وصفه إشعياء النبي بصفات عجيبة، بالرغم من أنه ملك وثني مثل:-
"راعيَّ" (إش28:44).
"مسيح الرب" (إش1:45).
"رجل مشورتي" (إش11:46).
"قد أحَبَّهُ الرَّبُّ" (إش14:48).
"كُلَّ مَسَرَّتي يُتَممُ" (إش28:44).
" الكاسِرَ" (إش11:46).
هذا يوضّح كيف يستخدم الله حتى غير المؤمنين لخدمة كنيسته وقد قيل إن هذه النبوات قُرأت أمام كورش فسُّر بها، وسمع من خلالها صوت الإله الحقيقي، الذي يبارك خطواته، وحياته مما جعله يُطيع النبوة: "القائلُ عن كورَشَ: راعيَّ، فكُلَّ مَسَرَّتي يُتَممُ ويقولُ عن أورُشَليمَ: ستُبنَى، وللهيكلِ: ستؤَسَّسُ" (إش28:44)علمًا بأن هذه النبوات التي قيلت عن كورش كمُخلِّص زمني لإسرائيل من السبي يمكن أيضًا أن تفهم بالبعد المسياني على أنها نبوات عن تجسد الله الكلمة لخلاص كل العالم من السبي الروحي.
+ العودة من السبي:-
نبَّه روح الله كورش، فأطلق نداءه بالسماح لمَنْ يريد من المسبيين من اليهود، بالعودة إلى وطنهم، لبناء هيكل إله السماء: "نَبَّهَ الرَّبُّ روحَ كورَشَ مَلِكِ فارِسَ فأطلَقَ نِداءً في كُل مَملكَتِهِ وبالكِتابَةِ أيضًا قائلاً: هكذا قالَ كورَشُ مَلِكُ فارِسَ: جميعُ مَمالِكِ الأرضِ دَفَعَها لي الرَّبُّ إلهُ السماءِ، وهو أوصاني أنْ أبنيَ لهُ بَيتًا في أورُشَليمَ التي في يَهوذا" (عز1:1-2) وبدأ بعض المسبيين في العودة من السبي إلى بلادهم، وبدأت مع هذه العودة المباركة، نهضة روحية قادها بعض رجال الله القديسون. وكانت هذه العودة من السبي على أربعة مراحل:-
(1) المرحلة الأولى:-
عاد الفوج الأول من السبي بقيادة زربابل ويهوشع رئيس الكهنة: "آخُذُكَ يا زَرُبّابِلُ عَبدي ابنُ شألتيئيلَ، يقولُ الرَّبُّ، وأجعَلُكَ كخاتِمٍ، لأني قد اختَرتُكَ، يقولُ رَبُّ الجُنودِ" (حج23:2) وقد ذُكر خبر هذا الرجوع في سفر عزرا الأصحاح الثاني"وهؤُلاءِ هُم بَنو الكورَةِ الصّاعِدونَ مِنْ سبيِ المَسبيينَ، الذينَ سباهُمْ نَبوخَذناصَّرُ مَلِكُ بابِلَ إلَى بابِلَ، ورَجَعوا إلَى أورُشَليمَ ويَهوذا، كُلُّ واحِدٍ إلَى مَدينَتِهِ. الذينَ جاءوا مع زَرُبّابَلَ" (عز1:2-الخ)هؤلاء العائدون بنوا المذبح لإصعاد الذبائح والمحرقات، علامة العودة إلى عبادة الله الحي، بعد توقف هذه الذبائح طيلة فترة السبي (عز2:3-3). ولكن بسبب مضايقات الأعداء، توقفوا عن بناء الهيكل، إذ تم استصدار أمر ملكي من بابل بإيقاف العمل في البناء، نتيجة الوشاية لدى الملك (عز1:4-5).
(2) المرحلة الثانية:-
بعد نحو 16 سنة من النهضة الأولى قام حجي وزكريا النبييْن ببناء الهيكل، والاحتفال بعيديْ الفصح والفطير، وذلك بعد أن حنّن الرب قلب داريوس الملك؛ فأصدر أمرًا ملكيًا باستكمال العمل في بناء الهيكل، وكذلك تنبيه حجي وزكريا للشعب أن يلتفتوا إلى بناء الهيكل (عز1:6-3)، ولا يكتفوا بأنهم بنوا منازلهم الفخمة وسكنوا فيها: "هل الوَقتُ لكُمْ أنتُمْ أنْ تسكُنوا في بُيوتِكُمُ المُغَشّاةِ، وهذا البَيتُ خَرابٌ؟ والآنَ فهكذا قالَ رَبُّ الجُنودِ: اجعَلوا قَلبَكُمْ علَى طُرُقِكُمْ زَرَعتُمْ كثيرًا ودَخَّلتُمْ قَليلاً تأكُلونَ وليس إلَى الشَّبَعِ تشرَبونَ ولا تروونَ تكتَسونَ ولا تدفأونَ والآخِذُ أُجرَةً يأخُذُ أُجرَةً لكيسٍ مَنقوبٍ هكذا قالَ رَبُّ الجُنودِ:اجعَلوا قَلبَكُمْ علَى طُرُقِكُمْ اِصعَدوا إلَى الجَبَلِ وأتوا بخَشَبٍ وابنوا البَيتَ، فأرضَى علَيهِ وأتَمَجَّدَ" (حج4:1-8)، وكذلك تنبأ زكريا النبي عن بناء أورشليم قائلاً: "قد رَجَعتُ إلَى أورُشَليمَ بالمَراحِمِ فبَيتي يُبنَى فيها، يقولُ رَبُّ الجُنودِ" (زك16:1).
(3) المرحلة الثالثة:-
قادها عزرا النبي بناءً على أوامر من أرتحشستا الملك، بعودة مَنْ يريد من الباقين من السبي، إلى أورشليم "مِنْ أرتَحشَشتا مَلِكِ المُلوكِ، إلَى عَزرا الكاهِنِ كاتِبِ شَريعَةِ إلهِ السماءِ الكامِلِ، إلَى آخِرِهِ قد صَدَرَ مِني أمرٌ أنَّ كُلَّ مَنْ أرادَ في مُلكي مِنْ شَعبِ إسرائيلَ وكهَنَتِهِ واللاويينَ أنْ يَرجعَ إلَى أورُشَليمَ معكَ فليَرجِعْ" (عز12:7-13)، وبعد هذه العودة قرأ عزرا الشريعة على الشعب وألزمهم بتنفيذها "لأنَّ عَزرا هَيّأَ قَلبَهُ لطَلَبِ شَريعَةِ الرَّب والعَمَلِ بها" (عز10:7)وكانت هذه أيضًا نهضة روحية رائعة لشعب الله، بسبب العودة إلى كلمة الله وقراءتها بروح التوبة، والغيرة المقدَّسة.
(4) المرحلة الرابعة:-
قادها نحميا النبي بعد نحو 14 سنة من النهضة الثالثة (راجع نحميا1:2-8)، وبنى أسوار أورشليم، وعمَّر المدينة، وذلك بعد تجميع الشعب وتحفيزه، وبعد طلب مشورة الرب وتدعيمه وكانت أيضًا عودة بناء أسوار أورشليم والهيكل سببًا في بعث الغيرة المقدَّسة للشعب، مما دفعهم لتجديد العهود مع الله، وإحياء روح ذبيحة التسبيح.
(6) النهضة الروحية المصاحبة للعودة من السبي
بالطبع كانت عودة الشعب إلى أرضه المقدَّسة سببًا في عودة الروح إليه، وبدأ الناس يفكرون من جديد في إلههم وبدأوا يعودون إلى عبادته المقدسة. فكان من أبرز علامات النهضة الروحية التي صاحبت العودة من السبي عودة ذبيحة التسبيح إلى مكانتها ومجدها اللائقَين بها.
نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة

عدد الزيارات 4641

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل