عظة على عيد الميلاد للأنبا بولس البوشي أسقف مصر في القرن الثالث عشر الميلادي، نقلاً عن المخطوطة م 18

06 يناير 2021
Large image

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد
المجدُ لك أيها المولود من الآب قبل كل الدهور، الذي وُلد اليوم جسدانياً من البتول للخلاص.
المجدُ لك يا شمسَ البرِّ، الذي أشرق علينا اليوم بشعاع لاهوته، وأضاء المسكونة.
المجدُ لك أيها المسيح الملك، مالك السموات والأرض، الذي أخذ صورة العبد، لكي يُعطي عبيده الحرية التي تليق به.المجدُ لك أيها الخالق السماوي الذي افتقد خليقته الترابيين، وتعاهدهم بالصلاح، لكي يصيروا واحداً مع السمائيين.المجد للذي أضاء شعاعُ لاهوته بالمولد البتولي في أقاصي الأرض، حتى أتوْا إليه المجوس ساجدين.المجد للذي فحصوا لأجل مولده في الناموس والأنبياء، وأقرُّوا له عابدين.المجد للذي سبَّح لمولده السمائيون، وسجد له الأرضيون.أنا أسأل صلاحك، يا مَن رفع عنا العار والخزي بمولده من البتول.أطلب إلى محبتك، يا مَن تواضع وصار معنا على الأرض وهو في السماء لم يَزَل.أصرخ إليك، يا من صار إنساناً، لم يترك عنه شرف لاهوته الكائن له قبل الدهور.أشرِقْ شعاع لاهوتك في مخادع نفسي، يا شمس البر، لأتكلَّم بمولدك العجيب.أرشدني يا نور الحق الذي أرشد المجوس لمعرفته، لأُخبر بتواضعك وإتيانك إلينا.هب لي فصاحة القول، يا مَن وَهَبَ الخلاص للعالم مجاناً، وبتواضعه صار معهم على الأرض كالإنسان، وهو بلاهوته حالٌّ في كل مكان، لكي ما أفتح فمي وأنذر بمجيئك الذي صار بكل العلانية.لك المجد أيها المسيح الذي وُلد اليوم من البتول بالجسد. أسبِّح لك مع الملائكة، وإليك أُسرع مع الرعاة، ولك أسجد مع المجوس، ومن أجلك أفحص (الكتب) مع كتبة الناموس، ولإتيانك الكريم أترنَّم مع الأنبياء، وأُحضِر شواهدهم (من النبوَّات)، وأُبشِّر بك مع الإنجيليين، وأُقدِّم في الوسط مقالاتهم، وباسمك القدوس أفتح فمي، وبذكرك المجيد تتهلل شفتاي، وأصرخ بصوت أفضل من (صوت) القرن، وأفرح وأسرُّ في هذا العيد المجيد اليوم، وأذكر ما نطق به النبيُّون، وكرز به المُرسَلون.هَلُمَّ في وسطنا اليوم يا يعقوب إسرائيل، أبو الأسباط ورأس القبائل، وأخبرنا بمجيء سيدنا المسيح الحق إلينا. قال: «لا يزال رئيسٌ في يهوذا، وأقدام بني البشر، حتى يأتي الذي له المُلك وعليه تتوكَّل الشعوب، وإيَّاه ترجو الأمم» (تك 49: 10).بحقٍّ، إن هذه النبوَّة واضحةٌ جداً لا يحتاج معها إلى نبوَّة أخرى، وذلك أن المُلك قد كان في بني إسرائيل من قبيلة يهوذا، إلى سبي بابل، وأيضاً أقاموا عليهم رؤساء من قبيلة يهوذا أيضاً إلى مجيء المسيح. فلما كان مولد المسيح الرب، ملكت عليهم الأممُ وكتبوا أسماءهم في الجزية. كما شهد بذلك الإنجيلي المغبوط لوقا قائلاً: «وفي تلك الأيام»، أعني مولد الرب بالجسد، قال: «خرج أمرٌ من أوغسطس قيصر بأن يُكتتب جميع المسكونة». وبيَّن لنا أن في الزمان الذي قد مضى لم يكن كذلك، فقال: «وهذا الاكتتاب الأول في ولاية قيريانوس على الشام» (لو 2: 1-2)، أعني أن هذا أول اكتتاب كان على اليهود ليؤخذ منهم الجزية، فكان الأمر من قيصر ملك الروم برومية، ليُعلمنا أن الروم قد ملكوا عليهم، والمتولِّي من قِِبله قيريانوس منتدبٌ على الشام لكتابة الأسماء وأخذ الجزية.لأن هيرودس الكبير أبا أرشلاوس، قد كان في ذلك الزمان (متولِّياً) على الخِراج (الجزية). فقد صحَّ أن عند مولد المسيح نُزع منهم المُلك والرئاسة معاً، وأقاموا (في عهد) ذمَّة تحت يد ملوك الأمم. لأن الله عَلِمَ بغلظ قلوبهم، وكذلك أبطل مجيء الأنبياء أيضاً، «لأن الناموس والأنبياء إلى يوحنا»، كما قال الرب، «ومنه يُبشَّر بملكوت الله» (لو 16: 16)، الذي هو مجيء الرب الكريم إلينا. حتى أن اليهود إلى اليوم لا يقدرون (أن) يزيدوا على هؤلاء الأنبياء المعروفين، الذين كانوا قبل تجسُّد المسيح، وهم أربعة وعشرون نبيّاً. فقد صح بهذه العلامة أن المسيح قد جاء لأنه نزع منهم المُلك والرئاسة، وأبطل مجيء الأنبياء، ونزع من أيديهم البيت المقدس أيضاً، الذي كانوا يخدمون فيه بالسُّنة (أي الناموس) العتيقة، وهي ضحايا الحيوان ودم الجداء، وتطهير الزوفا، وأكمل ذلك بجسده ودمه وتطهير المعمودية. فمَن أطاع منهم الإيمان، قَبِلَه؛ والذين لم يطيعوا، بدَّدهم في آفاق الأرض تحت يد ملوك الأمم يسودونهم بغير تعاهُد.اليوم، يا أحبائي، كَمُلت نبوَّات الأنبياء في مولد الرب من البتول مرتمريم. إشعياء (النبي) يُعلن ذلك قائلا: «هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً، ويُدعى اسمه: عمانوئيل» (إش 7: 14)، «الذي تفسيره: الله معنا» (مت 1: 23).حزقيال النبي يُعلِّمنا بسرٍّ عجيب قائلاً: «إني رأيتُ في المشارق باباً مُغلقاً مختوماً بخاتم عجيب، لم يدخله أحدٌ غير رب القوات، فإنه دخل وخرج ولم يُفتح الباب ولا تغير الخاتم» (حز 44: 1-2). وهذا سرُّ نبوَّةٍ على الميلاد البتولي من الطاهرة مريم من غير زرع بشر. يُخبرنا بأن المولود منها هو ربُّ القوات، ولهذا حفظ بتوليتها في تجسُّده، وفي ولادته منها، وبعد ولادته أيضاً، لأن له الاستطاعة في كل شيء.إشعياء (النبي) يقول: «وُلد لنا ابنٌ، وأُعطِيَ لنا غلامٌ، الذي سلطانه على منكبيه، وهو الإله القوي السلطان، ملاك المشورة العُظمى يُدعى» (إش 9: 6). حقَّق لنا النبي ميلاده بالجسد، ثم بيَّن لنا أنه الإله القوي السلطان في القِدَم والأزلية.إرميا (النبي) يُخبرنا بأن الإله سوف يكون مع الناس على الأرض بالتجسُّد العجيب، قائلاً: «إن الله سوف ينزل على الأرض، ويمشي بين الناس» (إر 14: 8؛ 23: 5).حزقيال (النبي) يُعلِّمنا بمِثل ذلك قائلاً: «سيعلمون أني أنا الرب إلههم، إذا ظهرتُ بين الناس، وكلَّمتُهم بإعلان» (34: 23-30).وعلى مثل هذا أيضاً تنبَّأ داود قائلاً: «إله الآلهة يظهر في صهيون» (مز 50: 1-3)، أعني أن أولئك إنما سُمُّوا (أُطلق عليهم) آلهة، لأن كلمة الله صارت إليهم، فأما هذا الذي يظهر بصهيون فهو إلهُ الآلهة بحقٍّ، وربُّ الأرباب وكل الكافة، بشرف اللاهوت وليس بالاسم المستعار.ومثل هذا قال إشعياء النبي: «تظهر كلمة الله في أورشليم، ومن صهيون تخرج السُّنة (الشريعة)» (إش 2: 3). وداود يُعلِّمنا أن المولود من الآب قبل كل الدهور هو المولود من البتول بالجسد، قائلاً: «الرب قال لي أنت ابني، وأنا اليوم ولدتك» (مز 2: 7)، أعني الميلاد بالجسد. وقال: «من البطن قبل كوكب الصبح ولدتك» (مز 110: 3 سبعينية). وقال: «يأتي الله جهراً وإلهنا لا يصمت» (مز 50: 3). وقال: «الرب أرسل لك عكَّاز قوة من صهيون، وتملك في وسط أعدائك» (مز 110: 2). وقال: «صهيون الأُم تقول: إنسانٌ حلَّ فيها، وهو العليُّ الذي أسَّسها» (مز 87: 5).وقال عوزيا (هوشع Wch) النبي: «يأتي الربُّ حقاً، ويظهر على الأرض» (هو 6: 3). وقال ناحوم النبي: «هوذا آتي وأسكن فيكِ، قال الرب الضابط الكل». وقال صفونيا النبي: «تعزِّي يا صهيون ولا تسترخي يداك، فإن الرب إلهنا قوي، يأتي ويحلُّ فيكِ ويُنجِّيكِ» (صف 3: 16). قال زكريا: «يا ابنة صهيون، هوذا أنا أجيء وأسكن فيكِ، قال الرب» (زك 2: 10). قال ملاخيا النبي: «هوذا الرب يأتي ويُشرق لأتقيائه، وشمس البر اسمه» (ملا 4: 2).بحقٍّ، يا أحبائي، إن شمس البر قد أشرق لنا اليوم بالميلاد من البتول. المولود من الآب قبل كل الدهور، ميلاداً أزلياً بلا ابتداء لا يُدرَك ولا يحدُّ له زمان، وُلد اليوم للخلاص. الذي لا يُحوَى ولا تُدركه العقول، استُعلِن اليوم متجسِّداً. المرهوب من القوات العقلية، ويعلو كل رئاسة وسلطان، ويفوق شرفُ لاهوته كلَّ البرايا، شاء أن يتنازل ويُخالط طبيعتنا المسكينة. الذي هو جالسٌ على كرسي مجده فوق أعلى السموات، ظهر بين البشر ولم يترك عنه علو شرفه، بل هو يملأ الكل ببساطة (جوهر) لاهوته غير المُحتوى عليه.عظيمةٌ هي جداً كرامة هذا العيد المجيد اليوم، أيها الأحباء، ويجب علينا كلنا إكرامه وتشريفه، و(أن) نبتهجَ فيه ونُسرَّ؛ لأنه إن كان (يوم) مولد رؤساء هذا العالم وملوك الأرض (الذين) يموتون وتزول رئاستهم، تجدهم يكرمونه ويذكرونه بينهم مع خواصهم في كل عام - كما كُتب أنْ وافى مولد لهيرودس الملك، فصنع وليمةً لعظمائه ومقدِّمي الجليل ورؤساء مُلكه (مر 6: 21) - فكم أحرى يحقُّ علينا من الفرح والمسرة، أن نُعيِّد بكل اهتمام حسن، في يوم تذكار مولد ملك الملوك ورب الأرباب وسيد السادات، الذي يسود بجبروته كل البرية، ولا سيما أن تجسُّده ومولده لم يكن من أجله، بل من أجلنا نحن، ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء وتجسَّد من مريم العذراء، ووُلد جسدانياً، لكي يولدنا نحن روحانيين. تواضع لكي يرفعنا. اتحد بطبيعتنا الحقيرة لكي يُعطينا نحن موهبة الروح القدس. سمَّى ذاته ابن البشر، لكي يُسمِّينا نحن بنين لله الآب.وليس هذا المجلس الجليل اليوم خُلواً من خواصه ورؤساء مملكته الأبدية، بل هم حاضرون معنا متكلِّمون، وبيننا ناطقون، لكي يفرحوا بأقوالهم التي من تلقاء الروح. ومَن هم أولئك؟ هم أنبياؤه الأطهار، ورسله الأفاضل، خواصه الأبرار المطَّلعون على سرِّه (مز 25: 14)، الذين منحهم موهبة روح قدسه.أما الأنبياء فقد تقدمتْ دعوتُهم، أولئك الذين أنبأوا بالروح على مجيئه الكريم (أع 3: 22-24). وهوذا بنداء، بدعوة الرسل المَوَالي السادات رؤساء أئمة كل المسكونة، أنهار ماء الحياة، كما تنبأ حزقيال النبي قائلاً: «الجميلون في إنذارهم»، كما تنبأ ناحوم النبي قائلاً: «ما أجمل أقدام المبشِّرين بالخيرات» (نا 1: 15)، «الذين خرجت أصواتهم في كل الأرض، وبلغ كلامهم أقطار المسكونة» (مز 19: 4؛ رو 10: 18).هلمُّوا الآن أيها الإنجيليون المبشِّرون بالحياة، لكي ما نأخذ منكم سياقة (مضمون) القول، لأنكم مُعاينون الإله الكلمة وخَدَمه وخواصه، وبكم نزيِّن القول. متى الرسول الإنجيلي يشرح لنا قائلاً: «لما وُلد يسوع في بيت لحم يهوذا» (مت 2: 1)، أراد بذكره بيت لحم ليُبيِّن أن كُتب الأنبياء ذكرت أنه (في) بيت لحم يولد. لأنه خاصة دون الإنجيليين كتب إنجيله عبرانياً. وكذلك ذكر النسبة (سلسلة الأنساب) وبدأ بها من إبراهيم، لأن إليه خاصة تنتهي النسبة في تناسل العبرانيين لا غير.فأما لوقا، لمَّا كتب إنجيله يونانياً، لم يَرَ أن يُحزن الأمم الذين آمنوا بالمسيح، بأن المسيح ليس منهم تجسَّد، ولذلك أخذ (في ذِكْر الأنساب) من أسفل (أي ابتداءً من اسم يسوع) وهو طالع. فلما بلغ إلى إبراهيم، لم يقتصر على ذلك، بل أوصل النسبة إلى نوح، لأنه صار أباً لكل القبائل والألسن. ثم زاد ذلك فلسفة بتأييد الروح، فانتهى إلى آدم، لكي يشرح لهم نسبة التوراة بتلخيص، ويُفرِّحنا نحن كافة المؤمنين بأن المسيح تجسَّد من نسل آدم أبينا كلنا، ودعا (يسوع المسيح) آدمَ ثانياً ليكون أباً ورئيساً لكل الأحياء، كما يُلائم لاهوته، والمُقدِّم كل الخيرات، والسابق في البعث من بين الأموات.ومتَّى لما كتب إنجيله عبرانياً ببيت المقدس (أي بأورشليم)، شرح الأمور لليهود الذين آمنوا على ما في الناموس. ثم ذكر في النسبة (أي في سلسلة الأنساب) امرأتين من الأمم، وهما ثامار وراحاب، ليُبيِّن لهم أنهم اشتركوا مع الأمم في التناسل، وأن جنسهم منهم، فلا يأنفوا أن يشاركوهم في الإيمان ويُخالطوهم، ولا سيما أن المعمودية قد طهَّرت الجميع.ثم بدأ يتكلَّم على شيء بشيء، ويأخذ عليه الشهادة من الأنبياء، فقال: «لما وُلد يسوع المسيح في بيت لحم يهوذا، في أيام هيرودس الملك»، أراد بذكر هيرودس لِمَا جرى له مع المجوس، وبحثه عن المولود، وقتله الأطفال. قال: «إذا مجوسٌ وافوا من المشرق إلى أورشليم، قائلين: أين هو المولود ملك اليهود؟ لأننا رأينا نجمه في المشرق، ووافينا لنسجد له».يا لهذا السر العجيب والسياسة الإلهية، وكيف دبَّر الله الأشياء بلطف، واجتذب إليه هؤلاء المجوس من الجانب الذي هم متمسكين به، فلهذا اجتذب إليه هؤلاء المجوس من صنعتهم التي فيها تربوا وهم بها مغتبطون. وذلك أنهم كانوا من بلاد فارس من جنس بلعام العرَّاف (عد 22: 5)، وكان عندهم كُتب تعليم منه، وكانوا يرون مع هذا علم تسيير الكواكب. إلا أنهم قرأوا وفهموا لأجل المسيح الملك الحقيقي. ولم تكن قلوبهم مائلة لغواية عبادة الأوثان. ولما علم الله صحة يقينهم، وأنهم يُذعنون للحق إذا ظهر لهم، أظهر لهم قوةً سمائية شبه نجم. ولم يكن يتقدَّم مثله شيء في كافة الكواكب، يدلُّ (على) أن الذي يُولد في ذلك الحين يسود كل الممالك جميعاً والرئاسات، ولا يكون لمُلْكه انقضاء.والدليل أن (النجم كان) قوةً من الله، ولم يكن من هؤلاء الكواكب الظاهرة، أن أفعاله مختلفة عن سائر النجوم. أول ذلك أنه كان يظهر لهم نهاراً ويختفي ليلاً، يدلُّ (على) أن المولود هو نهارٌ وشمس البر. ثم كان يسير من الشمال إلى اليمين منحرفاً قليلاً إلى الغرب، وهو من أرض فارس إلى بيت المقدس، يدلُّ (على) أن كماله يكون بأورشليم (لو 13: 32). وكان يسير بسيرهم ويقف لوقوفهم، يدلُّ على أن الربَّ يُلاطف البشرية ويُكمل الأشياء الجسدية. وكان سيره عجيباً أسفل بالقرب منهم، يدل على اتضاع الرب المولود بالجسد، وكونه قد صار معنا على الأرض وهو يعلو الكل بلاهوته. وكان قُرْبه منهم لكي يتقدَّمهم، كمثل مرشد لهم، إلى الموضع الذي يريدون نحوه مستقيمين بلا اعوجاج، ليدل أن المولود هو الذي يتقدَّم لنا في كل الخيرات، ومرشد لنا إلى أورشليم العليا، ملكوت السموات، كما قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة» (يو 14: 6). ومع هذا بأسره لم يقدر ضوء الشمس أن يخفيه، ليدل (على) أن المولود يعلو ويفوق كل بهاء وحُسْن، ويفضُل على كل اسم مما يُرَى ومما لا يُرَى. وكما تنبأ عنه داود قائلاً: أنه «بهي في الحُسْن أكثر من بني البشر» (مز 45: 2). أعني وإن كان ظهر بالجسد ووُجد بالشكل كالإنسان، فهو يفوق الكل ببهاء لاهوته.لما أوصل النجم المجوس إلى أورشليم، اختفى عنهم بالتدبير، لكي يُبشِّروا بميلاد المسيح الرب لأولئك الذين كانوا منتظريه، أعني بني إسرائيل الجسداني، ليدل (على) أن الشعوب تفوقهم في الإيمان وتَفْضُلُ عليهم، وأن المجوس (كانوا أكثر استحقاقاً) لكثرة اجتهادهم ومحبتهم لنظر المسيح المولود. فلما اختفى عنهم النجم، لم يصبروا، بل أذاعوا ذلك كمثل رسل مُبشِّرين قائلين: «أين هو المولود ملك اليهود»، وذلك لأنهم حقَّقوا أمره جيداً. وبهذا سعوا (احتملوا) هذا البعد والعناء الكبير. ولِِمَ ذلك؟ قالوا: «لأننا رأينا نجمه في المشرق». ولم يقولوا أتينا لننظره، بل قالوا: «أتينا لنسجد له». أعني أن النجم ظهر لهم أولاً من مشرق السماء، وأقبل نحوهم، لأنهم كانوا بأرض فارس، كما تقدَّم القول، ناحية الشمال مُنحرفاً إلى ناحية المشرق، يدل أن المولود من السماء أشرق علينا، وردَّنا من الشمال إلى اليمين. ثم أقرُّوا أنهم أقبلوا إليه ساجدين، ليدل على معرفتهم به باليقين.قال الكتاب المقدس: «فلما سمع هيرودس اضطرب»، وذلك لقلة فهمه، ظنَّ أنه ملك أرضي ينزع منه المُلك ويبيده هو وجنسه بأسره. ولم يفهموا أنه الملك الأبدي الرب من السماء القائل: «لم آتِ لأهلك نفوس الناس بل أحييهم» (لو 9: 56)، وقال أيضاً: «نفسي أُعطي دون خرافي» (يو 10: 15). وكذلك أورشليم اضطربت بأسرها، لما سمعوا أن المسيح المنتظر قد وُلد، وأن الفُرس أقبلوا إليه ساجدين. ثم إن هيرودس جمع رؤساء الكهنة وكتبة الناموس، الذين درسوا الكتب جيداً، ثم استخبر منهم «أين يولد المسيح؟». يا لهذا التدبير الإلهي، كما جذب إليه المجوس من الأشياء التي بيدهم، كذلك أراد أن يجتذب بني إسرائيل أيضاً من الذي بيدهم، وهو كُتب الناموس والأنبياء، الذين هم بها مؤمنون، كما قال لهم الرب: «فتِّشوا الكتب التي تظنون أن لكم بها حياة الأبد، فهي تشهد من أجلي» (يو 5: 39). وبهذا أخفى النجم عن المجوس حتى يذيعوا ذلك.فلما فحص رؤساء الكهنة جيداً، أقروا بالحق، ليكون ذلك شهادة عليهم، قائلين: «في بيت لحم يهوذا يولد المسيح». كما هو مكتوب في ميخا النبي: «وأنتِ يا بيت لحم أرض يهوذا، ألستِ بصغيرة في ملوك يهوذا، منكِ يخرج المدبِّر الذي يرعى شعبي إسرائيل» (مي 5: 2). انظروا إلى إيضاح هذه النبوَّة، وكيف عظَّم بيت لحم مع صغرها. ولِمَ ذلك؟ قال: «لأن منها يخرج المدبِّر راعي إسرائيل». هذا الذي صرخ إليه داود النبي قائلاً: «يا راعي إسرائيل الذي هدى يوسف كالخروف انظر، الجالس على الكاروبيم استعلن، قدَّام أفرايم وبنيامين ومنسَّى، أظهِر قوتك وتعالَ لخلاصنا» (مز 80: 1-2). وهذا الفحص قد كان عند اليهود متواصلاً بمثابرة، كما شهد بذلك يوحنا الإنجيلي قائلاً: «إن قوماً منهم قالوا هذا هو المسيح، وآخرين قالوا لعل المسيح من الجليل يأتي، أليس قد قال الكتاب إن من نسل داود، من بيت لحم خاصة قرية داود، يأتي المسيح» (يو 7: 41-42).حينئذ هيرودس لأجل خبثه، دعا المجوس سراً وتحقق منهم الزمان الذي ظهر لهم فيه النجم، وذلك مكر منه. ثم أرسلهم إلى بيت لحم، كما شهد بذلك كتبة الناموس وأحبار الشعب، وقال لهم: «امضوا وافحصوا عن الصبي باجتهاد، فإذا وجدتموه فأخبروني لآتي أنا وأسجد له». أراهم في الظاهر كأنه موافق لهم، وساواهم في كل شيء، أما ما كان في الباطن فكان شراً منه وخبثاً فهو يروم قتله. كما ظن أن ذلك يَكْمُل له، جهلاً منه.فأما المجوس لما سمعوا أن كُتب الأنبياء شهدت بأن المسيح يولد ببيت لحم، صدَّقوا ذلك بعِظَم إيمان، ومضوا قاصدين الموضع. وأن الله أراد أن يثبت لهم ذلك يقيناً بالعيان، ليعظم إيمانهم، فأظهر لهم النجم على هيئته الأولى. كما شهد الكتاب المقدس قائلاً: «ولما ذهبوا، وإذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدَّمهم، حتى جاء ووقف حيث كان الصبي». أَنظرتَ الآن أنه قوة من الله أظهرها لهم، وكيف هو يسير أمامهم قريباً منهم، مرشداً لهم، حتى جاء ووقف فوق البيت الذي كان المولود نازلاً فيه!«ولما رأوا النجم فرحوا فرحاً عظيماً جداً»، لثبات يقينهم وزوال التوهُّم منهم. فلم يحيدوا يمنة ولا يسرة، بل دخلوا البيت الذي كان الصبي فيه، ولا تقصَّوْا من أحد. «فلما رأوه مع مريم أُمه، خرُّوا له ساجدين»، من غير شك فيه، من حيث (إنهم) لم يَرَوْا حوله حشوداً ولا جيوشاً، لذلك الملك العظيم الذي تعبوا من أجله وقطعوا هذه المسافة البعيدة. (ولم) يشاهدوا زخارف كما قد يوجد عند رؤساء العالم؛ بل خرُّوا له ساجدين لما قد ثبت عندهم بصحة اليقين أنه المسيح بالحقيقة مخلِّص العالم بعدة دلائل. أحدها: بما عندهم من النجوم؛ والثانية: بالكوكب الذي كان يسير أمامهم، ووقوفه على المكان الذي هو فيه؛ والثالثة: بشهادة الأنبياء، كما أخبروهم كتبة الناموس.«ثم قدَّموا إليه الهدايا: ذهباً ولبانا ومرّاً»، لأنهم اختصروا على هذه الثلاثة أصناف بإشارة لأجله. لأنه لم يَقُل الكتاب المقدس إنهم قدَّموا له ثياباً فاخرة، ولا شيئاً من كل ما يُهدَى إلى الملوك. وإن كانوا قادرين على ذلك، بل أضمروا قائلين: إن قَبِلَ الذهب فهو ملك، وإن قَبِلَ اللبان فهو إله، وإن قَبِلَ المُر فهو علامة أنه قابل الموت من حيث لا يقهره الموت. لأنهم رأوا أن مُلكه لا ينقضي، كما قالوا اليهود للرب: «إنَّا سمعنا في الناموس أن المسيح يدوم إلى الأبد» (يو 12: 34)، فقَبِلَ منهم الرب الثلاثة أصناف جميعاً. فآمنوا أنه المسيح الملك، وآمنوا أنه الإله مخلِّص العالم، وآمنوا أنه يقبل الموت، من حيث لا يقهره ولا تقوى عليه شوكة الموت، بل هو غالب لم يَزَل.«وإن ملاك الرب ظهر للمجوس ليلاً، وأوصاهم أن لا يرجعوا إلى هيرودس، وأشار إليهم بالذهاب في طريقٍ أخرى إلى كورتهم». لأن الرب إنما أرشدهم إلى أورشليم ليكونوا مُبشِّرين بمولده الكريم. فلما أكملوا ذلك، أمرهم أن يذهبوا بسلامة في سكون، ويكونوا له أيضاً مُبشِّرين في أرضهم.أما لوقا الإنجيلي فإنه ذكر يوم مولد الرب نفسه، وكيف وُلد في مغارة، ووُضع في مذود البهائم، ليردَّ عقلنا البهيمي إلى معرفة لاهوته الأزلي. ثم ذكر كيف ظهر ملاك الرب للرعاة ليلاً وبشَّرهم قائلاً: «هوذا أنا مُبشِّركم بفرح عظيم يكون لكم ولكل الشعوب، لأنه قد وُلد لكم اليوم مخلِّص الذي هو المسيح الرب في مدينة داود» (لو 2: 10-11). فشهد أن هذا الفرح عام لكل الشعوب. ولِمَ ذلك؟ لأن المخلِّص صار اليوم مع البشر على الأرض، لكي ينقل رتبتهم إلى ملكوت السموات.«وللوقت بغتة تراءى مع الملاك أجنادٌ كثيرة سماويون، يُمجِّدون الله ويقولون: «المجد لله في العُلا، وعلى الأرض السلام، وفي الناس المسرة» (لو 2: 13-14). فمجَّدوا مَلكهم السماوي، لأنه حيث يكون، فهناك يكون خدَّامه العلويون. وأوضحوا بهذا التقديس تمجيداً واحداً مساوياً للثالوث القدوس الواحد في اللاهوت، إذ أوصلوا المجد للآب الكائن في العلاء، والابن ملك السلام الذي صار على الأرض بالمولد من البتول، وهو في السماء بلاهوته لم يَزَل، ومسرَّة موهبة روح القدس الذي هو مزمع أن يحلَّ على المؤمنين بالمولد الثاني. فأسرعوا الرعاة وشاهدوا راعي الرعاة الأعظم لرعيته، كما قيل لهم. كما قد أسرعوا الملوك أيضاً وسجدوا للملك السمائي الأبدي.أما يوحنا الإنجيلي فإنه أخبر بالأنواع (أي نوع هذا) الاتحاد العجيب قائلاً: «والكلمة صار جسداً وحلَّ فينا» (يو 1: 14)، أعني أنه لم يَصِر جسداً من حيث الاستحالة (أي لم يتحوَّل إلى جسد)، بل من حيث الاتحاد، بقوله: «وحلَّ فينا»، ثبَّت بهذا تجسُّده أنه مِنَّا تجسَّد. ثم قال: «ورأينا مجده مجداً مثل الابن الوحيد الذي من الآب، الممتلئ نعمةً وحقاً» (يو 1: 14)، أعني وإن كان وُلد بالجسد وحلَّ في بشرنا (أي جسدنا)، فلم يترك عنه مجد لاهوته، بل قد عاينَّا مجده المملوء من نعمة لاهوته وحق ربوبيته، كما قد عاينَّاه متجسِّداً أيضاً، هذا الذي سُرَّ أن يُستعلَن ويُكلِّمنا شفاهاً.أما بولس الرسول فإنه أوضح المعنى قائلاً: «بأشباه كثيرة وأنواع شتَّى كلَّم الله آباءنا على ألسن أنبيائه في قديم الدهر، ولما كان في هذه الأيام الأخيرة كلَّمنا بابنه» (عب 1: 1-2)، أعني أن أولئك كلَّمهم بمثال شِبه ما هو مزمع أن يكون، وها هنا الحق نفسه استُعلِن. وإذا سمعتَ «الأيام الأخيرة» لا تظن فروغ العالم وكمال الأزمان، بل إنما عَنِيَ آخر أيام العتيقة (أي العهد القديم، الناموس)، لأن غايتها المسيح وهو كمالها. ثم بدأ بناموس جديد لا يكون له انقضاء كما يُلائم واضعه والقيِّم به.ثم إن الرسول بيَّن أنه ابنٌ خاص مولود من الآب، أزلي لا يُحَدُّ له ابتداء، مساوي الآب في الجوهر. فقال: «الذي جعله وارثاً لكل شيء، وبه خلق العالمين، وهو ضياء مجده، وصورة الأزلية، ومُمسك الكل بقوة كلمته» (عب 1: 2-3).انظروا إلى قوة فهم الرسول المتكلِّم بالحق بالروح، كيف لم يُبقِ شيئاً يليق باللاهوتية إلا وقد أوجبه للكلمة المتجسِّد: من الخلقة، وضياء مجد اللاهوت غير المُدرَك، وصورة الأزلية، وضبط الأشياء والاحتواء عليها. هذا الذي من أجلنا خاصة تجسَّد وُولد من البتول. فليخزوا الآن الذين يُنكرون لاهوت المسيح، وليخزوا أيضاً الذين يُنكرون تجسُّده، أعني ”ماني“ و”مرقيان“؛ إذ الرسول يُعلن تجسُّده قائلاً: «إنه لم يأخذ من الملائكة ما أخذ (أي الجسد)، بل من زرع إبراهيم» (عب 2: 16). وقال أيضاً: «إنه صار شبيهاً بنا في كل شيء خلا الخطية» (عب 2: 17).طوباكِ أيتها الطاهرة البتول مرتمريم، كمثل صوت نبوَّتك القائلة: «إنه من الآن يعطونني الطوبى جميع الأجيال» (لو 1: 48). وبحقٍّ استحقيت كل الطوبى والإكرام لأنك تُسمِّين أُم الذي هو كائن قبل الدهور، المولود أزلياً من الآب، بلا ابتداء، وُلد منك بالجسد للخلاص. يا خادمة الرب ومعايِنتُه ووالدته، أنتِ أرفع من السمائيين وأجلّ من الكاروبيم، وأفضل من السارافيم، وأعظم من طغمات الملائكة الروحانيين، وممجَّدة أكثر من رؤساء الآباء والنبيين، وزائدة في الكرامة على التلاميذ الأفاضل المُرسلين. أنتِ فخر جنسنا، بك تفتخر البتولية، وبك تُكرَّم الطهارة والعفة. أنت تابوت العهد الذي فيه العشر كلمات، المُصفَّح بذهب إبريز نقي، التي هي كرامة اللاهوت الحال عليك. أنت الإناء الذهب المملوء من المنِّ المُخفَى النازل من السماء. أنت هي عصاة هارون التي أورقت من غير غرس ولا سقي ولا حرث، الذي هو تجسُّد الكلمة منك من غير زرع بشر. أنت هي القضيب الذي نبت من أصل يسَّى، وأنبع الزهر الذي تفوق (رائحته) كل عطر وطِيب. أنت هي صهيون الأُم التي حلَّ فيها الإنسان بالجسد، وهو العلي الذي أسَّسها، كما شهد داود (مز 87: 5). أنت هي السحابة الخفيفة التي هبط عليها الرب إلى مصر، كما تنبَّأ إشعياء (إش 19: 1). أنت هي الباب المغلق بخاتم البتولية، الذي منها وُلد رب المجد، وحفظ بتوليتها دائماً، كما عاين حزقيال النبي (حز 44: 2). أنت هي صهيون التي حلَّ فيها الرب الإله القوي، كما أوحي إلى صُفونيا (صف 3: 16). أنت هي السماء الجديدة التي منها أشرق شمس البر لأتقيائه، كما أعلن ذلك ملاخيا (ملا 4: 2).وقد يقصر بي الزمان أن أتكلَّم بكرامتك التي تفوق كل كرامة. أنت تفضَّلت على كل الخلائق التي تُرى والتي لا تُرى، لأجل عظمة كرامة الرب الإله المسجود له، الذي اصطفاك ووُلد منك. لأن الذي تتعبد له كل البرايا، سُرَّ أن تُدعى له أُماً، من أجل هذا كرامتك جليلة جداً. وشفاعتك زائدة في القوة والإجابة كثيراً. إلا أنني لعِظَم فضل كرامتك، وحيث لم أقدر (أن) أبلغ في مدحك إلى الغاية، أرغب إلى الاختصار.عظيمة هي، يا أحبائي، كرامة هذا العيد الشريف اليوم، حتى أن تذكاره في كل عام يُفرِّح القلب ويُسرُّ المؤمنين بإتيانه، لأن فيه اسُتعلِن لنا شمسُ البر، وأشرق علينا من البتول بالمولد الجسداني. فيجب علينا أن نعيِّده بكل نقاء، لنُشارك المولد البتولي المقدَّس، ونعلم فضل الطهارة وكرامتها عند الله. لأن من طهارة البتول مرتمريم سُرَّ الآب أن يتجسَّد (الابن) منها، ولم يأنف أن تُدعى له والدة. فلهذا يجب علينا أن نتحفظ حسب قوتنا لأنه قدوسٌ ومحبٌّ للأطهار. لأنه مكتوب: «كونوا أطهاراً (قديسين) فإني طاهر (قدوس)، يقول الرب» (لا 11: 44). وفي القديسين يحلُّ، كالمكتوب أيضاً (حكمة 7: 27). ولحافظي وصاياه يتخذهم مسكناً، كما شهد بذلك (يو 14: 23)، وعلى المتضع الخائف منه ينظر بعين التحنُّن، كما تكلَّم على فم النبي قائلاً: «على مَن أنظر، يقول الرب، إلا على المتضع الخائف من كلامي» (إش 66: 2). والطالبون إليه بأمانة يسمع بإجابة، كما شهد بذلك قائلاً: «سَلُوا (اسألوا) تُعطَوْا، اطلبوا تجدوا، اقرعوا يُفتح لكم» (مت 7: 7).فلنحفظ أجسادنا طاهرةً من أجل الرب الذي وُلد من البتول القديسة. نحفظ نفوسنا عفيفةً من الفكر الرديء، من أجل وقار الذي اتحد بجسدنا، لكي يُقرِّبنا إلى مجد لاهوته الأزلي غير المدرك. نحفظ حواسنا سالمةً من المعايب، التي هي النظر والسمع والنطق والشم واللمس، لأجل كرامة الذي طهَّر البشرية جسداً ونفساً وعقلاً، باتحاده بها. ولأجل كثرة تواضعه الذي لا يُحدُّ، لم يأنف أن يُسمِّينا إخوته كما هو مكتوب: «إني أُبشِّر باسمك إخوتي» (مز 22: 22؛ عب 2: 12).فلهذا يجب علينا أن نعرف الكرامة التي صارت إلينا، ولا نتهاون بهـا، ليكـون لنا أفضل مـن ذلك بأضعاف شتَّى. لأن مَن له يُعطَى ويزداد. فلا يكون الآن عيدنا باللهو والبذخ العالمي، بل الأشياء التي تليق بالأطهار، ولا سيما إنَّا قد حفظنا نسك الصوم الذي مضى قبل هذا العيد الشريف، فنكمل ذلك بورع وخوف الرب، بمد أيدينا لمواساة الضعفاء حسب ما يمكننا، نتعاهد الذين في السجون، نسد فاقة المُقلِّين، نصنع صُلحاً وسلامة مع إخوتنا، من أجل الرب الذي أتى وصنع صُلحاً بين السمائيين والأرضيين، لكي الذي وُلد بالجسد يُقرِّبنا إليه، ويجعلنا بني الآب السمائي بالروح.ونحن نسأل الرب يسوع المسيح، بشفاعة السيدة الطاهرة مرتمريم، الذي وُلد منها بالجسد لأجل خلاصنا، أن ينظر إلينا بعين الرحمة، ويغفر خطايانا، ويسامحنا بهفواتنا، ويحرس ما بَقِيَ من حياتنا، وأن يحفظ جماعتكم ويرزقكم أعمالاً مرضية وأكاليل مضيئة، ويجعل لنا أجمعين حظاً ونصيباً مع كافة قديسيه في الملكوت الأبدية والحياة الدهرية، ويُنيِّح نفوس كافة بني المعمودية. بصلوات الرسل الأطهار، وكافة الشهداء والقديسين الأبرار، والسواح المجاهدين، وكل من أرضى الرب بأعمالهم الصالحة، من الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين وإلى أبد الآبدين آمين. ?
(تم وكمل ميمر الميلاد المجيد الذي لربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح بسلام من الرب. آمين
الأب المكرم القس بولس البوشي

عدد الزيارات 627

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل