الصوم الكبير كنسيًا

01 مارس 2021
Large image

للصوم الأربعيني الكبير مكانة خاصة في كنيستنا، فهو أقدس أيام السنة، ونقول عنه إنه صوم سيدي، لأن سيدنا يسوع المسيح قد صامه، لذا فهو من الأصوام الهامة في كنيستنا القبطية الأرثوذكسية. وتدخل الكنيسة فيه فترة اعتكافها وتوبتها الليتروجية، فهو ربيع السنة الروحية وزمن الاعتكاف والالتقاء مع الله.
ورسمت كنيستنا هذا الصوم ووضعته في برنامجها تشبها بربنا يسوع المسيح نفسه الذي صام عنا أربعين يوما وأربعين ليلة لم يأكل شيئا فيها.. لذلك اعتبرته فترة تخزين روحي للعام كله ولأهمية الصوم الكبير كان الآباء يتخذونه مجالا للوعظ، مثل القديس يوحنا ذهبي الفم بطريرك القسطنطينية، والقديس أغسطينوس إبن الدموع أسقف هيبو واللذان اشتهرت عظاتهما في زمن الصوم الكبير.بل وكانت الكنيسة تجعل أيام الصوم الكبير فترة إعداد للمقبلين على العماد بالتعليم والوعظ ليتقبلوا نعمة المعمودية، فكانت تقام فصول للموعوظين خلال هذا الصوم تلقى فيها عليهم عظات لتسليمهم قواعد الإيمان وتثبيتهم، وهكذا ينالون العماد في يوم "أحد التناصير"، لكي يعيدوا مع المؤمنين في الأحد التالي أحد الشعانين، ويشتركوا معهم في صلوات البصخة وأفراح القيامة.. وقد اشتهرت عظات القديس كيرلس الأورشليمي لإعداد الموعوظين للإيمان خلال فترة الصوم، ومن ثم أصبح الصوم الكبير من أهم الأصوام وأقدمها أيضا والصوم الأربعيني المقدس عبارة عن ثلاثة أصوام، الأربعون المقدسة في الوسط يسبقها أسبوع تمهيدي ويعقبها أسبوع الآلام.
أسبوع الاستعداد
الأربعون المقدسة 55 يومًا
أسبوع الآلام
ولاهتمام الكنيسة بهذا الصوم سمته الصوم الكبير، وإذا كان السيد المسيح قد صام عنا وهو في غير حاجة إليه فكم بالحري نحن، وقد مهدت الكنيسة لهذا الصوم بصوم يونان، لتعدها أولادها للصوم الكبير قبل أن يبدأ بأسبوعين، ولتجعله ربيعا للنفس والكنيسة، حيث تتجدد الطبيعة البشرية لتزهر في يوم الأزهار العظيم يوم عيد القيامة المجيدة الذي هو عيد الأعياد ولان الصوم الكبير اكبر الأصوام الكنسية وأقدسها لذا رتبت له كنيستنا طقسًا خاصًا، فله الحان خاصة ومردات خاصة، وله قراءات وقطمارس خاص (قطمارس الصوم الكبير) katameooc، وله ترتيبه وطقسه الخاص (الطقس الصيامي)، في رفع بخور باكر ومطانيات وسجدات metanoia وميامر وطلبات ونبوات وقراءات من العهد القديم،وهكذا جعلت الكنيسة للصوم جوا روحيا خاصا، وهو ما سنتأمل فيه عندما عندما ندخل إلى رحلة الصوم الكبير في المنهج الليتورجي التعبدي.ولما كان هذا الصوم اقتداء بالمسيح لذا رتبته الكنيسة، لتدعونا فيه إلى تبعية المسيح، وبهذا تكون قد أدخلت حياته في جسدها لتكون أفعال حياة رب المجد يسوع هي حياة أعضائها، تقتدي به في منهجها الحياتي، وبهذا تصبح حارسة على سر اللاهوت النسكي الذي أسسه الرب بصومه الأربعين المقدسة، ومن هنا أتت عظمة هذا الصوم في انه يأتي تشبها بصوم السيد المسيح الذي جعلته الكنيسة سرا تسلمه لأولادها العابدين وقصدت الكنيسة من وضع هذا الصوم أن يكون موسم توبة جماعية، لأن كنيستنا جموعية، وتدبير هذا الصوم إنما هو تأكيد لمضمون الشركة في جسد المسيح، لتصير توبتنا الجماعية هدف وقصد هذا الصوم من اجل النمو الجماعي والحب الجماعي والحرارة الجماعية والكرازة الجماعية والصلاة الجماعية كما من قلب واحد، في الكنسية مدينة الرب مسكن القديسين ومجمع الأبرار.لأن كنيستنا ليست كنيسة أفراد، ولكنها كنيسة أعضاء، فهي لا تعرف الفردية ولكنها كنيسة جموعية وكنيسة شركة، (شركة مع الثالوث القدوس، شركة مع القديسين، وشركة مع جماعة المؤمنين أعضاء الجسد الواحد). نتقدم فيها لنأكل جسد الحمل الذي بلا عيب، الذي ينزع خطايا العالم، نأكله في بيت واحد، أي في الكنيسة الجامعة المرشوشة بالحب والحاملة سلاح الفضيلة.
القمص أثناسيوس جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج الاسكندرية
عن كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير

عدد الزيارات 820

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل