فضائل ومشاعر مصاحبة للصوم

10 مارس 2021
Large image

الصوم مصحوب بفضائل
إن الذين يصومون ولا يستفيدون من صومهم، لابد أنهم صاموا بطريقة خاطئة، فالعيب لم يكن في الصوم، وإنما كان في الطريقة.وهؤلاء إما أنهم صاموا بطريقة جسدانية، ولم يهتموا بالفضائل المصاحبة للصوم أو أنهم اتخذوا الصوم غاية في ذاتها، بينما هو مجرد وسيلة توصل إلي غاية. والغاية هي إعطاء الفرصة للروح. إن الصوم هو فترة روحيات مركزة.فترة حب لله، والتصاق به. وبسبب هذا الحب ارتفع الصائم عن مستوي الجسد الجسدانيات.هو ارتفاع عن الأرضيات ليتذوق الإنسان السمائيات. إنه فتره مشاعر مقدسة نحو الله. علي الأقل فيها الشعور بالوجود مع الله والدالة بالوجود مع الله والدالة معه. وهو فترة جهاد روحي: جهاد مع النفس، ومع الله، وجهاد ضد الشيطان.أيام الصوم هي أيام للطاقة الروحية وفترة تخزين. فمن عُمْق الروحيات التي يحصل عليها في الصوم، يأخذ الصائم طاقة روحية تسنده في أيام الإفطار. فالذي يكون أمينًا لروحياته في الصوم الكبير مثلًا، يحصل علي خزين روحي يقويه أيام الخمسين حيث لا صوم ولا مطانيات metanoia.. ولكي يكون صوم الإنسان روحيًا، عليه بالملاحظات الآتية-:

1- يكون الصوم روحانيًا في هدفه ودوافعه:
لا يكون اضطرارًا، أو لكسب المديح، أو بسبب عادة. إنما يصوم لأجل محبة الله، ارتفاعًا عن الماديات والجسدانيات لتأخذ الروح فرصتها.
2- يكون الصوم فترة للتوبة ونقاوة القلب:
يحرص فيه الصائم علي حياة مقدسة مقبولة أمام الله. فيها الاعتراف وتبكيت النفس، وفيها التناول من الأسرار المقدسة..
3- يكون الصوم فترة غذاء روحي ببرنامج روحي قوي:
ويهتم فيه بكل الوسائط الروحية. ولا يركز حول أمور الجسد في الصوم، أنما علي أمور الروح. واضعًا أمامه باستمرار ليس مجرد نوعية الطعام الصيامي، وإنما علي أمور الروح. واضعًا أمامه باستمرار ليس مجرد نوعية الصيامي، وإنما قدسية أيام الصوم وما يليق بها، لكي تقوي روحه فيها (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. الصوم يوصل إلي قوة الروح. وقوة الروح تساعد علي الصوم.
وفي الصوم فضائل يرتبط بعضها بالبعض الآخر.الصوم يساعد علي السهر لخفة الجسد. والسهر يساعد علي القراءة والصلاة. والقراءة الروحية أيضًا تساعد علي الصلاة. والعمل الروحي في مجموعة يحفظ الإنسان الروحي ساهرًا. القراءة مصدر للتأمل، والتأمل يقوي الصلاة. والصلاة أيضًا مصدر للتأمل. والصوم يرتبط بالميطانيات metanoia. والمطانيات تساعد علي التواضع وانسحاق علي الواضع وانسحاق القلب كما أن انسحاق الجسد بالصوم يوصل إلي انسحاق الروح.
كما يرتبط الصوم بفضائل تتعلق بغرض الصوم.فهناك صوم غرضه الاستعداد للخدمة، كصوم الرسل. وصوم غرضه التوبة كصوم نينوى. وصوم غرضه إنقاذ الشعب، كصوم أستير.. وهناك من يصوم لأجل غيره، وفي ذلك حب وبذل ومشاركة. وكلها أصوام ممزوجة بفضائل خاصة. ليتنا نتذكر في صومنا أن السيد المسيح صام وهو ممتلئ بالروح. أما نحن فعلي الأقل فلنصم لكي نمتلئ بالروح.
الصوم تصحبه التوبة:-
الصوم أيام مقدسة، يحياها الإنسان في قداسة لابد أن يكون فيها الفكر مقدسًا. والقلب مقدسًا، والجسد أيضًا مقدسًا. الصوم فترة تريد فيها أن تقترب إلي الله، بينما الخطية تبعدك عنه. لذلك يجب أن تبتعد عن الخطية بالتوبة، لتستطيع الالتصاق بالله. في الصوم، يصوم الجسد عن الطعام، وتصوم الروح عن كل شهوة أرضية، وكل رغبة عالمية، وتصوم عن الملاذ الخاصة بالجسد. وهكذا تقترب إلي الله بالتوبة. فاسأل نفسك: هل أنت كذلك؟
بدون التوبة يرفض الله صومك ولا يقبله. وبهذا تكون لا ربحت سماءًا ولا أرضًا. وتكون قد عذبت نفسك بلا فائدة.. فإن أردت أن يقبل الله صومك، راجع نفسك في كل خطاياك، وأرجع عنها.. لقد أعطانا الله درسًا، حينما تقدم التوبة قبل صومه. وكان ذلك رمزًا.خذ مثالًا واضحًا من صوم نينوى.قال عنها الكتاب في صومهم إنهم رجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في أيديهم (يون3: 8).ولهذا السبب لم يشأ الرب أن يهلكهم "لما رأي أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة" (يون 3:10). ولم يقل لما رأي مسوحهم وصومهم، بل رأي توبتهم هذه التي كانت هي العنصر الأساسي في صومهم وفي سفر يوئيل نري مثالًا للتوبة المصاحبة للصوم.حيث قال الرب للشعب علي لسان نبيه "أرجعوا إلي بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والنوح.. مزقوا قلوبكم لا ثيابكم، وأرجعوا إلي الرب إلهكم لأنه رؤوف.." (يوئيل 2: 12، 13). واضح هنا أن الصوم مصحوب بالتوبة و البكاء. إذن ليس هو مجرد امتناع عن العام إنه مشاعر قلب من الداخل نحو الله.وفي صوم دانيال النبي، قدم توبة الشعب كله.لقد صام، واعترف للرب قائلًا "أخطأنا وأثمنا، وعلمنا الشر وحدنا عن وصاياك.. لك يا سيد البر، أما لنا فخزي الوجوه.. يا سيد لنا خزي الوجوه، لملوكنا ولرؤوسنا ولآبائنا أخطأنا إليك" (دا 9: 5-8(إذن اصطلح مع الله في صومك لا تقل "إلي متى يا رب تنساني؟ إلي الانقضاء؟ حتى متى أحجب وجهي عنك" طهروا إذن نفوسكم وقدسوها، واستعدوا للقاء هذه الأيام، استعدوا بإسكان الله في قلوبكم، وليس بمجرد الامتناع عن الطعام.إن كنت في خطية، اصطلح مع الله. وان كنت مُصْطَلِحًا معه، عَمِّق محبتك له.وأن أبطلت الخطية في الصوم، استمر في إبطالها بعده.فليست التوبة قاصرة علي الصوم فقط، وإنما هي تليق بالصوم ويتدرب الإنسان عليها، فيتنقى قلبه، يحفظ بهذا النقاء كمنهج حياة.
وفي ذلك كله، أعدد نفسك للجهاد ضد الشيطان.
قال يشوع بن سيراخ "يا بني أن أقبلت لخدمة الرب الإله فاثبت على البر والتقوى واعدد نفسك للتجربة".. (سفر يشوع بن سيراخ 2: 1)إن الشيطان إذ يري صومك وتوبتك، يحسد عملك الروحي، فيحاربك ليفقدك ثمرة عملك، ويلتمس الحيل إسقاطك لك "لن أتركك حتى تكمل كل بر".. تذكر إذن قول القديس بطرس الرسول "قاوموه راسخين في الإيمان" (2بط 5: 9(الصوم إذن فترة حروب روحية كما حدث للسيد له المجد (مت 4). وهي أيضًا فترة انتصار لمن يشترك مع المسيح في صومه.
الصوم تصحبه الصلاة والعبادة:-
الصوم بدون صلاة يكون مجرد عمل جسداني.وهكذا يفقد طابعة الروحي ويفقد فائدته الروحية وليس الصوم هو الاكتفاء بمنع الجسد عن الطعام، فهذه ناحية سلبيه. أما الناحية الإيجابية فتظهر في إعطاء الروح غذاءها الذين يصمون، وليس في أصوامهم أي عمل روحي، لا صلاة، ولا تأمل، ولا قراءات روحية، ولا ألحان ولا تراتيل، ولا مطانيات metanoia، هؤلاء تكون أصوامهم ثقلًا عليهم، وبلا فائدة. ما الفرق بين هؤلاء وأصوام البوذيين و الهندوس. وأين شركة الروح القدس في الصوم؟! الصوم فرصة للصلاة، لأن صلاة واحدة تصليها في صومك، هي أعمق من مائة صلاة وأنت ممتلئ بالطعام وصوتك يهز الجبل!
الكنيسة تعلمنا باستمرار ارتباط الصلاة بالصوم.وفي قسمة الصوم الكبير في القداس الإلهي تتكرر عبارة "بالصلاة و الصوم". والسيد المسيح لما تكلم عن إخراج الشياطين، قال "هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة و الصوم" وهكذا قرن الصوم بالصلاة.والأصوام المشهورة في الكتاب، مرتبطة أيضًا بالصلاة.ففي صوم نحميا يقول "فلما سمعت هذا الكلام، جلست وبكيت، ونحت أيامًا، وصمت وصليت.. وقل "أيها الرب إله السماء.. لتكن أذنك مصغية وعيناك مفتوحتين، لتسمع صلاة عبدك الذي يصلي إليك الآن نهارا وليلًا.." (نح 1: 4-6) وبدأ يعترف بخطايا الشعب، طالبًا الرحمة وتَدَخُّل الرب.. وصوم عزرا أيضًا كان مصحوبًا بالصلاة والصراع مع الله، بقوله: "أمل أذنك يا إلهي واسمع. أفتح عينيك وانظر خرابنا و المدينة التي دعي أسمك عليها لأنه ليس لأجل برنا نطرح تضرعاتنا أمام وجهك، بل لأجل نفسك يا إلهي، لأن أسمك دعي علي مدينتك وعلي شعبك "(دا 9: 18،19). وصوم نينوى كانوا فيه "يصرخون إلي الله بشدة" (يون 3:8(فاصرخوا إلي الرب خلال صومكم، وارفعوا إليه قلوبًا منسحقة.وثقوا أن الله يستجيب لصومك وصراخكم، وينتهر الرياح والأمواج، فيهدأ البحر. حقًا ما أعمق الصلوات، إن كانت في أيام مقدسة، ومن قلوب متذللة أمام الله بالصوم، ومتنقية بالتوبة، وكم يكون عمقها إن كانت مصحوبة أيضًا بقداسات وتناول درب نفسك في الصوم علي محبة الصلاة والصراع مع الله.والمهم في صلاتك أن تعطي الله قلبك وفكرك.

ولا تحاول أن تريح ضميرك بشكليات، بمجموعة من التلاوات لا عمق فيها وليست حاجة من القلب، ثم تقول "أنا صمت وصليت"! فالرب يعاتب قائلًا "هذا الشعب يكرمني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عني بعيدًا" (مر 7: 6). إن الصلاة صلة، فاشعر أثناء صلاتك وصومك، أنك في صله مع الله. وغن كان تقديس الصوم معناه تخصيصه للرب فهل فترة صومك خصصتها للصلاة وللعمل الروحي؟
هل هي فترة صلاة وتأملات وقراءات روحية، وتخزين روحي، وتفرغ لله وعشرته؟ وهل صلواتك فيها أضعاف صلواتك في الأيام العادية. وأن لم تخصص فيها أكبر وقت لله، فهل خصصت له مشاعرك وعواطفك؟
إن الصوم المصحوب بعشرة الله، يتحول إلي متعة روحية.وفي هذه المتعة، يحاول الصائم أن يكثر من صومه، ويصبح الطعام ثقلًا عليه، لأنه يرجعه إلي استعمال الجسد الذي استراح منه إلي حين طوال ساعات انقطاعه.
الصوم مصحوب بالتذلُّل والبكاء:-
الصوم فترة تنسحق فيها الروح أمام الله، بالتوبة والدموع وانكسار القلب واتضاعه، فتعرف الذات ضعفها، أنها تراب ورماد، وتلجأ إلي القوة العليا.حينما ينسحق الجسد بالجوع، تنسحق الروح أيضًا وفي انسحاقها، وتنحني النفس أمام الله خاشعة ذليلة معترفة بخطاياها وتذلل النفس يحنن قلب الله وقلوب السمائيين جميعًا. والإنسان في اتضاعه وشعوره بضعفه، يشعر أيضًا بزهد في كل شيء، ولا يتعلق قلبه بأيَّة شهوة فيكلم الله بعمق.والكتاب المقدس يقدم أمثلة عديدة عن التذلل في الصوم لأن الله لا يحتمل أن يري مذله أبنائه أمامه. وأكثر الأمثلة في سفر القضاة التي رأي فيها الله مذله شعبة فنزل وخلصهم (قض 2)، "في كل ضيقهم تضايق، وملاك حضرته خلصهم" (أش 63:9). بتذللهم وانسحاقهم يتضرعون. وقريب هو الرب من المتضعين، ومنسحقو القلوب هو يخلصهم..
الصوم الذي آمر به يوئيل النبي، مثال واضح.قال: "تنطقوا ونوحوا أيها الكهنة.. أدخلوا، بيتوا بالمسوح يا خدام إلهي... قدسوا صوما، نادوا باعتكاف" (يوئيل 1: 13، 14). "الآن -يقول الرب- أرجعوا إلي الرب إلهكم.. قدسوا صومًا نادوا باعتكاف.. ليخرج العريس من مخدعه و العروس من حجلتها. ليبك الكهنة خدام الرب بين الرواق و المذبح ويقولوا: أشفق يا رب علي شعبك، ولا تسلم ميراثك للعار، حتى تجعلهم الأمم مثلًا. لماذا يقولون بين الشعوب: أين إلههم؟" (يوئيل 2: 12-17)إننا نري هنا صورة تفصيلية للصوم المتكامل.الصوم، ومعه التوبة (الرجوع إلي الله)، ومعه الصلاة، والتذلل والبكاء و النوح والبعد عن الجسدانيات، ومعه أيضا الاعتكاف والمسوح... هذا هو الصوم في كل عناصره، وليس مجرد الامتناع عن الطعام.
مثال آخر، هو صوم أهل نينوى.صاموا، حتى الأطفال و الرضع، لم يذوقوا ولم يأكلوا شيئًا ولكنهم لم يكتفوا بهذا، بل تذللوا أمام الله في المسوح والرماد. حتى الملك نفسه، خلع تاجه وملابسه الملكية. ولم يجلس علي عرشه، بل جلس معهم علي المسوح والرماد.. وصرخ الكل إلي الله بشدة (يون 3(.
كذلك أيضًا صوم نحميا، وصوم عزرا.قال عزرا الكاتب والكاهن "ناديت هناك بصوم علي نهر أهوا، لكي نتذلل أمام إلهنا، لنطلب منه طريقًا مستقيمة لنا ولأطفالنا.. فصمنا وطلبنا ذلك من الله فاستجاب (عز 8: 21،23). وكذلك نحميا أيضًا يقول:" بكيت ونحت أيامًا، وصمت وصليت "(نح 1:4). هذا عن نفسه، أما عن الشعب، فيقول إنهم: اجتمعوا بالصوم، وعليهم مسوح وتراب، وانفصلوا عن الزيجات الخاطئة، ووقفوا واعترفوا بخطاياهم وذنوب آبائهم. وأقاموا في مكانهم، وقرأوا في شريعة الرب إلههم (نح 9:1-3). أليس هذا أيضًا صومًا متكاملًا: بالصلاة، والبكاء والنوح، وقراءة الكتاب، والتوبة والاعتراف في المسوح و التراب.. إذن ليس هو مجرد امتناع عن الطعام..
وبنفس الوضع كان أيضًا صوم دانيال النبي. يقول "فوجهت وجهي إلي الله السيد، طالبًا بالصلاة و التضرعات، بالصوم و المسح والرماد. وصليت إلي الرب إلهي واعترفت.. أخطأنا وأثمنا وعلمنا ¸الشر وتمردنا وحدنا عن وصاياك.." (دا9:3-5). وفي صوم آخر يقول "أنا دانيال. كنت نائحًا ثلاثة أسابيع أيام. لم آكل طعامًا شهيًا، ولم يدخل في فمي لحم ولا خمر، ولم أدهن.." (دا 10: 2، 3). إنها نفس عناصر الصوم التي وردت في الأصوام السابقة.. حقًا، هذا هو الصوم الذي قال عنه داود النبي "كان لباسي مسحًا. أذللت بالصوم نفسي" (مز 35:17) ولا شك أن النوح يوقف كل شهوة للجسد، ويبعد كل رغبة في الطعام. كما أنه بالاتضاع تفتح أبواب السماء.
الصوم يصحبه الاعتكاف والصمت:-
لقد تكررت هذه العبارة مرتين في سفر يوئيل النبي "قدسوا صومًا، نادوا باعتكاف" (يوئيل 1: 14؛ 2: 15)نادوا باعتكاف، لكي تجدوا وقتًا للعمل الروحي.في الاعتكاف تصمت، ولا تجد من تكلمه، فتكلم الله. ولكن لا تعتكف مع الخطية، أو مع طياشة الأفكار.. وتعتكف أيضًا حتى لا يظهر صومك للناس بل لأبيك الذي يري في الخفاء. والمعروف أن الصائم في نسكه وجوعه، قد يكون في حالة من الضعف، لا تساعده علي بذل مجهود، فالاعتكاف بالنسبة إليه أليق. في صومه، روحه مشغولة بالعمل الجواني مع الله، لذلك فالكلام يعطله عن الصلاة والهذيذ والتأمل، والمقابلات والزيارات تمنع تفرغه لله، وربما توقعه في أخطاء.
السيد المسيح في صومه، كان معتكفًا علي الجبل.في خلوة مع الله الآب، وتفرغ للتأمل وهكذا أيضًا كانت أصوام آبائنا في البرية.. أما أنت، فعلي قدر إمكانياتك أعتكف.. وإذا اضطررت لخلطة، ليكن ذلك في حدود الضرورة، وتخلص من الوقت الضائع، ومن كل كلمة زائدة. وهذا يذكرنا بصوم آخر هو: صوم اللسان والفكر والقلب.
صوم اللسان والفكر والقلب:-
قال مار اسحق: "صوم اللسان خير من صوم الفم. وصوم القلب عن الشهوات خير من صوم الاثنين"، أي خير من صوم اللسان ومن صوم الفم كليهما. كثيرون يهتمون فقط بصوم الفم عن الطعام. وهؤلاء وبخهم الرب بقوله "ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان، بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الإنسان" (مت 15: 11). وهكذا أرانا أن الكلام الخاطئ نجاسة. وأيضًا قال معلمنا يعقوب الرسول عن اللسان إنه "يدنس الجسد كله" (يع3:6). فهل لسانك صائم مع صوم جسدك؟ وهل قلبك صائم عن الشهوات إن القلب الصائم يستطيع أن يصوم اللسان معه.لأنه "من فيض القلب يتكلم الفم" (مت 12: 34) وكما قال الرب أيضًا "وأما ما يخرج من الفم، فمن القلب يصدر" (مت 15: 18). وكذلك لأن "الرجل الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح. والرجل الشرير من كنز قلبه الشرير تخرج الشرور" (مت 12: 35). لذلك إن كان قلبك صائمًا عن الخطية، فسيكون لسانك صائمًا عن كل كلمة بطالة.والذي يصوم قلبه، يمكنه أن جسده أيضًا.أذن المهم هو صوم القلب والفكر عن كل رغبة خاطئة. أما صوم الجسد فهو أقل شيء. وأحرص إذن في صومك أن تضبط لسانك، وكما تمنع فمك عن الطعام، امنعه عن الكلام الرديء. وسيطر علي أفكارك، واضبط نفسك.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب روحانية الصوم

عدد الزيارات 823

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل