إنجيل عشية الأحد الرابع من الصوم الكبير

03 أبريل 2021
Large image

لو22:12-31
وقال لتلاميذه: "من أجل هذا أقول لكم: لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون، ولا للجسد بما تلبسون.الحياة أفضل من الطعام والجسد أفضل من اللباس.تأملوا الغربان: أنها لا نزرع ولا تحصد، وليس لهـا مخدع ولا مخزن، واالله يقيتها. كم أنتم بالحرى أفضل من الطيور! ومن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعا واحد؟ فإن كنتم لا تقدرون ولا على الأصغر، فلماذا تهتمون بالبواقي؟ تـأملوا الزنـابق
كيف تنمو: لا تتعب ولا تغزل، ولكن أقول لكم: إنه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فإن كان العشب الذي يوجد اليوم في الحقل ويطرح غدا في التنور يلبسه االله هكذا، فكم بالحرى يلبسكم أنـت يـا قليلي الإيمان؟ لا تطلبوا أنتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا، فإن هذه كلها تطلبها أمم العالم. وأما أنتم فأبوكم يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه. بل اطلبوا ملكوت االله، وهذه كلها تزاد لكم .
الطعام الباقي الذي للحياة الأبدية
في إنجيل القداس يتقابل الرب يسوع مع المرأة السامرية بينما يذهب التلاميذ ليبتاعوا طعامـا ولمـا
عادوا إليه وطلبوا قائلين: "يا معلم كل"... فقال لهم "لي طعام آخر لستم تعرفونه... طعامي أن أعمل مشـيئة الذي أرسلني وأتمم عمله"... ويتساءل التلاميذ في براءة "ألعل أحدا قد أتاه بطعام؟، إذ لم يكونوا بعد يـدركون كمال تدبيره الإلهي.لذلك يجيء إنجيل العشية كمقدمة لهذا الحوار وهو يبين قصد المسيح ويكشف عن الاهتمام بالطعـام الباقي الذي للحياة الأبدية. فقول الرب لتلاميذه هنا "لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون"... عنـدما نقرئـه بإنجيـل السامرية يأخذ كما معناه الإلهي.الحياة أفضل من الطعام... يأعن الحياة الأبدية التي لا تستمد وجودها ولا قوتها مـن هـذا الطعـامالبائد.
يوجد طعام آخر... هل ذقته؟
لقد شغل طعام هذا العالم قلب الإنسان وعقله من يوم أن وطأت قدماه أرض الشقاء لكي يفلحها بعرق
الجبين وصار كل سعيه محصورا في الحصول على قوت الجسد وبسبب لعنة الخطية صارت تنبت له شـوكًا وحسكًا يوخز الجسد فيئن مدى الحياة.وقد دعا الرب يسوع هذا الطعام... الطعام البائد... بالمقارنة بالطعام الباقي الذي للحياة الأبدية.وفي التجربة على الجبل عندما قال المجرب للرب، قل لهذه الحجارة أن تصير خبزا، ضاربا سهمه نحو جسد الرب الجائع... فكان أن الرب رد سهمه إليه وأخرج الرب من كنف المقلاع درة من سفر التثنيـة كانت مخزونة لليوم والساعة وهي المكتوب "أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فـم الله". فارتزت في جبين العدو الشرير فسقط صريعا كجليات في القديم.لقد جاء الوقت الذي فيه يقدم المسيح للبشرية الجائعة خبز الحياة الأبدية لكـي يأكلـه الإنسـان ولا يموت... إنه طعام آخر... غير الذي يعرفه الناس. الخبز النازل من السماء لكي يأكله الإنسان ولا يمـوت...ليس هذا الخبز سوى المسيح نفسه... المأكل الحقيقي هو جسده الذي بذله عنا.
المسيح طلب من السامرية أن يشرب وكان وقت الساعة السادسة وقت الصليب الذي كان حاضرا في
المسيح... لأن المسيح غير زمني، فليس عنده مستقبل ولا ماضي بل هو أزلي أبدي حاضر دائما فكان
الصليب ماثلاً في ذلك الساعة السادسة. ووقتها على الصليب أظهر عطشه مرة أخـرى وقـال "أنـا
عطشان" ولما قدموا له خلاً ليشرب لم يرد أن يشرب لأنهم لم يفهموا أن عطش المسيح لا يرويه مـاء
هذا العالم، وجوع المسيح لا يشبعه خبز هذا العالم.قال اللص على الصليب للمسيح "اذكرني" وكانت يد المسيح ممدودة إليه وهو معلق إلى جانبه، وحين صلى اللص يطلب الخلاص ارتاح قلب يسوع وارتوى إذ وجد ثمار دمه المبذول لأجل الخطاة... كان اللـص أول من ارتمى تحت قدمي الصليب ليفيض عليه رشاش الدم الإلهي... هذه كانت أول ثمرة... تشـبع قلـب يسوع وتروي عطشه... يا للسرور الذي كان موضوعا أمامه وهو على الصليب!. وهكذا السامرية لم تعطـه ليشرب من ماء بئر، بل حينما مد يده وأخرجها من عمق بئر الخطايا وظلمـة ماضـيها... ارتـوت نفسـه وارتاحت إلى خليقته الجديدة إذ رأى أنها وهي مفدية بدمه صارت حسنة جدا جدا.تُرى متى يبطل اهتمامنا بالطعام البائد وإن كان هذا كثيرا نقول تُرى متى نهتم بالطعام الآخر ونسعى إليه وما هو مقدار سعينا نحوه؟.
وأين العرق الجديد للخبز الجديد؟ أين أتعابنا وسهرنا وكدنا في طلب خبز الحياة؟.
قال الرب للرسل: "ارفعوا عيونكم... الحقول ابيضت للحصاد". ظاهرا حقول القمح هي خبز الجسد،
ولكن المسيح يتكلم عن الحصاد الكثير. وقلة الفعلة، وينقل الذهن إلى حبات حنطة الحياة الجديدة التـي
تلدها حبة الحنطة التي ماتت وأتت بثمر كثير... كان باكورة هذا الحصاد هي السامرية.لقد حان أوان قطافها... ووقعت في يد المسيح. نفوس كثيرة تحتاج كلمة... نفوس كثيـرة جـاهزة للخلاص.اطلبوا إلى رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده، فالحصاد كثير جدا.إن الوقت والجهد الذي نبذله من أجل خبز الحياة ضئيل جدا جدا إذا ما قورن بما نبذله من أجل لقمة العيش وخبز الجسد .أين ما علمنا إياه الرب في الصلاة أن نطلب خبز الغد (خبز الحياة الأبدية لأننا لا نعرف لنـا غـدا سوى حياتنا في المسيح إلى الأبد). لكي يعطيه لنا اليوم نذوقه ونتمتع به ونتغذى عليه كمن يحيا الحياة الأبدية وهو بعد على الأرض.لا يفهم هذا على أنه تقليل من شأن الجهاد والعمل في العالم بحسب ما أعطى االله، وزنات لكل واحـد إن كان للطالب في جهاده في دراسته أو عامل في عمله أو موظف في وظيفته أو مزارع في زراعـة أو أم في تربية أولادها. وكل هذه أعمال واجبة وممدوحة نؤديها بالأمانة المسيحية في كـل إخـلاص ونجني ثمرها ونشكر االله على عمله معنا وسنده إيانا. لكن الرب ينبه الذهن إلى عدم الهم وعدم القلـق التي تعمل بها هذه الأعمال "لا تهتموا... لا تقلقوا". لأن من منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد علـى قامتـه ذراعا واحدة؟ يستحيل فالهم علاوة على أنه لا يغير شيئًا فهو مؤذٍ للنفس "الهم في قلب الرجل يحنـي ظهره" (أمثال). والاهتمام تدبير أما الهم فهو عدم اتكال على االله.والأمر الثاني هو تحويل مركز اهتمامنا من الأرضيات إلى السماويات ومن خبز الجسد وضرورياته إلى خبز الحياة الأبدية والسعي الدائم نحوه. ففيما نحن نمارس أعمالنا اليومية يكون شغل قلبنـا هـو
سماوي.
تدريب:
تدرب على أكل الكلمة الإلهية "وجد كلامك فأكلته" قال الرب لحزقيال حين عرض عليه الكلمة الإلهية مكتوبة في درج كتاب قال له: "كُل مـا تجـده،فأكله فصار في فمه كالعسل حلاوة". تدريب على التلذذ بأكل الكلمة الحية... فتحيا بها كطعام يومي.
تدرب على التناول بوعي روحي وإدراك وحاسة مقدسة ومذاقة روحية... لا تنسى أنك أخذت المسيح
نصيبك وحين تأكله أقضي اليوم كله متأملاً فيه، كيف أعطانا جسده لنأكله... الأمـر الـذي تشـتهي
الملائكة أن تطلع عليه. كرر قول المسيح "لي طعام آخر" مرات كثيرة في اليوم ليدفعك للسعي نحو الحياة الفضلى والشبع بما هو نازل من فوق .
المتنيح القمص لوقا سيداروس
(عن كتاب "تأملات فى أناجيل عشيات الآحاد")

عدد الزيارات 478

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل