المتنيح القمص لوقا سيدراوس

Large image

ولد القمص لوقا سيدراوس فى يوم 3مايو عام 1940م باسم كمال خلف سيدراوس وحصل على بكالوريوس العلوم عام 1964م وتم رسامته كاهنا باسم القس لوقا سيدراوس فى يوم الجمعة الموافق 17 مارس 1967م بيد قداسة البابا المتنيح كيرلس السادس في دير الشهيد مارمينا العجايبي بكنيسة الدير بمريوط كاهنا على كنيسة مارجرجس القبطية الأرثوذكسية باسبورتنج بالإسكندرية. كان من ضمن مَنْ تعرَّضوا للاعتقال من خلال قرارات سيادة الرئيس محمد أنور السادات الخاطئة (قرارات التحفُّظ في سبتمبر 1981 م.)، وتم ذلك في سجن المرج. تم ترقيته قمصًا على يد قداسة البابا المتنيح شنودة الثالث عام 1989 م. خدم بعدها في الخارج بالولايات المتحدة الأمريكية، مثل: كنيسة مارمرقس القبطية الأرثوذكسية في لوس أنجلوس بأمريكا.والان هو كاهنا على كنيسة القديسين مرقوريوس ابى سيفين والأنبا ابرام - توررانس كاليفورنيا هو مؤلف وله بعض الكتب المنشورة.

المقالات (94)

31 أغسطس 2024

إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر مسرى( لو ۱۷ : ۲۰ - ۳۷ )

" ولَمَّا سألهُ الفَرِّيسيّونَ : متى يأتي ملكوت الله ؟. أجابهم وقال لا يأتي ملكوت الله بمُراقَبَةٍ، ولا يقولون: هوذا ههنا أو هوذا هناك! لأنها ملكوت الله داخلكم وقال للتلاميذ: ستأتي أيام فيها تشتهون أنْ تَرَوْا يوما واحِدًا مِنْ أَيَّامِ ابن الإنسان ولا تَرَوْنَ ويقولونَ لَكُمْ هوذا ههنا أو هوذا هناك لا تذهبوا ولا تتبعوا، لأنَّه كما أنَّ البرق الذي يَبْرُقُ مِنْ ناحيةٍ تحت السماء يُضيء إلى ناحيةٍ تحت السماء، كذلك يكون أيضًا ابن الإنسان في يومه ولكن ينبغي أوَّلاً أن يتألم كثيرًا ويُرفَضَ مِنْ هذا الجيل. وكما كان في أيام نوح كذلك يكون أيضًا في أيام ابن الإنسان: " كانوا يأكلون ويشربون، ويُزَوِّجون ويتزوجون، إلى اليوم الذي فيهِ دَخَلَ نوح الفلك، وجاء الطوفان وأهلك الجميع كذلك أيضًا كما كان في أيام لوط كانوا يأكُلُونَ ويشربون، ويشترون ويبيعون، ويغرسون ويبنون. ولكن اليوم الذي فيه خرج لوط من سدوم ، أمطَر نارًا وكبريتًا مِنَ السماء فأهلك الجميع. هكذا يكون في اليوم الذي فيه يُظهرُ ابن الإنسان. " في ذلك اليوم مَنْ كَانَ عَلَى السطح وأمتعَتُهُ في البَيتِ فلا يَنزِلْ ليأخُذها، والذي في الحقل كذلك لا يرجع إلى الوراء أذكروا امرأة لوط! مَنْ طَلَبَ أَنْ يُخَلِّص نَفْسَهُ يُهْلِكُها، ومَنْ أهلكها يُحييها. أقولُ لَكُمْ: إِنَّهُ فِي تِلكَ اللَّيْلَةِ يكون اثنانِ عَلَى فراش واحد، فيؤخذ الواحد ويُترك الآخر تكون اثنتان تطحنانِ مَعًا، فتؤخذ الواحِدَةُ وتُترَكُ الأُخرى يكون اثنان في الحقل، فيؤخَذُ الواحِدُ ويُترَكُ الْآخَرُ فأجابوا وقالوا له: أين يارب؟ فقالَ لَهُمْ: حَيثُ تكونُ الجنَّةُ هناك تجتَمِعُ النُّسُورُ ". مجيء المسيح الثاني: بنهاية السنة القبطية يصير دائمًا تذكار نهاية العالم وزواله، ولما انطوى عام، اقترب الإنسان من النهاية وكأنما السنين تقتطع من فترة وجودنا المحدودة على الأرض وهذا يُفرح قلب الإنسان الذي يشتهي السماويات وينتظر مجيء المسيح بفارغ الصبر . وعلى قدر ما يخيف هذا الأمر الذين وضعوا رجائهم في هذا العالم وعاشوا للجسد والأهواء إذ تكون لهم النهاية دينونة مخيفة ورعب على قدر ما هي مفرحة لأولاد الله لأن هذا هو وقت نوالهم الأكاليل عوض الأتعاب التي قاسوها فـــــــي هـــــذا العالم وفي إنجيل العشية ينبه المسيح ذهننا إلى أمور غاية في الأهمية: ١- لا يأتي ملكوت الله بمراقبة: فالأمر ليس في مقدور ذهن الإنسان أن يراقبه بحسابات أو تكهنات، فالمسيح له المجد قطع في هذا الأمر أن اليوم والساعة لا يعرفها أحد ولا الملائكة، فكيف يسوغ للبشر أن يراقبوه؟ هو وحده يعرف يوم مجيئه وقد أخفاه عنا لنكون دائمًا مستعدين كعبيد أمناء ينتظرون متى يرجع سيدهم !! وهذا ما نصليه في قانون إيمان كل يوم وننتظر قيامة الموات وحياة الدهر الآتي" وعلى مدى تاريخ كنيستنا المجيدة لم ينشغل الآباء القديسون بحسابات أو دراسات في هذا الأمر على العكس ما فعلت كنائس كثيرة في العالم وباءت جميع هذه المحاولات بالفشل. ۲- ها ملكوت الله داخلكم هذا هو الاهتمام الأول الذي يجب أن نكون فيه، ملكوت الله داخلنا، أي أن يملك المسيح على القلب والفكر والحواس والنيات فيصير هو الملك الحقيقي بعد أن ملكت الخطية علينا في الماضي في أيام الجهالة وإن كان ملكوت الله داخلنا فنحن ندرك أن ملكوت المسيح ليس من هذا العالم ولا هو شكل مملكة الناس الذين يتسلطون، بل هو ملكوت بالصليب، والبذل، وبالاتضاع بالحب فإن عشنا ملكوت الله وعاش ملكوت الله داخلنا فنحن نحيا في المسيح في هذه الفضائل التي هي سمات ملكوت الله. ٣- كما كان في أيام نوح " بالإيمان نوح لما أُوحي إليه عن أمور لم تـر بعـد خــاف فبنى فلكا لخلاص بيته، فبه دان العالم، وصار وارثا للبرالذي حسب الإيمان" (عب ۷:۱۱) كان الطوفان نموذجًا مصغرًا للدينونة ومجازاة الشر والأشرار ونجاة الأبرار ، فيه غرق عالم الفجور والإثم بدون رحمة وقد دان نوح عالم الفجار إذ عاش أمينا الله "إياك وجدت بارًا في هذا الجيل". وقد كان الناس إلى يوم دخول نوح الفلك يمارسون حياتهم المستهترة في أكل وشرب وزنى ونجاسات إلى جانب الارتباك بالعالميات من بيع وشراء ومسرات وغرور وغياب عن الوعي. وكان نوح في نظرهم واهما يعيش في الخيال وكانت كرازته بالبر كلا شيء ولم تثمر كلماته في أحد حتى النجارين الذين بنوا الفلك هلكوا !!. شيء محزن. قال الرب محذرًا "إنه كما كان في أيام نوح كذلك يكون في يوم مجيئه، وهذا تشجيع لأولاد الله حتى لو كانوا أقلية قليلة لأن نوح وأسرته كانوا ثمانية أفراد بينما هلك كل العالم فإن بقينا قليلين شاهدين لحياة البر فلا يغرنك كثرة السائرين في الطريق الواسع المؤدي إلى الهلاك فالأمر ليس بالكثيرة وهذا أيضًا فيه تحذير للتوبة للذين يعيشون حياة الاستهتار ويقولون أين هو موعد مجيئه؟" فلا يصدقون أنه آت لتحذير ضمائرهم لكي يشربوا الإثم كالماء بلا نكد... ولكن ليعلم الجميع أن السماء والأرض تزولان ولكن كلامه لا يزول... هو طويل الأناة وبطئ الغضب وهو يعطي الجميع فرص للتوبة. ٤- كما كان في أيام لوط: " كما أن سدوم وعمورة والمدن التي حولهما، إذ زنت على طريق مثلهما، ومضت وراء جسد آخر، جعلت عبرة، مكابدة عقاب نار أبدية" (رسالة يهوذا : ٧) " وإذ رمد مدينتي سدوم وعمورة حكم عليهما بالانقلاب،واضعا عبرة للعتيدين أن يفجروا ، وأنقذ لوطا البار مغلوباً من سيرة الأردياء في الدعارة" (٢بط ٢ : ٦ - ٢) هذا هو النموذج الثاني في تاريخ البشر المدون في الأسفار الإلهية الذي فيه كانت دينونة الفجار وقد خلص الرب مختاره لوطا البار. ه - اذكروا امرأة لوط: امرأة لوط تمثل القلب الراجع إلى خلف، والارتداد بالقلب إلى عالم الفجور والتعلق بالأملاك والمقتنيات وحطام الدنيا بينما كانت امرأة لوط سائرة مع لوط، وبينما يعجلهما ملاك الرب للخلاص من النار المحتم نزولها على عالم الفجور، وبينما هي بحسب الشكل تسرع خطاها إلى خارج سدوم كان قلبها راجعا إلى هناك !! وكان تحذير الملاك للوط لا تنظر إلى خلف، وهو تحذير جدير بالاعتبار لكل من يسعى في طريق الخلاص ويخرج تابعا كلام الله ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله ألم يكن قلب إسرائيل راجعا إلى خلف إلى أرض مصر وكانت شهوات الرجوع تحطم الشعب حتى أقسم الرب في غضبه عليهم أنهم لن يدخلوا راحته فحرموا من البلوغ إلى كنعان، وبأكثرهم لم يسر الله الخروج يجب أن يكون بقلب كامل مستقيم ونية وتصميم وتثبيت الوجه نحو أورشليم. المفارقات في النهاية: اثنان على فراش واحد يؤخذ ويترك الآخر""اثنتان تطحنان على الرحى تؤخذ الواحدة وتترك الأخرى" من حيث الشكل الخارجي في مدة غربتنا في هذا العالم فالأبرار والأشرار يعيشون جنبًا إلى جنب، في كل مصلحة وعمل في كل مدرسة وحقل في كل وظيفة وفي كل مجال من مجالات الحياة والفارق الجوهري هو الحياة الداخلية والهدف الذي يسعى إليه الإنسان، إن كان هو الحياة الأبدية أو أن الإنسان يسعى كأنه عن غير يقين أو إيمان في شيء هذا ما يميز الواحد عن الآخر فإن جاء يوم كشف الأسرار الداخلية، فيا مجد أولاد الله ويا للبهجة والسرور ويا للرجاء المعد والأكاليل المنتظرة فلا يغرنك المنظر الخارجي ولا تحكم بحسب الظاهر، فإن اليوم سيبينه. والمختارون سيُمجدون في يوم فرز الحنطة عن الزوان. المتنيح القمص لوقا سيداروس عن كتاب تأملات في أناجيل عشية الآحاد
المزيد
24 أغسطس 2024

إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر مسرى ( لو ١١ : ٢٧ - ٣٦)

" وفيما هو يتكلم بهذا ، رَفَعَتِ امرأة صوتها مِنَ الجمع وقالت له: طوبى للبطن الذي حَمَلكَ والثديين اللذين رَضِعتَهُما . أما هو فقال: بل طوبى للذين يسمعونَ كلام الله ويَحْفَظُونَهُ وفيما كانَ الجُموع مُزْدَحِمِينَ، ابتدأ يقولُ: هذا الجيلُ شِرِّيرٌ. يَطلُبُ آيةً، ولا تُعطى له آيةٌ إلا آية يونان النبي. لأنَّهُ كما كان يونان آيةً لأهل نينوى كذلك يكون ابن الإنسان أيضًا لهذا الجيل. مَلِكَةُ التَّيمَنِ ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم، لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمعَ حِكمَةَ سليمان، وهوذا أعظَمُ مِنْ سُليمان ههنا رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه لأنَّهم تابوا بمناداة يونان، وهوذا أعظم من يونان ههنا!ليس أحَدٌ يوقد سراجًا وَيَضَعُهُ في خِفْيَةٍ ولا تحت المكيال، بل على المَنَارَةِ، لِكَيْ يَنظُرَ الداخلون النور. سراج الجَسَدِ هو العَينُ، فَمَتَى كانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيْرًا، وَمَتَى كانت شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يكونُ مُظْلِمًا. انظُرْ إِذَا لِئلا يكون النور الذي فيكَ ظُلمَةً. فَإِنْ كَانَ جَسَدُكَ كُلُّهُ نيرًا ليس فيهِ جُزء مُظلم، يكون نَيْرًا كُلُّه، كما حينما يُضيء لكَ السَّراجُ بِلَمَعانِهِ ". رفعت امرأة صوتها : يتواكب الأحد الثالث من مسرى مع عيد السيدة العذراء القديسة مريم الذي يقع في ١٦ مسرى في نهاية الصوم المدعو باسمها المبارك فصل إنجيل العشية يسجل أول تطويب من عامة الشعب، لأن القديسة أليصابات كانت أول من طوب العذراء مريم حين تصاغرت أمامها وهى امرأة متقدمة في أيامها وزوجها كاهن شيخ وقور وهي حامل بابن ليس في مواليد النساء أعظم منه، فحين دخلت إليها القديسة العذراء مريم وسلمت عليها بالسلام الروحاني وهى حاملة الكلمة المتجسد في بطنها البتولي صرخت أليصابات بالروح وقالت: "من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب" وتطويب أليصابات معتبر أنه تطويب من عشيرة الكهنوت. وطوبتها أليصابات حين ارتكض الجنين في بطنها ساجدًا للذي كونه من العدم ومبتهجا راكضًا للقاء سيده، وحين امتلأت أليصابات هي وجنينها من الروح القدس بسبب كلام مريم أم الله الكلمة أما إنجيل العشية فيسجل تطويب امرأة من عامة الشعب جالسة مستمعة لتعاليم الرب ومن شدة انفعالها بالروح رفعت صوتها وقالت: "طوبى للبطن الذي حملك وللثديين الذين رضعتهما" وقد خرجت هذه المرأة عن مألوف العادة في زمانها فقبيح بالمرأة أن ترفع صوتها في وسط جمع غفير كهذا وفي وسط رجال مجتمعين هذا عددهم ولكنها تجاوزت كل هذا وتخطت العادات ومثل زكا الذي لم يعبأ بماذا يقول الناس عنه، أو كمثل المرأة الخاطئة التي ارتفعت فوق العيون التي نظرت إليها بالاحتقار أو النقد والدينونة، شقت طريقها إلى قدمي يسوع هكذا صرخت هذه المرأة لتمدح أم الله وتطوبها بصوت عال كقائدة وكباكورة ملايين الملايين الذين تبعوها يطوبون العذراء إلى جيل الأجيال ويخيل إلي أن هذه المرأة كمثل مريم النبية أخت هارون حين أخذت الدف بيدها وبدأت بنشيد التسبيح وتبعتها النسوة بل وكل جماعة بني إسرائيل قائلين: "تعالوا نسبح الرب لأنه بالمجد قد تمجد" هكذا بدأت هذه المرأة نشيد تطويب العذراء أم المسيح التي حملت الرب في بطنها تسعة أشهر وأرضعته من ثديها الطاهرة قال أحد الآباء إن الخليقة كلها تهللت بمجيء المسيح متجسدا فقدم له عالم الفلك نجمًا فريدًا وقدم له عالم الحيوان ما كان لخدمته في أيام تجسده، أما البشرية فقدمت له أما عذراء ويلذ لنا نحن المؤمنين أن نتأمل عمق العلاقة التي ربطت أمنا العذراء بابنها الوحيد ، كيف عاشت التسعة أشهر وهي حاملة السر الإلهي والروح القدس حال عليها وقوة العلي مظللة عليها !! وليس كما يزعم قوم أنها حال ولدت ابنها الإلهي فقد انتهت العلاقة التي تربطها به فهى كعلبة الجواهر، فإن أخذنا الجوهرة فما حاجتنا إلى علبة وهذا كلام غير الروحيين والمحرومين من أمومة الأم العذراء فهي بعد أن ولدته أرضعته من ثدييها الطاهرين، فإن كان قد أخذ ناسوته منها متجسدًا في الحشاء البتولي، فقد نما جسده الإلهي الذي كان ينمو في النعمة والقامة، نما أيضًا متغذيا على لبنها فلم تنقطع هذه الصلة السرية جدا وغير المقترب إليها بالفعل لم تنقطع بالولادة !! طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب هذا تطويب أليصابات طوبى للذين يسمعون كلام الله ويعملونه وهذا تعليق الرب على تطويب المرأة فالعذراء مطوبة أولاً من أجل إيمانها الفائق الوصف الذي تجاوز المعقول حين أحنت رأسها أمام الرب خاضعة وقائلة "هوذا أنا أمة الرب" بحضور شاهد سماوي هو رئيس الملائكة جبرائيل المبشر والإيمان هو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى ولم يبلغ إنسان على وجه الأرض إلى ثقة العذراء ورجائها، ولم يصل أحد قط إلى قامة يقينها بما لا يرى، لقد حملت غير المرئي كمرئي ومحسوس واحتوت غير الزمني الذي صار في بطنها تحت الزمان. يا للعجب !!. أليصابات شاهدة عيان على هذا الإيمان فرأت في العذراء إيمانها وكمال مواعيد الله ولمست عن قرب وهي تحتضن العذراء ما هو أعلى من فكر الملائكة فطوبت إيمانها وطوبت أمومتها للرب عن يقين الرؤيا والتلامس ونطقت بشهادتها مؤازرة بملء الروح القدس في تلك اللحظات أما هذه المرأة فلم تر العذراء ولا عرفتها المعرفة الشخصية، فهى تمثل باقي البشرية لكل الأجيال، ولكنها رأت ثمرة بطنها التي قالت عنها أليصابات أيضًا "مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك" ها هي هذه المرأة تسمع ثمرة بطن العذراء - يسوع المسيح - فتنفعل بالروح لتنطق بباكورة تطويب العذراء فيجيب المسيح له المجد : بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه"، فالعذراء وإن كان لها الإيمان الفريد ولكنها فوق الكل أيضًا في سماع كلام الله وحفظه، فهى التي حوت الكلمة متجسدًا في أحشائها، وخبأت الكلمة متفكرة بها في قلبها ومن يعرف أسرار هذا أو ذلك في حياتها التي هي أعلى من السماوات ؟!! بقي أن تفرح قلبها كأم إن سلكنا في طاعة المسيح وحفظنا وصاياه، لأن فرح الأم دائما يكون بنجاح أولادها فإن أحببنا المسيح من كل القلب وحفظنا وصاياه نكون قد فرحنا قلب أمنا وحين نطوبها نطوبها لا بالكلام بل بالعمل والحق قال أحد الآباء للعذراء القديسة : أنت أم الله (يسوع المسيح) وأم الخاطئ (أنا) في آن واحد أم الديان العادل وأم المذنب ، فاطلبي إلى ابنك الإله أن يترفق بالخاطئ ويرحمه قوية هي شفاعتك ومقبولة عند الذي ولدته اشفعي فينا. المتنيح القمص لوقا سيداروس عن كتاب تأملات في أناجيل عشية الآحاد
المزيد
17 أغسطس 2024

إنجيل عشية الأحد الثاني من شهر مسرى( لو ١٨ : ٩ - ١٤ )

" وقالَ لِقَوْمٍ واثقين بأنفُسِهِمْ أَنهم أبرار، وَيَحْتَقِرُونَ الآخرين هذا المثل: إنسانان صعدا إلى الهيكل ليُصَلِّيا، واحِدٌ فريسي والآخَرُ عَشَارٌ. أَمَّا الفَرِّيسِيُّ فَوَقَفَ يُصَلِّي فِي نَفْسِهِ هكذا : اللَّهُمَّ أنا أشكُرُكَ أني لستُ مِثْلَ باقي الناس الخاطفين الظَّالِمِينَ الزُّناةِ، ولا مثل هذا العشار. " أصومُ مَرَّتَين في الأسبوع، وأَعَشرُ كُلَّ ما أقتنيه . " وأمّا العَشَارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ، لَا يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحوَ السماء، بل قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قائلاً: اللَّهُمَّ ارحمني، أنا الخاطئ. أقولُ لَكُمْ: إِنَّ هَذا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا دونَ ذاكَ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ،وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ ". يسوع المخلص: إن الرب يسوع في تعليمه الإلهي يلمس مواضع أوجاع البشرية كمخلص، فهو يكشف عوار النفس لأن عينيه تخترقان أستار الظلام وهو قابل الصلاة الذي يأتي إليه كل بشر ، وهو العارف بقلب كل واحد وكل شيء مكشوف وعريان أمامه، وتصعد إليه من قلوب أصفيائه كلمات الصلاة مختلطة بعواطف زكية تستقيم كالبخور الصاعد إلى عنان السماء، بينما تكون صلاة الأشرار مكرهة قدامه إذ تكون مختلطة بدنس القلب ولو زينت بأجمل الكلمات. فالله يقبل الصلاة لا من اللسان والكلام بل من القلب حيث يكمن كنز الإنسان... يا ابني أعطني قلبك"... "ليس كل من يقول لي يارب يارب"... "لا تكرروا الكلام باطلاً كالأمم، فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم". راجع (مت ٦ : ٧).إذا لنحذر ونقدم الصلاة دائمًا من القلب ولا تكن صلواتنا ترديدات وكلمات، ولنتعلم أنه في حالة وقوفنا أمامه يحكم على صلاتنا إما للبر كالعشار وإما بالرفض مثل الفريسي الذي صارت صلاته دينونة وحسبت صلاته عليه وليست له. البار في عيني نفسه: قال لقوم واثقين بأنفسهم أنهم أبرار". هذا هو أصل الداء، الذي أراد الرب بهذا المثل أن يخلصنا منه ويطهر قلوبنا وأذهاننا من هذا العيب القاتل. والحقيقة أن هذا المرض والانحراف في الحياة الروحية يصيب بالأكثر المواظبين على العبادة والصلاة، وقد تكون الثقة في الذات من حيث المعرفة أو الحكمة أو الإمكانيات الذاتية أو القدرات أو المهارات. وقد نبه الكتاب المقدس "فإني لست أريد أيها الأخوة أن تجهلوا هذا السر، لئلا تكونوا عند أنفسكم حكماء" (رو ۱۱: ٢٥) ، "ليمدحك الغريب لا فمك "(ام٢:٢٧) وقد يثق الإنسان في فهمه فيضل طريقه ويتعثر كثيرًا لأن الكتاب يقول : "توكل على الرب بكل قلبك، وعلى فهمك لا تعتمد" (أم ٣: ٥).ويقول: "لا يخد عن أحد نفسه. إن كان أحد يظن أنه حكيم بينكم في هذا الدهر ، فليصر جاهلاً لكي يصير حكيمًا"(١كو١٨:٣) ويقع الإنسان في غباوة الذين إذ كانوا حكماء في أعين أنفسهم فإنهم لا يفهمون مكنونات الحكمة الإلهية، أما أن يثق الإنسان في بره وتقواه وصلاحه فهذا أمر مخيف حقا. فالمثل قاله الرب لأناس واثقين بأنفسهم من جهة البر... يا للغباوة التي أصابت الذهن، والعمى الروحي الدافع إلى الهلاك. إن هذا المرض الخطير صار ظاهرة متفشية في أيامنا تحتاج إلى مراجعات كثيرة من أين تأتي الثقة بالنفس بأن يكون الإنسان بارًا في عيني نفسه؟!. الواقع أن ذلك يرجع لانطماس البصيرة الروحية فلم يعد الإنسان يرى خطاياه ولا ضعفاته، بل يرى أنه غني وأنه استغنى ولا حاجة له إلى شيء وهو كما يقول سفر الرؤيا:"لأنك تقول: إني أنا غني وقد استغنيت، ولا حاجة لي إلى شيء، ولست تعلم أنك أنت الشقي والبائس وفقير وأعمى وعريان" (رؤ ۳: ۱۷). إنه إنسان نسي تطهير خطاياه السابقة،نسي أن الله ينظر إلى السماء ذاتها وكأنها غير طاهرة قدام عينيه وإلى ملائكته ينسب حماقة "هوذا عبيده لا يأتمنهم، وإلى ملائكته ينسب حماقة" (أي ١٨:٤). غاب عن ذهن هذا الإنسان موقف الآباء القديسين الذين كان منهجهم الإنجيلي واضحًا "كذلك أنتم أيضًا، متى فعلتم كل ما أُمرتم به فقولوا : إنَّنا عبيد بطالُون، لأننا إنَّما عملنا ما كان يجب علينا" (لو ۱۷ : ۱۰). الذين وضعوا أمامهم قول الرب: "فإني أقول لكم: إنكم إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السموات" (مت ه: ۲۰). إن البار في عيني نفسه لا يرى سواها، هذا نوع من تأله الذات... بل إن العبادة كلها تتحول إلى مظاهر تعود بالمدح على الذات وإثبات برها أمام الناس وتضخمها في عين صاحبها ... يصوم لينظره الناس، يُصلي ويتصدق سعيا وراء تمجيد الذات، ويمارس عبادات ونسكيات كثيرة لتأكيد البر الذاتي... وكل هذا يعمله بحبكة وحرفية رهيبة. وعندما تقع على هذا المسكين حيل الذات الخبيثة يصدق زيفها ويقتنع بإتقان دورها الذي أخذت فيه الصدارة في مجال أعمال البر وحفظ الوصايا والواقع المر أن الإنسان أبعد ما يكون عن البر في عيني الله، إذ يكون قد استوفى أجره كاملاً مدحًا من الناس ومدحا من نفسه لنفسه. ويحتقرون الآخرين: إن البار في عيني نفسه لا يرى في غيره فضيلة، ولكن عينه تبحث عن نقائص الناس، وإذ يقيس غيره على ذاته المتعظمة المتألهة يتضاءل شأن الناس جميعًا في نظره من ناحية البر والفضيلة مهما كان شأنهم ولو أن الفريسي اكتفى بمدح نفسه وإظهار بره الكاذب أمام الله لهان الأمر، ولكنه تعدى ذلك إلى ذم الناس عامة ثم تعدى بالأكثر إلى احتقار العشار الواقف بجواره. على العكس تماما كان الآباء القديسون ... ما نظروا إنسانًا قط إلا ورأوا فيه فضيلة وتعلموا منه درسا وما قارنوا أنفسهم بأحد إلا ووجدوا أنفسهم في الموازين إلى فوق. العين البسيطة: قيل إن أحد الآباء ذهب إلى أبيه الروحي في البرية حزينًا متألما فلما سأله أبوه عن سبب حزنه قال له: لقد جلست في قلايتي أعدد فضائل أخي فوجدتها ثلاثين فضيلة، ولما بحثت في نفسي بالمقارنة لم أجد فضيلة واحدة... فعزاه أبوه الروحي قائلاً : إن رؤيتك لفضائل أخيك بينما لم تر في نفسك غير النقص هذا في حد ذاته يعتبر فضيلة الفضائل، يا للعين البسيطة النقية التي ترى فضائل الناس وحين تبحث عن العيوب لا تجدها سوى في نفسها. محتقر الآخرين: كيف يصل الإنسان إلى احتقار الآخرين؟. لا شك أن العين إذا امتلأت شرًا لا ترى سوى من خلال شرها فترى شرًا في كل أحد. "لماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها" (مت ۷: ۳).المحتقر الآخرين يقود الناس إلى الرجم كبريء، ولكن ماذا يفعل حينما يواجهه الرب بالكتابة أي سجل خطاياه السالفة ويقول : من منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر ؟ المحتقر الآخرين هو مخدوع مأخوذ في حفرة من أعلمه بقلوب الناس وسرائرهم من أنت يا من تدين عبد غيرك هو لمولاه المحتقر الآخرين لا يلتمس عذرًا لأخيه في خطيته لا يرحم ولا يعرف سبيلاً للمحبة بحسب المسيح. الآباء القديسون عندما رأوا خطايا آخرين ستروها بالمحبة وتوبوا أصحابها بمسلك روحاني "أيها الإخوة، إن انسبق إنسان فأخذ في زلة ما ، فأصلحوا أنتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة، ناظرًا إلى نفسك لئلا تجرب أنت أيضًا" (غل ٦ : ١). وعندما رأوا أخا يخطى اعتبروها خطيتهم الخاصة وبكوا وناحوا وصلوا وتضرعوا ولم يحتقروه !!. "وقال القَوْم واثقين بأنفُسِهم أنهم أبرار، ويحتقرون الآخرين هذا المثل" (لو ۱۸ :۹) ، مثل الفريسي والعشار. إنسانان صعدا إلى الهيكل ليصليا": هذه بداية كلام الرب شافي نفوسنا فالفريسي والعشار أولاً وآخرًا هما إنسانان أمام الله والإنسان ضعيف مهما عظم شأنه، صغير مهما كبر ، إنهما أمام الله إنسانان. عندما نقف للصلاة نصير أمامه مجردين تماما لا اسم ولا رتبة ولا وظيفة ولا لقب ولا شكل ولا شيء بالمرة. فأنت قبل وبعد كل شيء الإنسان مولود المرأة قليل الأيام وشبعان تعبا" (أي ١٤: ١). وما أجمل العبارة التي قالها إشعياء النبي: "كفوا عن الإنسان الذي في أنفه نسمة، لأنه ماذا يُحسب" (إش ۲: ۲۲). القديسون العظام حينما وقفوا أمام الله ما وجدوا شيئًا يتقدمون به إلى الله فوقفوا أمامه عراه وضعفاء لم يضبطوا قوة كدانيال، وكإبراهيم أب الآباء حين قال: "إني قد شرعت أن أكلم المولى وأنا تُراب ورماد" (تك ۱۸: ۲۷)، وأيوب الصديق يقول: "لذلك أرفض وأندَم في التراب والرماد" (أي ٦:٤٢)، وداود النبي يقول : "يارب، أي شيء هو الإنسان حتى تعرفه، أو ابن الإنسان حتى تفتكر به" (مز ١٤٤: ٣)، ويقول: لصقت بالتراب نفسي، فأحيني حسب كلمتك " (مز (۱۱۹ : ٢٥). الإنسان عرضة للتغير، عرضة للضعف، عرضة للسقوط لولا نعمة الله معه. فكم من إنسان بدأ بالروح وكمل بالجسد، كم من إنسان سما في الفضيلة ثم سقط من رتبته !! وعلى العكس كم من إنسان رفعه الله من المزبلة ليجلس مع رؤساء شعبه راجع مت (۱۹ :۳۰). ولكن الفريسي نسي في صلاته أنه إنسان!! يا للحسرة نسي أنه نفخة وتراب وبخار !! وضع الرب أمامنا هذا النموذج "اللهم أنا أشكرك أني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار أصوم مرتين في الأسبوع وأعشر كل ما أقتنيه" ترى هل تُسمي هذه صلاة ؟ إنه واقف أمام الله لا ليأخذ بل كأنه يُعطي !! إنه الشعور بتكميل الواجبات نحو الله. ماذا يريد الله مني بعد ذلك؟ ليس له عندي شيء !! إنه شعور مؤسف حقا كأن الإنسان يتفضل على الله. ما هي صلواتنا وما هي أصوامنا وما هي عشورنا في حد ذاتها ؟ هل الله محتاج إلى هذه كلها ؟ حاشا . هل الله معوز لعبادتنا ؟ ماذا لو لم يقدم إنسان كل هذه الأمور هل ينقص الله شيء ؟ إن الله هو مصدر النعم، وأصل كل بركة ومنه وله كل الأشياء نحن حينما نُصلي نأخذ من الله، وحينما نصوم نأخذ من الله، وحينما نُعطي نأخذ من الله. هو المنعم دائما المعطي بسخاء ، الكريم في التوزيع... "كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار، الذي ليس عنده تغيير ولا ظلُّ دَوَران" (یع ۱: ۱۷). مقارنة مغلوطة تلك المقارنة في كلمات الفريسي تحوي خداعًا قاتلاً قد يكون في كلام الفريسي شيء من الصدق أنه ليس مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة. والسؤال لماذا قاس نفسه بهذه العينات الساقطة من الناس ؟ لماذا لم يقارن نفسه بالقديسين والأبرار والشهداء الذين أحبوا الرب حتى الموت؟! لماذا لم يقارن صلواته بصلوات الأبرار التي تقتدر كثيرًا في فعلها كصلاة نحميا وعزرا ودانيال والثلاثة فتية القديسين في أتون النار ؟! لماذا لم يقارن صومه بأصوام الأبرار ؟ كموسى وإيليا اللذين صاما أربعين يومًا كاملة، ولا بصوم أستير بتذللها حتى استدرت مراحم الرب، ولا بصوم أهل نينوى الذين رفع الله غضبه عنهم ؟! ولكنه وضع أمامه أمثلة ضعيفة ساقطة منحرفة لكي يزكي ذاته. إنه يصوم مرتين كل أسبوع: وهكذا من جهة العطاء : إنه يعشر كل ما يقتنيه... ألم يكشف الرب عوار الفريسيين حين قال: "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تعشرون النعنع والشبت والكمون، وتركتم أثقل الناموس : الحق والرحمة والإيمان. كان ينبغي أن تعملوا هذه ولا تتركوا تلك" (مت ۲۳ : ۲۳).تعشرون النعنع والبقول وتأكلون بيوت الأرامل، أيها الفريسي الأعمى تُصلي قائمًا في زوايا الشوارع لكي ينظرك الناس مزكى من الخارج وبواطنك مملوءة غش مثل قبر مبيض؟ ما أكره الرياء !. ما أحقرك أيتها الفريسية التي حجبت وجه الله فردت صلاة الفريسي الأعمى إلى حضنه وأرجعت كلماته إليه بعد أن أُغلقت السماء دونها !. القياس السلبي: القياس إلى أناس فاسدي الرأي وعادمي الذهن، والمقارنة بالمستويات الدون والسلوكيات البغيضة تؤله الذات وتجعل الإنسان بارًا في عيني نفسه، أليس هذا هو منطق كثيرين حين تبلغ إليهم كلمة الإنجيل منبهة. فيقول قائل: "أنا إنسان لا أؤذي أحدًا ولا أضر أحدًا ولا أضمر لإنسان شرا ولا أحلف ولا أشتم ولم أسرق ولم أزن وهكذا ببساطة شديدة يبرر الإنسان ذاته ويبدو كأنه غير ناقص وغير محتاج. أو قل أنه قد وصل إلى الكمال الروحي لقد وقع المسكين في الفخ وقاس نفسه بقياس مغلوط. إن قياسنا الصحيح هو ملء قامة المسيح. والسعي إلى أن نبلغ الذي من أجله قد أدركنا المسيح لعلنا نبلغ إلى قيامة الأموات والرب ترك لنا مثالاً لنقتفي آثار خطواته... فإن عرفنا هذا فلنخرج على آثار الغنم لكي لا تضل أقدامنا سبل الحياة ... لنخرج على آثار الآباء في الفضيلة والسعي وراء المسيح وإنكار الذات والحب الحقيقي والاتضاع الكامل "كونوا متمثلين بي ما أنا أيضًا بالمسيح" (۱کو ۱۱: ۱). ولا مثل هذا العشار يا ليتك كنت مثل هذا العشار الكنيسة وضعت في أفواهنا كلمات العشار نكررها كل يوم في الصلاة وصار منهج العشار في قرع صدره وتنكيس رأسه وخفض نظره في خوف ورعدة كثيرة صار كل هذا نموذجا رائعًا يُحتذى به في كنيسة الله!!. أما الفريسي فلم ير شيئًا في هذا العشار سوى خطايا منظره الخارجي. ألم يصر العشار "متى" واحدًا من الاثنى عشر رسولاً الأطهار تلاميذ الرب الذين صاروا أساسات سور أورشليم السمائية - ليتك يا أخي تبرأ من إطلاق لسانك بالجيد والرديء على الناس - العبرة بالنهايات دائما قال الرب للفريسيين: "العشارين والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله" (مت ۲۱: ۳۱). صلاة العشار : أما العشار فوقف من بعيد لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء. قال أحد الآباء : إن صلاة العشار غلبت الله الذي لا يغلب لماذا وقف من بعيد. إنه شاعر أنه ليس له جرأة ولا جسارة ولا قدوم بسبب خطاياه. إنه يشعر في أعماقه ببعد المسافة بينه وبين الله القدوس لذلك وقف من بعيد أية خلطة للبر مع الأثم ؟ بأي استحقاق يقف أمام قدوس القديسين الساكن في النور الذي لا يُدنى منه؟ كيف يتقرب إليه إنسان خاطئ. هو ذات الشعور الذي سكن قلب المرأة الخاطئة فجاءت من وراء الرب عند قدميه باكية. الخوف والرعدة هما الإحساس الطبيعي للقلب المتضع عندما يتراءى أمام الله. إشعياء النبي اعتراه خوف عندما رأى السيد الرب جالسًا على كرسي عال ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل فصرخ قائلاً: "فقلت: ويل لي! إني هلكت،لأني إنسان نجس الشفتين" (إش ٦ : ٥). ذات الشعور اجتاح قلب بطرس عند صيد السمك الكثير فطلب إلى الرب قائلاً : "اخرج من سفينتي يارب، لأني رجل خاطئ" (لوه: (٨). من يستطيع أن يقترب إلى غير المتقرب منه ... إن اجتراء الفريسي وجسارته مغشوشة ومكروهة لأن دافعها هو الكبرياء والثقة بالنفس. إنه بار ماذا يمنعه من الوقوف أمام الله ، لقد تطهر بغسلات خارجية وصار واثقا في نفسه أنه ليس ما يعيبه أو يخيفه فاجترأ بغير معرفة كما يدخل إلى النار الآكلة بغباوة وثقة في النفس فإنه في الحال يحترق، لأنه ماذا يكون الإنسان في مثل هذه المواجهة. أما العشار فقد عرف نفسه واثقا أنه خاطئ وضعيف وليس له أن يقف في الهيكل. ولكن احتياجه يدفعه وشعوره بالهلاك والضياع بعيدًا عن الله جعله يهرب إلى الله... إنه يتقدم بشعور المحتاج لا بشعور المستحق، لذلك وقف من بعيد كمن يتوسل ويستجدي . الدالة عند الله تكون قوية إذا كانت مصحوبة بالاتضاع لا بالكبرياء ... بالبر الحقيقي لا بتزييف البر وتصنع القداسة. لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء : هكذا كانت عيني العشار منكسرة في اتضاع عجيب، من الذي يرى هذا المنظر ولا يرق له !! إنه بوقفته هذه وعينيه الذابلتين قد استجلب المراحم الإلهية. صارت عيناه كعيني العبيد إلى أيدي مواليهم ومثل عيني الأمة إلى يدي سيدتها. يقول المرنم : "كذلك أعيننا نحو الرب إلهنا حتى يتراءف علينا"(مز ۱۲۳ : ۲)قال الرب لعروس النشيد حولي عني عينيك فإنهما قد غلبتاني" (نش ٦ : ٥)بل قرع صدره قائلاً: "اللهم ارحمني أنا الخاطئ" ما أن تسلمت الكنيسة من فم الرب هذا التعليم عن الصلاة حتى جعلته منهجًا للتوبة في كل مناسبة، فصار قرع الصدر والوقوف في خشوع وخفض النظر إلى أسفل... صار كل هذا يُسلم من جيل إلى جيل كتعبير صادق للتوبة والرجوع والإحساس بوجع الخطية وطلب المراحم.ففي صلاة الغروب نقول : فما أجسر أن أنظر نحو السماء لكني اتكل على غنى رحمتك ومحبتك للبشرية صارخا قائلاً : اللهم اغفر لي أنا الخاطئ وارحمني"، وكذا في صلاة النوم نقول : لكني اتخذ صورة العشار قارعًا صدري قائلاً : اللهم ارحمني أنا الخاطئ". هنا تضع الكنيسة حركات توبة العشار كأيقونة دائمة للوصول إلى وقفة صحيحة مقبولة. فأوضاع الجسد مقترنة مع خلجات النفس. فإن انسحقت النفس ولصقت بالتراب صار الجسد شريكا ومعبرا عن حركات التوبة. فدموع المرأة الخاطئة، وقبلاتها التي لم تكف على قدمي المخلص، وارتماء الابن الراجع عند قدمي أبيه، وسجود سمعان في سفينته، خرّ عند قدمي يسوع قائلاً: "اخرج من سفينتي يارب" (لوه: ۸)، إلى آخر هذه الأمور صادقة التعبيرصارت أساسا من أساسات العبادة المقبولة والمرضية لدى الرب إلهنا والكنيسة تضع أيضاً صلاة العشار في أفواهنا كل يوم لننال ذات التبرير إذا نطقناها بانسحاق العشار وشوقه للخلاص. ففي ذكصولوجية الصوم المقدس نستعرض عينات للتوبة والتذلل المقبول أمام الله والذين نالوا نعمة الخلاص بالصلاة المنسحقة مثل المرأة الخاطئة واللص اليمين وأهل نينوى. وفي مقدمة هؤلاء تجيء صلاة العشار فنقول: اجعلني مثل العشار الذي أخطأ إليك وتراءفت عليه وغفرت له خطاياه" وفي ختام الثيئوطوكيات الآدام نقول : "فإن العشار اخترته والزانية غفرت لها واللص اليمين يا سيدي ذكرته.وفي مديحة تقال في شهر كيهك على أبصالية يوم الأحد نقول: "أصرخ بصوت العشار وأنا بوجه مطاطئ... اللهماغفر لي الأوزار فإني عبد خاطئ". في القداس بل إن الكنيسة كلها وهي في قمة صلواتها في القداس تقف من الرب موقف العشار المغبوط في نهاية القداس بعد صلوات القسمة حين ينادي الشماس قائلاً: "احنوا رؤوسكم أمام الرب" أي قفوا مثل العشار الذي لم يشأ أن يرفع عينيه نحو السماء ، ويجاوبه الشعب قائلاً : أمامك يارب"، فيقول الشماس: "أنصتوا بخوف الله". وهنا يقرأ الكاهن التحليل ويطلب غفران للشعب الذين أحنوا رؤوسهم تحت يدك ارفعهم في السيرة وزينهم بالفضائل". وهنا ندرك أن الكنيسة ترجمت الإنجيل المكتوب إلى حياة وحولت حركات العشار إلى واقع في حياة أبنائها واستلهمت كلمات التوبة عينها لكي تبلغ بها إلى بر المسيح نزل إلى بيته مبررًا "ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء لأن من عرف فكر الرب؟ أو من صار له مشيرا" (رو ١١: ٣٣ - ٣٤). كما علت السموات عن الأرض هكذا علت طرق الرب. الفريسي في عين الناس ممدوح وممجد، معروف و مشهور بالتدقيق وحفظ الناموس ومميز بين الجميع، يشيرون إليه في كل مكان كإنسان بار ومتدين ملابسه تميزه، وشكله وتصرفاته الظاهرة. يُصلي قائمًا في زوايا الشوارع. يصوم معبسًا وجهه لكي ينظره الناس. يُعطي العشور بتدقيق بالغ حتى عيدان النعناع والشبت والكمون. وهكذا على العكس بحسب حكم الناس ونظرتهم يكون العشار ... مكروها مهانا من الجميع معروفًا بخطاياه وظلمه الخ.هذه هي أحكام الناس، بحسب المظهر الخارجي... فإن صلى الفريسي والحال هذا ، مدحه الناس على صلاته وقيامه وتدقيقه، وإن صلى العشار انتقده الناس وظنوا أنه لا يمكن أن يكون مقبولاً لدى الله. ولكن الرب يشهد في هذا المثل الصلاة العشار يقبلها ويتقبلها ويتنفسها رائحة رضى وسرور بينما يرفض صلاة الفريسي فيخرج من لدن الرب صفر اليدين خالي الوفاض.هكذا فاز اللص بالفردوس وهو في آخر لحظة يلفظ أنفاسه محكوما عليه من الناس كمذنب وفاعل شر، ولكنه صلى صلاة فقبلت وطلب من الرب المصلوب أن يذكره في ملكوته فكان أول الداخلين إلى الفردوس. وها المرأة الخاطئة محكوما عليها في المدينة كلها أنها خاطئة. صلت بدموع فسمعت دقات قلبها المحترق ونزلت من بيت الفريسي مغفورة الخطايا حاصلة على السلام. وها السامرية مشهورة في مدينتها أنها لها خمسة أزواج سابقين والذي معها الآن ليس رجلها. جلست مع الرب عند بئر سوخار فعادت مبررة تكرزبالمسيا مخلص العالم نزل العشار من الهيكل مبررًا من فم الرب، وإن كان في نظر الناس إنسانًا خاطئا، بينما نزل الفريسي راضيا واثقا في نفسه أنه بار وهو في نظر الرب مراء مرفوض. الذي سعى في إثر البر بطريقته الناموسية سقط. والذي طلب الغفران بنفس منسحقة استحق أن يتمتع بالبر وكمل قول الرب "من" يرفع نفسه يتضع ، ومن يضع نفسه يرتفع"(مت ۲۳ :۱۲) المتنيح القمص لوقا سيداروس عن كتاب تأملات في أناجيل عشية الآحاد
المزيد
10 أغسطس 2024

إنجيل عشية الأحد الأول من شهر مسرى ( مر ٦ : ٤٥ - ٥٦ )

"وللوقت ألزم تلاميذه أن يدخلوا السفينة ويسبقوا إلى العبر، إلَى بَيْتِ صَيدا، حتى يكون قد صَرَفَ الجمع. وبَعدَما وَدَّعَهُمْ مَضَى إِلَى الجَبَلِ لِيُصَلِّي. " وَلَمَّا صَارَ المساء كانت السفينة في وسط البحر، وهو على البر وحده. ورَاهُمْ مُعَذِّبِينَ في الجَذفِ ، لأنَّ الرِّيحَ كانتْ ضِدَّهُمْ. ونحوَ الهَزِيعِ الرّابع مِنَ اللَّيْلِ أَتاهُمْ ماشيًا على البحر، وأراد أن يتجاوَزَهُمْ. فَلَمَّا رَأَوْهُ ماشيًا على البحر ظَنّوهُ خيالاً، فصرخوا . لأنَّ الجميع رأَوْهُ واصْطَرَبوا . فللوقتِ كَلَّمَهُمْ وقال لهم : ثقوا ! أنا هو. لا تخافوا. فَصَعِدَ إِلَيْهِمْ إِلَى السَّفِينَةِ فسكنت الريح، فبهتوا وتعجبوا في أَنفُسِهِمْ جِدًّا إِلَى الغَايَةِ، ٥٢ لأَنَّهُمْ لم يفهموا بالأرغِفَةِ إذ كانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً. فَلَمَّا عبروا جاءوا إلى أرض جَنِّيسارَت وأرسوا ولما خرجوا مِنَ السَّفِينَةِ للوقت عرفوه. فطافوا جميع تلك الكورةِ المُحيطة، وابتدأوا يَحْمِلُونَ المَرْضَى علَى أَسِرَّةٍ إِلَى حَيثُ سمِعوا أَنَّهُ هناك. وحيثما دَخَلَ إِلَى قُرى أو مُدْنٍ أو ضياع، وضعوا المرضى في الأسواق، وطلبوا إليهِ أَنْ يَلمسوا ولو هدبَ ثَوْبِهِ. وَكُلُّ مَنْ لَمَسَهُ شُفِيَ " مضى إلى الجبل ليُصلّي: أدخل المسيح طبيعتنا إلى مجد الوجود مع الله وهي الصلاة كما لم تعرفها طبيعتنا البشرية منذ أيام سقطتنا من رتبتنا الأولى ونحن بعد في صلب أبينا الأول، لأنه مكتوب: "كما في آدم يموت الجميع كذلك في المسيح سيحيا الجميع". متنا في آدم وقمنا وحيينا في المسيح. ولكن ما هي الحياة في المسيح؟. هي حياة الله فينا ،وحياتنا في الله لأنكم قد متم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله هذه هي الحياة الجديدة وعلامتها الظاهرة هي الصلاة المسيح له المجد صالحنا مع الآب وصار لنا به جرأة ودالة وقدوم لدى الآب "الأب نفسه يحبكم" هذه هي صلاة المسيح بنا وتقديمنا إلى الآب في شخصه "هاأنذا والأولاد الذين أعطانيهم الرب". أما كون الصلاة كما سلمها لنا المسيح عمليا في ذاته كانت وهو منفرد فهذا سر الحب الأعظم!! ادخل مخدعك - كأنه مخدع زيجة روحية في الاتحاد بالله والالتصاق به بعيدًا عن كل عين وكل ما يشغل البال هناك نتنعم بحب الذي أحبنا حتى الموت وأحبنا فضلاً وليس لأحد حب أعظم من هذا لذلك لزم أن تكون الصلاة التي فيها المناجاة والعشرة الحلوة على جبل الانفراد مكان خلاء أخرج بها إلى البرية وهناك أتملقها كقول الرب بفم هوشع النبي" ذكرت لك غيرة صباك، محبة خطبتك، ذهابك ورائي في البرية" كقول إرميا النبي. الجبل ارتفاع واتساع، علو واتساع رؤيا بالنسبة لنا : الصلاة ترفع عقولنا وقلوبنا وأفكارنا إلى فوق الصلاة الحقيقية هي طلب ما فوق حيث المسيح جالس فوق كل مغريات كاذبة، فوق كل محبة الجسد وأهوائه، فوق كل صيت وغنى فوق كل رتبة ومركز ، فوق كل شهوة ورغبة، فوق كل جمال ورونق فوق فوق هذه هي صلاة هذا هو جبل الصلاة الذي نشتهي أن نحيا فيه مع المسيح وفي المسيح حيث النصرة على كل التجارب وكل حيل المجرب جيد يارب أن نكون ههنا. لا حساب للزمن هناك على جبل الصلاة لا تطاردنا المشغوليات ونطرح عن كاهلنا حمل المسئوليات ولا حساب للزمن، من يصعد على جبل الصلاة في المسيح يكون كمن وطأت قدماه أعتاب السماء، إنها عربون الأبدية، حيث لا زمن. المسيح غير الزمني غير المحدود يربطني بشخصه ومع الآب في الروح القدس يتوقف الزمن بالنسبة لي لا أشعر كم من الزمن عبر !! لا أدري هل هو اليوم أو الغد؟ لست أدري، كل ما أدري على الجبل هو يسوع وهو أمسي ويومي وغدي. الصلاة هي قاعدة الخدمة وأساسها. قبل أن يختار تلاميذه قضى الليل كله في الصلاة. وبعد أن أشبع الجموع صعد إلى الجبل وحده ليصلي. وبعد أن فرغ من الصلاة ذهب يخلص تلاميذه من لطمات الأمواج في النهار كان يعلم وفي الليل يمضي إلى الجبل وبعد خدمة السنين خدم خلاصنا بالصلاة في البستان وهل توجد خدمة بدون صلاة؟ ما هو سبب الضعف الشديد في الإيمان؟ إنه قلة الصلاة. ما هو سبب ضعف الخدام وعدم قدرتهم على إنقاذ النفوس من الهلاك؟ إنه ضعف الصلاة أو قُل عدم الصلاة. "علمنا أن نصلي": كانت هذه هى طلبة الرسل الأطهار حينما رأوا الرب يسوع يُصلي إن ما رأوه في المسيح هو ما يجب أن تكون عليه الصلاة لأن يسوع هو المثال، مثال كمال طبيعتنا الجديدة المخلوقة فيه مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها" وقمة الأعمال الصالحة هي عمل الصلاة موسى لما دام في الصلاة وكان في حضرة القدير أربعين يوما، استضاء وجهه وصار منيرًا حتى لم يستطيع بنو إسرائيل النظر إلى وجهه، هذا هو مجد الصلاة الذي نضح على الجسد البالي، فكم تكون أرواحنا إذا اتحدت بالمسيح و دامت في الوجود في الله، كم يكون مجدها؟. قال الرب للتلاميذ صلوا أنتم هكذا : "أبانا الذي في السموات" هكذا لا تعني الكلام فقط بل حالة الصلاة، ودالة البنين في صلاة أبانا بذات الدالة التي نلناها في المسيح نتقدم إلى الآب متى نجد مكانًا منفردًا ومتى نتعلم أن نغلق بابنا خلفنا ولا يتسرب العالم إلى مخدع الصلاة ويفسدها ومتى نكتفي وجودنا في المسيح عن كل ما دونه ومتى ندوم في الصلاة بلا حسابات وبلا قلق وبلا ملل؟ يارب علمنا أن نُصلي وعملنا أن نسهر في الصلاة أنت قابل الصلاة ومجيب الصلاة. المتنيح القمص لوقا سيداروس عن كتاب تأملات في أناجيل عشية الآحاد
المزيد
03 أغسطس 2024

إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر أبيب ( لو ۷ : ۱ - ۱۰)

" ولما أكمل أقواله كُلَّها فِي مَسَامِعِ الشَّعَبِ دَخَلَ كفرناحوم وكانَ عَبد لقائدِ مِئَةٍ مَرِيضًا مُشْرِفًا عَلَى الموت وكانَ عَزِيزًا عِندَهُ فَلَمّا سَمِعَ عن يسوع أرسَلَ إليه شيوخ اليهود يسألُهُ أنْ يأتي ويشفي عَبْدَهُ فَلَمَّا جاءوا إلى يسوع طلبوا إليه باجتهاد قائلين إِنَّهُ مُسْتَحِقُّ أَنْ يُفعَلَ لهُ هذا، لأنَّهُ يُحِبُّ أمَّتَنا، وهو بَنَى لنا المجمع فَذَهَبَ يَسوعُ معهم وإذ كانَ غَيْرَ بَعيد عن البيت، أرسل إليه قائد المِئَةِ أصدقاء يقول له يا سيد، لا تتعب لأني لستُ مُستَحِقًا أن تدخل تحت سقفي لذلك لم أحسب نفسي أهلاً أن آتي إليك لكن قُلْ كَلِمَةً فيبرأ غُلامي لأني أنا أيضًا إنسانٌ مُرَتَّبُ تحت سلطان، لي جند تحت يدي وأقولُ لهذا اذهَبْ فَيَذهَبُ، ولآخر ائتِ فيأتي، ولعبدي افعل هذا ! فَيَفْعَلُ" ولَمَّا سَمِعَ يَسوعُ هذا تَعَجَّبَ منه، والتفت إلى الجمع الذي يتبعه وقال أقولُ لكُم لم أجد ولا في إسرائيل إيمانا بمقدار هذا ورَجَعَ المرسلونَ إِلَى البَيتِ، فَوَجَدوا العبد المريض قد صح ". إنجيل القداس : إقامة لعازر . إنجيل العشية شفاء عبد قائد المئة. إيمان قائد المئة وهو رجل وثني شيء يتعجب منه بالحقيقة "لما سمع يسوع هذا تعجب منه والتفت إلى الجمع الذي يتبعه وقال: أقول لكم لم أجد ولا في إسرائيل إيمانًا بمقدار هذا" فالرجل متضع وجد نفسه غير مستحق أن يأتي إلى السيد واكتفى بشفاعة شيوخ اليهود الذين أرسلهم إلى الرب ليتكلموا عنه إذ حسبهم أقرب إلى الرب وأكثر دالة لديه. وإذ كان الرب قد قبل شفاعة شيوخ اليهود وذهب معهم في طريقه إلى بيت قائد المئة، عاد الرجل وراجع نفسه كيف أن المسيح سيدخل بيته فوجد نفسه غير مستحق لهذه الكرامة فأرسل أصدقاء يقول للرب بفمهم: "يا سيد لا تتعب لأني لست مستحقا أن تدخل تحت سقفي" وعزز الرجل كلامه بإيمانه في سلطان المسيح بمجرد أن يرسل كلمته القادرة الفاعلة، إذ كان الرجل يعرف من حياته الخاصة كقائد مئة ما معنى السلطان والاقتدار على مستوى الأمور العالمية فكم وكم يكون سلطان المسيح الروحي والخيط الواصل بين إنجيل العشية وإنجيل القداس هو عامل الإيمان المقتدر الذي به ننال من المسيح ليس شفاء أمراض فقط بل قيامة من الأموات "ألم أقل لك إن آمنت ترين مجد الله" "سيقوم أخوك" "أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا والتقابل بين الفصلين بديع. فالأختان أرسلتا للرب وهو بعيد بحسب مقياس البشر بالرؤية السطحية مع أنه حاضر معهما وليس بعيدًا أرسلتا تقولان يا سيد هوذا الذي تحبه مريض، فالمريض محبوب لدى الرب ولدى الأختين وهكذا فعل قائد المئة أرسل شيوخ اليهود ليُعلموا يسوع عن عبد قائد المئة وهو أيضًا محبوب وعزيز عند سيده كقول الإنجيل ويسوع يجئ ملبيًا طلب الشفاعة والسؤال ويقول عن لعازر "أنا أذهب لأوقظه". وهكذا ذهب أيضًا مع شيوخ اليهود إلى بيت قائد المئة، فيسوع يسعى إلينا حيثما نكون إن في مرض أو حتى في قبر، هو يأتي إلينا محمولاً بشفاعة الذين يطلبون عنا ونحن في حال ضعفنا وعدم قدرتنا على الحركة وإن كانت شفاعة رؤساء اليهود وشيوخهم مقبولة لدى المسيح وبمقتضاها يقوم ويذهب ويشفي فكم تكون شفاعة القديسين أحبائه والشهداء أصفيائه والرسل والكارزين وعلى رأسهم العذراء الأم القديسة فهل يرد طلبتهم؟ وإذ كان يسوع غير بعيد عن المنزل أرسل إليه أصدقاء " فلما سمعت مرثا أن يسوع آت، لاقته ولم يكن يسوع قد جاء إلى القرية بل كان في المكان الذي لاقته فيه مرثا"النفوس الممتلئة إيمانًا يحركها الإيمان لملاقاة يسوع لا تلبث في مكانها متكاملة فإن خبر مجيء يسوع إليها يحرك فيها حسيات روحية قوية تدفعها لطلب يسوع بأكثر اشتياق. فمرثا لاقته،ودعت أختها سرًا قائلة المعلم حضر فتلك لما سمعت طارت من الفرح الذي فاق حزنها على موت أخيها وقامت مسرعة ولاقته في ذات المكان بقدر ما يسعى يسوع نحوي بقدر ما تشتاق نفسي لملاقاة يسوع هناك أبث لديه ضيقي وهناك أسجد عند قدميه. كلمة الحياة : قال قائد المئة : "قل كلمة " فقالها ففعلت فعلها العجيب وقال الرب كلمة للعازر : "لعازر هلم خارجا" ففعلت الكلمة فعلها العجيب هذا هو إيماننا بكلمة المسيح مدح المسيح إيمان قائد المئة بينما طلب من مرثا إقرارًا بإيمانها قائلاً: "أتؤمنين بهذا" فاعترفت بإيمانها بكل صدق ومن عمق قلبها قائلة: "نعم يا سيد أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن إله الآتي إلى العالم" والفاحص القلوب وعارف الخفايا عرف صدق إيمانها فيه ولكن في وقت التجربة يمتحن الإيمان فوّد المسيح لو يذكرها بالتمسك بمن آمنت ويبرهن لها صدق مواعيده إن هي تقوت في الإيمان "إن آمنت ترین مجد الله" ما أمجد إيماننا بالمسيح وما أحوجنا أن نتقوى في الإيمان ونثبت فيه ونتمسك به كمرساة ثابتة للنفس لئلا نهتز في أوقات المحن والتجارب يارب اسند إيماننا كلمة المسيح هى الإنجيل، انظر كم هي حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمخاخ ومميزة أفكار القلب ونياته" والمسيح يقولها بسلطانه الإلهي ويرسلها تُحيي وتقيم الموتى وتشفي كل مرض وكل سقم هلم يا إخوة نأخذ كلمة المسيح بإيمان، آية واحدة تقدر أن تعمل عمل الله فينا ، ولكن لابد أن نأخذها بإيمان وثقة في الذي يقولها ويرسلها المرض فينا ليس مرض الجسد،والموت ليس موت الجسد أمراض الجسد وموت الجسد محدودة بحدود ومعروفة نهايتها، أما مرض الخطايا وموت الخطايا ونتن الخطايا فشيء كريه لا يطاق نحتاج أن يقول المسيح كلمته لنا فتتغلغل إلى أعماقنا بصدق وتطرد أمراضنا في الحال وتخرج موتانا من القبور لماذا ندوم في الأمراض ونبقى في القبور وكأن ليس لنا مسيح قويت علينا الخطايا كأمراض مستعصية وكأننا في يأس ليس شيء مستحيل على المسيح لا مرض ولا موت المسيح هو رب الحياة ورب القيامة وكاسر شوكة الموت. المتنيح القمص لوقا سيداروس عن كتاب تأملات في أناجيل عشية الآحاد
المزيد
27 يوليو 2024

إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر أبيب ( لو ١٤ : ٧ - ١٥ )

" وقال للمدعوين مثلاً، وهو يُلاحظ كيف اختاروا المتكاتِ الأولى قائلاً لهُمْ: مَتَى دُعيتَ مِنْ أَحَدٍ إِلَى عرس فلا تَتَّكِي فِي المُتَّكَ الأَوَّلِ، لَعَلَّ أَكْرَمَ مِنكَ يكون قد دعي منه. فيأتي الذي دعاك وإِيَّاه ويقول لك: أعط مكانًا لهذا. فحينئذ تبتَدِى بِحَجَلٍ تَأخُذُ المَوْضِعَ الأخير. بل متی دعيت فاذهَبْ واتَّكِي فِي المَوْضِعِ الأخير، حتى إذا جاء الذي دعاك يقول لك : يا صديق، ارتفع إلى فوق. حينئذ يكون لك مجد أمامَ المُتَّكِئِينَ معكَ. الأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ ومَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ. وقال أيضًا للذي دَعاهُ : " إذا صَنَعَتَ غَدَاءً أَو عَشَاءً فلا تدع أصدقاءك ولا إخوتك ولا أقرباءك ولا الجيران الأغنياء، لئلا يَدعوكَ هُم أيضًا، فتكون لك مكافاة. " بل إذا صنعت ضيافَةً فادع المساكين، الجدع، العُرج، العمي، فيكون لك الطوبى إذ ليس لهم حتى يُكافوك لأنَّكَ تُكافى في قيامَةِ الأبرار. فَلَمَّا سَمِعَ ذلكَ وَاحِدٌ مِنَ المُتَّكِئِينَ قَالَ لَهُ: طُوبَى لمَنْ يَأْكُلُ خُبزًا في ملكوت الله ". إنجيل القداس: معجزة إشباع الجموع. إنجيل العشية المتكأ الأخير طوبى لمن يأكل خبزا في ملكوت السموات". قال مثلاً وهو يلاحظ كيف اختاروا المتكات الأولى. الرب يلاحظ طرق البشر وعيناه تخترقان أستار الظلام فإن أدركت هذه الحقيقة يجب أن تسلك بخوف وحكمة واتضاع عارفًا أن الله ينظر ويلاحظ كان المتكئون يسرعون لكي يأخذوا مكان الصدارة والمتكات الأولى وعينا يسوع تلاحظهم... ليس كما يلاحظ الناس مظاهر الأعمال، ولكن كان يلاحظ حركة قلوبهم وفكرهم ونياتهم الداخلية، علة الكبرياء والأنا كانت هي الدافع والمحرك - وهي دائمًا كذلك - ولكن الرب لا يترك موقفًا إلا ويعلم لكي يخلص سامعيه بكلمة الحياة حينما يتبعون منهجه الإلهي كيف يخلص الإنسان من الكبرياء وتزكية الذات؟. بالمسيح - بالاتضاع - بالمتكأ الأخير ... وليس ثمة علاج آخر الذي يختار المتكأ الأول يزكي نفسه ويضع غيره منهج المسيح أن يضع الإنسان نفسه ويقدم غيره في الكرامة.وإن ركزنا بصرنا نحو إنجيل القداس حيث اتكأ الجميع ضيوفا على مائدة المسيح بشبه مائدة ذبيحة جسده الذي كسره خبزًا للحياة الأبدية ... نقول كيف نختار المتكات في هذا الملكوت حيث الملك جالس على الجبل الذي أسس عليه كنيسته ورسله الأطهار هم الموكلون بتجليس الناس. يا للخجل الذي ينالنا حينما نفكر في المتكات الأولى وأنه لا يوجد أكرم منا في كنيسة المسيح وملكوته!!. يا للخجل حينما يزكي الإنسان ذاته ويشتهي كرامة الكهنوت مثلاً !!. أين يذهب من ملاحظة المسيح له ومن عينيه التي تنظران إلى القلب !!. اتكئ في الموضع الأخير هناك تجد المسيح الذي أخلى ذاته وأخذ شكل العبد ووضع نفسه حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله وأعطاه اسما فوق كل اسم". اتكئ في الموضع الأخير ... إن كنت تشعر أنك خاطئ شعورًا حقيقيًا من القلب، فليس للخاطئ أن يتكئ في المتكات الأولى.كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع هكذا يقول الرب. وحتى عندما أذهب إلى المتكأ الأخير، أشعر في نفسي أنه فضل من الله مجرد وجودي بين المتكئين وأنا لا أستحق حتى المتكأ الأخير ، فأوجد شاكرًا فرحًا أنني حسبت أهلاً أن أوجد في مجمع القديسين الذي هو كنيسة الله ولو في المتكأ الأخير. الآباء القديسون ضربوا أروع الأمثلة في اختيار المتكأ الأخير ... لما اختار الرب البابا كيرلس السادس ليجلسه في المتكأ الأول ظل يبكي متمسكا بالمتكأ الأخير وكان يقول كنت أتمنى أن أموت مجهولاً. كانوا يأتون بالآباء المختارين من الله للبطريركية في التاريخ القديم وهم مربوطون بسلاسل حديد ويحضرونهم قسرًا وكانوا يهربون من كرامة المتكات الأولى ويتعللون بعلل حتى يفلتوا ... أحدهم قطع لسانه لكي يعفي نفسه!! شيء يفوق الوصف ولكن لأنه كان مختارًا من الله أمر أحد الأساقفة أن يفتحوا فمه ووضع الجزء المقطوع في مكانه وابرأه فخضع للآباء وسار معهم. مار إسحق يقول : من يطلب الكرامة تهرب منه ومن يهرب منها بمعرفة فإنها تتبعه وترشد إليه الكثيرين". فإن كان لا يليق أن نتصرف هكذا في متكات العالم،فلا نختار المتكات الأولى ثم يلحقنا الخزي إذ يطردوننا منها ويعطوها لآخرين ... فبالأولى يكون سلوك أولاد الله الروحيين في الكنيسة. يكون سلوك إنكار الذات والهروب من الكرامة هو أساس حياتهم ومبدأهم. متى صنعت وليمة": ادع المساكين إلى مائدتك ولا تتأفف من عاداتهم ولا من وسخ ملابسهم ... فهم جسدك، أعضاء في جسد المسيح، بل أخوته، وهم إذ ليس لهم ما يكافئونك به سيدفع المسيح عنهم، ويكافئك مكافأة سماوية لا تخطر على بال البشر.طوباك يا أنبا أبرام أسقف الفيوم لأنك عشت كلمات سيدك في حياتك كلها فحسبت نفسك أحد هؤلاء المساكين وسعدت بصحبتهم ولم تتأفف منهم بل احتضنتهم برفق المسيح أكلاً معهم فهم كانوا مدعوين إلى مائدتك كل يوم ترى أي مكافأة عظيمة نلتها في السموات !؟. الأم تريزا الراهبة المعاصرة التي عاشت في الهند تعتني بالمرضى بالأمراض الخطيرة والمعدمين والمعوقين وكانت تحنو عليهم كأم ارتفع رصيدها في المجد من الله والناس ومن المسيحيين وغير المسيحيين والبوذيين والذين ليس لهم دين. ما أجمل وصايا المسيح حين تخرج إلى حيز التنفيذ في حياة الذين يؤمنون ويصدقون قول الرب ويتبعونه بكل قلوبهم. طوبى لمن يأكل خبزا في ملكوت الله: يبدو أن كلام المسيح وإن كان بحسب الظاهر يدعو إلى اتباع آداب الأفراح والمآدب، فالمدعوين يجب ألا يختاروا لأنفسهم المتكات الأولى. والذين يصنعون الولائم يجب أن يهتموا بالمساكين وهكذا فهم الذين كانوا يسمعون الرب. ولكن واحدًا وحيدًا فيما بينهم صرخ بهذا القول: "طوبي لمن يأكل خبزًا في ملكوت الله". لقد اتجه فكره نحو المائدة السمائية وعشاء عرس الخروف وخبز الحياة الأبدية.... فطوب أصحاب النصيب الفاخر الذين سيحسبون أهلاً لهذه الكرامة السماوية. المتنيح القمص لوقا سيداروس عن كتاب تأملات في أناجيل عشية الآحاد
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل