المتنيح القمص لوقا سيدراوس

Large image

ولد القمص لوقا سيدراوس فى يوم 3مايو عام 1940م باسم كمال خلف سيدراوس وحصل على بكالوريوس العلوم عام 1964م وتم رسامته كاهنا باسم القس لوقا سيدراوس فى يوم الجمعة الموافق 17 مارس 1967م بيد قداسة البابا المتنيح كيرلس السادس في دير الشهيد مارمينا العجايبي بكنيسة الدير بمريوط كاهنا على كنيسة مارجرجس القبطية الأرثوذكسية باسبورتنج بالإسكندرية. كان من ضمن مَنْ تعرَّضوا للاعتقال من خلال قرارات سيادة الرئيس محمد أنور السادات الخاطئة (قرارات التحفُّظ في سبتمبر 1981 م.)، وتم ذلك في سجن المرج. تم ترقيته قمصًا على يد قداسة البابا المتنيح شنودة الثالث عام 1989 م. خدم بعدها في الخارج بالولايات المتحدة الأمريكية، مثل: كنيسة مارمرقس القبطية الأرثوذكسية في لوس أنجلوس بأمريكا.والان هو كاهنا على كنيسة القديسين مرقوريوس ابى سيفين والأنبا ابرام - توررانس كاليفورنيا هو مؤلف وله بعض الكتب المنشورة.

المقالات (85)

22 يونيو 2024

إنجيل عشية أحد عيد العنصرة ( يو ٧ : ٣٧ - ٤٤ )

" وفي اليوم الأخير العظيم من العيدِ وقَفَ يَسوعُ ونادى قائلاً إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فليُقبلُ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ مَنْ آمن بي، كما قالَ الكِتابُ، تجري مِنْ بَطْنِهِ أَنهارُ مَاءٍ حَيٍّ قال هذا عن الروح الذي كان المؤمِنونَ بِهِ مُؤْمِعِينَ أنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرِّوحَ القُدُس لم يكن قد أُعطي بعد، لأنَّ يسوع لم يكن قد مُجدَ بَعد فكثيرونَ مِنَ الجَمعِ لما سمعوا هذا الكلام قالوا هذا بالحقيقة هو النَّبيُّ آخرون قالوا هذا هو المسيح. وآخرون قالوا أَلَعَلَّ المَسيحَ مِنَ الجليل يأتي ؟ " أَلَمْ يَقُلِ الكِتابُ إِنَّهُ مِنْ نَسلِ داوُدَ، وَمِنْ بَيْتِ لَحم ، القرية التي كان داود فيها، يأتي المسيح؟ " فَحَدَثَ انشقاق في الجَمعِ السَبَبِهِ وَكَانَ قَوْمُ منهم يُريدونَ أنْ يُمسكوه، ولكن لم يُلقِ أَحَدٌ عَلَيهِ الأيادي " الروح القدس: تدبير الكنيسة المقدسة يتعجب منه بالحقيقة، فقد جمعت الكنيسة في هذه المناسبة قدرًا من القراءات يصير كينبوع تعزية غزير في هذه المناسبة الجديرة بكل الانتباه فحلول الروح القدس هو كمال قصد المسيح في تجسده وحياته على الأرض وموته المُحيي على الصليب وقيامته المقدسة فقد أكمل المسيح كل هذا من أجل هذا القصد الإلهي الفائق أن تقبل البشرية روح الله حالاً عليها ليسكن فيها وهذا هو منتهى النعم التي تحصل عليها الإنسان منذ بدء الخليقة ألستم تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله ساكن فيكم" هذا هو بيت القصيد والغاية العظمى التي تتجه إليها كل أعمال المسيح له المجد وكل تعاليمه المحيية. إنجيل العشية : ( يو ٧ : ٣٧ - ٤٤ ) . في اليوم الأخير من العيد نادى يسوع وقال "إن عطش أحد فيقبل إلي ويشرب ومن آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي قال هذا عن الروح القدس". إنجيل باكر : هو إنجيل الساعة الثالثة (من الأجبية) الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي". إنجيل القداس : متى جاء المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي". إنجيل صلاة السجدة : (يو ١٧ : ١ - ٢٦ ، لو ٢٤: ٣٦ - ٥٣ ، يو ١:٤ - ٢٤) وآخرها إنجيل السامرية "الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا"وكلام المسيح مع المرأة السامرية عن الماء الحي إلى جانب نبوات سفر التثنية ورسائل البولس من (۱) کو ۱۲، ۱۳)، کم هائل من القراءات يشحن الكنيسة بغنى بنفحات الروح القدس - فإن كان كل شيء يتقدس بكلمة الله والصلاة والسجود المتواتر كعلامة خضوع للروح وقبول الروح وعبادة بالروح والحق أما من جهة الروح القدس الذي قبلناه في أشخاص الرسل القديسين الذين هم كنيسة المسيح الحية ممثلة في لبناتها الأولى، الذين اعتبروا أعمدة وأساسات الكنيسة التي بنيت وتبنى عليها كل النفوس المفتداة العتيدة أن ترث الخلاص. هذا الروح الناري كما رأته العيون الشاخصة، تعبيرا عن طبيعته كروح الله - لأن إلهنا نار آكلة كما هو مكتوب - وهذه هي النار التي قال المسيح عنها "جئت لألقي نارًا على الأرض ولست أريد إلا أن تضطرم"وهي بالطبع ليست نارًا مادية وفعل الروح كفعل النار من جهة الإحراق والتطهير لكل ما هو من شأنه أن يحرق بالنار - كالقش والعشب وهذه النار عينها ستمتحن عمل كل واحد الذي بناه فإن احترق فسيخسر أما هو فسيخلص ولكن كما بنار ولكن إن كان البناء ذهبًا، فضة، حجارة كريمة فالنار ستظهره أكثر لمعانا وشروقًا وأكثر نقاوة وقداسة فإن قبلنا هذا الروح الناري فأين فعله الواضح فينا؟ أين المحبة القوية كالموت ؟ التي مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ لهيبها محبة الإخوة من قلب طاهر بشدة وهذه هي المحبة التي أحبنا المسيح بها أحبنا إلى المنتهى هذا هو روح الحب عند المسيح أين نحن من هذا الحب الملتهب نحو الله والناس؟ فإن امتلأ القلب بنار الروح فكيف يُصلي؟ بأي أشواق نحو الله ودموع وحرارة القلب وسكيب النفس؟. أما فتور الصلاة وبرودة القلب فهى دليل ما بعده دليل على انطفاء الروح، رغم أننا لنا وصية "لا تطفئوا الروح"وفتور المحبة بين الإخوة حتى حصلنا في القساوة والخصام والنقد والوقيعة واحتقار الآخرين وأغلقنا على أنفسنا في الأنانية ومحبة الذات ونسينا أو تناسينا أن محبة القريب هي وصية معادلة للوصية العظمى واستبدلنا المحبة القلبية الطاهرة ومشاعر الحب الروحي الحار نحو خلاص إخوتنا استبدلناها بمجاملات بشرية ميتة عديمة النفع أوقعتنا في الغيرة والمقارنات ومحبة المديح كل هذا أبعدنا بعيدًا عن اختبار روح الحب الحقيقي كما يريده المسيح لنا وكما عاش به الآباء بمحبة روحية شديدة أعظم بما لا يقاس من المحبة الجسدية التي تربط بين أقارب الجسد أو أصحاب المصالح من وراء الجسد وكما تعلو الروح على الجسد ، تعلو محبة الروح قدرًا هائلاً عن محبة الأجساد وإن كنا قبلنا الروح على هيئة ألسنة منظورة نطق بها آباؤنا الرسل الأطهار بحسب ما أعطاهم الروح، فلماذا عجز لساننا اليوم عن الشهادة للمسيح وباتت كلمات الحق عزيزة في هذه الأيام ؟ إن امتلأ القلب بالروح القدس حقا فعمل الروح الأول هو الشهادة للمسيح "يشهد لي" ،وتشهدون أنتم لي" بالروح الذي فينا فاض قلبي بكلام صالح ،والكلام الصالح من فيض الروح هو أحلى شهادة للمسيح مُخلّصنا أين لسان الروح الذي لم يستطع رؤساء الكهنة أن يقاوموه في اسطفانوس شهيد المسيحية الأول، أين لسان الروح الناطق في الأنبياء الذي يتكلم بإعلان ويتكلم بأسرار الله؟ "إن كان يتكلم أحد فكأقوال الله"أين لسان الروح الذي يمدح ويسند الضعفاء ويتكلم كلام مملح بملح يعطي نعمة للسامع ؟. أين كلام الروح الذي يفيض حبًا وعذوبة للقريب ويبارك كل أحد حتى الذين يلعنون؟ أين لسان الروح الذي يشفع فينا بأنات وتنهدات لا ينطق بها، فيلهب مشاعر الحب للصليب ويزكي حياة الصلاة؟ أين لسان الروح الذي مثل القيثارة يصعد التسبيح ويردد المزامير ولا يكف عن الشكر والحمد للرب لأنه صالح وإلى الأبد رحمته ؟ أين لسان الروح الذي يعلم كلمة الحق لأنه روح الحق بدون مواربة ولا مجاملة ولا يعمل حسابًا لوجوه الناس؟. الروح القدس والكنيسة: لقد ولدت أمة دفعة واحدة كقول الرب بفم إشعياء (٦٦)، ومن ساعتها والروح يخصب الكنيسة فتلد من رحمها الذي لا يشيخ بنين من الماء والروح ثم يتعهدها كل يوم يجملها ويزينها بالزينة المقدسة والفضائل المختلفة لكي تليق بعريسها القدوس فيقول الروح بفم حزقيال النبي "فحممتك بالماء ومسحتك بالزيت والبستك مُطرّزة، ونعلتك بالتخس وكسوتك بزا، وحليتك بالحلي، فوضعت أسورة في يديك وطوقًا في عنقك ووضعت خزامة في أنفك وجملت جدا جدا، فصلحت لمملكة وخرج لك اسم في الأمم لجمالك، لأنه كان كاملاً ببهائي الذي جعلته عليك" (حز ١٦ : ٩ - ١٤) فبحسب عطايا الروح ومواهبه يجمل الكنيسة ويكمل القديسين ولجميع أعضاء الجسد يعطي زينة حقيقية لائقة بالمسيح كما قيل للكنيسة أيضًا "تلبسين كلهم كحلي"، فهى تتهيأ للمسيح بزينة القديسين سواء في القداسة أو الاتضاع أو المحبة أو الرجاء أو الإيمان المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
15 يونيو 2024

إنجيل عشية الأحد السادس من الخمسين ( مر ۱۲ : ۲۸ - ۳۷ )

"فجاء واحِدٌ مِنَ الكتبةِ وسَمِعَهُمْ يتحاورونَ، فَلَمَّا رأى أنَّهُ أَجابَهُمْ حَسَنًا ، سألهُ أَيَّةُ وصيَّةٍ هي أوَّلُ الكل؟ " فأجابَهُ يَسوعُ إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الوَصايا هي اسْمَعْ يا إسرائيل الرَّبُّ إِلَهنا رَبُّ واحد وتُحِبُّ الرَّبِّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدرَتِكَ هذه هي الوَصيَّةُ الأولى وثانيَةٌ مِثْلُها هي تُحِبُّ قريبك كنفسك ليس وصيَّةٌ أخرى أعظم من هاتين فقال له الكاتِبُ جَيِّدًا يا مُعَلِّمُ بالحَقِّ قلت، لأنَّهُ الله واحد وليس آخَرُ سِواهُ وَمَحَبَّتُهُ مِنْ كُلِّ القَلبِ، ومِنْ كُلِّ الفَهم، ومِنْ كُلِّ النَّفْسِ، وَمِنْ كُلَّ القُدْرَةِ ، ومَحَبَّةُ القريب كالنَّفس، هي أفضَلُ مِنْ جميع المحرقات والذبائح فَلَمَّا رَآهُ يَسوعُ أَنَّهُ أجاب بعقل، قال له لست بعيدا عن ملكوت الله ولم يَجسُرُ أَحَدٌ بَعدَ ذلك أَنْ يَسأله !ثم أجاب يسوع وقال وهو يُعَلِّم في الهيكل كيف يقولُ الكتبةُ إِنَّ المَسيحَ ابن داود؟ لأنَّ دَاوُدَ نَفْسَهُ قَالَ بالرّوحِ القُدُسِ قالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجلس عن يميني، حتَّى أَضَعَ أعداءَكَ مَوْطِئًا لَقَدَمَيكَ فَدَاوُدُ نَفْسُهُ يَدعوهُ رَبًّا فمن أين هو ابنه؟ وكان الجمع الكَثِيرُ يَسْمَعُهُ بسُرور" الموضوع الرئيسي الذي يشغل فكر الكنيسة هو الصعود إلى السماء والجلوس عن يمين الآب والمسيح له المجد في إنجيل العشية يقول وهو يعلم الجموع كيف يقول الكتبة إن المسيح ابن داود؟ والمسيح هو رب داود، إن داود نفسه قال في المزمور قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعدائك تحت موطئ قدميك" فداود نفسه يدعوه ربا ،وقول داود هذا غير محسوب إنه قول إنسان بل هو قول الروح القدس نفسه لأن كل الكتاب هو موحى به من الله ،ولم يتكلم أحد من نفسه لأنه لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس فالروح القدس هو في الحقيقة الشاهد للمسيح أنه رب بفم داود كقول المسيح له المجد عن الروح القدس "هو يشهدلي" فمن جهة ربوبية المسيا ولاهوته فقد أبرزها المسيح من هذا القول الإلهي قال الرب لربي" فداود ليس له سوى رب واحد وإله واحد ، ولكن هذه آية التجسد إن الكلمة صار جسدًا، فتجسد متأنسًا ، صائرًا في شبه الناس، مخليا ذاته آخذا شكل العبد، ثم إذ صلب عنا ومات قام ناقضا أوجاع الموت فكان يتحتم أن يصعد إلى السماوات حاملاً جسم بشريتنا فيه، ليجلسنا عن يمين الآب،وقول الآب للابن اجلس عن يميني هو محسوب أنه خطاب الآب لكل من اتحد بالابن ولكل من آمن به،لأن كل الذين قبلوه أعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المعترفين باسمه،وإذ هم فيه نالوا هذا النصيب الفائق أي الجلوس عن يمين الآب،أي صاروا في حضن الأب كبنين بحسب النعمة،وفي الصعود نلنا في المسيح نعمة النصرة التي ما بعدها نصرة "حتى أضع أعداءك تحت موطئ قدميك فأعداء المسيح مخضعين تحت موطئ قدمي إله السلام يخضع الشيطان تحت أقدامهم سريعًا" "رأيت الشيطان ساقطا من السماء مثل البرق" داس الموت بموته" أخضع الرؤساء والسلاطين، وأشهرهم جهارًا ظافرا بهم". "هأنذا أعطيكم السلطان لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو" نسل المرأة يسحق رأس الحية" حتى الشياطين تخضع لنا باسمك" وفي الواقع هذا هو النصيب العملي الذي يتمتع به أولاد الله في هذه الفترة من الخمسين وهى الإحساس بالنصرة والغلبة على كل قوة المضاد وهذه تعطي النفس ثقة في حربها ضد قوات الظلمة فتتهلل بالذي يقودنا في موكب نصرته كل حين نعود إلى قول السيد الرب، كيف يقول الكتبة أن المسيح هو ابن داود؟. فهذا القول هو محور الكتاب المقدس كله، فمن نسل داود يظهر المخلص، ويرد الفجور عن إسرائيل، فمملكة أبينا داود كانت شهوة الأجيال وخلاصة تعليم الكتبة والفريسيين ومشتهى المنتظرين فداءً في إسرائيل فإن كان فكر الكتبة قد ارتبط بملكوت المسيح الأرضي ومولد المسيح من الجسد من داود وأماني رجوع مملكة داود الذي غلب جليات كأسطورة تنتشي لها النفس، فقد حول المسيح فكرهم إلى ربوبية المسيح ولملكوته السماوي وجلوسه عن يمين الآب وفي الواقع جاء تعليم المسيح هذا ردا على المحاورات التي كانوا يحاورون بها ولاسيما جماعة الصدوقيون الذين لا يؤمنون بالقيامة، فسألوا المسيح لعلهم ينالوا منه، فلما أفحمهم بالرد من الكتب وأن الله إله أحياء وليس إله أموات، وقال لهم تضلون كثيرًا إذ لا تعرفون الكتب، هنا جاء واحد من الكتبة فلما رأى جواب المسيح أعجبه ليس محبة في المسيح ولكن تشفيًا في جماعة الصدوقيين. فسأل الكاتب السيد المسيح أية وصية هي أول الكل، وهذا أجابه الرب أيضًا من الكتب عن وصية المحبة، ثم قال له لست بعيدًا عن ملكوت الله، ولكن للأسف رغم أنه ليس بعيدًا عن الملكوت لكنه لم يدخله فملكوت الله يدخلون إليه ادخل إلى فرح سيدك ويدخلهم إليهم "ها ملكوت الله داخلكم" ثم بعد ذلك علم السيد الرب تعليمه من جهة قول الكتبة عن أن المسيح ابن داود، فأكمله بالمزمور أنه ليس ابن داود فقط بل رب داود أيضًا، وأن الأمر لا يختص بملكوت أرضي بشبه مملكة داود بل ملكوت سماوي نجلس فيه عن يمين الآب، ونترجى هذا الملكوت في كل يوم وفي كل ساعة حين نصلي قائلين" ليأت ملكوتك". المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
08 يونيو 2024

إنجيل عشية الأحد الخامس من الخمسين( يو ١٤ : ٢١ - ٢٥ )

" الذي عِندَهُ وصاياي ويحفظها فهو الذي يُحِبُّني، والذي يُحِبُّني يُحِبُّهُ أبي، وأنا أحِبُّهُ، وأَظْهِرُ لَهُ ذاتي قال له يهوذا ليس الإسخريوطي يا سيد، ماذا حدث حتى إِنَّكَ مُرْمِعٌ أَنْ تُظهِرَ ذاتك لنا وليس للعالم؟ أجابَ يَسوعُ وقَالَ لَهُ إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحفَظُ كلامي، ويُحِبُّهُ أبي، وإليه نأتي ، وعِندَهُ نَصْنَعُ مَنزِلاً الذي لا يُحِبُّني لا يحفظ كلامي والكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للآب الذي أرسلني " بهذا كلَّمتُكُمْ وأنا عندكُمْ ". حفظ الوصية : هذا هو الأحد السابق لصعود السيد المسيح له المجد إلى السماء وكأن الرؤيا تزداد وضوحًا وذهن التلاميذ الأطهار يزداد انفتاحًا، والحديث عن الآب لم يعد ألغازا، ولكن بحسب عطية المسيح وبسبب قيامته إذ قد صالحنا مع الآب، أصبح الحديث عن الآب علانية لقد جازت طبيعتنا أتون التغيير واقترب روح التطهير وروح الإحراق لتقبله البشرية المقامة في المسيح، وينسكب عليها روح الآب حاملاً كل المراحم الأبوية وكل التعطفات الإلهية ليحتوي البشرية الممجدة في المسيح ويدخلها إلى حضن الأب الحنون كان المسيح مزمعًا أن يصعد إلى السماء، ويجلسنا به وفيه عن يمين أبيه الصالح. فماذا عساه أن يخبر التلاميذ عن الآب الذي يحبهم؟ المدخل للحب هو الطاعة !! الذي عنده وصاياي ويحفظها هو الذي يحبني"المسيح اقتنى لنا حب الآب بطاعته المطلقة لما أخذ صورة العبد ووضع نفسه وأطاع. هذا هو النموذج الكامل لاجتذاب رضى الآب السماوي ومسرته، هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" مكتوب في درج الكتاب عن المسيح "هأنذا آتي لأصنع مسرتك". فهو أحضر أبناء الله الكثيرين والذين كانوا متفرقين، أحضرهم فيه وقدمهم للآب "هأنذا والأولاد اللذين أعطانيهم الرب" فإن سألت عن الطريق فهو المسيح وإن سألت عن المدخل فهو حفظ الوصية هذا هو برهان حبنا للمسيح أن نحفظ كلامه فالذي يحني عنقه لنير المسيح ويُخضع إرادته له يبرهن على أنه فعلاً يحب المسيح كسر وصايا المسيح هو ضعف في المحبة أو قل هو انحراف المحبة، فإن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب قلب الإنسان إذن هو الركيزة التي ترتكز عليها كل الحياة، فإن انشغل القلب بحب ذاك الذي أحبنا فإن برهان حبنا له هو حفظ وصاياه وتنفيذ كلامه كل ما عمله المسيح في تجسده كان يمجد الآب به هذا هو واجب البنوة الحقيقية وقد تفاضلت مسرة الآب غير المحدودة وشهادته لكمال ابنه بآيات وأعمال ومجد مساو مجدت وأمجد أيضًا فإن كنا اتحدنا بالمسيح بشبه موته وأقامنا معه وأنعم علينا بنعمة البنوة، فإنه علينا تقع مسئولية وواجب نحو الآب أن نحيا لمجده "أنا مجدت اسمك على الأرض"، "أنا أظهرت اسمك للناس"، هذه هي شهادة البنين حب الآب المنسكب علينا في المسيح شيء مهول لا حدود له ولا إدراك لكماله ومن يقدر أن يطيق، إنه نار ملتهبة تشعل القلب فيسعى الإنسان لتمجيد الآب حتى البذل وحتى الموت بل وما بعد الموت لقد اشتهى الشهداء أن يمجدوه بسفك دمهم كعلامة حب للذي أحبهم واشتهى النساك أن يمجدوه بتكريس الحياة وتقديس كل لحظة لمجده وأحرقوا أجسادهم في مجامر الحب الإلهي فامتلأ العالم من رائحة بخور حياتهم واشتهى الأبرار في كل جيل أن يمجدوه بأعمالهم ليرى الناس أعمالهم الحسنة فيمجدوا أباهم الذي في السموات فتناهوا في كل مجالات الفضيلة من بذل وعطاء وحب واتضاع وإنكار للذات وتقديس النفس والجسد، وإكرام الآخرين وحب العطاء رسالتنا إذن تنحصر في تمجيد الآب الذي أحبنا وأرسل ابنه كفارة لأجلنا، وقبل ذبيحته عن الخطاة وأرسل لنا روحه ليدخلنا إلى نعمة البنوة لنحيا في هذه الحظوة إلى أبد الآبد الصعود عمل إعجاز فائق على طبيعتنا البشرية ولكن المسيح بصعوده بجسدنا أدخل هذا الفعل الجديد إلى طبيعتنا فأصعدنا معه وفيه، بل نستطيع أن نقول إن كان يستحيل على إنساننا العتيق الطبيعي أن يرتفع أو يصعد إلى فوق إذ هو مرتبط بالجذب الأرضي الترابي، فإن إنساننا الجديد - الخليقة الجديدة في المسيح - مقام من الموت وصاعد إلى السماء في صميم خلقته فنحن مخلوقون في المسيح يسوع والمسيح قائم صاعد إلى السماء فالقيامة هي صميم طبيعتنا الجديدة والصعود منهج الحياة الجديدة والجلوس عن يمين الأب هو مركز طبيعتنا الجديدة ومجدها فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما هو فوق حيث المسيح جالس وبرهان ذلك هو انشغال الإنسان بما فوق، وهذيذه في السمويات وشهوة قلبه وكنزه هناك اهتموا بما فوق لا بما على الأرض" لقد نقل المسيح بصعوده مركز ثقل الإنسان من الأرض إلى السماء لما كنا في الجسد كان اهتمام الجسد هو المركز الذي ندور حوله كل الأيام ولا نستطيع أن نفلت من انجذابنا إلى كل ما هو ترابي مادي زائل ولما أصعدنا المسيح إلى السموات نقل سيرتنا إلى السماء لأن سيرتنا نحن في السماوات"وصرنا بحسب الطبيعة الجديدة ندور في فلك السماوات حول مركزنا العالي في الروح، هناك رجاؤنا وفرحنا وشهوة قلبنا ونعيمنا الدائم وهذا ما يعبر عنه بالحياة الأبدية في المسيح. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
25 مايو 2024

إنجيل عشية الأحد الثالث من الخمسين( یو ۸ : ۱۲ - ۲۰ )

" ثم كلَّمَهُمْ يَسوعُ أيضًا قائلاً: أنـا هـو نــور العـالم.مَنْ يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة فقال له الفَرِّيسيّون: أنت تشهَدُ لِنَفْسِكَ. شَهَادَتكَ لیست حَقًّا. أجابَ يَسوعُ وقالَ لَهُمْ: وَإِنْ كُنتُ أَشْهَدُ لنفسي فشَهادَتي حَقٌّ، لأني أعلَمُ مِنْ أين أتيتُ وإلى أين أذهَبُ وأما أنتُمْ فلا تعلمون من أين آتي ولا إلى أين أذهب أنتُمْ حَسَبَ الجَسَدِ تدينون، أما أنا فلست أدينُ أَحَدًا " وإن كُنتُ أنا أدين فدينونتي حَقٌّ، لأني لست وحدي، بل أنا والآب الذي أرسلني " وأيضًا في ناموسِكُمْ مكتوبٌ أَنَّ شَهَادَةَ رَجُلَينِ حَقٌّ: أنـا هـو الشَّاهِدُ لنفسي، ويَشْهَدُ لي الآبُ الذي أرسلني. فقالوا له:أين هو أبوك؟ أجاب يسوع: لستم تعرفونني أنا ولا أبي لو عرفتُموني لَعَرَفْتُمْ أبي أيضًا هذا الكلام قاله يسوع في الخزانة وهو يُعَلِّمُ في الهيكل ولم يُمسكهُ أحَدٌ، لأنَّ سَاعَتَهُ لم تكن قد جاءَتْ بعد ". ماء الحياة : الكنيسة تقدم لنا المسيح القائم من الأموات إنه هو الماء الحي وماء الحياة وذلك بمراجعة حديث المسيح له المجد مع المرأة السامرية بحسب ما دونه القديس يوحنا الإنجيلي في الأصحاح الرابع من بشارته وهو إنجيل قداس الأحد الثالث من الخمسين المقدسة ففي ضوء القيامة يُفهم حديث المسيح مع السامرية بجلاء ووضوح وعمق جديد فالقيامة نور يغشي القلب والذهن وينير الأعماق الداخلية لمعرفة سر الله في وجه يسوع المسيح الذي أضاء علينا بالقيامة وأنار لنا الحياة والخلود. الماء الحي المختص بحياة أرواحنا هو بالضبط مثل الماء المادي لحياة الجسد، فهو إذن ينبوع الحياة، ومصدر الحياة وواهب الحياة وبدونه لا تقوم حياة وإذا تكلم المسيح عن ذاته أنه ماء الحياة فهذا يجب أن ندركه أنه لكي نأخذه ونشربه ونرتوي به ونعطش إليه ونحيا به لا يقدم المسيح نفسه ماءً حيًا لكي نتأمل فيه أو ندركه بالعقل أو نفحص جمال ينبوعه والصفاء المطلق الذي له بل لكي ننال منه وبه حياة المسيح فينا.وفي إنجيل العشية يبدو بوضوح كيف أنصد الكتبة والفريسيون ولم ينالوا من المسيح شيئا بسبب مقاومتهم وغباوة أفكارهم وعدم معرفتهم للمسيح إذ قد عثروا فيه تأمل قول الرب للفريسيين: "لو كنتم عرفتموني لعرفتم أبي أيضًا" فالمسيح هو الذي عرفنا بالآب ووصلنا إليه في شخصه وهذا يوازي قول الرب للسامرية : لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذي يكلمك"إذن قبول المسيح بالقلب والإيمان وانفتاح الوعي الروحي لمعرفة المسيح يصير بمثابة فتح الفم لشرب الماء وقبول عمله المحيي معرفة المسيح تختلف جذريًا عن المعرفة عن المسيح فكثيرون يعرفون معلومات عن المسيح،وكثيرون يدرسون بتفاصيل حياة المسيح على الأرض، وكثيرون يأخذون درجات علمية في دراسة الإنجيل وكل ما يختص بالمسيح منذ ولادته في بيت لحم إلى صنع الآيات ثم الصليب والقيامة والصعود كل هذه إن انحصرت في العقل أو الاستذكار أو الحفظ أو قدرات الذكاء أو كلام الكتب والتأليف فهي تبقى حبيسة العقل والفكر بعيدًا عن المعرفة الحقيقية للمسيح.المسيح تجسد وصار إنسانًا لأجلنا فالتعرف على شخص المسيح هو تعرف شخصي أعرفه كشخص حي بل هو مصدر الحياة وأتعرف عليه وأجده وتصير لي معه علاقة حياة وحب وحديث لا ينتهي وأشواق حقيقية وطاعة مذعنة لكلامه وعمل حساب لوجوده، ومهابة قوية للوقوف قدامه مع كل ما يلزم للعلاقة الحية التي تزاد مع الزمن وتتأصل كلما زادت الاختبارات وتتقوى كلما لمست يده في الضيقات العيب في أيامنا هذه هو كثرة المعرفة العقلانية وإدراك حتى أعمق أسرار الحياة الروحية إدراكًا عقليا، بينما الحياة العملية تسير في اتجاه آخر تماما بعيدًا عن هذه المعرفة وكأن الإنسان أصيب بانفصام في الشخصية فهو يحيا حياتين مختلفتين في آن واحد فهو من جهة المعرفة خبير، أما من جهة الاختبار فهو فقير أو يكاد يكون حاصلاً على أبسط المبادئ الروحية في التطبيق هنا الدعوة للمعرفة لو كنت تعلمين عطية الله؟". الماء الحي وهب لنا مجانا في قيامة المسيح والعائق الذي يعطلنا هو عدم المعرفة حق المعرفة لو كنت أعرف - معرفة حقيقية - معنى الذبيحة التي على المذبح وكيف أن الملائكة ورؤساء الملائكة قيام حولها في خوف ورعدة لتغير سلوكي تمامًا في حضوري ودخولي إلى الكنيسة وفي صلاتي ووقوفي في القداس الإلهي وفي وقاري في التناول من الأسرار وفي حياتي ما بعد القداس كمن حصل على المسيح حالاً في يعمل الأعمال ويتكلم في ويعمل بي. الحاصل الآن في أغلب الأحيان هو العكس تماما فقد زاد عدد الذين يتقدمون للأسرار لا عن توبة وتغيير حياة بل كما لقوم عادة ونظرة واحدة للذين يتناولون بعد القداس مباشرة كيف يتكلمون وفيما يتكلمون وماذا هم فاعلون لقد كانت لحظات التناول دقائق معدودة ثم انتهوا منها وعادوا يمارسون حياتهم الطبيعية وكأن شيئًا لم يكن أين المسيح الذي أخذوه ؟ الذي تناول المسيح يحيا به أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في" الذي يتناول المسيح يصير له فكر المسيح به يحيا ويتحرك ويوجد عدم المعرفة يحرم الإنسان من جوهر الأمر وهكذا يكون مع باقي الأسرار أقول لنفسي لو كنت تعلمين عطية الله لطلبت فأعطاك ماء الحياة لو كنا نعلم وبحق - عطية الله في سر الإكليل المقدس -لاختلفنا جذريا في السلوك والممارسات وكل ما يمت لهذا الأمر بصلة ولكن أعمالنا وعادتنا تشهد علينا أننا لسنا نعلم ولسنا ندرك قالت السامرية للرب : يا سيد أعطني من هذا الماء" ماء الحياة لا يُعطى إلا للطالبين ماء الحياة يُعطى للعطاش إلى البر والآن إذ قام المسيح من الأموات وقد دفنا معه في المعمودية وولدنا من الماء والروح فقد صار ينبوع الماء الحي فينا ينبع من باطننا كما قال الرب للسامرية: "ويفيض إلى ينابيع ماء حي" قال هذا عن الروح القدس وها قد اعتمدنا بالروح القدس الماء الحي ينبع إذن من داخلنا فلا تطلبه خارجا منك بل اطلب أن يجدده الرب في أحشائنا، يجدد فينا هذا الينبوع الذي كان يجب أن يفيض ويروي ويجري كأنهار يفرح مدينة الله تركت المرأة جرتها عند قدمي يسوع، أي كفت عن طلب الماء الذي تعودت عليه وهذا أمر جوهري فلا يمكن أن يأخذ الإنسان من ماء العالم وماء المسيح في آن واحد من يشرب من ماء العالم يعطش" أما من يشرب من ماء المسيح فلا يعطش إلى الأبد إذن ترك الجرة كان دليلاً على التغيير الجذري ليس في الفكر فقط بل وفي السلوك أيضًا نخطئ كثيرًا حينما نطلب أن يعطينا المسيح ماء الحياة بينما نحن متمسكون بالجرة القديمة، نعود إليها نحن نتوق الشرب الماء المسموم إنجيل السامرية تقرأه الكنيسة ثلاث مرات المناسبة الأولى هي الأحد الرابع من الصوم الكبير المقدس والحديث عن قدرة المسيح مُخلّص الخطاة وكيف أن التوبة تغير أخطى الخطاة لتصير أول الكارزين من الأمم بالمسيح مُخلّص العالم والمناسبة الثانية هي الأحد الثالث من الخمسين المقدسة حيث يقدم المسيح نفسه قائما من الأموات ومحيي نفوس أولاده كالماء الحي الذي يروي ويفيض من باطنهم كأنهار ماء حي والمناسبة الثالثة في صلاة السجدة - حلول الروح القدس - وهنا تشير الكنيسة إلى عمل الروح في الإنسان الباطن وملء الروح القدس الذي حل على الرسل الأطهار فطافوا يبشرون بغنى المسيح الذي لا يستقصى. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
18 مايو 2024

إنجيل عشية الأحد الثاني من الخمسين( يو ٦ : ١٦ - ٢٣ )

" ولَمَّا كانَ المساءُ نَزَلَ تلاميذه إلى البحر، فدخلوا السفينة وكانوا يَذهَبُونَ إِلَى عَبر البحر إلى كفرناحوم وكانَ الظَّلام قد أقبل، ولم يَكُنْ يَسوعُ قد أتى إليهم وهاج البحر من ريح عظيمةٍ تهب " فَلَمَّا كانوا قد جَدَّمُوا نَحو خمس وعشرين أو ثلاثينَ غَلَوَةً، نَظَرُوا يسوع ماشيًا على البحرِ مُقتَرِبًا مِنَ السَّفينة، فخافوا. فقال لهم: أنا هو، لا تخافوا !. فرضوا أن يقبلوه في السفينة وللوقت صارت السفينة إلى الأرض التي كانوا ذاهبين إليها وفي الغد لما رأى الجمع الذين كانوا واقفين في عبر البحر أنَّهُ لم تكن هناك سفينة أخرَى سِوَى وَاحِدَةٍ، وهي تلك التي دخلها تلاميذه، وأن يسوع لم يدخل السفينة مع تلاميذه بل مَضَى تلاميذه وحدَهُمْ غَيْرَ أَنَّهُ جاءَتْ سُفُنٌ مِنْ طَبَرِيَّةَ إِلَى قُربِ المَوْضِعِ الذي أكلوا فِيهِ الخُبْزَ، إِذ شَكَرَ الرَّبُّ ". المسيح القائم هو خبز الحياة قبل القيامة وبعد القيامة: قدم المسيح في يوم الخميس الكبير ذاته، في الليلة التي فيها أسلم ذاته، بذل الجسد مأكلاً حقيقيا وسفك دمه مشرباً حقيقياً ولكنه وهو يغسل الأرجل قال لبطرس : لست تفهم ما أنا صانع بك الآن ولكن ستفهم فيما بعد" وبعد أن قام المسيح من الموت وفي مساء اليوم نفسه ظهر لتلميذي عمواس ورافقهم شارحًا ومفسرا لهم الكتب، ثم إذ تظاهر أنه منطلق إلى مكان آخر، ألزماه بحبهما لإضافة الغرباء أن يمكث عندهما، وعند كسر الخبز انفتحت أعينهما فعرفاه ولما طلباه بحواس الجسد لم يجداه مع أنه كائن معهما فالعين بعد القيامة، أعني البصيرة الروحية تنفتح عند كسر الخبز، ففي القداس تصل الرؤيا إلى انكشاف واكتشاف كل شيء لأن كسر الخبز عند المسيح هو قمة الاستعلان، لأن هذا هو منتهى الحب ليس لأحد حب أعظم من هذا". فهذا هو البذل وهو الصليب وهو قمة قصد الله من نحونا لقد قاد المسيح التلميذين وهو في الطريق معهم لدخولهم إلى شركة كسر الخبز ، مهد بالكلمة مكتوبة ومفسرة من فمه الإلهي بروحه، كمثل ما تفعل الكنيسة مستلمة من المسيح ورسله الأطهار في سر الافخارستيا فقداس الكلمة ثم قداس شركة كسر الخبز. القراءات ثم التقديس : بل كما سلم المسيح الكنيسة في حياته إذ ظل يكرز بكلمة الملكوت مدى ثلاث سنوات ثم ختم على ذلك يوم الخميس الكبير بتقديم جسده خبزًا مكسورًا الكلمة تلهب القلب ثم تقدس المشاعر وتنقي داخل الإنسان أنتم أنقياء من أجل الكلام الذي كلمتكم به". ولكن انفتاح القلب واستنارة العين تحدث بكسر الخبز كما اختبر تلميذا عمواس في البداية. الكلمة تهيئ، تعمل عملها في القلب "ألم يكن قلبنا ملتهبا فينا حين كان يفسر لنا الكتب" لذا يجب أن تُقرأ فصول الكتب المقدسة - البولس والكاثوليكون، والإبركسيس وفصل الإنجيل - تقرأ بالروح ككلمة الله الحية الفعالة يجب على القارئ أن يقرأ بفهم وروح وإدراك ليعزي الكنيسة، والمستمع يسمعها ليس من فم شماس أو كاهن بل من فم المسيح، كما سمعها القديس أنبا أنطونيوس فوعاها في قلبه فألهبت مشاعره وصارت الدافع لتكريس الحياة مدى الحياة وعندما يتكلم المسيح يلتهب القلب وكل المشاعر والأحاسيس المقدسة، فكلام المسيح ليس معلومات يضيفها الإنسان إلى ذاكرته، بل قوة فعالة وحية للتغيير والتوبة وقبول عمل النعمة. فإن عشنا ما يُقرأ في الجزء الأول من القداس، حينئذ نكون مستحقين لانفتاح البصيرة وقت كسر الخبز. الخبز الذي أنا أعطي هو جسدي: هذا الإدراك الروحي هو بمثابة استنارة داخلية حتى نعبد ونسجد للجسد المقدس باستحقاق، وحتى نتناول منه باستحقاق. "لأن من يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب". "اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية" كل عرق مبذول لأجل الطعام الباقي هو محفوظ للإنسان كذخيرة حية. كل الناس تعمل وتعرق لأجل لقمة العيش وقوت الجسد وهذا ينتهي بانتهاء الجسد، وهذه حتمية مؤكدة، لذلك أسماه المسيح بالطعام البائد لأنه يزول وينتهي ترى متى وكيف نعمل من أجل الطعام الباقي بذات الحماس الذي نمارس به سعينا نحو الطعام البائد؟. كم مرة تعبت من أجل الطعام الباقي؟ كم مرة سهرت وعرقت من أجل الطعام الباقي؟. قوت الجسد بدونه يموت الجسد !! وقوت الروح - الطعام الباقي - بدونه تذبل الروح وتموت !! الجسد المكسور والمبذول هو الجسد القائم... هو هو. فالبذل والقيامة في المسيح صار واحدًا. نحن نتناول الجسد ليكون فينا هذا الفعل العجيب عينه، قوة البذل والموت وقوة القيامة والحياة التناول من جسد المسيح يُنشئ فينا هذه القوة المزدوجة كوجهين للصليب قوة الإماتة "للقديم" وقوة الحياة "للجديد" مع المسيح صلبت، لأعرفه وشركة آلامه وقوة قيامته متشبها بموته لعلي أبلغ إلى قيامة الأموات" "من أجلك نمات كل النهار""الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء" "أميتوا أعضاءكم التي على الأرض". حاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد طلب العالم لي""احسبوا أنفسكم أمواتًا عن العالم".كل هذه النعم نحصل عليها بالأكل من الخبز السماوي الذي هو الجسد الذي يبذل عن حياة العالم. هكذا يُنشئ فينا هذه القوة أن نُحسب كغنم للذبح متشبهين بموت مخلصنا ثم قوة الحياة الأبدية غير الزائلة ونعمة الحياة السماوية، الحياة في القداسة والقيام في الفضيلة وإنكار الذات والاتضاع وأعمال المحبة وقوة الرحمة، والزهد فيما للعالم والثبات في الصلاة والنظر الدائم إلى رجاء الحياة الأبدية والتمسك بالحياة الأبدية وكل الأعمال الصالحة التي أعدها الله لنا لنسلك فيها كل هذا نحصل عليه بالأكل المتواتر من جسد القيامة، الذي غلب الموت وأنار لنا الحياة والخلود فنحن حين نتناول نثبت في المسيح والمسيح يثبت فينا وهذا الثبوت المتبادل هو حياة المسيحيين وهو ثمرة الخلاص. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
11 مايو 2024

إنجيل عشية الأحد الأول من الخمسين(لو٥ : ١ - ١١)

" وإذ كانَ الجَمعُ يَزْدَحِمُ عَلَيْهِ لَيَسْمَعَ كِلِمَةَ اللَّهِ، كَانَ واقفًا عِندَ بُحَيْرَةِ جَنَّيسارَت. فرأى سفينتين واقِفَتَين عِندَ البُحَيْرَةِ، والصَّيادون قد خرجوا منهما وغَسَلوا الشباك. فَدَخَلَ إحدى السفينتين التي كانت لسمعان، وسأله أنْ يُبعِدَ قَليلاً عن البَرِّ. ثمَّ جَلَسَ وَصَارَ يُعَلِّمُ الجُموع مِنَ السَّفِينَةِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الكلام قال لسمعان : ابعد إلى العُمق وألقوا شباكَكُم للصَّيدِ. فَأَجَابَ سمعان وقالَ لَهُ: يا مُعَلِّمُ، قد تعبنا اللَّيْلَ كُلَّهُ ولم نأخذ شيئا. ولكن على كلِمَتِكَ أُلقي الشَّبَكَةَ. وَلَمَّا فعلوا ذلك أمسكوا سمعا كثيرًا جدًا ، فصارَتْ شَبكَتُهُمْ تتخرَّقُ. فأشاروا إلى شركائهم الذين في السفينة الأخرى أن يأتوا ويُساعدوهم. فأتوا وملأوا السَّفِينَتَينِ حتَّى أَخَذَتا في الغَرَقِ. فَلَمَّا رأى سمعان بطرُسُ ذلكَ خَرَّ عِندَ ركبتي يسوع قائلاً: اخرج من سفينتي يَارَبُّ، لأني رَجُلٌ خاطئ.. إذ اعترته وجميع الذين معهُ دَهشَةٌ عَلَى صَيدِ السَّمَكِ الذي أخذوه.وكذلك أيضًا يعقوب ويوحنا ابنا زبدي اللذان كانا شريکي سمعان. فقال يسوعُ لسمعان: لا تَخَفْ مِنَ الآنَ تكون تصطاد الناس. ولما جاءوا بالسفينتَينِ إِلَى البَر تركوا كُلَّ شَيْءٍ وتبعوه ". أحد توما : يصف إنجيل العشية اللقاء الأول للرب مع رسله الأطهار يرة جنيسارت، والمعجزة الأولى التي اختبرها التلاميذ وهي معجزة صيد السمك الكثير وكيف أثرت فيهم كلمة الله حين سمعوها فألقوا شباكهم للصيد على حسب كلمته، ثم ألقوا بالتالي حياتهم كلها وعلقوها على كلمته حين دعاهم ليكونوا صيادين للناس ووقتها تركوا كل شيء وتبعوه. هذا الإنجيل تقرأه الكنيسة اليوم في نور قيامة المسيح حيث أشرق عليهم من بعد قيامته وبدد خوفهم وأعطاهم سلامه. وهكذا يتكرر اللقاء بالرب ويعيد إلى ذهن التلاميذ ذكرى اللقاء الأول حين دعاهم وحين غير مسارهم من صيد السمك إلى صيد الناس. قد قصد الرب هذا تماما عندما قال لمريم المجدلية يوم قيامته: "اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم أن يذهبوا إلى الجليل هناك يرونني". الخبرة الأولى لها طعم خاص، وأحاسيس خاصة، عندما تعرفوا على الرب لأول مرة وحين سمعوا كلمات النعمة الخارجة من فمه، وحين أحس القديس بطرس أنه رجل خاطئ وخر عند قدمي يسوع في السفينة بعد صيد السمك إذا اعتراه خوف هو وجميع الذين معه. أما بعد القيامة فقد استنار التلاميذ، بل قاموا مع المسيح. بنورك يارب نعاين النور فحين رآهم وجاء في وسطهم أعطاهم السلام. السلام الذي من أجله جاء، وملأهم بالفرح ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب. وشدد إيمانهم وأرسلهم إلى العالم يكرزوا بالقيامة والحياة. وفي نور القيامة رجعوا إلى الأيام الأولى كقول داود في المزمور : "تذكرت الأيام الأولى وفي صنائع يديك كنـت أتأمل". تذكروا عندما دخل السفينة وكان يعلم، وعندما تشرق القيامة في القلب تنير كلمات يسوع العينين وتحرك القلب بلذة جديدة بل وتلهب القلب حبًا وشوقا كما اختبر تلميذا عمواس ألم يكن قلبنا ملتهبًا فينا حين كان يكلمنا"وتذكروا سلطان المسيح وكلمته: "ألقوا شباككم للصيد"، وكم هي فعالة وعجيبة. وها المسيح بعد قيامته يقولها ثانية ولكن ليس من أجل صيد يزول بل من أجل نفوس يجتذبونها من بحر العالم الزائل ويجمعونها بشبكة الإنجيل والكرازة. وتذكروا العهد الأول - عهد الترك - ترك كل شيء وتبعيتة المُخلّص . الآن تركوا كل شيء إذ أحسوا بالقيامة تسري في كيانهم وهى قوة جاذبة إلى السماء. وتذكروا كيف تركوا كل شيء وتبعوه، واللقاء الأول مع المسيح يحمل دائمًا معنى تجديد العهود تعهدات فمي باركها". فالترك فعل دائم في حياة من تبعوا المسيح يبتدئ ولا ينتهي إنه سلوك عام ومنهج لطول الطريق. وكما كان في اللقاء الأول حين تحولت أنظارهم من كثرة السمك إلى المسيح فلم يعبئوا بما أدركوه من ربح مادي ولا من ثروة لم يعرفوها مدى حياتهم... ولكن قد وجدوا المسيح وفيه الغنى الكامل ففي اللقاء بعد القيامة فهموا لماذا أرسلهم بلا كيس ولا مزود ولا نحاس في المناطق "في يمينه شبع سرور" لم تعد الأموال ولا الأملاك تساوي شيئًا ولا تعني شيئًا حتى فيما بعد لما باع المؤمنون أملاكهم وحقولهم دون أن يطلب منهم أحد ذلك جاءوا بأثمان الممتلكات ووضعوها في مكانها الصحيح عند أرجل الرسل فلم تشغل بالهم ولا إلى لحظة بل كانوا مكرسين ومتفرغين لخدمة الكلمة وكسر الخبز (القداس)والصلوات. التعرف على شخص المسيح في اللقاء الأول كان التعرف على شخص المسيح كمبتدئين من خلال الكلمة إذ كانت غريبة على مسامعهم "لم نسمع أحدًا يتكلم هكذا قط"، كان يتكلم كمن له سلطان وليس كالكتبة"ثم من خلال الآيات والعجائب والمعجزات إذ بهتوا وأصابهم خوف فخضعت نفوسهم له. أما في اللقاء الثاني بعد القيامة فإنهم يتعرفون عليه كما من جديد قائمًا من الأموات من خلال لمس يديه ورجليه بل وجنبه أيضًا، فهو بعد قيامته لم يظهر إلا للأخصاء المؤمنين، فالقيامة ميراث للمؤمنين. وشركة الحياة الأبدية ليست إلا للأحباء فالتعرف عليه قائما من الموت يدخل في صميم الشركة مع الله الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم معنا شركة، أما شركتنا نحن فهى مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح"، "إن كانت شركة ما في الروح"، "لأعرفه وقوة قيامته". هنا امتدت المعرفة وتجاوزت سماع الأذن أو رؤية معجزة ودخلت في شركة "الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي"، "الذي مات لأجل خطايانا وقام لأجل تبريرنا"،"لأنكم قد مُتُّم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله". المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل