ليكونوا واحداً

04 يونيو 2021
Large image

تقرأ علينا الكنيسة في هذا الصباح المبارك جزء من إنجيل معلمنا مار يوحنا 17 تقول فيه آخر حديث لربنا يسوع المسيح في خدمته على الأرض .. وهو حديث يحمل كل فكر ربنا يسوع نحو أبيه السماوي ونحو جنس البشر .. ربنا يسوع يخاطب الآب ويقول ﴿ أنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ﴾ نفس المجد الذي أعطيتني أنا أعطيتهم إياه .. أنت جئت بي للعالم ليس لأخلص العالم فقط بل وأيضاً لأعيد للإنسان مجده الأول لذلك الذي أعطيتني أنا أعطيته لهم .. أخذوا نفس المجد .. لماذا ؟ ﴿ ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد ﴾ ( يو 17 : 22 ) .. ربنا يسوع أعطانا نفس المجد الذي أخذه من الآب .. عندما يكون فينا نفس المجد الذي أخذه من الآب صرنا واحد .. تخيل شخص متميز عن الآخر جداً بالغنى ثم يقسم ثروته مع الآخر ويقول له قد صرنا واحداً في الغنى متساويين .. إنسان متميز عن الآخر بالذكاء فيعطيه نفس ذكائه ويقول له قد صرنا واحداً نحن الفرق بيننا وبين ربنا يسوع المسيح كبير جداً .. هوة كبيرة جداً .. الفرق بيننا في المجد قال سأعطيكم من هذا المجد .. لماذا ؟ يقول * ليكونوا واحداً معي * .. يا لعظمة تدبير ربنا يسوع المسيح إتجاهنا .. أن نكون واحداً معه ؟ نعم ليس معه فقط بل واحداً مع أبيه الصالح أيضاً حتى أنه يريد أن تكون وحدته مع الآب هي هي وحدتنا معه .. لنرى قوة وحدته مع الآب تكون على نفس مستوى وحدتنا معه .. ليكونوا واحداً .. لمن نشبه ؟ ﴿ كما أننا نحن واحد ﴾ .. وكلمة * نحن * هنا إشارة للثالوث القدوس .. نحن ثلاثة .. ﴿ أنا فيهم وأنت فيَّ ﴾.. أنت فيَّ وأنا أيضاً فيهم فصاروا هم فيَّ وفيك وصرت أنا فيك وفيهم وكلنا صرنا واحد في المسيح يسوع هذه هي سر عظمة عمل ربنا يسوع على الأرض .. هذه هي العطية التي صارت الكنيسة مديونة بها للمسيح .. صرنا واحد معه وواحد مع الآب وواحد بعضنا معاً .. نحن واحد مع بعضنا البعض وكلنا واحد معه وكلنا واحد معه ومع أبيه الصالح .. ﴿ ليكونوا مكملين إلى واحد ﴾ ( يو 17 : 23 ) من أجمل الأمور التي أعطاها لنا ربنا يسوع أن نشعر أننا كلنا واحد .. من أجمل الأمور أن أشعر أن بيَّ نفس الروح التي في الآخر وأن أشعر أننا كلنا مدعوين لوليمة واحدة وكلنا نأكل خبزة واحدة ونمارس صوم واحد معاً ونفطر معاً ونتوب معاً ونمارس الأسرار معاً أجمل ما في الكنيسة أنها جعلت الفرد ملغي والجماعة هي القائمة لذلك ونحن نسبح نقول ﴿ نسبحك .. نباركك ﴾ .. لنا لسان جماعة وليس فرد .. كلنا لنا نفس الإشتياقات فنقول له﴿ إهدينا يارب إلى ملكوتك ﴾ .. كلنا لنا نفس الطلبة فنقول له ﴿ إنعم لنا بمغفرة خطايانا ﴾ نحن جماعة متآلفة أهدافنا واحدة فنقول له ﴿ نحن أيضاً الغرباء في هذا العالم إحفظنا في إيمانك وانعم لنا بسلامك ﴾ .. لنا طلبة واحدة لا يوجد شخص فينا يقول هذه الطلبة لا تعجبني أو لا تناسبني لن أقولها .. لا .. كلنا لنا أهداف واحدة واشتياقات واحدة وطلبات واحدة .. كلنا موحدين في المسيح موحدين في الآب .. موحدين معاً .. ﴿ مكملين إلى واحد ﴾ لنفرض أن شخصيتي مختلفة عن غيري .. يقول لنا الوحدة لا تلغي الفرادي .. الوحدة لا تلغي التميز أبداً .. عندما دعى ربنا يسوع تلاميذه نجد أن كل واحد منهم قد يكون له فكره الخاص لكن مع ذلك كلهم مكملين إلى واحد .. قد يكون إختلافهم هو سبب وحدتهم .. قد يكون إختلافهم هو الذي يجعلهم في النهاية يعزفون لحن واحد .. وإن كانوا كلهم واحد أو كلهم نسخة موحده لما كانت السيمفونية المتآلفة فيهم .. تخيل آلة موسيقية ليس بها سوى نغمة واحدة تعطي نغمة واحدة ستكون منفره لكن تخيل أصوات مختلفة لنغمات مختلفة فهذه تعزف لحن جميل هكذا نحن في الكنيسة تميز أعضائها ليس لينفرد كل واحد عن الآخر بل ليدخل كل واحد في الآخر ويكمله كما يقول اللحن الكنسي ﴿ هؤلاء الذين ألفهم الروح القدس معاً مثل قيثارة ﴾ ( ذكصولوجية باكر ) .. هكذا نحن مؤلفين بالروح .. تجد شخصية متى الإنجيلي غير شخصية لوقا غير شخصية يوحنا غير شخصية مرقس .. متى الإنجيلي شخصية تميل للسلطة لذلك لم يرد أن يظل طول حياته يهودي لكنه أراد أن يدخل مع الرومان ويصير جابي للضرائب .. لديه حب السلطة .. لوقا الإنجيلي يميل للبعد الإنساني .. يوحنا الإنجيلي عنده البعد اللاهوتي والروحي .. مارمرقس الإنجيلي عنده البعد الخدمي والبذل والتضحية .. لذلك نجد معلمنا مار متى عندما كلمنا كلمنا عن المسيح الملك لأنه محب للسلطة ومارمرقس كلمنا عن المسيح الخادم .. ومارلوقا كلمنا عن المسيح المتجسد .. نقول نحن كنا محتاجين أن نعرف هذا البعد عن ربنا يسوع في النهاية تكملت الصورة لذلك هم ليسوا ضد بعض لكن كل واحد رسم جزء من الصورة كي تكون في النهاية أيقونة متكاملة .. ﴿ هؤلاء الذين ألفهم الروح القدس معاً مثل قيثارة ﴾ في النهاية لمن يعود المجد ؟ لإنجيل ربنا يسوع المسيح .. في النهاية الفضل لمن ؟ لربنا يسوع في النهاية ما هو الهدف لكل واحد منهم ؟ إنتشار ملكوت ربنا يسوع .. تعال لترى شخصية بطرس ويعقوب وبولس الرسول و ....... كلٍ منهم له بصمة .. له إتجاه .. لكن في النهاية مكملين إلى واحد .. ربنا يسوع المسيح .. مكملين كلهم كي يعزفوا نفس اللحن ولهم نفس الهدف هو إنتشار ملكوت ربنا يسوع على الأرض ولأننا ككنيسة أعضاء نعم مختلفين لكن مكملين فممكن أنا أنجذب ليوحنا اللاهوتي وآخر ينجذب لمارمرقس وآخر لمارلوقا .. كلٍ منا يجد ما في شخصه ما يغذي شخصه وينميه والكل لحساب ربنا يسوع هكذا في قديسي الكنيسة تجد فيهم ما يناسبك تجد الشيخ وتجد الشاب وتجد الطفل وتجد المرأة .. والعذراء و ..... تجد ما يناسبك ليس في نوعيتهم فقط لكن أيضاً في نمطهم .. فتجد الشاب الشجاع وتجد الشاب الوديع والراهب .. تجد الشهيد وتجد الناسك والباحث .. تجد اللاهوتي .. تجد كل ما يناسبك .. ما هي شخصيتك ؟ هل شخصيتك تميل للعزلة والوحدة ؟ كُل واشبع .. هل تميل للدراسة والتأمل ؟ كُل واشبع .. هل تميل للممارسات النسكية ؟ كُل واشبع إلى ما لا نهاية .. هل تميا إلى الشهادة والخدمة ؟ إلى ما لا نهاية .. ما هذا ؟ ﴿ هيأت قدامي مائدةً تجاه مضايقيَّ ﴾ ( مز 22 – من مزامير الثالثة ) .. أعطاك مائدة دسمة مشبعة من كل ما تطلبه وتحتاجه ولأننا كلنا واحد في المسيح فكلنا مكملين بروح ربنا .. صرنا خبزة واحدة لذلك تجد في القربانة إثني عشر صليب حول صليب كبير يسمي الإسباديقون وهو الجزء السيدي ويمثل ربنا يسوع وحوله إثني عشر صليب .. بذلك تكون الكنيسة كلها في هذه الخبزة لذلك مهما كان كثرة المتناولين في الكنيسة الأرثوذكسية فهي تتمسك بالتناول من خبزة واحدة .. لا تقل القداس اليوم به زحام شديد أو نحن في ليلة عيد أو قداس خميس عهد نقدم قربانتين أو ثلاثة ليأخذ كل واحد من المتناولين قطعة كبيرة ليتلذذ بها .. لا .. هي خبزة واحدة وإن كان كل واحد فيها يمثل حبة دقيق وقد يأخذ كل واحد منا قطعة بحجم حبة الدقيق وبذلك يأخذ الجسد كله هذا قصد الكنيسة لأن جميعها عجنت بماء واحد ونحن بنا روح واحد صرنا واحد وأي جزء فينا يمثل الكل .. ﴿ هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح ﴾ ( رو 12 : 5 ) .. صرنا مسكن لله لذلك المؤمنين في الكنيسة لهم تشبيهان مهمان .. يقول أنت فلك نوح مبني من عوارض خشبية كثيرة هكذا مؤمنوا الكنيسة كل واحد منا قطعة خشبية ليس لها قيمة لكن إن تجمعت بجانب بعضها صارت فلك جميل .. أيضاً كل واحد منا مثل خيمة الإجتماع بها عوارض وأوتاد وألواح كثيرة كل واحد منا يمثل شئ منها في النهاية يعطي خيمة لكن إن عزل كل واحد منا عن أخيه فماذا يشكل مسمار وحده أو قطعة خشب أو حبل ؟ لا شئ .. لكن عندما تدخل داخل المجموعة يصير له قيمة﴿ ليكونوا مكملين إلى واحد ﴾ لذلك إن كنا متميزين فلأننا متكاملين .. لذلك لا تجلس في بيتك وتقول هذا الولد متعب أو صفاته صعبة لا أعرف كيف أتعامل معه .. لا .. هذا لون من ألوان التمايز إقبله ووظفه بإسلوب صحيح إقبله وضعه مكانه .. زوجة تشكو أن زوجها مختلف الطباع نقول لها قد يؤدي هذا الإختلاف إلى التكامل وليس التنافر .. لذلك كل واحد منا مهم للآخر .. كل واحد منا يقبل الآخر ويعمل معه ويقبله حتى على علاته .. المهم أن يوضع في مكانه الصحيح .. من هنا المسمار مهم للخشب والمسمار والخشبة مهمان للحبل .. والمسمار والخشب والحبل مهمين للألواح و كلهم محتاجين للرمل كل واحد منا مهم للآخر لكن إن تنافر مع الآخر يصير بلا قيمة مستقل .. لذلك عندما يقول شخص أنا في حالي قل له هذا لا ينفع .. أنت لابد أن ترى وزناتك وتعرف إمكانياتك وإمكانيات من حولك والمسيح فيك وفيهم ومادامت روح المسيح فيك وفيهم فلا يمكن أن تكونوا إلا واحد ربنا يسوع الذي وحدنا معه يوحدنا به ويعطينا نعمة الوحدة لكي نكون مكملين إلى واحد ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك

عدد الزيارات 440

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل