ميمر في عيد العنصرة

19 يونيو 2021
Large image

سبيلنا أن نتفلسف في العيد قليلاً. ليكون تعييدنا روحانيّاً. وذلك لأنَّ لكل أحدٍ غيرنا عيداً يخصه. وأما خادم الكلمة. فعيدهُ النطق. ومن النطق ما كان ملائماً للوقت. وليس شيءٌ حسنٌ يسرُّ ھكذا لأحدٍ من مؤثري الحسنات مثل حضور من يودّ الأعياد والمواسم الروحانية. ويجب علينا أن ننظر ھكذا. وذلك أن اليھودي يعيّد ولكن بما يخصُّ الكتاب لأنه قصد الناموس الجسداني فلم يصل الى الروحاني.والصابئَ يعيّد أيضاً ولكن بما يلائم الجسم وعلى حسب مذھب آلھتِه وشيطانية الذين منھم مَن أبدع عوارض الفساد على رأيھم أنفسھم ومنھم من كان تكريمهُ من ھذه الأعراض فلذلك صار تعييدھم مضاھياً للفساد حتى يكون تكريم الإله عندھم الإثم بعينِه فيفرّ إليهِ عوضاً من الفساد كأنه محمدة. ونحن نع يد أيضاً ولكن بحسب رأينا في الروح. والرأي عندنا: إما أن نقول شيئاً مما ينبغي. وإما أن نعملهُ. وھذا ھو تعييدنا أن نخزن للنفس شيئاً مما يثبت وينضبط لا مما ينحلُّ وينصرف. ويطرب الحسَّ قليلاً ويفسدهُ كثيراً ويضرُّ به. على حسب الرأي عندي يكفي الجسم شرَّ ذاتِه فلِمَ يزادِ اللھيب مادَّةً ولِمَ للوحش أن يغمر طعاماً حتى يزيد التمكُّن منهُ بعداً ويصعب على الفكر انقياده. فمن ھھنا
يجب أن نعيّد تعييداً روحانياً.فأول الكلام فيما يجب أن نقوله وإن طال الشرح قليلاً فيجب على وامقي الكلام أن يؤثروا التعب في ذلك لنخلط ذلك في ھذا الموسم مثل ملذَّة ما وذلك أن أولاد العبرانيين يكرمون السابع على سنَّة موسى. كما أكرم أصحاب بيثاغوروس بعدھم الرابع فجعلوه لھم قسماً. وكما أكرم أصحاب آل سيمون ومركيون عدد الثمانية وعدد الثلاثين فقد سمُّوا دھوراً تسامي ذلك في العدد ولست أعلم على أي رأي وقياس ذلك؟ وأية قوَّة لھذا العدد فيكرمونه بھا. ولكن على كل حال ھم لذلك مكرومون. إلا أن الظاھر في ذلك أن لله عزَّ وجلَّ أبدع الھيولى في ستة أيام وصوَّرھا وزيَّن ھذا العالم المنظور بأنواع وصور شتَّى لما خلقه. فلما كان اليوم السابع استراح على ما يدلُّ عليهِ اسم السبت فإنهُ باللغة العبرانية يدلُّ
على الراحة. فإن كان ھھنا رأي آخر أشرف فيتفلسف فيه غيرنا.والكرامة عندھم (عند العبرانيين) ليست في الأيام وحدھا بل ھي واصلة الى السنين. فكرامة الأيام ولَّدت لھم ھذا السبت الذي يكرّمونه دائماً وعلَّته من عدد أيام رفع الخمير عندھم. وأما كرامة السنين
فمنھا صار السابع من السنين عام الفصح والتسريح. وليست الكرامة عندھم في السبعة وحدھا بل في سبعة السابعين وذلك متشابهٌ عندھم في الايام والسنين. فأمّأ سبعة الأيام فولدت يوم الخمسين يوماً مدعواً عندھم "مقدساً" وأما سبعة السنين فولدت العام الذي يسمونه يوبيلاً وفيه يكون عندھم تسبيل الأرض وعتق العبيد وإطلاق ما اقتني بثمنٍ. فبذا القبيل ليس يزكي لله بواكر الغلات والأبكار وحدھا بل نواجم الأيام والسنين أيضاً. فعدد السبعة المكرَّم عندھم بعث لنا كرامة البنديقستي وذلك أن السبعة إذا كرِّرت بمثلھا سبعة كانت خمسين إلا واحداً وھو اليوم الذي أخذناهُ من الدھر المستأنف فھو بعينه يزم ثامن وأول بل ھو واحد لا ينحلُّ ولا يزول وھناك ينبغي أن تنتھي سبوت النفوس كما يجب أن بعطى جزءٌ للسبعة بل للثمانية أيضاً بحسبما رأى قوم ممن كانوا قبلنا في قول سليمان.إلا أن إكرام السبعة لع شھادات جملة فيكفينا قليل من كثير. كما أن ھھنا أرواح سميت كريمة لأن أشعياء عندي (أي حسب رأيي) أنه كان يؤثر أن يدعو أفعال الروح أرواحاً. وكلام الرب مطھَّر سبعة أضعافٍ عند داود. والصدّيق مخلَّص من الشدائد ست دفعات والسابعة فھو فيھا غير مجروح. والخاطئ فمصفوح عنه ليس سبع مرات فقط بل سبعةً في سبعين وبضدّ ذلك عقاب الشرّ ممدوح
فقايين أُخِذَ منه الثأر سبع مرات. أي طولب بالثار عن قتلهِ أخاه. وأما لامخ فمؤَدٍّ ذلك سبعةً في سبعين لأنه كان قاتولاً بعد الناموس وفرائض الدين. وأما الذين كانوا ذوي شرور فصاروا آخذين في حضونھم سبعة أضعاف ما بُذِر منھم. وبيت الحكمة كان مدعوماً من العمد بسبعة وحجر زربابل فبعدد ذلك عيوناً كان مزيناً. ولله ممجدٌ بالتسبيح سبع مرات بالنھار. والعقر ولدت سبعة وأتت بالعدد الكامل وھي ضدٌّ لمن كانت غير تامَّة الأولاد.وإن تدرجت في النظر في العھد العتيق وجدت أخنزخ السابع في السالفين بالنقلة من المكرمين. ووجدت ابراھيم الحادي والعشرين برئاسة الأبوًّة من الممجدين بزيادة في السرّ مضاعفة لأن السبعة
إذا ثُلِّثت كانت بھذا العدد آتية. وقد يجسر أحد من المتجاسرين في كل شيءٍ على الأقدام على آدم الجديد الذي ھو إلھنا وربنا يسوع المسيح فيجدهُ من آدم العتيق الذي كان تحت الخطيئة سابعاً وسبعين في العدد بحسب نسبة لوقا المعكوسة. وأرى أيضاً سبعة ابواق يشوع ابن نون ودورات الكھنة. كذلك بھذا المقدار من الأيام فد ھُدِمت أسوار أريحا. وأرى عودة إيليا النبي الثالثة لما عاد على ابن الأرملة الصرفندية قد نفخَت فيه الروح المحيي وأرى نضحهُ على شقق اللحم بھذا العدد قد استدعى ناراً منزلة من عند لله أحرقت الضحية وحكمت على أنبياءِ الخزي لما لم يقدروا على مثل ذلك بما قدموهُ من دعائھم. وأرى كذلك مراقبة الغمام وقد أمر بھذا الغلامَ سبع مراتٍ. وأرى من أليشع سبع عطفات على ابن الصومانية قد عطفت بالحياة عليه. ومن ھذا المعنى أيضاً أذكر الآن منارة الھيكل ذات السبعة القوائم والسرج السبعة. وفي سبعة أيام أرى الكاھن متمّماً وفي مثلھا الأبرص مطھَّراً والھيكل في عدد مثلھا مجدّداً. والشعب في السنة السبعين من السبي عائداً ليكون ما تقدم في الآحاد في العشرات مكرراً وسرُّ السابع في عددٍ أتمَّ من غيره مكرماً. وما لي أطيل في القول ويسوع نفسه الذي ھو التمام النقي قد رأى أن بغذي في القفر بخمس خبزات خمسة آلاف وبسبع أيضاً أربعة آلاف. وفضل عنھم بعد ما شبعوا أما ھناك فاثنتا عشرة قفة وأما ھنا فسبعة سلال وليس شيء من ذلك في ظني بغير قياس ولا بعيد من استحقاق الروح. وأنت إذا تفقدت في نفسك وجدت أعداداً كثيرة فيھا ما ھو أعمق من ظاھرھا إلا أم ما تحتاج إليه في ھذا الوقت أن العبرانيين إمَّا على ھذه الأحوال. و‘ما على ما يقرب منھا. وإما على ما ھو أجلُّ منھا يكرمون البنديقستي (العنصرة) ونكرم ذلك نحن أيضاً كما أن ھھنا أيضاً من رسوم العبرانيين أشياءَ أُخر كثيرة معمولة على جھة الرسوم وعائدة عندنا على معنى السرّ.فإذا كنا قد قدَّمنا في ھذا اليوم ھذا المقدار من الكلام فسبيلنا الآن أن نصير الى ما يتلو ذلك فيما بعد من القول. فنقول إننا معيدون عيد الخمسين وورود الروح وصلوا الميعاد وتمام الأجل. والسرُّ عظيم القدر وكريم من كل جھة. فجسدنيات المسيح قد انتھت بل الذي انتھى ھو أحوال قدومهِ الجسداني لأنني متوقف عن أن أسباب الجسد قد انتھت ما دام لا يقنعني قول بأن الأجود انتزاحهُ عن الجسد.وقد ابتدأت الآن أسباب المسيح؟ فھي بتولٌ وميلادٌ ودذود وتقميط وملائكة يمجدون ورعاة يتسارعون ومسير كوكب وسجود مجوس وحملھم ھدايا وقتل ھيرودس اطفالاً وھرب يسوع الى مصر وعودتهُ
من مصر وختانتهُ ومعموديتهُ والشھادة لهُ من العلو وامتحانهُ ورجمهُ بالحجارة لأجلنا نحن الذين كان ينبغي أن يعطينا مثالاً للتألم من أجل الكلمة وتسليمهُ وتسميرهُ ودفنهُ ونشورهُ (قيامته) وصعودهُ وأتيانهُ وما نالهُ كثيراً والآن إمّا من قِبل ماقنيهِ من المسبة واحتمالهِ لھا لأنهُ طويل الأناة. وأمّا من قبَل وامقيهِ (محبيه) فمن الاقتضاءِ والتسخُّط وھو ينظر فكما يؤخر الرجز عن أولئك كذلك يؤخر الصلاح عن ھؤلاء. أما أولئك فيمھل لھم عطية وقت يكون لتوبتھم وأما ھؤلاء فيمتحن ودَّھم ألاّ يكونوا في الأحزان ناكصين وفي الجھاد عن حسن الديانة مقصرين وذلك أصل في التدبير الإلھي وشأن لأحكامهِ التي لا تدرك وبھا يقوّم أحوالنا بحكمته. فھذه أحوال المسيح وھذا شأنھا وستبصرھا فيما بعد زائدة شرفاً. ويا ليتنا كذلك عندھا.وأما أحوال الروح فايحضرني الروح لذكرھا ويجود عليَّ بنطق بمقدار ما أؤثر. ولإن لم يكن بھذا المقدار فبالمقدار الذي يكون مضاھياً للوقت. وعلى كلٍّ فسيحضر ھو كما يحضر سيد لا كما يحضرعبدٌ ولا ينتظر من غيرهِ أمراً كما ظنَّ قومٌ بل يھبُّ أينما يشاءُ وعلى من يشاءُ ومتى أراد بالقدر الذي يختارهُ. وكذلك ألھمنا نحن أن نعتقد ونقول في الروح فأما الذين يحطون الروح القدس الى أن يكون خلقة فھم شاتمون وعبيد اشرار وشرٌّ من كل شرير. لأن العبيد الأشرار من شأنھم إنكار الولاءِ والمروقُ والمعاندة لصاحبھم وتصيير الحرّ مساوياً لھم بالعبودية.وأما الذين يعتقدون أن الروح إلهٌ فأولئك إلھيّون وفي أذھانھم بھيون. وأما الذين سمونهُ بذلك فإن سموَّهُ كذوي طاعةٍ ومحافظةٍ فھم رفيعون. وأن سموَّهُ كمنخفضين فليسوا مدبّرين إذ ايتمنوا طيناً على جوھرة وسمعاً فاسداً على صوت رعد وألحاظاً ضعيفة على النظر الى الشمس. ومَن كان بعدُ يرضع لبناً على الطعام الصلب. وقد كان من الواجب أن يستجروھم الى قدام رويداً رويداً ويھبوا لھم الضوءَ بالضوءِ ويفيدوھم الحقَّ بحقٍّ.إلا أننا نترك الكلام الكامل الآن في ذلك إذ كان ليس ھذا وقتهُ ونخاطبھم ھكذا يا قوم أن كان عندكم أن
الروح القدس ليس إلاّ مخلوقاً. وليس إلا تحت زمان فھذا بلا محالة فعل الروح النجس. فسلموا للغيرة أن تجري أن تجري قليلاً وإن كنتم قد وصلتم الى ھذا المقدار من الصحة والسلامة حتى تحيدوا عن الكفر المبين فتجعلوا من يجعلكم أحراراً من العبودية برياً فانظروا فيما يتلو ذلك مع الروح ومعنا. لأنني أثق بأن معكم شيئاً منهُ فأخالطكم حينئذٍ في النظر كما يخالط الأخصون. أو سلموا إليَّ شيئاً يتوسط فيما بين الملك والعبودية حتى أضع ھناك رتبة الروح. وإن ھربتم من العبودية فلا يخفى أين ترتبون المطلوب أفأنتم لمن يصعب عليه الحروف ويتعثر باللفظ وذلك لكم حجر عثرة وصخرة شكٍّ لأن المسيح قد صار كذلك لقومٍ. إن ذلك لألمٍ بشري. فسبيلنا أن نوافق بعضنا بعضاً بالروح ونكون ذوي محبة للأخوة أكثر من الودّ لذواتنا. وسلموا قوة اللاھوت حتى يسلم إليكم الصفح عن الاسم. واعترفوا بطبيعتهِ بألفاظٍ أخرى وإن وجب أن تكونوا منھا خجلين ونحن أذ ذاك نطببكم كما نؤاسي أي نكبب المرضى. متحياين في شيءٍ نسرفهُ لكم مما تكونون به متلذذين. فقبيح قبيح وبعيد من القياس جداً أن تكونوا في النفوس معافَيْن وفي الكلام وتضايقين كأننا نستر كنزاً لغيرنا حاسدين.أو تجزعوا من أن تقدسوا اللسان فرقين. وأقبح من ذلك ان يدخل علينا ما نشكوهُ ونكون على البخل
بالكلام لا يمين فنتضايق نحن ايض اً في الحروف. فاعترفوا يا قوم أن الثالوث من لاھوت واحدٍ وإن شئتم من طبيعة واحدة فنطلب نحن لكم الاسم الذي ھو الإله من الروح إذ كنت أعلم حسناً أن الذي أعطي الأول سوف يعطي الثاني لا سيما إن كانت المعاندة جناية روحية ولم تكن دفعاً شيطانياً.وأنا أقول ما ھو أب ين من ھذا وأوجز لا تلومونا نحن في اللفظة العالية فليس حسداً من أجل استعلاءٍ الى ما ھذه صورتهُ فلا نشكو نحن منكم أيضاً اللفظة التي لم تصلوا الى سواھا ما دمتم صائرين الى ھذا المعنى بطريق أخرى إذ كنا لا نطلب أن نغلب بل أن نحتضن أخوة نحن منزعجون لفراقھم. فھذا قولنا لمن نجد عندهُ شيئاً من آلة الحياة وھم معشرة الاصحاء في امر الإبن الذين نحن من سيرتھم متعجبون إلا أننا لسنا لرأيھم حامدين. فيا من عندھم أسباب الروح اتخذوا الروح لكيلا تجاھدوا فقط بل يكون ذلك على موجب الناموس الذي منهُ الإكليل يا ليت ھذا يكون لكم ثواب اعن سيرتكم أن تقرُّوا بالروح اقراراً كاملاً وتنشروا ذكرهُ معنا وقبلنا بمقدار ما ھو أھلهُ فإني أجسر من أجلكم على ما ھو أكثر من ھذا وذاك أن أقول كما قال السليح ھذا مقدار محاماني عنكم ومقدار استحيائي من لباسكم الحسن زيُّهُ ومن لونكم المنبيء بنسككم ومن مجامعكم الطاھرة والبتولية اللطيفة النقية التي فيكم والصلاة الليل أجمع. ومحبة الفقراءِ وودِّ الأخوة ومقة. الضيافة حتى أني أرضي أن أكون عن المسيح في ناحيةٍ وأن يلحقني شيءٌ مما يلحق الذي قد وجب عليهِ الحكم إذا أنتم وقفتم معنا ومجدنا الثالوث معاً.وأما غيركم فماذا ينبغي أن أقول فيھم وقد ماتوا بالكلية وليس لاحدٍ غير المسيح أن يقيمھم إذ كان ھو المحيي الأموات بقدرتهِ وھم المنفصلون بالموضع انفصالاً ردياً وإن كانوا بالقول معافين فھم بھذا المقدار في مخالفة بعضھم لبعضٍ بمقدار مقلتين منقلبتين شاخصتين الى شيء واحد فھما من حيث وضعھما لا من حيث الناظر بل مختلفتان ھذا متى وجب أن نشكو منھم الإعوجاج ولم يكن العمى ھو الشكوى منھما. والآن فإذا كنا قد أتينا بمقدار القصد فيما بيننا وبينكم فھات نعود الى الروح وأظن أنكم تتبعونني. إن الروح القدس كان وھو كذلك الآن ولا يزال لا بداءة له ولا نھاية ولكنه منتظم ومتصل ومعدودٌ مع
الآب والابن أبداً لأنه ما حسن قط أن يخلو الآب من الابن ولا الابن من الروح وإلا لو كان ذلك لكان اللاھوت عادماً للمجد في أكثر الأشياء. كأنه صار الى تمام كمال على تدرّج من رأي الى رأي. إلا أن الروح لم يزل ينال منه ولا يحتاج الى النوال. يتمّم ولا يتمَّم يكمّل ولا يكمَّل. يقدّس ولا يقدَّس. يؤلّه ولا يؤلَّه. وھو شيءٌ واحدٌ في ذاته موافق لھا دائماً ولمن ھو مرتَّب نعھا. لا يبصَر ولا يحويه زمان ولا يسعهُ مكان لا يستحيل. ولا يشوبهُ كيفية ولا كمية ولا صورة ولا لمسٌ ھو متحرك بذاته. ودائم بذاته. وقدرتهُ كلية. وإن كان الى العلة الأولى منتسباً فكما أن أسباب الابن الوحيد الى الآب راجعة كذلك أسباب الروح أيضاً. فھو حياةٍ ومحيٍ وھو نور ومانح نوراً. ھو في ذاته خير ومعدن للخيرات ھو روح مستقيم. رئيس. سيدٌ. مرسَل. مميّز. صانع محلاتٍ لذاته. ھادٍ . فاعل كما يشاءُ. موزع المواھب. ھو روح النبوة والحقّ والحكمة والفھم والمعرفة والكرامة والرأي والقوة والخوف ھذه الاشياء التي ھي معدودة. بهِ يعرَف الآب ويمجَّد الابن. ومنھما وحدھما يعلم بهِ فالانتظام واحد. والعبادة واحدة. والسجود واحد والقوة والتمام والتقديس – وما لي أطول – كلما للآب فھو للابن ما خلا أن ذاك غير مولود. وكلما ھو للابن فھو للروح ما خلا أن ذاك مولودٌ. وھذه الأشياء فليست بحسب رأيي تميّز جوھراً بل ھي تمييز حول الجوھر. فإن كنت تتمخض على المعاندة فإني أنا أتلھف
على ارسال الكلام. فأكرم يوم الروح واضبط لسانك قليلاً إن كان ذلك ممكناً فإن الكلام في ألسنٍ اخرى فاستحي منھا أوفخفھا فإنھا شوھدت كالنار. فسبيلنا اليوم أن نذكر الرأي مطلقاً ثم نصفهُ في غدٍ من حيث الصناعة وأن نعيد اليوم ونشتھر بالقبح في غدٍ. ويكون ھذا من معنى السرّ الروحاني وذاك من معنى مشاھد الھزل. ويكون ھذا في البيع وذاك في الاسواق. وھذا لمن كان صاحياً وذاك لمن كان سكران. ھذا لذي الجدّ وذاك لمن ھم في الھزل من قصدھم الروح والآن إذا كنا دفعنا الغريب فھات نصلح القريب.فھذا الروح لم يزل فعلهُ قديماً في القوات السماوية الملائكية وكل ما كان منھا حول لله لأنه لم يكن لھا التمام والنور وبعد الخفوف الى الشرّ وعدم الحركة إليهِ بالكلية من جھة أخرى لا من جھة الروح القدس. ثم كانت آثارهُ بعد ذلك في الآباءِ والأنبياءِ. فنھم من تخيل لله أو عرفه. ومنھم من سبق
فعرف ما يكون بما نقشه الروح في صفوة عقله فصاروا مشاھدين المستقبل كمشاھدة ما ھو حاضر إذ كانت كذلك قوة الروح. ثمَّ ظھر فعله في تلاميذ المسيح وأنا أترك أن أقول في المسيح الذي كان معهُ حاضراً ولم يكن فيهِ كفاعل بل كان كما يكون المشارك في الكرامة موافقاً. وكان اتصالهُ بالتلاميذ من ثلالثة اوجه بمقدار ما كان في طاقتھم أن يسعوهُ في أوقاتٍ ثلاثة منھا قبل تمجُّد المسيح بالأمم وبعد تمجيده بالقيامة وبعد ارتقائه وعودته الى السموات. أو غير ذلك مما ينبغي أن يقال. ويدلُّ على ذلك تطھيرھم في الأول من الأمراض والأرواح. وأن ذلك لم يكن خلواً من الروح. ثم النفخة بعد تمام التدبير ومن البيّن أنھا كانت منحة تزيد على غيرھا في الإلھية. وبعد ذلك ھذا التقسيم وتوزيع الألسن النارية الذي نحن معيّدوهُ اليوم إلا أن الأول كان خفياً والثاني كان أوفر بياناً وھذا أتمُّ. لأنه لم يكن حضوره في العقل والأثر كما كان في القديم بل كان ملابساً ومطابق اً كما قد يكاد الانسان يقول بالجوھرية وقد كان لائقاً لما نجانا الابن بالجسم أن يظھر ھذا من معنى جسم ولما عاد المسيح الى ذاته أن ينحدر إلينا ذاك قادماً كربّ مرسلاً كموافق غير مخالف. وھذه الألفاظ تدلُّ على الموافقة أكثرمن دلالتھا على فصل الطبائع ومن أجل ھذا كان ذلك بعد المسيح حتى لا نخلو من معزٍّ. ومن قبيل
آخر لتذكر أنت المساواة في الكرامة. لأن الآخر إنما ھو آخر ھواناً وھذا إنماھو اسم للمشاركة في الملك وليس ھو اسماً للھوان لأنه لا يقال آخر على من كانت طبائعه غريبة بل على من كان متفقاً بالجوھر.أما ظھوره في أَلسنٍ فلوضع اختصاصه بالنطق. وأما كونھا نارية فأنا أطلب في ذلك إحدى الخصلتين. إما أن يكون ذلك من أجل الطھارة. لأن القول عندنا قد عُرف ناراً مطھرة بحسب ما يعرف ذلك من يريدهُ من مواضع كثيرة. وإما من أجل الجوھر لأن إلھنا نار ونار مھلكة للفساد وإن كنت أنت تتسخط من حيث يضيق عليك أن يكون في الجوھر مساوياً. وأما أن الألسن كانت منقسمة فذلك كرسيّاً كان لاختلاف المواھب. وأما أنھا كانت جالسة فلأجل الملوكية والاستقرار في القديسين لأن ھو الشاروبيم. وأما نزوله في علية فإن لم يُظَنَّ بي التجاوز عن الواجب فذلك لاستعلاءِ القابلين إياه وارتفاعھم عن الأرضيين لأن ھنا علالي مكنوفة بمياه إلھية يسبح لله. ومع ذلك فيسوع نفسه في علية شارك في السرّ الذين كملوا في الرفيعات ليبيّن ھذا أنه في بعض المعاني ينبغي أن يتطأطأ لله إلينا بحسب ما عرفت أنه كان في القديم بموسى مصنوعاً وفي معنى آخر سبيلنا نحن أن نرتفع إليهِ ثم يصير ھكذا الاتصال فيما بين لله وبين البشريين بامتزاج الرتبتين. ولكن إذ أثبت كل واحد منھما
فيما يخصهُ أحدھما في شرفه والآخر في ذلتهِ فالجود حينئذٍ ممسك عن المخالطة في النوال والتفضل على البشر فلا وصول للمشاركة فيهِ. وقد حصل فيما بينھما ھوة عظيمة لا سبيل الى عبورھا ولا تكون مانعة للغني وحدهُ عن ألعازر وأحضان ابراھيم المأثورة بل تمنع الطبيعة الكائنة الزائلة عن غير الكائنة الثابتة. وھذا الروح قد أنذر بهِ الأنبياءُ حسب ما قيل "روح الربّ عليَّ الذي بهِ مسحني". وسوف يستقرُّ عليهِ سبعة ارواح. وانحدر روح الربّ فھداھم وأرشدھم. وروح علم أفعم بصلئيل رئيس صنَّاع قبَّة الزمان. وروح جديد رفع إيلياس على عجلة. وطلبهُ أليشع مضاعفاً. وداود اعتضد واھتدى بروحٍ صالح رئاسي وھذا الروح وعد بهِ في الأول على لسان يوئيل النبي في قولهِ: سيكون مؤمن وعلى بنيكم وبناتكم. وما الخ. في الايام الأخيرة أني أسكب من روحي على كل جسدٍ أي جسدٍ ووعد به أيضاً يسوع المسيح بعد ذلك لما مجَّد ومُجّد اي مجَّد الآب وجَّدهُ الآب وأما الميعاد فعمرٌ جزيل وھوأن يدوم الى الدھر ويثبت. أي مع المستحقين له الآن على ممرّ الأوقات. وفي الآخرة مع مَن يستأھله ھناك. إذا نحن حفظناهُ في سيرتنا كاملاً وام نطرحهُ بمقدار خطايانا. ھذا الروح خلق الخليقة والقيامة مع الابن ويحقق ذلك عندك قوله بكلمة الرب تشددت السموات وبروح فيهِ كل قواتھا. وقوله روح الإله صنعني ونسمة ضابط الكل ھي التي تعملني وقولهُ في موضع آخر ترسل روحك فيخلقون وتجدّد وجه الأرض. وھو الذي يصنع الميلاد الثاني الذي ھو روحاني. ويحقق ذلك عندك قولهُ: إنهُ لا يمكن أحد أن يرى ملكوت السموات أو يصل إليھا إذا لم يولد من فوق بالروح.
وإن لم يتطھر من المولود الأول الذي ھو سرٌّ من أسرار الليل بخلقة نھارية مضيئة يخلقھا كل أحدٍ في ذاته. ھذا الروح حكيم جدّاً يحبُّ البشر حبّاً شديداً فإن أخذ شاباً من الرعاة جعله مظفراً بالغرباء ولك شھادة على ھذا ظفر داود بجليات وجعلهُ طارداً الأرواح النجسة بالحانهِ وترنمهِ وأشھرهُ على اسرائيل ملكاً وإن أخذ راعي غنم مق لماً ثوبهُ جعلهُ نبيّاً فاذكر في ذلك داود وعاموص وموسى كليم لله. وإن أخذ غلاماً ذكياًّ جعلهُ مع صغر سنهِ قاضياً على الشيوخ ويشھد بذلك دانيال الذي غلب الاسد في الجبّ. وإن مجد صيّادين صادھم المسيح ليتصيدوا العالم بشصّ كلامھم وخذ لي في ھذا بطرس وأندريا وبني الرعد الذين أرعدوا الروحانيات. وإن كانوا عشَّارين فھو يربح منھم التلمذة ويصنعھم وصار اليوم بشيراً وإن كانوا ◌ً تجاراً ليسافرون بالأرواح والقائل ذلك متى الذي أمس عشّاراَ مضطھدين ملتھبين أَحال غيرتھم وجعلھم كبولس بدلاً من شاول وبلغوا في حسن العبادة ما بلغوهُ في الشرّ وھذا الروح ھو روح دعةٍ إلا أنه يحتدُّ على الخطأة فسبيلنا أن نباشرهُ وديعاً لا غضوباً باعترافنا بما ھو أھلهُ ونفورنا من مسبَّتهِ ولا نؤثر أن نراهُ ساخطاً سخطاً لا غفران لهُ. وھذا الروح ھو الذي جعلني لكم اليوم نذيراً جرياً فإن لم ينلني شيءٌ من المكروه فللَّه المنَّة ولإن نالني فالمنَّة
أيضاً كذلك. ففي الأول من ھذين الإشفاق على مبغضينا. وفي الثاني يقدسنا. ويكون ھذا الثواب خدمتنا في بشارتهِ أن نتوفى بدمائنا. وأما أن كلامھم كان بألسن غريبة ليست ألسن آبائھم فإن ذلك لعجب عظيم كلامٌ نطق ممن لم يكن قد تعلمهُ والآية في ھذا للكفار وليست للمؤمنين لتكون خصماً لمن لا إيمان له. وقد كُتِب في ذلك "أني سأخاطب ھذا الشعب بشفاهٍ أخرى وألسنٍ غير ھذه ولا ھكذا يسمعون قال الرب". وأما في القول عنھم أنھم سمعوا فأمسك ھھنا قليلاً واشكك وانظر كيف نميز القول. فإن في اللفظة شكّ اً بيانهُ في الوقوف على ھذه النقطة. ھل سمع كل واحدٍ كلاماً بلغتهِ كأن الصوت كان في انطلاقهِ واحداً ثم سُمع أصواتاً كثيرة من جھة انفصالهِ في طنين الھواء. وإن زدت كلامي بياناً قلتُ كأن الصوت صار أصواتاً. أو سبيلنا أن نقول سمعوا ونقف ثم أنھم كانوا يتكلمون بلغاتھم ونضمُّ اللغات الى ما يتلو حتى يكون كلامھم بلغات السامعين التي ھي غريبة عند الناطقين فھذا ھو رأيي لأن العجيبة إذا كان الأول تكون من السامعين أكثر منھا من الناطقين. وأما كونھا ھكذا على المعنى الثاني
قتكون من الناطقين الذين نُسِبوا الى السكر عندما صنعوا ھذه العجيبة بالروح في اللغات. إلا أن تشتُّت اللغات في القديم كان ممدوحاً عندما بنى البرج الذين كان اتفاق لغاتھم من الرداءّة صادراً والى الكفر مؤدياً كما يتجاسر البعض في ھذا الوقت. إلا أن اتفاق رأي أولئك القدماءَ لما انحلَّ باختلاف لغاتھم انحلَّ مع ذلك مرامھم. وأما العجيبة التي كانت الآن في انقسام ھذه الألسن فھي أشدُّ عجباً وبحسب ذلك وصفھا ونعتھا: فأولاً لأنھا نعمة انصبَّت من روحٍ واحدٍ الى جماعة ثمَّ اجتمعت الى نظامٍ واحدٍ وصار الفرق في المواھب محتاجاً الى موھبة أُخرى في تمييز الأفضل وإلاّ فكلّھا لا تحلو من شيء ممدوح. وھذا الانقسام أيضاّ جيّدٌ وھو الذي ذكرهُ داود في قولهِ: "غرّق يا ربّ وفرّق ألسنتھم" لماذا؟ لأنھم أحبوا كلام التغريق كلهُ وألسناً مغتالة كانت دغلة إنما كان الألسن التي ھھنا ظاھراً وھي التي تبترُ اللاھوت. ھذا من الكلام فلينتهِ الى ھھنا مقدارهُ.إلا أن الألسن لما كان خطابھا لسكان أورشليم من أتقياءِ اليھود من الفرس وأھل خراسان والعجم والديلم وأھل الأھواز والأقباط والإفريقيين والإقريطشيين والعرب وأھل الجزيرة وأھلي أناالكبادوكيين ومن كان من كلّ أمّة تحت السماءِ قد اجتمع ھناك من اليھود بحسب ما يفھمهُ الإنسان. فمن الواجب أن ننظر مَنْ كان ھؤلاءِ؟ ومن أيّ سبيٍ اجتمعوا لأن النقلة الى مصر والى بابل قد كانتا محدودتين ثمَّ انحلَّتا بالعودة. وأما نقلتھم وتشتيتھم من قبل الروم فلم يكن تمَّ بعدُ بل كان عتيداً أن يقدعقوبةً على ما جسروا عليهِ ضدَّ المخلّص. بقي الآن أن نتوھم أن ذلك من سبي أنتيوخس الذي لم يكن بعيد القدمة من ھذه الأوقات. فإن كان أحد لا يقبل ھذا الشرح وكان فيهِ فضلٌ في البحث من حيث الاحتجاج بأن السبي لا يكن عتيقاً ولم ينبسط في جميع المسكونة وطلب ھذا الانسان ما ھو أقنع مما ذكرناهُ فيجوز أن نرى ما ھو أكثر بياناً من ھذا. إن ھذه الأمة قد جُلِبت دفعاتٍ وسباھا جماعة بحسب ما ذكرهُ عزرا الكاتب فعاد عدة أسباط وتأخَّر منھا جماعة تفرقوا في أممٍ شتى فجاز أن يكون قد حضر جماعة منھم في ذلك الوقت فوصلوا الى ھذه العجيبة. وقد فحص عن ھذا محبُّو العلم فحصاً لعلَّهُ لا يُنسَب الى زيادة على ما يحتاج إليهِ. ومھما أحضرهُ غيرنا لھذا اليوم فھو مشارك لنا فيما أحضرناهُ.والآن قد حان لنا أن نطلق ھذا الجمع إذ كان فيما قلناهُ كفاية. وأما الموسم فلا نسرحهُ ابداً بل سبيلنا أن نعيّد دائماً أمّا الآن فأعياداً بعضھا جسمانية وأما بعد قليل فكلھا روحانية بحيث نعرف أحوال ھذه الأشياء معرفة جلية بيّنة بالكلمة نفسهِ الذي ھو الھنا وربنا يسوع المسيح الذي ھو العيد الصادق والفرح الأھل الخلاص المجدُ والعزُّ والكرامة للآب الأزلي. معهُ. ومع الروح القدس المحيي دائماً الآن والى الدھر. آمين.
القديس غريغوريوس اللاھوتي

عدد الزيارات 443

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل