أمور تبدو صغيرة ذات مدلولات كبيرة ج2

02 يوليو 2021
Large image

اجتاحَت ضيقة شديدة حياةَ أحد الأحباء.. كانت نفسيّته وكأنّه أحاطتْ بها ظُلمة شديدة أو كأنّه انحبَس في فخٍّ ولا خروج، فكانت نفسُهُ مُرَّةً فيه. فلجأ إلى الصلاة بلجاجة ودموع، وطلب بصراخ الليل والنهار. وطالت به الأيام وهو في ذات الحال. وكأنَّ الصلاة تذهَب أدراج الرياح.. وكأنَّ ليس مَن يَسمع. وكانت نفسه تنزوي كلّ يومٍ وكاد يدخل في يأسٍ قاتل.قال لي: «عندي أيقونة للسيد المسيح أحبّها وأحبّ أن أتطلّع إليها. وأصلّي أمامها.. وأعلَم أنّه يَسمع لي. فكنتُ في هذه الأيام التي اكتنفتني فيها هذه الضيقة أخلدُ إلى هذه الأيقونة وأضع رأسي المُتعَب عليها. وجاءني فكرٌ داخلي قلتُهُ للربّ، ولم يكُن يخطر على بالي من قبل، كنت أقول للربّ: احتضنّي.. خُذني في حضنك. وظللت على هذه الحالة قرابة شهر كامل. وفي ليلة الأحد الماضي وأنا أقول للربّ أمام الأيقونة.. احتضنّي. راجعتُ نفسي وقلتُ كيف؟! هل ينزل الرب من السماء ليحتضنّي؟! ما هذا الذي أنا أطلبه من الرب هذه الثلاثين يومًا.. هل هذا معقول؟
ثم صليتُ ونمتُ.. قمتُ باكرًا وحضرتُ إلى الكنيسة. صليتُ القُدّاس، وشعرتُ بعزاء فوق العادة. وتناولتُ من الأسرار.. وكانت كلمات القراءات وكلمات القداس كلّها موجّهة إلى نفسي.. لم أشعر هكذا من قبل. وبعد القداس الإلهي كنت أنا وزوجتي وبعض الأحبّاء واقفين.. فسلّمتُ عليهم وجئتَ أنت إليَّ وفوجئتُ أنّك تأخذني في حضنك.. أنا وحدي دون جميع الواقفين.. ولم تكُن هذه عادتك، وعلى مدى سنوات معرفتي بك لم يحدُث هذا الأمر.احتضنتني بقوّة.. لم أملك نفسي.. ارتميتُ في حضنك وبكيتُ.. وأزال الربُّ الضيق. وقلتُ: أُعظّمك يا رب لأنّك احتضنتني.. وعلمتُ أنّ الله سمع صوت بكائي. واستجابَ طلبتي الغريبة التي كنت أتوسل إليه أن يحتضني. ولم يقف الأمر عند العمل الداخلي للنعمة، أنّ الرب آزَر نفسي وعزَّاني.. بل تجاوزه إلى الفِعل الحِسّي، عندما شعرتُ أنّ الله أرسلك لتتمّم شهوة قلبي. فتَقَوَّى إيماني بالرب، وعلمتُ أنّه يسمع صراخ المساكين».في الحقيقة لستُ أعلم ما الذي دفعني حتّى أفعل هذا.. شعرتُ وأنا أُسلّم على الرجل أنّ دافعًا أقوى مِنِّي يدفعني أن أفعل هذا؛ كأنّ شوقًا ومحبّة قويّة أريد أن أُعبِّر عنها نحوه. مع أنّ الرجل من عامّة الشعب، ولم أكُن أعلَم شيئًا عمّا يجوز فيه مِن ضيقة، أو ما هي ظروفه. فلما وجدتُه يبكي على كتفي بدون مُقدِّمات تعجّبتُ. فلمّا سألته على انفراد، حكى لي ما كان مَخفِيًّا عنّي. فمجدتُ الله الذي يعمل أكثر مِمّا نفهم أو نسأل. «وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا» (أف3: 20).
المتنيح القمص لوقا سيداروس

عدد الزيارات 375

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل