الإحتمال فى حياة أمنا العذراء

15 أغسطس 2021
Large image

من سمات جيلنا أنه ليس لنا احتمال لأي شئ أو حتى لبعضنا لكننا نجد أن في حياة أُمنا العذراء أنواع احتمال كثيرة :-
1- احتمال اليُتم :-
تنيح أبوها وهي في عُمر ستة سنوات وتنيحت أمها وهي في عُمر ثمانية سنوات أي حُرِمت من مشاعر الأبوة والأمومة منذ طفولتها واحتملت دائماً يحتاج الإنسان إلى تدليل وتلبية احتياجاته أُمنا العذراء حُرِمت من حقها في الإعتناء بها ولا يوجد لها أقارب يُشبعون لها احتياجاتها النفسية والعاطفية أيضاً لم تجد من يوجهها في حياتها وسلوكها لكن هذا الإحتمال كان سبب بركة في حياتها ولم يُسبب هذا الحرمان تعب لها بل إحلال الله يريد أن يملأ عواطفنا لكن نحن لا نعطيه الفرصة ونملأها بمعرفتنا داخل كل واحد منا مستودع عاطفي نملأه بطريقتنا ويأتي الله ليدخل فلا يجد له مكان لا أُمنا العذراء حدث لها تفريغ لعاطفتها فملأها الله كما يقول الكتاب ” إن أبي وأُمي قد تركاني وأما الرب فقبلني “ ( مز 27 : 10 ) ويقول أحد الآباء ” إخلِ المكان ليسوع “ملأ الله مستودع عاطفتها بمشاعر مقدسة قد يرى الإنسان أن الله قاسي وهذه نظرة إنسانية بحتة لكن لا الله له إرادة أن كل جزء يُفرغ داخلك يملأه هو الذي يحيا الرهبنة يترك أهله ليصنع إخلاء للمشاعر ليُشبعه الله ويصير هو الكل بالنسبة لهذه النفس .
2- احتمال الفقر :-
كانت فقيرة كانت في الهيكل ليس لها أي دخل مادي وليس لها أي طلبات تُلبَّى قد لا يتحكم الإنسان في طلباته لكن أُمنا العذراء ليس لها أي طلبات حتى عندما جاء ميعاد ولادتها لرب المجد يسوع لم تجد مكان تلد فيه والذي وجدته كان كريه الرائحة مجرد مذود للحيوان وصعب لو لم تكن فقيرة مكتفية ما كانت تحتمل ذلك قديماً لم يكن لديهم أثاث فاخر في منازلهم مجرد أساسيات الحياة البسيطة سرير كرسي منضدة وكان هذا عمل يوسف النجار مجرد تصليح هذه الأمور البسيطة فكان دخله بسيط وعندما هربت العائلة المقدسة إلى مصر معروف أن الشخص الحِرَفي يكون معروف في مكانه فقط لكن إذا انتقل لمكان آخر يصير غير معروف وبالتالي لا يعمل فيقول التقليد أن العائلة المقدسة في مصر كانت تبيع من الذهب الذي أهداه لهم المجوس ليُنفقوا منه وعندما عادوا إلى الناصرة طُردوا منها بعد أُسبوع فذهبوا إلى الجليل ولم يكن لهم مسكن في الجليل بدليل أن المسيح على الصليب سلَّم أُمنا العذراء ليوحنا الحبيب لو كان لها بيت ما عَهَد بها ليوحنا فتاة هذا الجيل عندما يتقدم لها شخص للإرتباط لو كان غني تغفر له كل أخطاؤه مقابل غناه أُمنا العذراء عاشت الفقر في أقصى درجاته أُم لها طفل رضيع لا تجد ما تأكله فكانت تأكل عند آخرين والبعض يقبل أن يُطعمها والبعض لا نحن في عصر مادي استهلاكي يجعل الإنسان لا يقنع بما له العذراء قبلت الفقر وشكرت لم تتمرد ولم تغضب من يوسف إنه فقير لا يُلبي احتياجاتها لا يعطي الإنسان قيمة سوى الإنسان نفسه البابا كيرلس السادس كان يرتدي ثياب قديمة إن أردنا بيعها في مزاد ستُباع بمليون بينما لو إنسان ردئ السمعة ارتدى ملابس بملايين لا تساوي شئ لأنه إنسان ردئ أرجوك لا تؤله الشئ ولا تُشيئ الإنسان .
3- احتمال الشك :-
لم تُعلن أُمنا العذراء ليوسف النجار وللناس كيف صارت حُبلى لم تقل إن الملاك بشَّرها بالحَبَل الإلهي نسألها لماذا لم تدافِع عن نفسها ؟ تقول بماذا أدافع ؟ هل أقول لهم لقد حل عليَّ الروح القدس ؟ هل أقول إن الملاك بشرني ؟ لن يصدق أحد ذلك والشك يا أُمنا يا عذراء ؟ ونظرات الناس ؟ إحتملت كل ذلك سيف قاسي جداً عندما يعيش إنسان في شر وخطية والناس تنظر له نظرات رديئة لا يهمه لكن عندما يُقال إن أُمنا العذراء أُم القدوس يُنظر لها نظرات رديئة ويُشك في قداستها وعفتها هذا أمر صعب جداً لكنها صمتت واحتملت وفضَّلِت إنه كما بشَّرها الملاك هكذا هو الذي يدافع عنها هناك عند اليهود شريعة تُسمى " شريعة المياه المرة " تتم مع المرأة التي يشك زوجها في عفتها فيأتون بكوب ماء وتُذاب فيها ورقة مكتوب فيها الوصية ثم تشرب المرأة من هذا الماء إن كانت زانية تسقط بطنها وتتورم رجليها وإن كانت غير زانية لا تتأثر بشئ أُمنا العذراء تمت معها هذه الشريعة واحتملت أن تكون مُستهترة .
4- احتمال التعب :-
أُمنا العذراء كانت في الهيكل لم تكن مستريحة لأن الهيكل في العهد القديم كله ذبائح ونار وحيوانات صيد لم تُذبح بعد ونفايات حيوانات وروائح كريهة وكان عمل العذراء نظافة الهيكل واحتملت التعب منذ طفولتها ثم خُطِبت ليوسف وكان رجل مُسن واحتملت خدمته ثم احتملت تربية وحمل الطفل يسوع ثم الهروب لمصر دون أن تعرِف أحد فيها ولم يستضِفها أحد هناك وعادت لليهودية تعب ليس لها مكان تستقر فيه وبعد رجوعها كانت تنتقل مع يسوع من مكان لمكان لأنه ليس لها أين تسند رأسها فكانت يوم عند مريم ومرثا ويوم عند بطرس واحتملت التعب كثيراً ما نطلب الراحة بشكل كبير ونطلب خدمة أنفسنا وأجسادنا معروف إن الإنسان الذي ليس له مكان يكون متوتر أُمنا العذراء تعبت في عدم استقرارها رغم إنها السماء الثانية وموضع سُكنى الله .
5- احتمال الإهانات :-
أكثر الإهانات التي احتملتها أُمنا العذراء هي الشك وما قبلته عن ابنها يسوع عندما كان يُقال له أنه سامري وبه شيطان أو إنه مُختل صعب على الأم أن تحتمل إهانة ابنها وأيضاً على الصليب نال تعييرات كثيرة وإهانات وضرب ولطم وجلد وبعد صلبه وقيامته وصعوده لم تنتهي الإهانات بل حاول اليهود محاصرة المسيحية وظهر ذلك في استشهاد إستفانوس وكيف كانوا متضايقين من المسيحية لكن الرومان أهملوا المسيحية وسمحوا لليهود أن يرجموا إستفانوس رغم أن الرومان كانوا قد حرَّموا على اليهود تنفيذ أحكام الإعدام يحاكموا كما يشاءون لكن ليس من حقهم أن يحكموا بإعدام شخص إلا في حالة إعدام إستفانوس سمحوا لهم أن يرجموه أربعة عشر سنة عاشتها أُمنا العذراء بعد ربنا يسوع احتملت فيها آلام شديدة من قطع رؤوس الرسل وآلامهم وسجنهم وهذه آلام صعبة حتى أن اليهود اضطهدوا أُمنا العذراء نفسها لأنها أُمه وعندما عرفوا بخبر نياحتها أرادوا منع موكب الجناز حتى لا يحدث تجمهر لئلا يثبُت أن للحركة المسيحية أتباع كثيرين ولم يستطيعوا حتى أن أحد اليهود المتعصبين مد يده لنعش العذراء ليمنع سير الموكب فشُّلت يده ويقول التقليد أنه هو نفسه المُقعد الذي شفاه رب المجد يسوع وقال له ” ها أنت قد برِئت فلا تُخطئ أيضاً لئلا يكون لك أشر “ ( يو 5 : 14) وشفاه التلاميذ ليسير موكب الجناز وعندما صعد جسدها وفتح التلاميذ قبرها ولم يجدوا الجسد تخيلوا أن اليهود سرقوه لكن توما عرَّفهم أن جسدها صعد فصاموا خمسة عشر يوماً ليروا منظر صعود الجسد وكان مع توما دليل صعود جسدها الزنار الذي كان على جسدها في القبر .
6- احتمال المجد :-
سهل احتمال الإهانة لكن صعب احتمال المجد والكرامة وكما قال أحد الآباء أن احتمال الكرامة أصعب من احتمال الإهانة لأنه يؤدي إلى كبرياء أُمنا العذراء احتملت المجد في صمت كل هذا المجد ولم تشعر إنها مُميزة عن غيرها خدمت أليصابات لو شعرت بمجدها كأم لله ما ذهبت لأليصابات لأنها هي أيضاً حُبلى مثلها يقول المديح” أقدامِك عجلات نار في بيت أليصابات “ أي خدمت بحماس ..لم تشعر أنه يجب على الآخرين أن يمجدوها كون إنها تحتمل الإهانة فهذا أمر سهل لكن أن تحتمل المجد هذا صعب تقول الأم سارة” يليق أن يعطي الراهب فضة لشاتميه “ في أحد الأيام بعد ما أنهى المتنيح أبونا بيشوي كامل العظة صعد له شخص إلى الهيكل وقال له إنها كانت عظة جميلة جداً أفضل ما سمع في حياته وسأله هل قال لك أحد ذلك ؟ أردت أن أكون أول من أبدى إعجابه بالعظة لكن أبونا بيشوي قال له نعم هناك آخر قال لي ذلك قبلك الشيطان أُمنا العذراء احتملت المجد إنها أُم الله وقالت ” لأنه نظر إلى اتضاع أمته “ ( لو 1 : 48 )إن كانت أُم الطبيب أو الضابط أولا يسعها أحد دائماً الأم تستمد سلطانها من ابنها بالفطرة يقول مارإسحق ” لا تتضايق من الذين يُشاركونك في صُنع إكليلك “أيضاُ يقول ذهبي الفم ” قيلَ عن الرعاة أن الإهانة مكسب لهم والكرامة ثِقَل عليهم “لذلك يقول للخدام ” لا تشتهي دائماً أن تكون رأساً لأن الرأس كثيرة الأوجاع “ لأن في الطب آلام للرأس مُحيرة جداً أُمنا العذراء احتملت المجد وكانت صامتة أسرار كثيرة في حياتها لم تكشفها ولم نعرفها لكننا عرفنا بعضها بالصدفة ولوقا الطبيب كان أكثر شخص تكلم عن التجسد لأنه كان صديق شخصي لها أسرار رحلة هروب العائلة المقدسة لمصر قالتها للبابا ثاؤفيلس الذي كان يحب العذراء جداً وظلَّ يسألها فحكت له تفاصيل أسرار الهروب لمصر وهو الذي دوَّنها لم تقُل شئ من قبل تعلَّم من أُمنا العذراء الإحتمال مشكلة جيلنا التذمر وعدم الرضا لا نفكر إلا في مشاكلنا فنرى حياتنا أصعب حياة عندما يكتشف الإنسان أن حياته في يد الله يشعر بسرور ورضى ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين.
القمص انطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية

عدد الزيارات 688

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل