علاقة العذراء مريم بآباء وأنبياء العهد القديم ج2

16 أغسطس 2021
Large image

السلام لك يا مريم تهليل يعقوب :
+ بينما كان يعقوب هاربا خائفا من أخيه عيسو أدركه الليل فنام فرأى سلما منصوبا على الأرض ورأسها يمس السماء ، وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها وهوذا الرب واقف عليها .
فقال : " أنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله اسحق ، الأرض التى أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك " ( تك 28 : 12 – 15 ) .
فاطمأن يعقوب بسبب مواعيد الله الغنية وسار فى طريقه متهللا .
السلم الذى رآه يعقوب يرمز إلى العذراء مريم التى حل الرب فى بطنها فوصلت بين السماء والأرض بعد قطيعة طويلة ، فقد كان التجسد بداية الصلح والأتصال بين الله والإنسان .
كانت الملائكة تسبح الرب وهو طفل مولود فى حجر العذراء مريم كما يشهد بذلك لبش الثلاثاء قائلا : " أفرحى يا مريم العبدة والأم لأن الذى فى حجرك تسبحه الملائكة ، والشاروبيم تسجد له باستحقاق والسيرافيم بغير فتور ، يرفرفون بأجنحتهم قائلين هذا هو ملك المجد رافع خطية العالم كعظيم رحمته .
أما تشبيه العذراء مريم بالسلم فيأتى فى القطعة الثامنة من ثيئوتوكية السبت هكذا : " شبهت بالسلم الذى رآه يعقوب مرتفعا إلى السماء والرب المخوف عليه " .
+ تهلل يعقوب أيضا عندما رأى من بعيد بعين النبوة مجىء " شيلون ( أى ابن الله الحى ) من نسل إبنه المحبوب يهوذا قائلا " لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتى شيلون وله يكون خضوع شعوب ( تك 49 : 10 ) "
ومعروف أن العذراء مريم والدة ( شيلون ) هى من نسل يهوذا بن يعقوب ، والحكيم يقول " تاج الشيوخ بنو البنين ( أم 27 : 6 ) " .
+ كان ليعقوب زوجتان : ليئة وراحيل ، كانت ليئة هى الكبرى وكانت عيناها ضعيفتين ، وهى تمثل العهد القديم بشرائعه وطقوسه الضعيفة التى لا تقدر على رفع الخطايا ، أما راحيل وهى الصغرى فكانت جميلة ومحبوبة ، وهى تمثل العهد الجديد – عهد النعمة والمحبة – الذى جاء مكملا لكل نقائص العهد القديم .
هكذا المسيح – الأسد الخارج من سبط يهوذا بن يعقوب – هو رب العهدين ، أوحى بالعهد القديم للأنبياء . ثم جاء بنفسه ليعطينا العهد الجديد بدمه لغفران الخطايا . وقال بنفسه " لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل" ( مت 5 : 17 ) وقال الرسول : " الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة بإبنه" ( عب 1 : 1 ) .
السلام لك يا مريم فخر يهوذا :
السيد المسيح له المجد هو الأسد الخارج من سبط يهوذا ، والعذراء هى بنت يهوذا أى من نسله . ولما حصلت العذراء مريم على كل هذا الفخر والتكريم والتمجيد فى جميع الأجيال وفى جميع الأقطار بسبب أمومتها الطاهرة للمسيح الإله المتجسد لخلاص العالم ، انعكس كل هذا التكريم على يهوذا أبيها ونال هو قسطا من هذا الفخر والكرامة بسبب أبوته للقديسة مريم والدة الإله ، ويقول الرسول " فإنه واضح أن ربنا قد طلع من سبط يهوذا " ( عب 7 : 14 ) ويخبرنا الكتاب أن " يهوذا اعتز على أخوته ومنه الرئيس " ( 1 أى 5 : 2 ) .
السلام لك يا مريم كرازة موسى :
كان موسى وديعا وحليما جدا ، لقد قال عنه الكتاب " وأما الرجل موسى فكان حليما جدا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض " ( عد 12 : 3 ) ولذلك رفعه الله ليكون قائدا للشعب ونبيا عظيما جدا .
وكان فى ذلك مثالا للعذراء مريم الحمامة الحسنة الوديعة الهادئة ، التى كانت بحق فى زمانها وديعة جدا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض ، ولعل من أجل هذا السبب بالذات أحتارها الله لتكون أما لمخلص العالم مانحا إياها هذا الشرف العظيم مكافأة لأتضاعها ووداعتها حسب وعد الله المبارك القائل" كل من يضع نفسه يرفع " ( مت 23 : 12 ) بينما كان موسى يرعى غنم يثرون حميه فى برية سيناء جاء إلى جبل الله حوريب ( خر 3 : 1 ) فظهر له الله فى وسط عليقة ( شجرة صغيرة ) فنظر موسى " وإذ العليقة تتوقد بالنار والعليقة لم تكن تحترق" ( خر 3 : 2 ) ومن هناك كلفه الرب بمهمة اخراج بنى اسرائيل من مصر .
العليقة ترمز إلى العذراء القديسة مريم التى حملت فى داخلها جمر اللاهوت ولم تحترق ، وقد اسهبت كتب الكنيسة فى عقد هذه المقارنة الرائعة بين عليقة موسى والعذراء مريم . فتقول ثيئوطوكية الخميس" العليقة التى رآها موسى النبى فى البرية والنار مشتعلة فيها ولم تحترق أغصانها هى مثال مريم العذراء غير الدنسة التى أتى وتجسد منها كلمة الآب ، ونار لاهوته لم تحرق بطن العذراء وأيضا بعد ما ولدته بقيت عذراء " ( القطعة الأولى ) ، وإبصالية العليقة المشهورة التى تقال فى أيام الخميس من شهر كيهك المبارك نقول فى مطلعها :
" العليقة التى رآها موسى النبى فى البرية والنيران تشعل جواها ولم تمسها بأذية " .
" مثال أم النور طوباها حملت جمر اللاهوتية تسعة أشهر فى أحشاها وهى عذراء ببكورية " .
+ صنع موسى خيمة الأجتماع أو قبة الشهادة كما يسميها حسب المثالات التى أراها الله له فى الجبل ، وكانت تلك الخيمة مشحونة بالرموز عن السيد المسيح له المجد ، وعن أمه العذراء القديسة مريم ، وكان ذلك بمثابة كرازة مسبقة من موسى رئيس الأنبياء عن مجىء المسيح وولادته من العذراء الطاهرة ميلادا عذراويا طاهرا فمثلا :
+ كان أهم جزء فى خيمة الإجتماع هو قدس الأقداس حيث وضع فيه موسى لوحى العهد المكتوب فيهما الوصايا العشر التى قالها له الله .
قدس الأقداس يرمز إلى العذراء القديسة مريم التى حملت المسيح كلمة الله المتجسد .
+ صنع موسى التابوت المصفح بالذهب من كل ناحية ، وهو يرمز إلى العذراء الطاهرة داخلا وخارجا .
+ صنع موسى قسطا ذهبيا ووضع فيه كمية من المن الذى كان يأكله الشعب فى برية سيناء كشهادة أبدية على عناية الله بشعه .
كان القسط الذهبى يرمز إلى العذراء والمن الذى بداخله يرمز إلى المسيح خبز الحياة النازلمن السماء الذى كل من يأكل منه لا يموت إلى الأبد بل تكون له حياة أبدية .صنع موسى منارة من الذهب النقى ليوضع عليها السراج الذى لا ينطفىء أبدا داخل خيمة الأجتماع . المنارة الذهبية ترمز للعذراء مريم والسراج الذى عليها يرمز للسيد المسيح نور العالم الساكن فى نور لا يدنى منه ، والذى جاء إلى العالم لينير الطريق للسالكين فى الظلمة وظلال الموت وكل من يتبعه يسير فى النور ولا يدركه الظلام .
تقول ثيئوتوكية الأحد : أنت هى المنارة الذهب النقى الحاملة المصباح المتقد كل حين الذى هو نور العالم غير المقترب إليه الذى من النور غير المدنى منه ( قطعة 5 ) صنع موسى مجمرة من ذهب يوقد فيها الكاهن الجمر ويضع عليه البخور بها على مذبح البخور . المجمرة الذهب ترمز للعذراء مريم وجمر النار يرمز إلى لاهوت المسيح الذى سكن فى بطنها تسعة شهور ولم تحترق أحشاءها كما أن جمر النار لا يحرق المجمرة وتقول ثيئوتوكية الأحد " أنت هى المجمرة الذهب النقى الحاملة جمر النار المباركة الذى يؤخذ من على المذبح يطهر الخطايا ويمحو الأثام . أى الله الكلمة الذى تجسد منك ورفع ذاته بخورا إلى الله أبيه ( قطعة 6 ) ثم تضيف نفس القطعة " حينئذ لا أخطىء فى شىء إذا ما دعوتك المجمرة الذهب " جمع موسى عصى رؤساء الأسباط ووضعها فى خيمة الإجتماع أمام الشهادة بناء على أمر الرب ( عدد 17 ) " وفى الغد دخل موسى إلى خيمة الشهادة وإذا عصا هارون لبيت لاوى قد أفرخت ، أخرجت فروخا وأزهرت زهرا وأنضجت لوزا ( عدد 17 : 8 ) ، وكان ذلك بدون أن يغرسها موسى فى الأرض أو يسقيها بالماء عصا هارون ترمز إلى العذراء القديسة مريم التى ولدت المسيح ثمرة الحياة بدون غرس ولا سقى أى بدون زرع بشر أو زواج طبيعى وتقول ثيئوتوكية الأحد " عصا هارون التى أزهرت بغير غرس ولا سقى هى مثال لك يا من ولدت المسيح إلهنا . بالحقيقة بغير زرع بشر وأنت عذراء
( قطعة 7 ) .
رموز كثيرة جدا صنعها موسى تكرز وتبشر لكل من يتأملها ويسبر غورها ، تكرز بميلاد المسيح من العذراء الطاهرة بطيقة إلهية إعجازية وتقول ثيئوتوكية الأحد فى مطلع القطعة " 15 " ( من يقدر أن يصف كرامة القبة التى زينها النبى لما رآها المعلمون المختارون للكتب المقدسة تعجبوا جدا ) .
وبجانب هذه الرموز التى صنعها موسى تنبأ نبوة صريحة عن مجىء المسيح وأوصى شعه أن يسمعوا له قائلا " يقيم لك الرب إلهك نبيا فى وسطك من إخوتك مثلى له تسمعون " تث 18 : 15 .
وبناء على كل هذه الرموز والنبوات قال السيد المسيح مرة موبخا اليهود " لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقوننى لأنه هو كتب عنى " ( يو 5 : 46 ) .
السلام لك يا مريم كرامة صموئيل
ولادة صموئيل النبى وولادة القديسة مريم من والديها يواقيم وحنة متشابهين ، كانت حنة أم صموئيل عاقرا وصلت إلى الرب أن يعطيها نسلا فتجعله نذيرا للرب ليخدمه فى هيكل قدسه فسمع الرب صوتها وأعطاها صموئيل ، ولما كبر قليلا أحضرته إلى هيكل الرب وسلمته إلى عالى الكاهن ليخدم الرب ويخدم الكهنة .
نفس الأمر يتكرر بخصوص القديسة مريم فقد كانت أمها حنة وهو نفس اسم أم صموئيل النبى كانت حنة عاقرا فصلت إلى الرب ونذرت نسلها للرب فأستجاب الرب طلبتها وأعطاها إبنة دعتها مريم ولما كبرت قليلا سلمتها إلى زكريا الكاهن لتعيش فى الهيكل وتخدم الرب وتعبده ، وتخدم الكهنة .
أمر آخر يتشابه فيه صموئيل النبى والعذراء مريم فقد اختار الرب كلا منهما منذ صغره ليقوم بمهمة إلهية خطيرة .بينما صموئيل صبى صغير وكان نائما فى مخدعه فى الهيكل ناداه الرب صموئيل صموئيل ، ولما تحقق أنه صوت الرب قال كما لقنه عالى الكاهن معلمه :" تكلم يارب فإن عبدك سامع " ( 1 صم 3 ) فكلفه الرب بأن يحل محل عالى الكاهن فى قيادة الشعب وتعليمه وأن يقوم بعمل القضاء للشعب لحل مشاكله .مريم الصبية الصغيرة سلمها الكهنة لقريبها البار يوسف الطاهر ليحفظها فى بيته فجاء إليها الملاك وبشرها بأمر التكليف الصادر من قبل الرب بأن الروح القدس يحل عليها وقوة العلى تظللها فتحبل وتلد يسوع المسيح مخلص العالم كله فقبلت المهمة بإتضاع وتسليم وقالت " هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك فمضى من عندها الملاك " ( لو 1 : 38 ) .
لذلك نال كل منهما كرامة عالية وتشرف بخدمة الرب منذ صباه ، وقام كل منهما بمهمة خطيرة بتكليف من الرب نفسه ونجحا فى ذلك أعظم نجاح .
السلام لك يا مريم فخر إسرائيل :
القديسة مريم بأمومتها العذراوية الطاهرة للمسيح ابن الله المتجسد أصبحت أشرف نساء العالمين هى فخر الجنس البشرى عامة ، وفخر إسرائيل خاصة ولو أنه بعد أن حل عليها الروح القدس وطهرها فحملت المسيح وولدته ثم حل عليها الروح القدس مع التلاميذ فى العلية فى يوم الخمسين لم تصبح يهودية بل مسيحية وأم جميع المسيحيين ، هى فخر العذارى والمتبتلين ، هى فخر الطهارة والبتولية والعفة . ينسج على منوالها ويقتدى بسيرتها كل من يريد أن يعيش بتولا وكل فتاة تريد أن تحيا عذراء تأخذ سيرة حياة العذراء قدوة صالحة ونبراسا منيرا ، ينير لها الطريق ويخفف عنها معاناة الجهاد .
السلام لك يا مريم ثبات أيوب البار :
أيوب الصديق رمز الصبر والثبات فى التجارب حتى أن الرسول يوجه أنظارنا إليه لنتعلم منه فضيلة الصبر والثبات والأحتمال أمام التجارب المحرقة فيقول : " خذوا يا إخوتى مثالا لأحتمال المشقات والأناة ، الأنبياء الذين تكلموا باسم الرب . ها نحن نطوب الصابرين ، قدسمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب معه ، لأن الرب كثير الرحمة ورؤوف " ( يع 5 : 10 – 11 ) ولما احتمل أيوب التجربة واجتازها بثبات ونجاح " رد الرب سبى أيوب . وزاد الرب على ما كان لأيوب ضعفا . وبارك الرب آخرة أيوب أكثر من أولاه " ( أى 42 : 10 – 12 ) كان أيوب فى تجربته يرى الرب بعين الإيمان والنبوة آتيا من بعيد كمخلص ومنقذ ولذلك تعزى فى ضيقته . يقول أيوب بروح النبوة " أما أنا فقد علمت أن وليى حى ويظهر على الأرض فى آخر الزمان ، وبعد أن يفنى جلدى هذا وبدون جسدى أرى الرب "( أى 19 : 25 – 27 ) حسب النص القبطى – القديسة مريم شابهت أيوب فى الصبر والأحتمال.
[ منقول من كتاب روحانية التسبحة – ج 7 – للقمص بقنتيوس السريانى ]

عدد الزيارات 1020

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل