التجلى للقديس مارإفرام السرياني

19 أغسطس 2021
Large image

" إن من القيامِ ههُنا قوما لا يذوقون الموت " ) مت 28:16 . )هكذا أشار المسيح إلى الذين سيرُفعون إلى السماء ، لقد دعا المسيح إيلياالذي سبق ان رُفِعَ إلى السماء ) 2 مل 2 : 10 - 12 ( ، وموسى الذي أُقيمَ منالأموات ) مت 3:17 ( وثلاثة شهود من الرسل ؛ ثلاثة أعمدة جديرين بأن يشهدواعن الملكوت ، وكما تعرَّف المعمدان سابقًا على المسيح بالروح القدس حينما جاءإليه وقد شهد " وانا لمْ أكُنْ اعرف هُ " ) يو 31:1 ( ، هكذا أيضا تكلم بطرس –
رغم أميته بحكمة عظيمة ، لأنه تعرف على موسى وإيليا ، لقد نطق الروح –معبراً عن نفسه على فم بطرس بأمر كان هو نفسه يجهله سابقا ، ففي هذه الحادثة الخاصة بموسى وإيليا وبالثلاث مظال تضافر نور الروح القدس مع الرغبة البشرية في العمل معا .أظهر لهم الرب إمكانية ان يتغيرَّ حينما " صارت هيئةُ وجهه مُتغيرةً "( لو 29:9 ) ، فتغير وجهه على الجبل قبل أن يموت حتى لا يشكوا في تغير وجهه بعد موته ، وحتى ما يعلموا أن ذاك الذي تغيرت هيئته قدامهم ، سوف يُقيم الجسد الذي لبسه بالمثل ، فالذي أعطى لجسده الخاص مجداً ، يستطيع ان يُقيمه من الموت الذي يجوزه .فإن كان هذا بهاء ملكوته بعد القيامة ، فلماذا لم يضفيه على الجميع منذ ذلك الحين ؟
لأَّنهم لم يكونوا بعد جديرين بمعاينته ، وبالرغم من ذلك أراد أن يعرفوا أنهم هم أيضا سوف يتغيرون بالمثل ، إذ استحضر هذين الاثنين ، موسى وإيليا ،حتى ما نؤمن بالقيامة العتيدة ، فأولئك الذين ماتوا مثل موسى سوف يقومون ، وأولئك الذين سيكونون أحياء حينئذٍ سوف يُختطفون كمثال إيليا ، لأن للرب العلو والعمق .لقد سُرَّ بطرس أن يرى الجبل وقد خلا من منازعات الكتبة ، وطاب له عبير الملكوت وقد عَبَّق أنفه ، فرأى مجد الرب عوضا عن عاره ، وفرِحَ بوجوده مع موسى وإيليا وتهلل لأنه تخلص من قيافا وهيرودس . وكما أشفق على الرب مرة بقوله : " حاشاكَ يارب " ( مت 22:16 ، ) هكذا يقول الآن : " فلنصنع ثلاثَ مظالَّ " ويضيف الإنجيلي : " لأنه لم يكُن يعلمُ ما يتكلَّمُ بهِ إذ كانوا مُرتعبِيِنَ " ( مر 6:9 ) ، لأن الرب كان ينبغي أن يتألم ويُصلب ويموت ثم يقوم . كان بطرس يظن أنه لو سَمَحَ له الرب بالبقاء على الجبل وعمل ثلاث مظال فإنه لن يفكر بعد في العودة إلى المدينة حيث كان ينبغي أن يموت هناك كما كان قد أخبر تلاميذه .فيا له من حب وإشفاق من بطرس نحو سيده . ولكن ماذا تقول أيها الرسول القديس ؟
لقد ميزت للتو في اعترافك بين الرب وبين عبيده ، أتعود الان وتخلطهم معا ؟ هكذا كان الرسل غير كاملين قبل موت المُخلَّص وغاب عن بطرس ما اُستعلن له من الآب عن الابن أثناء هذه الرؤية ، حتَّى عبَّر القديس مرقس بقوله " لأنه لم يكن يعلمُ ما يتكلمُ به " ( مر 6:9 ( . ولكي ما يبين بالأكثر ذهولهم عبرعنه القديس لوقا أيضا بقوله : " أنهم كانوا قد تثقلوا بالنومِ " ( لو 32:9 ) . وكما تخشى العين الجسدية عادة من النور الشديد هكذا صار التلاميذ كعميان من مجد
نور المسيح ولم يقوى ضعف عيونهم على احتماله .يجب أن نفهم أن هذه المظال ليست من عالمنا الأرضي ، بل من العالم الآتي : " اصنعوا لكم أصدقاء بمالِ الظُلم ، حتى إذا فنيتُم يقبلُونكم في المظال الأبدية " ( لو 9:16 ) . ومرة أخرى إذ أنه لم يكن يعلم ما يتكلم به لأنه قد حسب
المسيح في عدِ اد أصحاب المظال مع موسى وإيليا غير مُميز بين الرب وبين عبيده . لهذا أنار عقله صوت إلهي من السموات قائلاً : " هذا هو ابني الحبيبُ الذي به سرِرِتُ " ) مت 5:17 . )
في تواضعه ، لبِسَ المسيح جسدنا حتى ما نستطيع أن ننظره ونسمع كلامه ، ولا نُعاني مما عاناه تلاميذه الثلاثة على الجبل ، الذين قد تثقلوا بالنوم ، بسبب عظمة مجد الجسد الذي هبط عليهم ، وهم قد تعجبوا وذُهلوا من مجده .حينما كان ينبغي أن يسهروا أكثر من أي وقت مضئ ، ناموا ؛ بالرغم من أنهم لم يروا مجده كاملاً ، بل فقط بعضا من مجده في الجسد الذي نزل إليهم ولم يعلموا شيئا عمَّا كانوا يرونه ولا ما كانوا يقولونه حتى نتعلم لماذا ظهر بدون مجد
وجاء في جسد . وإذا كان بطرس قد قال كلماته هذه فماذا عساه أن يحدث معنا؟ !
لماذا ظهر موسى وإيليا معه ؟
لأنه حينما سألهم : " مَنْ يقولُ الناس إني أنا ابن الإنسان . قالوا : قوم يوحنا المعمدان . وآخرون إيليا . وآخرون إرميا أو واحد من الأنبياء ( مت 16 : 13- 14 ) .إذاً ، فموسى وإيليا ظهرا معه حتى ما يُعلن أنه لم يكن لا إيليا ولا موسى ولا إرميا ولا واحداً من الأنبياء ، بل هو رب الأنبياء .إذ لم يكن المسيح إلها ، فكيف أقام موسى واستحضر إيليا ؟!
إذا لم يكن المسيح إلها ، لما سمعنا ذاك الصوت قائلاً : " هذا هو ابني الحبيبُ . له اسمعوا " ؟
"وفيما همْ نازلُون من الجبلِ أوصاهم يسوعُ قائلاً : لا تُعلمُوا أحداً بما رأيتم حتى يقوم ابنُ الإنسان من الأمواتِ " ( مت 9:17 ) . أوصاهم المسيح بذلك ؛ لأنه كان يعلم أن الآخرين سوف لا يصدقونهم ؛ بل سيعتبرونهم مجانين ويقولون لهم من أين أتي إيليا ؟ وأيضا لقد مات موسى ودُفن " ولم يعَرف إنسان قبرهُ إلى هذا اليومِ " ( تث 6:34 ) ؟! وهكذا يكونون قد أثاروا تجديفا وعثرة ، لهذا أوصاهم الرب قائلاً لا تبرحوا من أورُشليم ... حتى تنالوا قوة ( أع 1 : 4 - 8 ) . انتظروا حتى تتفتح القبور ويخرج الأبرار أن الذي أقامهم أقام موسى أيضا .وحتى لا يقول اليهود إن الرب قد ضلل تلاميذه ، فها هم يُعلنون ان موسى وإيليا تكلما معه . في القديم ، تسلم موسى الناموس على الجبل ، وجاء إيليا بغيرة كي يُحقق النقمة المُ علنة في هذا الناموس الذي يقول : " إن لم تتأدبوا مني بذلك ، بل سلكتم معي بالخلاِفِ " ( لا 23:26 . )
لماذا لم يصطحب جميع التلاميذ ؟
لأن يهوذا كان بينهم ، متغربًا عن الملكوت ، وغير جدير بان يُصطَحَب إلى مثل هذا المكان ، وما كان لائقا بأن يُترك وحده ، إذ كان محسوبا في نظر الناس على أنه كامل من أجل اختيار من اختاره . فلو كان الرب قد تركه وحده : لقيل إنه قد أقصاه عن جماعة التلاميذ . فماذا اختاره أولاً ثم رفضه ، ولماذا جعله بصفة خاصة مُدبَّراً للصندوق ؟ هذا لكي ما يُظهر محبته الكاملة ورحمته . ولكي يُعلم كنيسته ، إنه رغم وجود مُعلمون كذبه في وسطها ، فهي جسده الحقيقي .لقد أعطى الخبز لتلك اليد التي امتدت وقَبِلَت أجرتها وباعت المسيح للموت ، وق بَّل فم ذاك الذي أعطى علامة الموت لمغتصبيه .

عدد الزيارات 627

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل