الدينونة حسب الأعمال

25 أغسطس 2021
Large image

هذه حقيقة واضحة تبين أهمية أعمال الإنسان.في العهد القديم يقول داود في المزمور (لك يا رب الرحمة لأنك تجازى الإنسان كعمله) (مز 62: 12)، ويقول سفر الجامعة (لأن لله يحضر كل عمال إلى الدينونة، على كل خفي أن كان خيرًا أو شرًا) (جا 12: 14).وفى العهد الجديد تأكدت هذه الحقيقة من فم السيد المسيح وأفواه رسله القديسين، وفي هذا يقول السيد الرب (فان ابن الإنسان سوف يأتي مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله) (مت 16: 27). كما قال أيضًا (فانه تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة لحياة، والين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة) (يو 5: 28، 29) لاحظوا أن يتكلم في هذه الآية عن الأعمال (الذين فعلوا الصالحات.. والذين عملوا السيئات).وليست الدينونة على الأعمال فقط، بل حتى على الكلام. ولذلك يقول (بكلامك تبرر وبكلامك تدان) (متى 12: 36).وهذا الأمر واضح واضح في سفر الرؤيا. إذ أن الرب أرسل إلى كل ملاك من ملائكة الكنائس السبع يقول له (أنا عارف أعمالك) (رؤ 1: 2، 3). كما قال الرب صراحة (وها أنا آتى سريعًا وأجرتي معي، أجازى كل واحد كما يكون عمله) (رؤ 22: 12).وقد قيل في هذا السفر (طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن نعم يقول الروح! لكي يستريحوا من أتعابهم، وأعمالهم تبعهم) (رؤ 14: 13). وقيل أيضًا (ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم) (رؤ 20: 12).وصورة الدينونة التي شرحها لنا الرب يسوع من حيث كلامه الذي قوله للذين عن اليمين، وكلامه للذين على اليسار، هي صورة دينونة حسب الأعمال.إذا أنه قال للذين عن اليمين (جعت فأطعمتموني عطشت فسقيتموني، كنت غريبًا فآويتموني..). وبناءًا على هذه الأعمال الصالحة قال لهم (تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم) (مت 25: 31-46).. وبالمثل فعل مع الأشرار، دانهم حسب أعمالهم.إذن يكفى أن يقصر الإنسان في إطعام الجياع أو زيارة المرضى، وإذ يخلو قلبه من هذه الرحمة يفقد الملكوت، مهما كان له من إيمان، ومهما كان له من ثقة جوفاء في داخله لا تغنيه شيئًا!! ما أخطر العبارة التي قالها معلمنا يعقوب الرسول (ما المنفعة يا أخوتي إن قال أحد أن له إيمانًا ولكن ليس له أعمال. هل يقدر الإيمان أن يخلصه؟!) (يع 2: 14).وكون الدينونة حسب الأعمال، حقيقة تكلم عنها بولس الرسول كثيرًا. فقال لأنه لا بُد أننا جميعًا نظهر أمام كرسي المسيح، لينال كل واحد ما كان بالجسد يحسب ما صنع خيرًا كان أم شرًا (2 كو 5: 10). وقال أيضًا: (ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر نفسك غضبًا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة الذي سيجازى كل واحد حسب أعماله)" (رو 2: 5-7).وتلخيصًا للدينونة حسب الأعمال، قال بولس الرسول كذلك "فإن الذي يزرعه الإنسان، إياه يحصد أيضًا. لأن من يزرع لجسده، فمن الجسد يحصد فسادًا. ومن يزرع للروح يحصد حياة أبدية" (غل 6: 7، 8). كما قال "فعمل كل واحد سيصير ظاهرًا، لأن اليوم سيبينه وستمتحن النار كل واحد ما هو" (1 كو 3: 13).وقال أيضًا "كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه"، ولم يقل "بحسب إيمانه" أو "بحسب النعمة"وعن الدينونة حسب الأعمال قال بطرس الرسول عن الأب "الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد، فسيروا زمان غربتكم بخوف" (1 بط 1: 17).فإن كانت الأعمال على هذه الدرجة من الخطورة -خيرًا كانت أم شرًا- بحيث يدان الإنسان بموجبها، فهل يجرؤ أحد أن يقلل من قيمة الأعمال وأهميتها؟!
إن كان الله لا ينسى "كأس الماء البارد" فلا يضيع أجره، ولا ينسى أبدًا تعب المحبة، "إذن يا أخوتي الأحباء كونوا راسخين غبر متزعزعين، مكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلًا في الرب" (1 كو 15: 58).إن الأعمال هامة جدًا في طريق خلاصنا، وهامة في تحديد مصيرنا الأبدي، فلنتأمل إذن كم هي لازمة....
قداسة مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
عن كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي

عدد الزيارات 475

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل