نهاية العالم والمجيئ الثانى وأهميته عند البشر

29 أغسطس 2021
Large image

موضوع نهاية العالم ومجيء السيد المسيح الثانى يشغِل الناس منذ أزمنة طويلة.. ويستغل البعض هذا الموضوع لأهميته ويكوِّنون جماعات أو طوائف ويبتدعون فى الدين على هذا الأساس. والذى يدل على أن موضوع نهاية العالم يشغل البشرية فى أزمنة كثيرة هو أنه حتى تلاميذ السيد المسيح أنفسهم كان هذا الموضوع يشغلهم.. فقد ذكر القديس متى فى إنجيله ما يلى: "وفيما هو جالس على جبل الزيتون تقدّم إليه التلاميذ على انفراد قائلين: قل لنا متى يكون هذا؟ وما هى علامة مجيئك وانقضاء الدهر" (مت24: 3). واضح هنا أن مجيء السيد المسيح الثانى ارتبط فى حديث التلاميذ بنهاية العالم فقالوا "ما هى علامة مجيئك وانقضاء الدهر"وعندما سأل التلاميذ السيد المسيح هذا السؤال تكلّم معهم فى حديث مستفيض عن نهاية العالم، ولكنه حذّرهم من البحث عن ميعاد محدد. وقال لهم أثناء حديثه فى الرد على هذا السؤال فى نفس الأصحاح من إنجيل متى: "وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السماوات إلاّ أبى وحده" (مت24: 36) فبالرغم من أن السيد المسيح تكلّم حديثاً طويلاً جداً عن نهاية العالم بناءً على سؤال التلاميذ، وبناءً على إشارة سابقة كان قد قالها فشغلهم الموضوع حتى سألوه إلا أنه فى الوقت نفسه أكّد لهم أن ذلك اليوم وتلك الساعة لا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السماوات إلاّ الآب وحده. وأيضاً بالرغم من تحذيره لهم بهذا القول إلا أنهم فى يوم صعوده إلى السماوات بعد قيامته المجيدة من الأموات حاولوا أن يسألوه فى نفس الموضوع مرة أخرى، فهى فرصة قبل أن يتركهم، فأجابهم بنفس الإجابة ولكن بمفهوم أوسع فقال: "ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التى جعلها الآب فى سلطانه" (أع1: 7). لم يقل هنا اليوم والساعة فقط بل قال "الأزمنة والأوقات".. لأنه من الممكن أن يقول البعض قد لا نعرف اليوم أو الساعة لكن من الممكن أن نعرف الشهر مثلاً، لذلك قال السيد المسيح فى هذه الآية "ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التى جعلها الآب فى سلطانه" لسد الطريق على هذا النوع من التحايل..
البدع وتحديد نهاية العالم:-
فى مناسبات كثيرة نسمع عن أناس يحددون نهاية العالم... أحياناً يحددون السنة، وأحياناً يحددون الشهر أو اليوم. وسنورد أمثلة لذلك:-
وليم ميلر:-
وليم ميللر صاحب بدعة الأدفنتست حدد فى البداية سنة 1843م كميعاد لمجيء المسيح الثانى ونهاية العالم. وقال أنه سوف يكون فى شهر مارس.. ولكن المسيح لم يأت فى الميعاد الذى زعمه. وكان قد بدأ بتجهيز الناس لهذا الحدث لسنوات طويلة بلغت حوالى عشرين سنة أى من حوالى سنة 1823م، فكان يجول كواعظ متجوّل فى الولايات المتحدة الأمريكية والتف حوله كثير من الناس وقد استند ميلر بطريقة خاطئة إلى نبوات وردت فى الأصحاح الثامن والتاسع من سفر دانيال واستخرج منها ميعاد المجيء الثانى. إلا أن هذه النبوات لا تشير إلى مجيء السيد المسيح طبعاً.ولما لم يأتِ المسيح سنة 1843م أدَّعى ويليام ميللر أنه قد يكون فى مارس 1844، ولكن لم يأتِ المسيح أيضاً. وهنا تدخل واحد من أتباعه لإنقاذ الموقف يدعى صموئيل سنو..
صمويل سنو:-
قال صموئيل سنو إن مجيء السيد المسيح مرتبط بعيد الكفارة العظيم فى الشهر السابع اليهودى من سنة 1844م. وحدد اليوم بالتحديد أنه يوم 22 أكتوبر سنة 1844م. (ولعلنا نذكّر أن يوم الكفارة العظيم فى سنة 1973 وافق يوم 6 أكتوبر يوم عبور قناة السويس. ولكن اليوم لا يكون ثابت فى كل السنين، فكان يوم الكفارة العظيم فى سنة 1844 هو يوم 22 أكتوبر.)ويوم عيد الكفارة العظيم قبل هدم الهيكل هو اليوم الذى يدخل فيه رئيس الكهنة فقط إلى قدس الأقداس مرة واحدة فى السنة. ولأنه غير مصرح إلا لرئيس الكهنة وحده بالدخول كانت عادة اليهود أن يربطوه من وسطه عند دخوله لئلا يموت بالداخل فلا يستطيع أحد أن يدخل ليخرجه.
وفى ذلك اليوم قام أتباع ميللر وصمويل ببيع ممتلكاتهم ومنازلهم وحقولهم، واستقالوا من وظائفهم وارتدوا ثياب بيضاء وخرجوا إلى الجبال وظلوا طوال النهار والليل يرنمون وهم ينتظرون ولم يأتِ السيد المسيح. فسموا هذا اليوم يوم الإحباط العظيم The Great Disappointment Day وانفض الكثير من أتباعهم من حولهم نتيجة لما حدث ثم بدأت تلك البدعة فى الاختفاء.
إيلين هوايت:-
ثم ظهرت النبية المزعومة إيلين هوايت التى كانت تعانى من نوع من أنواع مرض الصرع، فكانت تصاب بنوبات صرع تغيب فيها عن الوعى، وكانت تدعى أنها فى أثناء ذلك ترى رؤى وإعلانات سماوية. ثم بدأت تؤكد أن مجيء المسيح قد اقترب، وبدأ الناس يصدقونها بناءً على الأفعال الفائقة للطبيعة التى كانت تحدث لها والتى قد تكون بتأثير من الأرواح الشريرة. فكان يحث لها ذهول لدرجة أنه إذا قرب أحد شئ إلى عينيها وهى تحملق فلا ترمش بعينيها، كما أنها من الممكن أن تستمر فترة طويلة بدون تنفس. فظن الناس أن هذه علامات خارقة للطبيعة وبدأوا يصدقونها، فبدأت البدعة تنتعش من جديد بسبب هذه إيلين هوايت. حتى أن أغلب كتب الأدفنتست هى الكتب التى قامت بكتابتها النبية المزعومة إيلين هوايت.وفى زماننا المعاصر ادعى البعض أن نهاية العالم سوف تكون يوم 4/4/1984 وللأسف صدق كثير من المصريين هذا الكلام وكانوا مرعوبين، فكنا نقول لهم لا تصدقوا هذا الكلام لأن السيد المسيح قال "أما ذلك اليوم وتكل الساعة فلا يعلم بهما أحد".
تشارلز تاز راصل:-
بعد إيلين هوايت ظهر أحد السبتيين يدعى تشارلز تاز رصل فى الولايات المتحدة الأمريكية بدأ هو أيضاً يتنبأ عن نهاية العالم. فقال أنه بعد أربعون عاماً، من ميعاد هو حدده بأنه عام 1874م، سوف يأتى السيد المسيح ويحل ملكوت الله وسوف يملك المسيح على الأرض ألف سنة، أى "المُلك الألفى". وهى عقيدة معروفة عند بعض الطوائف البروتستانتية وخاصة عند أصحاب البدع مثل بدعة شهود يهوه التى أسسها تشارلز رصل.فى سنة 1877م قام رصل مع أحد زملائه يدعى نيلسون باربور بنشر كتاب بعنوان "العوالم الثلاثة أو خطة الفداء". وعلّقت جمعية "برج المراقبة والكراريس"، وهى جمعية تشارلز تاز راصل التى أصبحت فيما بعد جماعة شهود يهوه، على هذا الكتاب بقولها [فى هذا الكتاب أعلن الشريكان رصل وباربور إيمانهما بأن مجيء المسيح الثانى قد بدأ فعلاً سنة 1874م حيث استهلت بأربعين سنة دعيت فترة الحصاد ثم حددا على وجه الدقة عام 1914م كوقت نهاية أزمنة الأمم].. هذا اقتباس مما قاموا بنشره فى كتابهم.ثم حدث خلاف بينهما وافترقا، فأسس تشارلز تاز رصل مجلته الخاصة به واسمها "برج صهيون للمراقبة وبشير مجيء المسيح".لكن لماذا اختار كلمة "برج صهيون" كعنوان لمجلته؟ وفى البداية لماذا دعى تلاميذه باسم "تلاميذ التوراة"؟ هنا يظهر الميل والتوجه اليهودى الصهيونى التوراتى الذى يتجاهل العهد الجديد.. نحن نحترم التوراة ونقدّسها، ونعرف أن جبل صهيون هو المكان الذى بُنيت فيه مدينة أورشليم، ولكن لا نستخدم هذه الألقاب بغزارة بعد مجيء السيد المسيح، بل نميل أن نتكلم عن الإنجيل وعن الكنيسة وعن العهد الجديد. لكن تتضح جداً رائحة التوجه اليهودى فى كل التسميات التى يستخدمها راصل.طبعاً من المعروف أن السبتيون وشهود يهوه يقدّسون يوم السبت كاليهود، وكذلك لا يؤمنون بالعذاب الأبدى للأشرار مثل "شيعة الصدوقيين" عند اليهود. وهناك الكثير من نقاط التلاقى بين اليهود وبين السبتيين وأيضاً شهود يهوه. ولكن شهود يهوه أكثر قرباً من اليهود لأنهم أيضاً ينكرون أن السيد المسيح هو كلمة الله المولود من الآب قبل كل الدهور. فى سنه 1876م اعتبر رصل نفسه هو راعى المجموعة، وفى سنة 1879 أسس مجلة "برج صهيون للمراقبة"، وفى سنة 1884 أسس جمعية اسمها "جمعية برج صهيون للمراقبة"، وفى سنة 1908م حرّك إدارة هذه المؤسسة إلى بروكلين فى نيويورك. وحينما كنت نيويورك رأيت أنا شخصياً مبنى برج المراقبة Watching Tower وهى المكان الذى تُطبع فيه كل منشورات جماعة شهود يهوه. وللأسف فقد انتشروا فى العالم وطبعوا كتبهم بلغات كثيرة، وأصبح عددهم لا يقل عن 10 مليون. بحلول عام 1914م لم يأتِ السيد المسيح كما ادَّعى رصل فأحرج لأن أساس جماعته كان مبنياً على محاولاته أن يخيف الناس ليتبعوه باستخراج حسابات معينة من الكتاب المقدس ليؤكد بها المواعيد التى يحددها لنهاية العالم.
وللخروج من هذا الحرج أعلن الآتى:-
[فى تلك السنة عينها (1914) تُوِّج يسوع المسيح ملكاً على العالم حيث بدأ نشاطه الملكى بطرد زمرة الشياطين والأبالسة من الأجواء السماوية]. طبعاً هذا الكلام مخالف لتعاليم الكتاب لأن بولس الرسول يقول عن السيد المسيح وعن صليبه: "إذ جرد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا ظافراً بهم فيه (أى فى الصليب)" (كو2: 15)، وقال أيضاً: "رئيس هذا العالم يأتى وليس له فىَّ شئ" (يو14: 30)، وقال: "رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء" (لو10: 18)، ومكتوب فى العهد الجديد أن السيد المسيح قيّد الشيطان ألف سنة "وقيده ألف سنة" (رؤ20: 2).. هذا طبعاً الكلام لا ينطبق على سنة 1914!
يقول رصل عن السيد المسيح [بدأ نشاطه الملكى بطرد زمرة الشياطين والأبالسة من الأجواء السمائية الذين هبطوا إلى الأرض وأشعلوا نار الحرب فيها]. هنا استغل راصل حدث زمنى خاص بالبشر هنا على الأرض لأن الحرب العالمية الأولى حدثت سنة 1914م، فاعتبر ذلك هو علامة سقوط الأبالسة إلى الأرض.. فهل حدوث أى حرب يعنى نزول الأبالسة من السماء إلى الأرض وتتويج السيد المسيح ملكاً؟!! فماذا يقول عن الحرب العالمية الثانية هل تُوّج السيد المسيح مرة أخرى؟!! وهل أى حرب تحدث فى العالم يكون معناها طرد الأبالسة من السماء؟!! كلام ليس له أية قيمة من الناحية الروحية.والسيد المسيح نفسه قال: "انظروا لا يضلكم أحد، فإن كثيرين سيأتون باسمى قائلين: أنا هو المسيح ويضلون كثيرين. وسوف تسمعون بحروب وأخبار حروب، انظروا لا ترتاعوا. لأن لابد أن تكون هذه كلها ولكن ليس المنتهى بعد" (مت24: 4-6).
فقبل أن يدّعى رصل بأن هناك ارتباط بين الحرب العالمية الأولى وبين مجيء السيد المسيح الثانى، قال السيد المسيح نفسه لا ترتاعوا حين تسمعون بحروب وأخبار حروب لأنه لابد أن تكون هذه كلها ولكن ليس المنتهى بعد.
مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن كتاب المجئ الثانى للرب من منظور روحى

عدد الزيارات 485

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل