مَثَــل عُـرس ابن الملك ج2

05 نوفمبر 2021
Large image

قلتَ يا مخلّصي أنّ الملك لمّا دخل وجد «إِنْسَانًا لَمْ يَكُنْ لَابِسًا لِبَاسَ ٱلْعُرْسِ. فَقَلت لَهُ: يا صَاحِبُ، كَيْفَ دَخَلْتَ إِلَى هُنَا وَلَيْسَ عَلَيْكَ لِبَاسُ ٱلْعُرْسِ؟».. فناله ما ناله من خزي، وطرحه الخدام خارجًا أنا أعلم يا مخلّصي أنّ دعوتك إلى العرس هي نعمة مجانية، ولكنّها ليسَت رخيصة، هي تُعطَى مجّانًا لأنّ لا أحد يستطيع أن يشتريها «بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ (سيرة الناس) الْبَاطِلَةِ» (1بط1: 18).دمك الغالي، هو الذي اقتنى لي الملكوت.. وصليبك المحيي، هو الدعوة بعينها.. فمن دُعِيَ إلى عرسك الأبدي واستحق هذا النصيب الصالح لابد أن يسلك بحسب قانون بيتك وعرس مجدك وما يليق.. لأنّه «بِبَيْتِكَ تَلِيقُ الْقَدَاسَةُ» (مز93: 5).. كيف «يَرِثُ الْفَسَادُ (الفاسد) عَدَمَ الْفَسَادِ» (1كو15: 50)؟ وكيف يدخل اللباس البالي القديم إلى حفل عرس ابن الله؟
الحُلّة الأولى، حلّة الفرح ألبستها لي يا مخلّصي بيديك يوم معموديتي.. هذا هو الثوب الناصع البياض المغسول في دم الخروف.مسكين هذا الذي أبقى على اللباس البالي والطبيعة الساقطة مع أعمالها، وعاش بحسب شهوات الجسد ونجاسات الطبيعة وظنّ أنّه يبقى في العرس. ومسكين مَن تمسّك بذاته وإرادته الخاصة وعمل مشيئته دون مشيئة الله. وسلك برأيه دون وصايا مخلّصه. وظنّ أنّه وارث الملكوت ومدعو للوجود في العرس الأبدي.
يا سيّدي الربّ.. عرِّيني من العتيق وألبسني حلّة الخلاص كلّ يوم.. يارب دعني أَخضَع خضوعًا كليًّا لكلّ وصيّة وكلّ ترتيب توعز به إلى كنيستك وخدام بيتك والداعين إلى عرس مجدك.. فأطيع وأستلهِم كلّ ما هو لائق ونافع لخلاص نفسي.
يا سيدي.. اجعلني أعتبر أنّ من لا يوجد في كمال هيئة المستحقّين للعرس يُطرَد خارجًا.. يا إلهي أنا أرى في كنيستك عربون العرس السماوي.. فهي الفرح والمسرة الروحية والشبع من دسم بيتك.. لذلك فالتناول من جسدك ودمك الأقدسين هما الغاية التي ترنو إليها نفسي.. وأن أسلك بحسب ما تعلّمني الكنيسة، ويؤهلني للتناول من ذبيحة العُرس، لا أسلك بحسب هواي أو أصنع ما استحسنه أنا، بل بحسب قانون الكنيسة وترتيب الآباء مُعلِّمي البَيعة أخضع وأسير.
علّمني أن أحترم بكلّ قلبي وأُخضِع نفسي للتدبير الإلهي، إن كان في صوم أو صلاة أو طقس أو عيد أو لحن، أو كلّ مايختصّ بنظام بيعتك. لا أنسى يا سيدي ما نال "عُزَّة" أحد أبطال داود حين أقحم نفسه في عمل ما لا يخصّه، إذ حاول أن يلمس تابوت العهد، الأمر الذي كان موكَّلاً لبني لاوي فقط (2صم6: 1-9). وهذا يعلمني إنّه يجب أن أسلك بحسب التدبير، لا بحسب رأيي الشخصي أو ما أراه أو ما يعجبني، مستهينًا بالتدبير بكلّ تأكيد يا مخلّصي، فإنّ هذا الشخص الذي لم يلبس لباس العرس كان يسلك بذاته. ويُخيَّل إليَّ أنّ خُدّامك وحرَّاس أسرارك والداعين كلّ أحد إلى العرس.. يُخيَّل إليَّ أنّهم قالوا له إنّه يجب عليه أن يخلع ثيابه ويلبس ثياب العرس.. ويُخيَّل إليَّ يا مخلّصي إنّهم نبّهوه مرارًا ونصحوه كثيرًا، ولكنّه لم يأبه للنصائح ولا خضع لما قيل له.. بل ألقى الكلام خلفه، ولم يُعطِ أذنًا صاغية ولا أذعن لوصية، بل أصرَّ على أن يسير على هواه ويعمل ما بدا له فاصنع مع عبدك رحمة وجنّبني هذا السلوك المشين.. واجعلني أتمسّك بثياب العُرس وأحفظها، بل إذا حدث بسبب إهمالي وكسلي وعدم حرصي أن اِتّسخَتْ الثياب، أو أصابها تلف بسبب ميلي إلى العالم وما فيه، فأعطِ عبدك توبة صادقة ورجوع من القلب، لكي أغسل ثيابي مُجددًّا مرارًا وتكرارًا، وأبيّضها في ينبوع دم الصليب، فتبدو جديدة لائقة بلا دنس ولا عيب..
وإن أحسستُ أنّني فقدتُ ثيابي وصرتُ في خزي العري فأسمِعني صوتك القائل: «أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَبًا مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِيَ، وَثِيَابًا بِيضًا لِكَيْ تَلْبَسَ، فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ. وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْل لِكَيْ تُبْصِرَ» (رؤ3: 18).. فأسعى أن أقتني لي عمرًا نقيًّا بالتوبة، وأستتِر بسترك، يا من سترتَ عراء أبونا آدم في الفردوس.اِحسبني أهلاً للوقوف أمامك بلا خجل، وإن لم أكن مستحقًا لشيء كعبد كسلان، ولكن اجعلني احتمي فيك، واستتِر بسترك، واجعَل باب بيتك مفتوحًا أمامي، ودعوتك للعرس قائمة في وعيي مُتجدّدة كلّ يوم، فأسلك بحسب الدعوة التي دُعيتُ إليها. ولا أخيب من البلوغ إلى ملكوتك، أنا وكلّ أخوتي أعضاء جسدك، المدعوّين إلى وليمتك الأبدية. آمين.
المتنيح القمص لوقا سيداروس

عدد الزيارات 300

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل