يوحنا المعمدان والشهادة للحق

02 يناير 2022
Large image

إنجيل الأحد الرابع من شهر كيهك يتكلم عن "يوحنا المعمدان"، حسب النبوة هو " الملاك الذي يهيئ الطريق أمامه"، وكان ملاكاً لأنه يحمل بشارة الخلاص حينما جاء وظهر في أورشليم بعدما عاش في البرية لسنوات طويلة، واعلن عن المسيح إنه "حمل الله الذي يحمل خطايا العالم" ، واعلن قبل ذلك "توبوا لأنه قد اقترب منكم ملكوت السموات" كي يستقبل كل أحد عمل المسيح، ويستحق كل من هو تائب أن يدخل في شركة الحياة الجديدة.قال عنه السيد المسيح أنه "إيليا الجديد" "أتي بروح إيليا"."إيليا" هو من وقف أمام آخاب الملك، وأنبياء البعل، وكان يوحنا المعمدان له هذة الروح، آتي ليعلن لكل أحد أن المسيح قد جاء، وإعلانه للحق الإلهي حينما اراد "هيرودس أن يتزوج امرأة أخيه، وحسب الناموس لا يحل له، ولكن هيرودس تجاوز وكان هذا علانية، وتحدي كلام الله.وقد يري أحد إن ذلك مسألة شخصية، ودفاعه عن الحق جعله يستشهد، كان الحل أن يصمت صوت الحق لا أن يتوب هيرودس.يوحنا المعمدان هو الذي جاء ليعلن الحق ولم يخاف من سلطة ملك، وهو الناسك ساكن البراري، الذي لم يعيش لأجل نفسه، ولم يتلذذ بشئ في الحياة، فقد جاء طيفاً منيراً، سحابة خفيفة في زمن ضبابي، وبينما كان الكل مشغولاً بذاته وشهواته، كان هو في البراري يعيش لأجل الله..هو خادم مثالي. الخادم الذي يحيا لأجل رسالة، ولا يحيا لأجل ذاته، ولم يأتي يطلب سلطاناً، لم يفعل شيئاً سوي أنه تكلم بالحق، لم نسمع عنه أنه أخرج شياطين، أو شفي أمراض، ولكن كانت رسالته الإعلان عن المسيح ثم الشهادة للحق..وهذا هو الخادم.الخادم الحقيقي تملأ الغيرة المقدسة قلبه، يقول عنها إيليا النبي "غيرت غيرة الرب".الغيرة المقدسة لا تخص فقط الخدام، ولكن كل ما يتعلق بالحياة مع الله، يقول داود النبي: "غيرة بيتك أكلتني" فحينما يدخل أي شخص الكنيسة ويشعر أنها مُهانة بأي صورة من الصور، فتعمل الغيرة المقدسة في داخله ولا يطيق هذا التجاوز تبدأ الغيرة المقدسة من الداخل، غيرة علي قلبي وحياتي، وعلي مستوي شخصي، غار داود النبي علي نفسه وقال"إني لا ادخل إلي بيتي ولا اصعد علي فراشي ولا اعطي نوماً لعيني، ولا راحة لصدغي، ولا نعاساً لأجفاني، إلي أن أجد موضعاً للرب ومسكناً لإله يعقوب" الغيرة المقدسة هي التوبة، حينما نعيش في خطايا، و دون أن نضع للقداسة وجود في حياتنا، يأتي ذلك الصوت "اليوم تؤخذ نفسك منك، ما اعددته لمن يكون"تبدأ الغيرة المقدسة من الحياة ذاتها، كيف أعيش بهذة الصورة والمسيح مصلوب أمامي؟ كيف تُعد لي هذة المائدة ولا ادخل في شركة حقيقية معه؟
الغيرة المقدسة أيضاً علي الكنيسة والإيمان، هؤلاء الذين عاشوا تائهين في البراري، متألمين..متضايقين لأجل أنهم لم يسلموا الوديعة المقدسة، ولم يتنازلوا عن حرف من حروف الإيمان مثل البابا أثناسيوس، والقديس ديسيقورس، مار ساويروس الأنطاكي..وغيرهم كثيرين، الذين لأجل الإيمان تغربوا وأهينوا.وهناك شعب لأجل الإيمان ذُبح، 30 ألف مسيحي حينما رفضوا بطريرك دخيل آريوسي يجلس علي كرسي مارمرقس ذُبحوا... غيرة مقدسة.
كيف يمكن أن نري الإيمان يُهان ونصمت ..غيرة مقدسة.
كيف يمكن أن نري الكنيسة تغير من ثوبها الأبيض النقي الذي لم تلوثه بهرطقات ونصمت..غيرة مقدسة.يقول بولس الرسول لتلميذة تيموثاوس "احفظ الوديعة" وهذة الوديعة هي الإيمان.غيرة مقدسة حينما نري البشرية تذهب في طريق الموت، ويقف المسيح منتظر أن يخلص كل أحد، نغير غيرة مقدسة علي النفوس، فنخرج نكرز ونصرخ ونقدم المسيح لكل نفس مخلصاً.تصوروا أن هناك من يغير غيرة نارية لأجل أشياء تافهه، مثل من يتحمس لأجل فريق كرة، ومن يغير غيرة وطنية، كيف يعيش ووطنه مُهان، فحينما كان الأستعمار يجتاح العديد من البلاد، هناك من ثار لأجل وطنه.
وهناك من يفني حياته لأجل مبدأ، أو علم.
الزعيم الماركسي "لينين" ارسل خطاب لصديقه يشرح له كيف اضطهدوا من القيصر قال فيه:
"نحن لا نذهب إلي السينما ولا الملاهي ولا الحفلات ولا القصور ولا نقتني سيارات فاخرة لنوفر كل ما عندنا لننشر مبادئنا، وحياتنا كلها تتجه لهدف واحد"هؤلاء لينين وستالين كانوا اسوأ من تعالموا مع الشعب الروسي، لم يصرف "ستالين" علي زوجته المريضة وماتت ولكنه صرف أمواله علي الحزب، وحاول إبنه الأنتحار نتيجة معاملة أبوه. وفي الحرب العالمية الثانية أسرت ألمانيا إبنه وطلبوا مبادلته بأسري ألمان، فرفض وقُتل إبنه أثناء هروبه. وتزوج بأخري وانتحرت.
فهؤلاء الذين يتشدقون بالمبادئ، اكتشفنا أنها شئ ذاتي، يبحثوا عن مجد شخصي، لذلك دم الكثيرين في رقبة هؤلاء.امر كل من "لينين" و "ستالين" بحرق أيقونات القديسين داخل البيوت، وهدم الكنائس. فقد اذاقوا الشعب الروسي الكثير من العذابات.أما الغيرة المقدسة فهي غيرة لأجل المسيح، من يتحزب لأجل شئ معين، في هذا شئ من الذات، مردود لتحزبات معينه، وأحياناً تحزبات نفسانية مثلما قال مار يعقوب في رسالته " إن كان لكم غيرة مرة وتحزب في قلوبكم فلا تفتخروا وتكذبوا علي الحق، ليست هذة الغيرة نازلة من فوق بل هي أرضية نفسانية شيطانية"أما من يغير غيرة مقدسة يختفي لأجل المسيح، يموت لأجل الكنيسة، يقدم ذاته كي ينشر فقط النور وسط الناس.
"هو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل لأجل الذي مات عنهم وقام"سيأتي للمسيح أناس يقولون له: "أليس بإسمك تنبأنا وبإسمك اخرجنا شياطين" فيقول لهم: "ابعدوا عني يا جميع فاعلي الإثم"أما الغيرة المقدسة هي غيرة إيليا وغيرة يوحنا المعندان غاروا علي الحق، وقف أمام هيرودس الملك بكل سلطانه، وحينما سُجن لم يغير كلامه، بل ذُبح لأجل كلمة الحق التي اعلنها " لا يحل لك" أن تعبث بالناموس لا يحل لك أن تعبث بكلام الله لا يحل لك أن تعبث بما اعطينا من السموات يقول بولس الرسول: "من يضعف وأنا لا أضعف، من يعثر وأنا لا ألتهب" غيرة مقدسة علي خلاص النفوس حتي وإن كان هو نفسه يحترق ويتألم غيرة مقدسة تجعلنا نسهر لأجل خلاص الأخرين، والكنيسة، يقول نحميا "قلت في ذلك الوقت للشعب ليبيت كل واحد مع غلامه في وسط أورشليم ليكونوا حراساً في الليل، وللعمل في النهار، ولم نكن أنا ولا أخوتي ولا الحراس الذين ورائي نخلع ثيابنا، وكان كل واحد يذهب بسلاحه إلي الماء" غيرة مقدسة تجعلنا نطلب أن تُبني الكنيسة حتي وإن كنا نحن نتألم ونتضايق ونتعب، لا ننظر لنفوسنا، ولكن كل ما نهتم به لأجل الله.
يقول بولس الرسول: "في كل شئ نظهر أنفسنا كخدام الله في صبر كثير في شدائد في ضرورات في سجون في إضطهدات في أتعاب في أسهار في أصوام في طهارة بسلاح البر باليمين واليسار بمجد وهوان بصيت ردئ وصيت حسن"الذي يعد نفسه خادم لله قد يُهان ويتألم ويتضايق لكنه لا يهتز، لأن الذي في داخله أكثر بكثير من تلك الحروب أعلي من كرامته ومن ذاته أع 20 "الروح يشهد أنه في كل مدينة وثقاً وشدائد تنتظرني"لم يرفع بولس الرسول عينه للسماء ويطلب من المسيح أن يرفع عنه الشدائد والضيقات، لأن الشدائد تكون مكلله بالمجد أيضاً حينما نتكلم عن دماء الشهداء وعذاباتهم نتكلم أيضاًعن مجدهم، توضع بصورة منيرة في ثوب الكنيسة البراق " لست احتسب شئ ولا نفسي ثمينة عندي، حتي أتمم بفرح سعي والخدمة التي اخذتها من الرب"هذة هي روح خادم الحق، وروح من يشهد للحق..روح يوحنا المعمدان، وإيليا النبي، والأباء الرسل الغيرة المقدسة التي تنقص كثيرين حينما نري الإيمان يُهان ونصمت..كيف يكون عندنا غيرة مقدسة؟!.حينما نري الكنيسة المجيدة يحاول أحد أن يدخل فيها أفكار هرطوقية..كيف نصمت؟
الغيرة المقدسة هي محبتنا للمسيح والكنيسة الغيرة المقدسة تجعلنا نصلي لأجل كل أحد حتي أعدائنا، ونحيا في المسيح بغيرة مقدسة.لإلهنا كل مجد وكرامة لإلي الأبد أمين
القمص أنجيلوس جرجس كاهن كنيسة أبي سرجة القبطية الأرثوذكسية، مصر القديمة، القاهرة

عدد الزيارات 657

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل