الإفخارستيا عطية القيامة

23 مايو 2022
Large image

الإفخارستيا هي أسمى عطايا القيامة المقدسة للبشرية، فهي عطية الحياة والخلود. ففي بدء الخليقة خلق الله شجرة الحياة، لكي عندما يهب للإنسان أن يأكل منها يحيا خالدًا. ولكن كانت نتيجة الخطية؛ أن الله أخفاها عن آدم وحواء، ووضع «الْكَرُوبِيمَ وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ» (تك3: 24). يقول مار أفرام السريانيّ عن شجرة الحياة إنها: [أُعلِنت بالصليب] (Hymn of Virginity).الإفخارستيا تمنح حياة من الموت: من رموز سر الإفخارستيا، منذ القرون الأولى للمسيحية، طائر البجع، فمن طبيعة هذا الطائر أنه في حالة عدم توفر الغذاء الكافي لفراخه، يطعن جنبه، ليطعم صغاره من دمه. صورة للحب والتضحية، يقوم بجرح نفسه وإطعام صغاره بدمه! يقدم دمه طعام لصغاره، هكذا قدم السيد المسيح نفسه بإرادته وسلطانه وحده، ذبيحة على الصليب، لكي يقدم لنا جسده المقدس ودمه لحياتنا. لقد أعطى الله المن النازل من السماء لشعب إسرائيل في العهد القديم، وكان إشارة ورمزًا للإفخارستيا. لأنه كان للشعب إسرائيل فقط، بينما الإفخارستيا للعالم كله. وأيضًا كان المن طعام للجسد فقط، فلم يمنح حياة، بينما الإفخارستيا «خُبْزَ اللَّهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ» (يو6: 33). فالمن الحقيقي الطعام الحقيقي الذي [يُقسم عنكم وعن كثيرين .. ويُسفك عنكم وعن كثيرين] أي للعالم كله، فهو الابن المتجسد نفسه، ولأنه يملك الحياة له «حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ» (يو5: 26)؛ لذلك يمنح الحياة [حياة أبدية لمن يتناول منه]. الإفخارستيا تمنح غفران الخطايا: يصرخ الكاهن في القداس الإلهيّ: [يُعطى لمغفرة الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه]. ويقول القديس يوحنا الإنجيليّ: «دَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» (1يو1: 7). مما هو جدير بالذكر أيضًا أن طائر البجع، يتغذى على الحيات والأفاعي، لذلك يستخلص من دمها مصل يستخدم ضد السموم. وإذا لدغت الحية أحد فراخ البجع، تقوم الأم بجرح صدرها، وتصب ما يسيل من دمها في فم صغارها لتخلصهم من الموت. والخطيئة أجرتها موت. الإفخارستيا توحّدنا: يُسمّى سر الإفخارستيا بسر الشركة، لأن فيه يشترك الكاهن والشماس والشعب، يقول القديس اكليمنضس الرومانيّ: [على كل واحد منكم، أيها الإخوة، كل بحسب ترتيبه، أن يشترك في الإفخارستيا، بتقديم صلوات الشكر بضمير صالح . كلٌّ بحسب قانون خدمته... فَلْيُسُرّ كل واحد منكم أيها الإخوة الرب بنقاوة ضميره، ولا يَخِلّ بالقانون الذى يحدّد الخدمة] (الرسالة الأولى41: 1) كما يتناول القديس أغناطيوس الأنطاكيّ الأساس اللاهوتيّ للوحدانية رابطًا بين الأسقف الواحد والمذبح الواحد وجسد المسيح الواحد (الإفخارستيا الواحدة) والشعب الواحد، الذين هم أعضاء فى جسد المسيح الواحد. فيسمِّي الكنيسة [مكان الذبيحة] (أفسس5: 2؛ تراليا7: 2؛ فيلادلفيا4)، ويوصي قائلًا: [اجتهدوا أن تشتركوا في إفخارستيا واحدة، ذلك أنه واحدٌ جسد ربنا يسوع المسيح، واحدٌ هو الكأس التي توحّدنا بدمه، واحدٌ هو المذبح، كما أنه واحدٌ الأسقف الذي تلتفّ حوله جماعة الكهنة والشمامسة، شركائي في الخدمة] (فيلادلفيا4). كذلك جاء في كتاب الديداخي، عند تقديس الخبز أنه كان حبات قمح مبعثرة في أنحاء المسكونة وجُمع، ويطلب أن تكون الكنيسة كذلك: [فلتجتمع كنيستك من أقاصي الأرض إلى ملكوتك]، الوحدانية ناتجة من تناول المؤمنين جميعًا؛ الذين هم أعضاء فى جسد المسيح الواحد من جسد ودم الرب الحقيقيّين.
القمص بنيامين المحرقي

عدد الزيارات 247

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل