وَأَخَذَتْهُ سَحَابَةٌ عَنْ أَعْيُنِهِمْ (أع1: 9)

02 يونيو 2022
Large image

صعود السيد المسيح، الكلمة المتجسد، بجسده، الذي اتحد به في بطن العذراء مريم، وقَبلِ فيه جميع الانفعالات والآلام والموت والدفن، ليؤكد حقيقة الاتحاد الكامل بين اللاهوت والناسوت، وأنهما صارا طبيعة واحدة، وأقنومًا واحدًا، وأن هذا الاتحاد لا افتراق معه. وكما أكد لنا بقيامته من الأموات حقيقة القيامة العامة، كذلك أرانا بالفعل حالة قيامة الأجساد بطبيعة روحانية في اليوم الأخير، وهكذا صعد به إلى الأعالى، كما يقول القديس كيرلس: [إنه ارتفع إلى السماء، حتى يشترك في عرش الآب بالجسد، الذي هو متحد به، هذا هو الطريق الجديد قد صنعه الكلمة لنا بعد أن ظهر في الطبيعة البشريّة] (تفسير إنجيل لوقا: 154).صعد إلى أعلى السموات: إن صعود السيد المسيح إلى أعالي السموات [سماء السموات] وهي أعلى وأسمى، قال عنها مُعلمنا داود النبيّ: «الرَّبُّ فِي السَّمَاءِ كُرْسِيُّهُ...» (مز11: 4)، وأيضًا «سَبِّحِيهِ يَا سَمَاءَ السَّمَاوَاتِ» (مز148: 4)، وهى عرش الله، وعنها قال السيد المسيح في العظة على الجبل «لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ لاَ بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللهِ...» (مت5: 34، 35)، وهي التي صعد إليها وحده، وقال عنها معلمنا القديس بولس الرسول: «فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَاوَاتِ، يَسُوعُ ابْنُ اللهِ» (عب4: 14)، اجتاز διελυθότα السموات، لا يعني أنه مر بها أو اخترقها، بل تجاوزها إلى ما هو أعلى منها، فقد «صَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ» (عب7: 26). أي تجاوز الأمور المنظورة. لذلك «أَخَذَتْهُ سَحَابَةٌ عَنْ أَعْيُنِهِمْ» (أع1: 9). والسحابة لها مدلولات كثيرة، نذكر منها الآتي:† كان الله يُستعلن بمجده في السحاب: فكان علامة ميثاقه مع نوح: «وَضَعْتُ قَوْسِي فِي السَّحَابِ» (تك9: 13). ويقول الله لموسى: «هَا أَنَا آتٍ إِلَيْكَ فِي ظَلاَمِ السَّحَابِ..» (خر19: 9). وقد صاحب حلول مجد الرب، سحاب ملأ المكان: «َإِذَا مَجْدُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي السَّحَابِ» (خر16: 10). وكذلك كانت السحابة في التجلي متصلة بوضوح مع حضور الله والصوت الإلهيّ (مت17: 5؛ مر9: 7؛ لو9: 34، 35).† كان عمود السحاب علامة على وجود الله وسط شعبه، وقيادته لهم في رحلاتهم إلى أرض الموعد، ويعتبره القديس مقاريوس في مقابل إرشاد الروح القدس للنفس البشرية، عندما يتأمل في حالة النفس البعيدة عن عمل الروح، فيقول: [وكيف أتقبل أقوال الشريعة الإلهية على ألواح قلبي؟ وكيف أرى عمود النور الحقيقي والسحاب الناشئ من الروح القدس؟] (عظة25: 6). وسوف يأتي ابن الإنسان على السحاب، فيقول: «حِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي سَحَابٍ بِقُوَّةٍ كَثِيرَةٍ وَمَجْدٍ» (مت24: 30؛ 26: 64؛ مر13: 26؛ لو21: 27). وسيأتي ثانية مع السحاب (رؤ1: 7). فالمسيح لن يأتي في الخفاء أو في غموض، بل كإله ورب بمجد يليق بألوهيته (القديس كيرلس، تفسير إنجيل لوقا139) هكذا تشير سحابة دخان البخور في الكنيسة، إلى أن الله محتجب وغير مرئيّ: «فَوَقَفَ الشَّعْبُ مِنْ بَعِيدٍ وَأَمَّا مُوسَى فَاقْتَرَبَ إِلَى الضَّبَابِ حَيْثُ كَانَ اللهُ» (خر20: 21)، وإلى حلول مجد الله. ونتذكر أيضًا، ونحن شاخصين نحو المشرق، وسحابة البخور من حولنا، صعوده إلى السموات وجلوسه عن يمين أبيه، وانتظار مجيئه الثاني المخوف المملوء مجدًا.
القمص بنيامين المحرقي

عدد الزيارات 327

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل