فاعلية التوبة في حياة الخادم

27 يونيو 2022
Large image

1. توبة الخادم المستمرة تنقية متجددة لإناء حياته : الخادم هو حامل لشخص المسيح واسمه المبارك ؛ وإنجيله المقدس ، وهو شاهد حق لعمل النعمة الإلهية في الإنسان . ولا يمكن أن تصدر الشهادة عن الله من إنسان كسول روحياً غارق في خطاياه ، لأنهم « لا يجتنون من الشوك عنباً ولا من الحسك تينا » ( مت 7 : 16 ) . لذلك يلزمنا باستمرار تنقية الإناء ليحمل ـ عن نقاوة واستحقاق ـ اسم المسيح ونعمته في الداخل . أيها الخادم : « نق أولاً داخل الكأس والصحفة لكي يكون خارجهما أيضا نقيا » ( مت ٢٣ : ٢٦ ) حتى تعيش في هذا الاختبار المفرح الذي يصفه القديس بولس الرسول بقوله : « إذ خلعتم الإنسان العتيق مع أعماله ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه » ( کو ۳ : ۹۔۱۰ ) . أيضاً « أن تخلعوا من جهة التصرف السابق الإنسان العتيق الفاسد بحسب شهوات الغرور وتتجددوا بروح ذهنكم وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق » ( أف 4 : ٢٣-٢٤ ) .
۲۔ توبة الخادم واعترافه حفاظ على روح التلمذة : * التوبة والاعتراف يحفظان الإنسان في روح التلمذة التي لا غنى عنها مهما كثرت معلوماتنا ومعارفنا في الخدمة . ( سيأتى الحديث عن حياة التلمذة تفصيلاً ) ، والفخ الخطير الذي يقع فيه بعض الخدام أنه يظن عن نفسه أنه شئ وأنه قد وصل إلى قامة روحية كبيرة ؛ وبالتالي أصبح أعلى من مستوى الجلوس كتلميذ ومنسحق بين يدى الكاهن وكيل أسرار الله . * وعلى فرض أن الخادم له مكانة عالية في العلم والمعرفة ؛ لكن لا ينبغي أن ينسى أنه . إنسان معرض للضعف والسقوط ؛ ولنتذكر الجبابرة الذين سقطوا من ثباتهم لابتعادهم عن روح التوبة وإصابتهم بروح الغرور والبر الذاتي . یا خادم : أذكر أنك إنسان وأنه ليس عبد بلا خطية ولا سيد بلا غفران . وإذا تذكرت ذلك داوم على التوبة بدموع والاعتراف بانسحاق وانتظام .
3- توبة الخادم واعترافه لهما مقاييس دقيقة : ربما تمر الخطايا أمام معظم الناس دون أدنى اعتبار للخطأ وكسر الوصية والتعدى وقد يستهين الناس بما يسمونه بالخطايا الصغيرة أو البسيطة فإذا بهم يتدرجون من ذلك إلى ارتكاب ما هو أفظع دون تدقيق أو تأثر .أما الخادم فلأنه إنسان يسعى للقداسة والكمال لذا فهو لا يحيا في المفاهيم الضعيفة ولا يرضى لنفسه مهادنة الخطية وقبول العثرة وتفويت الخطأ والتساهل مع النفس ، ولكنه يمسك الخطايا الصغيرة ويدفنهم عند صخرة التوبة والاعتراف « يا بنت بابل الشقية ... طوبى لمن يمسك أطفالك ويدفنهم عند الصخرة » ( مز 136 ـ صلاة النوم ) . والخادم الروحاني العميق يخاف الله ويهاب الإنجيل ويقدس الوصية ويعلم أن كل كلمة بطالة سوف يعطى عنها حساباً . يوم الدين ( مت ۱۲ : ٣٦ ) . لذلك يدقق في اعترافاته ويتوب عن الهفوات والسهوات وينشد الكمال إذ يريد أن يتطهر من كل نجاسة مشتاقاً إلى حياة البر والفضيلة . ومن هذا المنطلق فإن اعتراف الخادم ينبغي أن يشمل السلبيات التي اقترفها . وكذا التوبة عن تقصيره في اقتناء الفضائل والعيشة بالإيجابيات ، والكتاب المقدس يعلمنا أن من يعرف أن يعمل حسناً ولا يعمل فذلك خطية له ( يع 4 : ١٧ ) وكل خطية موجبة للتوبة والاعتراف .
4. توبة الخادم واعترافه إنتماء حي للكنيسة والأبوة : كيف يمكن أن نصدق أرثوذكسية الخادم وكنسيته وهو لا يتوب ولا يعترف ولا .يتتلمذ على يدى الكاهن ؟ !! هل يكفى بالنسبة له أن يلقى عشرات الدروس عن الكنيسة وأسرارها المقدسة وهو لا يمارسها كحياة معاشة تثبت انتمائه لجسد المسيح السرى وهو الكنيسة ؟ هل يكفى للبعض أن ينادوا الكهنوت بعبارة « يا أبانا » وهم عملياً ليس لهم أب يرشدهم ويعينهم ويأخذ بيدهم إذ سقطوا ؟ كما تشير حكمة ابن سيراخ « الويل لمن ليس له ثان لأنه إذا سقط فمن يقيمه » . هل يتجاسر خادم أن يقترب إلى سر الافخارستيا المقدس وهو غير قائم في حياة التوبة وغير معترف بخطاياه أو غير نادم على فعلها ؟ ليت هذه الأسئلة كلها تكون محركاً لنا لنكون أكثر أمانة وتدقيقاً في حياتنا من جهة كل وسائط النعمة اللازمة لخلاص نفوسنا وبالأخص حياة التوبة والاعتراف .
٥- توبة الخادم واعترافه قدوة رائعة للمخدومين : قد يبذل الخادم جهداً كبيراً لإقناع مخدوميه بأهمية سر التوبة والاعتراف في حياتهم ، وفي سبيل ذلك يحضر درساً مستوفياً ويستعين بشواهد وأدلة كتابية ؛ وقصصاً من تاريخ الكنيسة .. إلخ ولكن إذا تم هذا كله بدون أن تكون له حياته الدائمة في ممارسة هذا السر مع اقتناعه الداخلي بذلك وتمتعه بالبركة في حياته ، فلن تؤثر في مخدومیه كثرة الكلمات وتعدد الدروس ومهارة الالقاء . إن درس التوبة والاعتراف المثمر في حياة المخدوم هو رؤيته لخادمه وهو يجلس في انسحاق مع أب الاعتراف يعطى توبة عن خطاياه بل ويود أن يحمل خطايا الآخرين أيضاً فوق رأسه ويعترف بها نيابة عنهم . وهذا يقودنا للنقطة التالية في فاعلية توبة الخادم .
6.توبة الخادم واعترافه شفاعةعن المخدومين : الخادم عموماً هو شفيع عمن يخدمهم ، وبصفة خاصة هو شفيع عن الخطاة من خلال أنه يتقدمهم كتائب ومعترف أمام عرش النعمة ـ هذه الملحمة الرائعة يصفها الوحي الإلهي في ( سفر يوئيل ٢ : ۱۲-۱۷ ) « ليبك الكهنة خدام الرب بين الرواق والمذبح ويقولوا اشفق يارب على شعبك ولا تسلم ميراثك للعار » .. الخادم عندما يتوب ويبكى ويعترف إنما يوقظ ضمائر الخطاة ويشفع عن المذنبين ، وبسبب توبته يضم الرب إلى الكنيسة كل يوم الذين يخلصون ( أع ٢ : ٤٧ ) . نعم نحتاج كخدام أن نتوب لنتوب الآخرين معنا ، وهكذا نخلص ونخلص على كل حال قوما . وأخطر إحساس ينتاب الخادم ويستسلم له هو الاستغناء التدريجي عن حياة التوبة ومشاعر الانسحاق إلى أن يتحول في النهاية إلى مجرد إنسان يبذل ويتعب ويتحرك دون أن تكون له الفرصة لينسكب في محضر الله وأب الإعتراف ؛ يبكت نفسه ويوبخ ضميره ويقرع صدره بشدة : « اللهم ارحمني أنا الخاطئ » ( لو ۱۸ : ۱۳ ) ؛ ويقيم كيرنيليوس المخدوم قائلاً : « قم أنا أيضا إنسان » ( أع 10 : ٢٦ ) . إذن يليق بنا أن نمارس التوبة دوما وأن نستقى اللبن العقلى العديم الغش لكي ننمو به ( ۱ بط ۲ : ۲ ) ؛ ومهما وصلت قاماتنا الروحية بلوغاً ونضجاً فنحن أول الخطاة ولازلنا مبتدئين في طريق الروح . * والحقيقة أنه كلما تقدم الإنسان في مجالات الروح وميادين الخدمة تصبح توبته شيئاً يحتاج لجهاد أصعب . فقد يحارب بمعطلات وعوائق كثيرة تتطلب منه مزيداً من الجهاد للتغلب عليها .
القمص بيشوى وديع
كاهن كاتدارئية كنيسة الشهيد مارجرجس وشهداء طنطا الأطهار
عن كتاب الخادم الأرثوذكسى كنيسة وحياة

عدد الزيارات 639

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل