نواحى الإختلاف بين بطرس وبولس

12 يوليو 2022
Large image

تحتفل الكنيسة بتذكار استشهاد هذين القديسين في يوم 5 أبيب الموافق ۱۲ يوليو ، ويسمى هذا العيد في كنيستنا باسم عيـد الرسل ، وتاريخه ثابت هكذا في كل عام . والكنيسة توقر هذيـن الرسولين توقيراً عميقاً . وتمدحهما في إكرام جزيل وبخاصة في القسمة الخاصـة بصـوم الرسل وبعيـد الرسل ، التي نصليها في القداس الإلهي . ومع أنه لا توجد كنائس كثيرة على إسميهما معاً ، إلا أنه توجد كنيسة بإسميهما في منطقة الأنبا رويـس بالقاهرة ، وكنيسـة أخـرى بإسميهما في لوس أنجلوس بكاليفورنيا بأمريكا هذان القديسان يمثلان نوعيـن متمايزين من جهة الشخصية والرسالة والأسلوب وكل منهما له طابع خاص . . .
نواحی اختلاف * بطـرس كـان في مقدمـة مـن إختارهم الـرب للعمـل معـه ( مت ۱۰ ) . وبولس لم يكن من الإثنى عشر ، ولا حتى من السبعين رسولا ، بل اختاره الـرب أخيراً ، بعد القيامة وبعد اختيار متيـاس بسنوات إنه لم يتبع المسيح في فترة كرازته على الأرض . بـل قـال عـن ذلك " وآخر الكل ، كأنه للسقط ظهر لي أنا ، لأني أصغر الرسل ، أنا الـذي لست أهلا أن أدعى رسولاً لأني اضطهدت كنيسـة اللـه " ( ۱ کوه ۱ : ۷- ۹ ) . ومع أنه كان آخر الكل في دعوته ، إلا أنه " تعب أكثر من جميعهم " ( 1 كو 15 : 10 ) . وهذا يظهر لنا أنه ليس بالأسبقية ، إنمـا بمقدار التعب من أجل الله فقد لا يكون إنسان أقدم العاملين في الخدمة . ومع ذلك يكـون أقوى العاملين يوحنا المعمدان لم يكن أول الأنبياء في العهد القديم ، إنمـا كـان آخرهم في الترتيب الزمني . ومع ذلك قيل إنه لم تلد النساء من هو أعظم من يوحنا المعمدان " ( مت ۱۱ : ۱۱ ) . أوغسطينوس قال للرب " لقد تأخرت كثيرا في حبك . ومع تأخره كان أعمق من ملايين ممن سبقوه " * ولد بطرس في بيت صيدا ، وعاشت أسرته في كفر ناحوم . أما بولس ، فولد في طرسوس ، من أعمال كيليكية . وإن كان قد أتي في شبابه المبكر إلى أورشليم ، لكي يكمل تعليمه الديني ليتعلم الناموس على أحد أساتذته الكبار ( أع ٢٢ : ۳ ) . * كان بطرس الرسول متزوجاً . وقد ورد في الإنجيل إن السيد المسيح قد شفى حماتـه مـن الحمى ( مت 8 : 14 ، 15 ) . وكـان في رحلاته التبشيرية يجول مصطحباً زوجته معه كأخت ( 1 كو 19 : 5 ) أما بولس الرسول فكان بتولا ( اکول : ۷ ) . وكان يدعـو إلى أفضيلة البتوليـة . ولكـن كـل واحـد حسـب موهبته الخاصة من الله ، والدعوة التي دعى فيها ( ۱ کو ۷ : ۷ ، ۱۷ ،٢٠) وهذا يدل على أن الـرب يدعو الجميع إلى خدمته ، سـواء كانوا متزوجين مثل بطرس أو بتوليين مثل بولس * بطرس بدأ حياته مع السيد المسيح بالحب والثقة والإيمـان .أما بولس فكان على عكـس هـذا : بـدأ بـالعداوة ، كمضطهـد للكنيسة ولكل من يتبع المسيح ، حتى أن الرب لما قابله في طريق دمشق ، بدأ الحديث معه بالعتاب ، قائلاً له " شاول شاول ، لمـاذا تضطهدنـی ؟ " ( أع 9 : 4 ) . * القديس بطرس كان رجلاً بسيطاً ، صياد سمك ( مت 4 : ١٨ ) . كان جاهلاً لم يتلق شيئاً من الثقافة والعلم . إنـه أحـد " جهـال العـالم الذين أخزى الرب بهم الحكماء " ( اکو ۱ : ۲۷ ) . وقيل عنه – هو والقديس يوحنا – إنهما " إنسانان عديما الفهم وعاميان " ( أع ٤ : ١٣ ) . أما القديس بولس فكان من علماء عصره ، تثقف في جامعة طرسوس ، وتهذب عنـد قدمـی غمـالائيل ( أع ٢٢ : ۳ ) . واشـتـهر بالثقافة وكثرة قراءة الكتب ( أع ٢٦ : ٢٤ ) . وهذا يرينـا أن الـرب يستخدم الكـل فـي ملكوتـه ، العلمـاء والبسطاء على حد سواء . المهم أن يكونوا أوانـي صـالحـة لعمـل نعمته ... * وفى إرسالية كل من القديسين بطرس وبولس ، كان هناك تمايز أيضاً . بطرس الرسول بدأ خدمته ، وهو كبير السن . ربما كان أكـبر . سنا من جميع الرسل . لذلك كانوا يوقرون سنه . ولعلـه مـن جهـة السن ، قال عن القديس مرقس " مرقس ابنی " ( ۱ بطه : ۱۳ ) . * أما بولس الرسول ، فكان أصغر سناً من القديس بطرس . من جهة الإختلاف أيضاً أن القديس بولس الرسول كـون لـه مجموعة كبيرة من التلاميذ ، أكثر من بطرس فكان من تلاميذه تيموثاوس وتيطس اللذين كتب لهما رسائل وكذلك من تلاميذه لوقا ، وأرسترخس ، وتيخيكـس وكـاربس وفيبي الشماسة ، وإكيلا وبريسكلا .. وآخرون . مرقس تبع الإثنين : بطرس أولاً . ثم استقر مع بولس إلـى آخـر أيام حياته ( ۲ تی 4 : ۱۱ ) . قيل عن القديس بطرس إنه كان " رسول الختان " أؤتمن على " إنجيل الختان " أي الكرازة لليهود . بينما أؤتمن بولس على " إنجيل الغرلة " أي الكرازة للأمم . وهكذا قال القديس بولس الرسول " إني أؤتمنـت علـى إنجيـل الغرلة ، كما بطرس على إنجيل الختان . فإن الذي عمل في بطـرس لرسالة الختان ، عمل في أيضاً للأمم " ( غل ۲ : ۷ ، ۸ ) . وهكذا قال الرب لبولس " اذهب فإني سأرسلك بعيداً إلى الأمـم " .( أع ۲۲ : ۲۱ ) . وقـال لـه كذلك " لأنك كمـا شـهدت بما لي في أورشليم ، هكذا ينبغي أن تشهد في رومية أيضاً " ( أع ٢٣ : ۱۱ ) . وكتب بولس رسالة لأهل رومية ورسائل لكنائس الأمم . وكتـب بطرس إلى اليهود المغتربين في الشتات ( ۱ بط ۱ : ۱ ) . كتب القديس بولس ١٤ رسالة تشمل 100 إصحاحـاً أمـا القديس بطرس فكتب رسالتين فقط تشملان 8 إصحاحات كان القديس بطرس بسيطاً في كتابته . أما القديس بولس فقال القديس بطرس عن رسائله " فيهـا أشياء عسرة الفهـم يحرفهـا غير العلماء وغير الثابتين . لهلاك أنفسهم " ( ۲ بط ۳ : 16 ) . وقد تحدث القديس بولس في مسائل لاهوتيـة مثـل التـبرير والتجديد ، والناموس والنعمة ، والمعمودية والكهنوت ، والاختيـار والرذل ، والتهود مما لم يتعرض له القديس بطرس . كان القديس بطرس مندفعاً . ربما بسبب حماسه الشديد أو غيرته . وقد مدحه الرب لمـا شـهد له بأنه ابن الله الحي ( مت 16 : 15- 19 ) . ولكن كثيراً ما وبخه الرب على اندفاعه مثلما وبخه بعد ذلك ، لما تحدث الرب عن آلامه المقبلة وقتـل . اليهود له . فاندفع بطرس وقال منتهراً " حاشاك يارب ، لا يكون لك هذا " . فوبخه الرب قائلاً " اذهب عنى يا شيطان . أنت معثرة لي . لأنك لا تهتم بما لله ، بل بما للناس " ( مت 16 : ۲۱- ۲۳ ) واندفع بطرس أيضاً عند غسل الرب لأرجـل تلاميذه . فامتنع قائلاً : لن تغسل رجلي أبداً ! فلما أجابه الرب : إن لم أغسلك ، فليـس نصيب . حينئذ اندفع مرة أخرى وقال " يا سيد ، ليس رجلی فقط ، بل أيضاً يدى ورأسى " ... ( یو ۱۳ : ۸- ۱۰ ) . واندفع بطرس مرة أخرى عند القبض على السيد المسيح " كـان معه سيف . فاسا وضرب عبد رئيس الكهنـة ، فقطع أذنه اليمنى ( وكان إسم العبد ملخس ) . فقال له الرب : رد سيفك إلى غمـده . الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها ؟! " ( يو ۱٨ : ۱۰ ، ۱۱ ) . وقال له كذلك " لأن كل الذين يأخذون بالسيف ، بالسيف يهلكون " ( مت ٥١:٢٦ ،٥٢) لك معی وهكذا نرى أن الرب اختاره على الرغم مـن اندفاعـه ثـم حـول هذا الإندفاع إلى الخير منذ يوم الخمسين " فنرى أن بطرس هو الذي بدأ الكلام في ذلك اليوم ، وفستر للناس ما كان يحدث ( أع ٢ ) ، ودعاهم إلى الإيمان . وهو أيضاً الـذي بـدأ الكلام يوم شفاء الأعرج ، ووبـخ اليهود على تفضيلهم رجـل قـاتل .على السيد المسيح أمام بيلاطس ( أع ٣ : ١٢- ٢٦ ) . وهو الذي كان يتقدم في مناسبات كثيرة . مثلمـا قـال " ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس " ( أع 5 : ۲۹ ) . وهكذا استخدم الرب اندفاع بطرس للخير أما القديس بولس فكان أيضاً متحمساً ، ولكن في غير اندفاع .. ولعل مـن الإختلاف بينهما في اسلوب العمل ، أن القديس بولس وبخ القديس بطرس نفسه في إحدى المرات : وقد شرح ذلك في الإصحاح الثاني مـن رسالته إلى غلاطية ، فقال : " كان لما أتى بطرس إلى أنطاكية ، قاومته مواجهة لأنـه كـان ملوماً لأنه قبلما أتى قوم من عند يعقوب كان يأكل مع الأمم ، ولكـن لما أتوا كان يؤخر ويفرز نفسه خائفاً من الذين هـم مـن الختـان . وراءى معه باقى اليهود أيضاً حتى إن برنابا أيضاً إنقاد إلى ريائهم . لكن لما رأيت أنهم لا يسلكون باستقامة حسب حـق الإنجيل ، قلت لبطرس قدام الجميع إن كنت وأنـت يـهـودى تعيـش أممياً لا يهودياً فلماذا تلزم الأمم أن يتهودوا " ( غل ۲ : ۱۱- ١٤ ) . ومع ذلك فالقديسـان اشتركا وتشـابهـا فـي مسـائل جوهريـة كالغيرة والاستشهاد ،
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن سلسلة نــبذات القديسان بطرس وبولس في عيد الرسل الذي هو عيدهما

عدد الزيارات 946

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل