إنجيل عشية الأحد الأول من شهر بابه

15 أكتوبر 2022
Large image

تتضمن وجوب الرجاء بالله دون سواه مرتبة علـى فصل اشباع الخمسة آلاف رجل من الخمسة ارغفـة ( مت 14 : ١٤-٢١ ) والسمكتين إن السيد المسيح له المجد لما سمع بقطـع رأس يوحنـا المعمـدان تـرك أورشليم وأتى إلى برية قريبة من بيت صيدا ليستريح مع تلاميذه انفـراد . فتبعتـه جموع كثيرة . فتحنن عليهم وعلمهم ثم شفى مرضاهم بدون أن يطلب منه ذلك . ولما صار المساء تقدم إليه تلاميذه قائلين : " الموضع خلاء والوقت قد مضـى . اصـرف الجموع لكي يمضوا إلى القرى ويبتاعوا لهم طعاما . فقال لهم يسوع لا حاجة لـه ان يمضوا ... أعطوهم أنتم ليأكلوا .. وصنع لهم هذه الآية العظيمة التـى سـمعتم خبرها بفصل اليوم فأكل نحو أكثر من خمسة آلاف رجل مـاعدا النسـاء والاولاد وشبعوا . ورفع ما فضل عنهم اثنتا عشرة قفة مملوءة . وذلك مـن خمسـة أرغفـة وسمكتين مت ١٤ : ١٤-١٢. وهي أعجوبة عظيمة وبرهان مقنع على تحنن فادينا . وبـاعث قـوى لاحياء الثقة التامة داخل قلوب البشر وإلقاء رجائهم على الله دون سـواء . فالرجـاء ينشأ مع نشوء الانسان وهو طبيعي في قلوب البشر . الرجاء هو تعزيـة المريـض أثناء مرضه لانه يأمل الشفاء العاجل . تجد الرجاء في القلب النوتي عنـد مصادفـة أهوال البحار . فإنه يعلل نفسه بالرجاء لنجاته من الغرق . فلولا الرجـاء لمـا زرع زارع ارض ولا صنع صانع شيئا . لان كل الاشياء إنما تعمل على يقين فالرجاء هو الذي جعل هاتيك الجموع الكثيرة تمضى وراء السيد بدون زاد . لانـهم عرفوا أن القادر على شفائهم عن أمرضهم قادر أيضا على اشباعهم خبزا . الرجـاء هو تعزية الانسان في عالم الاتعاب والاحزان . وقد خلقه الله فينا ليكون هـو جلـت قدرته موضوع رجائنا . غير أن فريقا من الناس يلقـــون رجـاءهم علـى النـاس والاموال وما اشبه ذلك . فاسمع توبيخاته تعالى لامثال هؤلاء قال : " ماذا يصنع أيضـل لكرمي وأنا لم أصنعه له " أش ٤:٥ " وقال : " یا اورشلیم یا اورشلیم یا قاتلة الانبياء وراجمـة المرسلين اليها . كم مرة أردت أن اجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخـهـا تحـت جناحيها ولم تريدوا " مت٢٧:٢٣ وقال أيضا : " ربيت بنين ونشأتهم أما هم فعصوا على " أش٢:١ وقال أيضا : " بسطت يدى طول النهار إلى شعب متمرد سائر في طريق غير صـالح وراء أفكاره " أش٢:٦٥ . وقال أيضا : " ملعون الرجل الذي يتكل على الانسان ويجعل البشـر ذراعه وعن الرب يحيد قلبه " ار٥:١٧ هذا بعض من أقواله تعالى . فلماذا لا نثق بها ونضع رجاءنا عليه ونــــذوق عذوبة خدمته قبل ان نذوق خدمة العالم ؟ لاسيما وهو يقول لنا بلســـان نبيـه داود : " ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب . طوبى للرجل المتوكل عليه "مز٨:٣٤ وإلا فقولوا لي بحقكم أي شئ لم يصنعه لنا إلهنا ليستميل قلوبنا إليـه . وهـا هو يتراءف على البشر بكل هيئة ويخاطبهم بأنواع كثيرة . أحيانـا كمبشـر يبشـر المساكين في كل مدينة . ويلقى الصلح والسلام . وأحيانا كسامرى يعـزى الحزانـى ويشفى المرضى ويسكن الامواج ويهدئ العواصف . وتارة كراع إذا وجـد خروفـا ضالا حمله على أكتافه وقال لاصدقائه افرحوا معي لاني وجدت خروفي الضال لو٥:١٥-٦وتارة كأب شفوق يعانق أولاده ويباركهم قـائلا : " دعـوا الأولاد يـأتون إلـى ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات " مت ١٤:١٦ فما بالنا نترك إلهنا الشفوق علينا ونلقى رجاءنا على بشر مثلنا مائتين . مـع علمنا اننا بفقدهم نفقد حمايتهم أيضا فتضيع علينا مصالحنـا . وربمـا يصيبنـا أذى من أعدائهم بسبب انتسابنا اليهم . وما الذي يمنعنا من استدراك خطايانا والعودة إلـى صوابنا فنلقى رجاءنا على إلهنا . ونتكل عليه دون سواه . عمـلا بقولـه تعـالى : " لا تتكلوا على الرؤساء ولا على ابن آدم حيث لا خلاص عنده " مز٣:١٤٦ و " طوبى لمن إلـه يعقوب معينه ورجاؤه على الرب إلهه " مز٥:١٤٦ ولنعد على اسماعكم ذكر بعض الحوادث لتعلموا أن إلـهنا رؤوف ورحيـم بعباده المتكلين عليه . وفي كل حين يعينهم ويجيب طلبتهم . قال الكتــاب المقـدس : " مرض حزقيا ملك أورشليم للموت . فجاء اليه اشعياء النبي وقال لـه . هكـذا قـال الرب أوص بيتك لانك تموت ولا تعيش . فوجه وجهه إلى الحائط وصلى إلى الـرب قائلا : آه يا رب أذكر كيف سرت أمامك بالامانة وبقلب سليم وفعلت الحسـن فـي عينيك . وبكى حزقيا بكاء عظيما . ولم يخرج إشعياء إلى المدينة الوسطى حتى كـان كلام الرب إليه قائلا أرجع وقل لحزقيا رئيس شعبي هكذا قال الرب إله داود أبيـك . قد سمعت صلاتك . قد رأيت دموعك . هأنذا أشفيك . في اليوم الثالث تصعد إلى بيـت الرب . وأزيد على أيامك خمس عشرة سنة وأنقذك من يد ملك أشور مع هذه المدينـة وأحامي عن هذه المدينة من أجل نفسي ومن أجل داود عبدی " ٢مل١:٢٠-٦ فها قد أثبتنا اليكم أيها الاحباء من موسى والانبياء وأخبار الملوك وجـوب القاء الرجاء على الله دون سواه . فسبيلنا أذن أن نتواضع تحت يده القوية لكي يرفعنا في حينه . ملقيـن كـل همنا عليه لأنه هو يعتني بنا لأننا بدونه لا نقدر أن نفعـل شـيئا يو٥:١٥ ولنتمسـك بإقرار الرجاء الموضوع أمامنا كمرساة أمينة للنفس وثابتة تدخل إلـى مـا دخـل الحجاب عب١٩:٦ . غير حائدين عن اعتراف رجائنا فإن الذي وعد هـو أميـن عب٢٣:١٠ . له المجد والاكرام والعزة والسجود إلى الأبد أمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية

عدد الزيارات 277

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل