إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر هاتور

26 نوفمبر 2022
Large image

تتضمن إقامة الدليل بأن نير ربنا أخف من الاهتمـام بالعالميات . مرتبة على فصل تعالوا إلى يا جميع المتعبين ( مت ۱۱ : ٢٥-٣٠ ) يجب علينا ايها الأحباء ان نسارع إلى رفع ثقل الاهتمام بالأمور العالميـة . ونوجد دائماً ودعاء متواضعين مبتهجين حاملين نير ربنا ليعطينا نعيم الملكوت . فإن قلت ياهذا وكيف يكون نيره خفيفاً وقد أشترط على التابعين له أن يكفروا بأنفس ويهجروا شهواتهم ويتركوا أباءهم وأمهاتهم وأولادهم وإخوتهم وأخواتهم وكل لذاتهم العالمية وإلا فلا يستحقون أن يكونوا تابعين له . فأقول ينبغـى أن نفهم أن الخفـة والثقل المحمولين على النفوس البشرية إنما يتميز كل منهما بحسـب غايتـه فـي المجازاة . وذلك لاننا لو فرضنا وجود رجلين عملا لبعض الملوك عملاً تفيـلاً في يوم واحد . فلما أتما عملهما أمر براحة أحدهما يوماً واحداً في سرور ونياح ثم يعـود إلى ذلك العمل بعينه . وأمر براحة الأخر دائماً سرمداً . أفما كان هذا يعتــبر خفيفـاً جداً بالنسبة إلى زمان راحته ؟ لأنه يقول : عملت يوماً واحداً فأخذت سـعادة الأبـد . فالأول إذن بدعوه ثقيلا بالنسبة لرجوعه إلى التعب سريعاً والآخر بـالعكس . هكـذا ينبغي لنا أن نفهم لطافة حمل نير ربنا . لأنه وإن كان يتعبنا تعباً زمنياً إلا أن يكسـبنا حياة الابد . وبناء على رجاء تلك الحياة لا يكون الحمل ثقيلاً . بل يكون سهلا خفيفـاً بالنسبة لنظر العارفين . ثم أعطف راجعاً إليك قائلاً : لم لا نقيس حمل نير ربنا بأتعاب الدنيا وعنائها الأخف على الحاملين . فنفرض وجود رجلين أحدهما راهباً ناسـكاً ليتبين لنا ما هو والآخر غنياً موسراً . أليس أن الراهب يهتم نفسه الواحدة ويجتهد في تحصيـل ما يلزمها من الطعام والشراب والكسوة والسكنى وغير ذلك . مع أن تلـك الأشـياء خفيفة الثقل وسهلة الوجود على أي وجه اتفق . أما الغني الموسر فيحتاج في طلـب اللذات العالمية إلى كثير من الاعوان والحشم والجواري والعبيد ليكون قـوم منـهم موكلين بإصلاح الطعام . وأخرين بالشراب . وأخرين بـإصلاح المراقـد . وأخريـن للذات البدنية . فتكثر عليه حينئذ التكاليف والنفقات . ويحتاج أن يتحايل على تحصيـل اللوازم من سائر الجهات . ثم أنه ربما أحياناً يتعذر عليه الحصول على ما يقوم بتلـك اللوازم كما يقع ذلك كثيراً . مع تضاعف المصاريف عليه فيرشــق إذ ذاك بسـهام الامراض والاعراض . وفقد المحبوبات عنده . فتتعسر عليه المطـالب حتـى يـرى حالته تلك انكد الحالات كلها وأشد صعوبة على النفس ويعدهـا أتفـل مـن سـائر المحمولات . فما قد تبين لك الآن خفة حمل ذاك وسهولته . ولهذا قـد قـال سـيدنا لـه المجد " تعالوا إلى يا جميع المتعبين والتقيلي الاحمال وأنا أريحكـم " . ومعنـى قولـه هذا هو أنكم تتعبون هكذا لتنالوا راحة لانفسكم . وليس عالمكم هذا هو عالم اللـذات والرحات . فكأنكم والحالة هذه تطلبون من الشئ ما ليس هو فيه . فتخسرون الأمريـن جميعاً . لكنكم إذا احتملتم المصاعب قليلاً طاعة لربكم وتعبتم زمنـا يســيراً فـإنكم تنالون اللذات كلها مهيأة وعارية من أقسام الأتعاب وضروب الاهوال . فسبيلنا إذن أن نضع عن رقابنا تقل الاهتمام بالأمور الزائلة ونسارع إلــى حمل نیر ربنا فرحين مسورين . لننال الحياة المهيأة في ملكـوت السـموات بنعمـة وتعطف ربنا ومخلصنا الذي له المجد إلى الأبد آمين.
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية

عدد الزيارات 185

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل