المسيح هو الحياه في مواجهة الموت ووراثة الخطية

31 يوليو 2022
Large image

تحدثنا الكنيسة في هذة الفترة عن عمل ربنا يسوع المسيح داخل الكنيسة، وعمل الكنيسة في وسط العالم، وعن قوة الحياة التي بدأت حينما تجسد ربنا يسوع المسيح، وصار علي الأرض، الإله الذي هو خالق كل شئ، اراد أن يدخل إلي ضعفنا وطبيعتنا وصورتنا، ليكون مشاركاً لنا. هذا الحال الذي هو السجن، والذي صرنا فيه من بعد السقوط والخطية المسيح هو الحياة "أنا هو القيامة والحياة"، والإله الصانع كل شئ هو عمق الحياة، فحينما يوجد الإله توجد الحياة، وخارج الوجود الإلهي موت، فلذلك الخطية هي موت، لأنها رفض الوجود والحياة مع الله، الخطية هي عمل دخيل علي الطبيعة الإنسانية، لأنه حينما خلق الله الإنسان، خلقة يحمل شبهه ومثاله، الشبه هو الحياة. الوجود الإلهي ضد كل ما هو موت تحمل الكنيسة سلطان الحياة من وجود المسيح فيها، فحينما يوجد المسيح لا يوجد موت، بل تتحول كل صور الموت إلي صور حياة حينما يحل الروح القدس علي مياة المعمودية، تتحول المياة من مجرد أمور مادية زائلة، إلي إمكانية وجود حياة، فنولد من جديد.
وحينما يحل المسيح بذاته علي المذبح، ويتخذ المادة التي علي المذبح بصورة جديدة، تتحول تلك المادة من مجرد ترابيات، إلي المسيح الذي يعطي الحياة، فتكون الأفخارستيا والتناول هو الحياة.
آتي المسيح لكي يواجه الموت وجهاً لوجه "معجزة إقامة لعازر" مواجهة الموت لم تكن فقط في القبر، لأنه ليس كل الأموات مدفونين في القبور، هناك أموات مدفونه في الصدور والقلوب، وفي الأفكار، هناك أموات تحمل أكفاناً مزركشة، وملامح قد يراها الآخرين أنها جميلة، ولكنها تخفي الموت. جاء المسيح لكي يغير تلك الصورة، ويعطي للحياة إمكانية الوجود والصمود أمام الموت الذي في داخلنا وينهشنا.كان الموت فينا، وفي كل من يولد "بالخطية ولدتني أمي" والخطية هو صورة الموت، لأننا نولد ونحن نحمل صورة الموت. ولذلك الكنيسة في طقوسها، تري أن المرأة التي تحمل دم سواء جنين، إنه دم يحمل موت، وتقول للأم: "فلتطهر من نجاساتها" لم تقصد الكنيسة هنا نجاساتها الشخصية، أو صورة خطية، أو النجاسة بمعني النجاسة الفعلية، ولكنها هنا هي دم الإنسان الذي يولد، وهو يحمل صورة الموت ففي العهد القديم ذكر الله هذة الفكرة يقول "تصير نجسة سبعة أيام، ثم تطهر من نجاساتها"، تكلم عن المرأة التي في داخلها هذا الدم، الذي هو بداية فكرة تكوين الإنسان في رحمها وفي احشائها، يقول عنها أنها نجاسة وهؤلاء الأشخاص الذين لا يفهموا غير الأمور السطحية ويقولوا: وهل الله يخلق نجاسة؟
يقصد الله بالنجاسة هي ميراث الخطية نفسها. الدم هنا يحمل ميراث الخطية؟ رو13:5 "من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم، وبالخطية الموت، وهكذا إجتاز الموت إلي جميع الناس، إذ أخطأ الجميع"الترجمة العربي ضعيفة، بينما الترجمة اليوناني مع الأصل القبطي متطابقة جداً وتقول: "وهكذا اجتاز الموت إلي جميع الناس، إذ جميعهم أخطأوا فيه "في آدم" وبمعني آخر "بسبب الذي فيه "آدم" اخطأوا الجميع".الذي فيه "إنختف" باللغة القبطية (في كيانه)، أخطأ الجميع. ففي عقيدتنا نحن نولد ونحن نرث خطيئة، نحن جميعنا طبيعة أخطأت.
هرطقة البيلاجية التي ظهرت في إنجلترا بداية القرن الخامس ترفض تماماً ميراث الخطية، و نتيجة الحوار بين القديس أغسطينوس، والقديس جيروم والأباء في هذة الفترة، والمجامع التي حرمت هذة الهرطقة، صار ما يُسمي "نصف بيلايجة" ينادوا بأنهم لم يرثوا خطية آدم، ولكن ورثنا نتيجة الخطية.بيينما إيمان الكنيسة وتعليمها أننا ورثنا الخطية، يقول البابا أثناسيوس"لم يكن مستطاعاً لأحد أن يرد البشر عن الفساد الذي حدث، غير كلمة الله الذي خلقهم منذ البدء،فهو وحده الذي يليق بطبيعتة ان يجدد خلقة كل شئ".إيماننا أننا نولد ونحن نرث الخطية، فقد ورثنا حالة كاملة، خطية بنتائجها، فلا يمكن أن أرث النتيجة دون أن أرث الطبيعة الخاطئة، نحن نولد وقد ورثنا طبيعة أخطأت في آدم، لم يكن آدم وحواء أفراد، ولكنهم طبيعتنا الأولي.لذلك تجسد المسيح ليحمل طبيعتنا، ويحمل هذة الصورة، ولأنه هو الحياة، لم يكن ممكناً ابداً للموت أن يغلبه، لأنه مصدر الحياة. "فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس"رو 17:5 "الذين ينالون فيض النعمة وعطية البر سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح""صارت الهبة إلي جميع الناس لتبرير الحياة"
هو جاء ليقف أمام الموت في داخلنا، نحن نحمل طبييعة مائتة لأننا نحمل طبيعة خاطئة وساقطة، أما هو فقد جاء لكي يضخ في هذا الخاطئ الذي هو أنا، سواء بطبيعتي الأولي فأعطاني الفداء والمعمودية، أو بسواء بخطيئتي المتجددة عن ضعف، فيأتي ويقف أمام الموت الذي في داخلي، ويدخلني إلي شركة الكنيسة، فأدخل في شركة الحياة بالأفخارستيا.رو 23:6 "لأن أجرة الخطية موت، أما هبة الله فهي حياة أبدية".1كو53:13 "لأن هذا الفاسد يلبس عدم فساد، هذا المائت يلبس عدم موت".هذا الفاسد والمائت هو أنا، وهذا الذي نحمله في داخلنا يبتلع موتنا هو المسيح نفسه.
رو 9:5 " ونحن متبررون الآن بدمه، نخلص من الغضب".كل من يحتمي فيه، ويتحد به، يخلص من الغضب.كو13:1 "الذي أنقذنا من سلطان الظلمة، ونقلنا إلي ملكوت إبن محبته"
عب 15:9 " لأجل هذا هو وسيط عهد جديد، لكي يكون المدعون ( بمعني إكلسيا أو كنيسة) إذ صار موت لفداء التعديات الذي في العهد الأول، يناولوا وعد الميراث الأبدي.
1بط 24:2 "الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده علي الخشبة، لكي نموت عن الخطايا فنحيا في البر".إذاً الموت في داخلنا يعمل في كل أمور حياتنا، فالذي يحيا بدون المسيح، يحيا في الموت، وتنتهي حياته إلي لا شئ، أما الذي في المسيح، تتغير الحياة. هذا المائت الذي ولد بطبيعة مائتة، يمكنه أن يصير قديساً "نظير القدوس الذي دعاكم، كونوا قديسين".
يقول القديس كيرلس الكبير:"كان يلزم لأجل خلاصنا أن كلمة الله يصير إنساناً، لكي يجعل جسد الإنسان الذي تعرض للفساد، خاصاً له لكونه هو الحياة، ليبطل الفساد الذي فينا".من يريد الحياة، فليأخذ المسيح.كان الأنبا أنطونيوس يقول لأولادة: "تنسموا المسيح دوماً".هكذا عاش القديسيون، وهكذا تحول الموت الذي كان هو حالة رعب وبكاء دائم إلي فرح أبدي. نحن ننظر إلي الموت الآن، أنه المعبر إلي الحياة الأبدية، فلم يعد الموت شر، ولا حالة العدم التي يخاف منها المريض، ولا الذي يدخل يعاني من الشيخوخة، ويظن أن أيامه أنتهت، بل أيامه ستبدأ حينما يدخل في الحياة الأبدية.
يقول القديس أغسطينوس: "إني أشتهي الموت لكي آراك".ويقول الأنبا أنطونيوس: "الموت يحررنا من الأمراض التي نخضع لها في هذة الحياة".لم يقصد أمراض الجسد، ولكن أمراض الخطية.
يقول ذهبي الفم: "هذا هو حال القيامة، إنه مات لكي لا نموت".يقول الشهيد كبريانوس: "بالموت نترك الأتعاب المؤلمة، ونتخلص من أنياب الشياطين السامة، نذهب إلي دعوة المسيح، نحن متهللون بالخلاص الأبدي".لم يعد الموت هو هذة الأمور التي نرتعب منها، بل صار الموت هو طاقة النور التي ننتظرها لنعيش فيها، صار الموت هو الجسر الذهبي الذي يعبر بنا من أرض متعبة مزعجة، وأمور كلها تدخلنا في صراعات والآلام إلي الراحة الأبدية، إلي الوجود مع المسيح "لا يكون موت بعد، ولا بكاء، ولا ألم، ويمسح الله كل دمعة من عينونكم".نحن ننتظر أن نعبر لأننا نؤمن بأن المسيح قد أعطانا حياة أبدية.لإلهنا كل مجد وكرامة إلي الأبد أمين.
القمص أنجيلوس جرجس كاهن كنيسة أبي سرجة مصر القديمة

عدد الزيارات 384

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل