الحديث الروحي

22 أغسطس 2022
Large image

تميزت العذراء مريم ضمن صفاتها الرائعة بالحديث الروحي مع الملاك الذي بشرها إذ قالت: «هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك» (لو1: 38)، وكذا في حديثها مع أليصابات حين زارتها، وقولها في التسبحة الجميلة: «تعظم نفسي الرب، وتبتهج روحي بالله مخلصي، لأنه نظر إلى أتضاع أمته...» (لو1: 46-56).ونود ونحن في صوم العذراء -الذي صامه التلاميذ الاثنا عشر لكي يروا صعود جسدها إلى السماء بعد نياحتها- أن نتعلم من العذراء كيف نتكلم مع الله والناس، ولا شك أن المصدر هو الروح القدس الذي يقودنا حين نتكلم كلامًا روحيًا لائقًا بالسيرة الروحية، وأما سمات هذا الحديث الروحي:1- الكلام الإيجابي: بمعنى أن يكون مُفْعَمًا بالفضيلة، مثل المحبة وطول الأناة والرحمة والرغبة في الاحتواء والتهدئة وامتصاص متاعب الآخرين وحل مشاكلهم، وروح المغفرة للإساءات من الآخرين، وكذلك اللطف مع الوداعة تقدم حديثًا هادئًا موضوعيًا خاليًا من الغضب والانفعال السلبي.2- التعلُّم من القدوة الصالحة: فالسيد المسيح هو المثل الأعلى لنا في أحاديثه وكلماته الرائعة جدًا، ففي حديثة عن التطوبيات وتركيزه على فضائل هامة مثل المسكنة بالروح (الاتضاع) والرحمة والوداعة وصنع السلام واحتمال الإساءات كالطرد والتعيير والاتهامات زورًا والفرح بالإهانات لأن الأجر عظيم في ملكوت السماوات، وتقديم الأنبياء كأمثلة في كل هذه الفضائل، دليل أنها عملية ويمكن تنفيذها في الحياة.3- المواقف العملية: حين أتوا إلى المسيح بالخاطئة التي أُمسِكت في ذات الفعل قال لهم: «مَنْ منكم بلا خطية فليرمها بأول حجر»، وجلس يكتب خطية كل مَنْ يتقدم بحجر ليرجمها حتى انصرف الجميع وألقوا بالحجارة بعيدًا، ولم يبقَ سوى المرأة في خجل شديد من الموقف، ولكن الرب قال لها في رفق وحنو «اذهبي ولا تخطئي..."، بعد أن قال لها: «ولا أنا أدينك»، وهنا الأمثولة الرائعة. وفي موقف آخر حين تقدمت له أم غريبة الجنس تطلب شفاء ابنتها بإيمان، قال لها: «ليكن لك ما تريدين»، فشُفِيت أبنتها في تلك اللحظة.. ما أروع هذه المواقف المملوءة محبة قوية علوية.4- روح الخدمة التلقائية: فكل محتاج ذهب للسيد المسيح قدم له احتياجه، سواء فرد أو مجموع. فحين تقابل مع الجموع: قبلهم وتكلم معهم بكلام الحياة الأبدية ساعات طويلة، ثم قدم لهم طعامًا بالبركة في خمس خبزات وسمكتين حتى شبع الجميع وفضل عنهم اثنتا عشرة قفة مملوءة. وحين ذهبت إليه مرثا ثم مريم أختا لعازر حين مرض ومات، أتى وأقامه بعد أن أنتن في القبر. وفي لقاء المرأة الخاطئة في المدينة أتت إليه من ورائه وأمسكت برجليه (مشطي القدم) وغسلتهما بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها، فمدحها السيد المسيح ووصف محبتها الفائقة أنها رغبة في التوبة والمغفرة وقال عنها «هذه أحبت كثيرًا» لذلك غُفِر لها كثير، وحين أدانها الفريسي، بل أدان السيد المسيح لأنه سمح لها أن تلمسه، يقول لوقا البشير «فَلَمَّا رَأَى الْفَرِّيسِيُّ الَّذِي دَعَاهُ ذلِكَ، تَكَلَّمَ فِي نَفْسِهِ قِائِلًا: لَوْ كَانَ هذَا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الامَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئَةٌ» (لو7: 39).حقًا كان الرب المتجسد مثالًا في الخدمة، مقدِّرًا النفس البشرية التي اعتبرها الهدف من كل ما فعله الله من إعطاء للوصية أو الفداء على الصليب بعد التجسد، وهذا يكشف عن كرامة الإنسان عند الله لأنه مخلوق على صورته ومثاله وموضوع اهتمامه دائمًا. يا ليتنا نتعلم من مخلصنا الصالح روح الخدمة بالحديث الروحي والمواقف العملية وروح الخدمة التلقائية، ووضع كل الإمكانيات لخدمة كل نفس سواء المال كوسيلة أو مباني الخدمة التي تقيمها الكنائس كمجمعات الخدمة ومرافق كثيرة للحضانات والخدمة الريفية وباقي الخدمات.
نيافة الأنبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها

عدد الزيارات 470

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل