إنجيل عشية عيد النيروز

10 سبتمبر 2022
Large image

انجيل العشية : ( مت ١٣ : ٤٤ – ٥٢ )
يتكلم هذا الفصل عن خلاص السيد الذي يمنحه للمؤمنين بشريعته الجديدة التي سماها ملكوت السموات وشبهها بشبكة مطروحة في البحر ، ودليل ذلك قوله « فلما امتلأت أصعدوها على الشاطئ وجلسوا وجمعوا الجياد إلى أوعية وأما الأردياء فطرحوها خارجا »
تمهيد
في خلال جولان السيد المسيح الثاني للتبشير في الجليل أخذ يلقى تعاليمه على الجموع عند بحر الجليل . وقد ضرب لهم أمثاله الثلاثة المعروفة التي فيها شبه بشارة الإنجيل بالكنز ، واللؤلؤة ، والشبكة . وفى هذه الأمثال بين عظمة بشارة الإنجيل ، ومصير مستمعيها ، وواجب القائمين بخدمتها .
عظمة البشارة:-
أيضا يشبه ملكوت السموات كنزا مخفى في حقل وجده إنسان فأخفاه و حه مضى وباع كل ما كان له واشترى ذلك الحقل . يسمى المخلص بشارة الإنجيل « ملكوت السموات » لأنها توصل من يعمل بها إلى ذلك الملكوت ، ويشبهها وهي مخفية على الكثيرين بكنز مخفى في حقل ، ويرجع خفاؤها على الناس لا إلى تدبير إلهى بل إلى عمى قلوبهم ، لأن « الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يحكم فيه روحيا » ( ۱ کو ٢ : 14 ) . وفى ذلك يقول بولس الرسول « إن كان إنجيلنا مكتوما فأنما هو مكتوم في الهالكين الذين فيهم إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضئ لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله » ( ۲ کو 4 : ٣ - ٤ ) . والحقل المختفى فيه هذا الكنز يشير إلى العالم الذي تلقى فيه كنوز الإنجيل ، والإنسان الذي وجد الكنز هو المؤمن الذي يحتفظ بتلك الكنوز الإنجيلية في قلبه . ولما كان هذا المؤمن يدرك ذلك الملكوت الروحي الذي لا يزول ، والغني الذي لا يفنى ففرحه به يحمله على بيع ما يملك لشراء الحقل . ومع أن الكنوز السماوية لاتشترى بمال ، لأنها بلا فضة وبلا ثمن كما قال أشعياء « أمنها العطاش جميعا هلموا إلى المياه والذي ليس له .فضة تعالوا اشتروا وكلوا هلموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن خمرا ولبنا » ( أش 55 : 1 ) إلا أن المقصود من قول المخلص أنه « باع كل ما له واشتراه » أنه ترك كل ما وقف في سبيل ذلك الخير العظيم . وفي ذلك يقول الرسول ه لكن ما كان لي ربحا فهذا قد حسبته خسارة لأجل فضل معرفة المسيح ربى الذي من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح » ( في 3 : ۷-۸ ) ، وهذا تأييد لقول السيد « من أحب أبا أو أما أكثر منى فلا يستحقنى . ومن أحب ابنا أو ابنة أكثر منى فلا يستحقنى . ومن وجد حياته يضيعها ومن أضاع حياته من أجلى يجدها » ( مت ۱۰ : ۳۷ ، ۳۹ ) والغاية التي يرمي إليها المخلص من ضرب هذا المثل هي تحريض المؤمنين على ألا يتعلقوا بحطام هذا العالم وشهواته التي قد تعترض سبيلهم إلى ذلك الملكوت .
مثل اللؤلؤة :-
أيضا يشبه ملكوت السموات إنسانا تاجرا يطلب لآلىء حسنة . فلما وجد لؤلؤة واحدة كثيرة الثمن مضى وباع كل ما كان له واشتراها . ويشبه هذا المثل الذي تقدمه مع فارق بسيط ، هو أن الذي وجد الكنز في المثل الأول وجده اتفاقا ، كما في حالة المرأة السامرية التي جاءت إلى البئر لتستقى فوجدت المسيح ، أما الذي وجد اللؤلؤة هنا فوجدها بعد بحث وتنقيب كما فعل المجوس الذين جاءوا من المشرق لرؤية الملك المولود ، والمغزى في الحالين واحد .
مصير مستمعيها :
مثل الشبكة : -
أيضا يشبه ملكوت السموات شبكة مطروحة في البحر وجامعة من كل نوع . فلما امتلأت أصعدوها على الشاطئ وجلسوا وجمعوله الجياد إلى أوعية . وأما الأردياء فطرحوها خارجا . هكذا يكون في انقضاء العالم . يخرج الملائكة ويفرزون الأشرار من الأبرار ويطرحونهم في أتون النار . هناك بين يكون البكاء الأسنان وصرير . وبعد أن بين المخلص عظمة بشارته استطرد إلى ذكر مصير مستمعيها فشبه الذين ينادون بها بالصيادين الذين ينشرون شباك التعليم ليصيدوا بها الناس وينتشلوهم من بحر هذا العالم المهلك ، وشبه المستمعين من الشعوب المختلفة بصيد الشبكة الذي يضم أصنافا مختلفة من السمك . وأما جذب الشبكة إلى الشاطئ فأشارة إلى اجتماع المؤمنين للدينونة عند انقضاء العالم . وكما أن ما يدخل الشبكة من الصيد فيه ما لا ينتفع به فيلقى خارجا ، كذلك الذين يؤمنون كثيرون ولكن ليس كلهم يتركون أهواءهم وشهواتهم ويحفظون التعاليم . ومثلهم في ذلك مثل المتكثين في عرس ابن الملك الذين جمعهم عبيده من الطرق أشرارا وصالحين ( مت ۲۲ : ۱۰ ) . ولما دخل الملك عليهم رأى أحدهم بغير لباس العرس ، فأمر خدامه بربط رجليه ويديه وطرحه في الظلمة الخارجية . وهكذا في نهاية العالم يرسل الله ملائكته فيفرزون الأشرار من بين الأبرار ويطرحونهم في أتون النار حيث دودهم لا يموت ونارهم لا تطفأ ( أش 66 : ٢٤ ) ، و « حيث البكاء وصرير الأسنان » ، أي حيث الحسرة والندم على ما فعلوا ، والغم على شيطان أطاعوه ، ونعيم مقيم فقدوه . وفى هذا المثل إرهاب للسامعين ، وصد لهم عن متابعة الشرور .
واجب الخدام :-
قال لهم يسوع أفهمتهم هذا كله ، فقالوا یا سید فقال لهم من أجل ذلك كل كاتب متعلم في ملكوت السموات يشبه رجلا رب بيت يخرج من كنزه جددا وعتقاء . مضى المخلص بعد ذلك يتساءل عما إذا كان تلاميذه قد فهموا أمثاله ، وسؤاله ليس عن جهل منه بمدى فهمهم بل رغبة في أخذ إقرارهم بذلك . ولما أجابوا بالإيجاب أخذ يبين لهم واجبهم وواجب من يتصدون لخدمة الكلمة من الرعاة وغيرهم ، وهو ضرورة الاتصاف بالحكمة والفهم والقدرة على تأييد تعليمهم بأدلة من العهدين القديم والجديد فقال « من أجلذلك كل كاتب متعلم في ملكوت السموات يشبه رجلا رب بيت يخرج من كنزه جددا وعنقاء » ، أي كما أن رب الأسرة يدخر في بيته من الأثاث والمؤونة الجديد والقديم ، إذ بعض الأشياء قديمها أفضل كالحمر ، وبعضها جديدها أفضل كالعسل ، كذلك يجب في خادم الإنجيل أن يخرج من كنز علمه ما يناسب الزمان والمكان والسامعين من تعاليم التوراة والإنجيل كليهما .
الأرشيذياكون المتنيح بانوب عبده
عن كتاب كنوز النعمة لمعونة خدام الكلمة الجزء الأول

عدد الزيارات 255

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل