كفـن المســــيح

30 سبتمبر 2022
Large image

ونحن بصدد الكلام عن الصليب نرى من المفيد أن نعرض لموضوع اثير في السنوات الأخيرة على المستوى العلمي ، ذلك هو موضوع كفن المسيح . ومرجعنا في هذا الموضوع كتاب عنوانه Turin Shroud « کفن تورین » حيث أن هذا الكفن محفوظ بكاتدرائية يوحنا المعمدان بمدينة تورينو بإيطاليا . وكاتب الكتاب يدعى إيان ويلسون Ian Wilson ، وهو أحد العلماء الذين اشتركوا في الابحاث والدراسات التي تمت على الكفن . وقد استمرت هذه الدراسات خمس سنوات من سنة 1973 إلى سنة 1978 ... والعجيب أن هذا العالم كان وجودياً لا يؤمن بدين . وكانت هذه الدراسة سبباً في إيمانه بالمسيح ، واصبح عضواً عاملاً بالكنيسة . ... اشترك في دراسة هذا الكفن عشرات العلماء المتخصصين في فروع العلم المختلفة من بلاد متفرقة كأمريكا وفرنسا وسويسرا والنمسا وانجلترا . ( أكثر من أربعين عالماً ) ولم تمول هذه الابحاث أية هيئة ، بل درس هؤلاء العلماء الكفن بدافع شخصي وللبحث العلمي وحده ، لتفنيد رأى الكنيسة . وكان بعضهم متشدداً ، والبعض الآخر كان يقرأ الإنجيل ليجد فيه دليلاً على عكس ما تنادى به الكنيسة . تكررت المحاولات على مدى السنين مع المسئولين عن الكنيسة للسماح للعلماء بفحص هذا الكفن لكن رجال الكنيسة في تشددهم لم يسمحوا بذلك . وكان هذا التأجيل بحكمة إلهية حتى يأتى السماح بهذا العمل في وقت تتوفر فيه الآلات العلمية الحديثة . الكفن عبارة عن قطعة واحدة من الكتان الأبيض طوله حوالي ٤,٢٥ متراً وعرضه حوالي ١.٢٥ متراً . وفي الكفن صورة أمامية وأخرى خلفية لإنسان طوله ۱۸۱ سم ... والصورة Negative وهو وضع مستحيل . فلا يمكن لأي فنان أن يرسم صورة Negative - لا توجد حدود للصورة ونفس فن التصوير لم يعرف إلا منذ نحو مائة عام ... وبناء عن هذا الطول يقول علماء الاجناس إنه لإنسان طويل القامة ومن شعوب حوض البحر المتوسط لقد تعرض الكفن للحريق سنة ١٥٣٢ نتيجة حرق الكنيسة كلها . وحرق الصندوق الذي يحتوى على الكفن ، لكنه لم يتأثر بالحريق ، كل ما هنالك حريق طفيف لحق بأطرافه . وقد بحث العلماء عن نوع الاصباغ المرسومة بها الصورتين ، لكنهم لم يجدوا أي نوع من الأصباغ . فالصورة موجودة لأكثر من فتلة واحدة في النسيج . ... مرتخی عن قال علماء التشريح والطب الشرعي إن الصورة التي للإنسان الذي وضع في الكفن تدل على انه في الثلاثينيات . وهو إنسان يعمل عملاً شاقاً ، وعرفوا ذلك من الآثار التي في اليد . وقالوا إن الكتف الأيمن الكتف الأ يسر وذلك نتيجة العمل باليد اليمنى . كانت الرجل الشمال موضوعة على الرجل اليمين والمسمار في المشط بين السلامية الثانية والثالثة . المسمار الذي شمر في اليدين - ليس في الكف بل في عظام الرسغ . والعظام لم تكسر اتماماً للنبوة ... والشوك الذي وضع على رأس المسيح لم يكن إكليلاً بحسب مفهومنا ، بل كانت طاقية شوك غرسوها ،ووجدوا آثارها من الجبهة حتى قمة الرأس . آثار الدماء على الوجه تأخذ منظر Zigzag نتيجة تقلص عضلات الوجه بسبب الآلام الشديدة . وقال العلماء إن الكفن لإنسان مصلوب ، فقد شاهدوا سير الدماء في الأيدى وقاسوا الزاوية بين الرأس وبقية اليد فوجدوها 65. ومنظر الدم الساري من الرسم سارى بهذه الصورة . . . وجدوا أن الكتف فيه سحجات نتيجة حمل الصليب . وتوجد كدمات كثيرة جداً في الوجه ، وأجزاء متورمة ، كما يوجد قطع على شكل مثلث في الخد الأيمن وهو من كثرة اللطم في بيت رئيس الكهنة ودار الولاية . الجراحات الموجودة بالظهر في شكل دائرتين غائرتين متصلتين ببعضهما . وعدد هذه الدوائر يتراوح بين 100 ، ۱۲۰. بحثوا عن أنواع السياط التي جلد بها فوجدوا انه السوط الروماني المحفوظ عينة منه بالمتاحف . وهو سوط ذو ثلاث شعب تنتهى كل شعبة بقطعتين معدنيتين ... وقالوا إن هذا الإنسان تناوب على جلده اثنان . وكان الذي يضرب من جهة اليمين أطول ممن يضرب من جهة الشمال . والضارب جهة الشمال كان قصيراً وعنده سادية أي غزيرة حب الانتقام ، لأن ضرباته اعمق منها في الجهة اليمنى . . الفتحة الموجودة في الجنب الأيمن التي سال منها كمية دماء ضخمة الفتحة شكلها شكل مقدم الرمح الروماني وهو شكل ورق الشجر ، والفتحة بميل وموجودة بين الضلع الخامس والسادس . والماء الذي سال قال بعض العلماء إنه من السائل المحيط بالقلب لكن هذا كميته قليلة ( في حجم معلقة الشروبة ) ، وقالوا يمكن أن القلب يفرز أكثر نتيجه الاجهاد الكبير . ورأى ثان لفريق آخر من العلماء أن هذا الماء من السائل المحيط بالرئتين وهو الرأى الارجح ، وهو نتيجة الشد العضلي ، ويمكن أن تزداد کمیته . آلام المسيح الشديدة جداً على الصليب سببها تنفس المصلوب . ففي كل مرة لا بد وأن يصعد بجسمه إلى أعلا فيضغط على الجراحات ... يقول علماء النبات أنه يمكن معرفة موطن هذا الإنسان بفحص حبوب اللقاح اللاصقة بقماش الكفن . وحبة اللقاح حجمها مليون / 1 من الملليمتر ، ولا ترى إلا بالميكروسكوب الالكتروني ... اخذوا بعض التراب اللاصق بالكفن ودرسوها لمدة ثلاث سنوات لمعرفة النباتات التي تتبعها حبوب اللقاح وأين تنمو . وعلى هذا الأساس وجدوا أن هذا الكفن كان موجوداً في مرسيليا وباريس والقسطنطينية ( استانبول ) وقبرص وصور وصيدا وتورينو وافيلينو Avelino بإيطاليا لكن إلى جانب ذلك وجدوا مجموعة من حبوب اللقاح لم يتوصلوا إلى حقيقتها ومكان وجودها . وعلى هذا الأساس أقام واحد من العلماء لمدة ستة شهور في أورشليم القدس . وهناك وجد النباتات التي لا تنمو إلا فيها والتي تتبعها حبوب اللقاح المجهولة . أية صورة لها بعد ثالث ما عدا صورة الكفن فليس لها بعد ثالث رغم استعانتهم بأجهزة البحرية الأمريكية الغاية في الدقة والصورة بلا رسم أو أصباغ ... قالوا قد يكون هذا الكفن قد تعرض لاشعاع معين . لكن علماء الطاقة الذرية نفوا معرفتهم لإشعاع يطبع صورة ... وأخيراً قالوا يحتمل. أن تكون هذه الصورة نتيجة خروج إشعاع معين وقت قيامة الرب يسوع . . بحثوا عن عمر قماش الكفن بواسطة تجربة الكربون 14 ، ووجدوا أنه يرجع لحوالى الفين سنة . . أما عن وجه المسيح المطبوع على الكفن فلا يتفق مع رسمه فنانو اور با . ولكنهم وجدوها تطابق الصور الموجودة في الكنائس الشرقية التي رسمت في قرون المسيحية الأولى . وأقرب الصور إليها هي صورة رسمها كيرلس الكبير البطريرك ٢٤ الاسكندري في القرن الخامس ، وصورة أخرى في كنيسة آيا صوفيا ، وثالثة في كنائس سوريا .
صليب المسيح تاريخياً :
ظهر الصليب الذي صلب عليه المسيح حسب التقليد الكنسى على يد القديسة هيلانة والدة الامبراطور قسطنطين فقد سافرت إلى أورشليم بعد أن جاوزت السبعين من عمرها لتكشف عن قبر المخلص وتبنى كنيسة هناك . وبالفعل بنت كنيستين ، الأولى فوق القبر المقدس والثانية فوق مغارة بيت لحم ... وقيل انها تحمست لهذا العمل بواسطة رؤيا اعلنت وبعد بحث كثير عن القبر المقدس عثرت عليه في مايو سنة ٣٢٨. أما السبب في اختفاء مكان القبر المقدس كما يذكر المؤرخ الكنسى سقراط ( ٣٨٠ - ٤٥٠ م ) فهو أن اليهود تعمدوا اخفاء معالم هذا المكان بعد أن كان يحج إليه مسيحيون كثيرون ، فكانوا يلقون عليه الاتربة والقاذورات حتى تكون فوقه ما يشبه الهضبة المرتفعة ، واقيم فوقها معبد للإله فينوس امعاناً في اخفاء مصدر إيمان وعزاءالمسيحيين . وقد أمرت هيلانة بهدم الهيكل ورفع الاتربة فوجدت ثلاثة صلبان على مسافة رمية حجر من موضع القبر المقدس . ووجدت صليب الرب يسوع وعليه العنوان الذي كتبه بيلاطس البنطى . وقد تأكدوا من أنه صليب الرب لما وضعوه على سيدة مريضة فشفيت في الحال ، وكان ذلك بحضور مكاريوس أسقف أورشليم آنذاك . . أول من أشار إلى حادث اكتشاف الصليب بواسطة الملكة هيلانة كان هو امبروسيوس أسقف ميلان ( ۳۳۹ - ۳۹۷ م ) . في عظة له القاها سنة 395 م . وعن امبروسيوس نقل كل من يوحنا ذهبي الفم بطريرك القسطنطينية ( 347- 407 م ) . وبولينوس الأسقف الذي من نولا بفرنسا ( ٣٥٣- 431 م ) ... ذكر هذه القصة المؤرخان الكنسيان سقراط ( ٣٨٠. ٤٥٠ ) ، تیودوریت ( ٣۹۳- ٤٥٨ م ) الذي ذكر أن هيلانة وجدت في القبر المقدس المسامير التي سمرت بها يدا المخلص ورجلاه وارسلتها إلى ابنها الامبراطور قسطنطين الذي ثبت مسماراً منها على الخوذة الملكية التي كان يلبسها وهو خارج لخوض المعارك الحربية . ومن الذين افاضوا في الكلام عن خشبة الصليب المقدس القديس كيرلس الأورشليمي في عظاته التي القاها سنة ٣٤٨ م ـ بعد نحو عشرين سنة من اكتشاف خشبة الصليب كان يخاطب المؤمنين .... في كنيسة القيامة مشيراً إلى التابوت الموضوع فيه الصليب ... يقول : ا لقد صلب المسيح حقاً . ونحن وإن كنا ننكر ذلك فهذه هي الجلجثة تناقضني التي نحن مجتمعون حولها الآن . وها هي خشبةالصليب أيضاً تناقضني التي توزع منها على كل العالم ... وخشبة الصليب تشهد للمسيح ، تلك التي نراها حتى هذا اليوم بيننا . وقد ملأت كل العالم بواسطة المؤمنين الذين أخذوا قطعاً منها إلى بلادهم ] . وفي خطاب ليولينوس الأسقف الذي من نولا بفرنسا إلى الكاتب والمؤرخ الكنسى سالبيسيوس نعلم أنه أرسل له مع الخطاب قطعة من خشبة الصليب المقدس ، ويخبره أنه بالرغم من أن قطعاً كثيرة أخذت من الخشبة ، إلا أن الخشبة لم تنقص قط ـ وهكذا ذاع القول أن خشبة الصليب تنمو من ذاتها . ، و يتفق كل من تيودوريت وسقراط المؤرخان الكنسيان أن هيلانة أرسلت قطعة من خشبة الصليب إلى القصر الامبراطوري في القسطنطينية . ووضع بقية الصليب في تابوت من الفضة داخل كنيسة القيامة . والمعروف أن الملك قسطنطين أمر بتوزيع قطع من خشب الصليب المقدس على كافة كنائس العالم وقتذاك . وقد احتفظت كنيسة روما بقطعة كبيرة . وقد ذكرت ايجيريا الراهبة الأسبانية التي قامت برحلتها أواخر القرن الرابع إلى الأماكن المقدسة ، ووصفت بدقة كل ما مرت به وشاهدته ، وضمتها طقوس وصلوات عيد الصليب أمام الصليب المقدس بكنيسة القيامة . . . . وظلت خشبة الصليب المقدس بكنيسة القيامة حتى غزا الفرس الأراضي المقدسة ، واستولى خسرو الثاني ملك الفرس سنة 615 م على التابوت الفضي الذي يضم قطعة الصليب المقدس وحمله معه إلى بلاده ، وظل هناك حتى استرده الامبراطور هرقل سنة ٦٢٩ م ووضع في كنيسة القيامة ، ومنها إلى القسطنطنية سنة 636 م خوفاً من وقوعه في أيدى الغزاه ... و يشهد اركلفوس Arculfus الذي زار القسطنطنية سنة 670 م أنه رأى الصليب في كنيسة أجيا صوفيا . ... بعد ذلك لا نعلم ماذا حدث لما تبقى من الصليب المقدس .
نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس أسقف الغربية
عن كتاب المسيحية والصليب

عدد الزيارات 344

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل