الأنبا يؤانس المتنيح أسقف الغربية

Large image

ولد رمزى عزوزفي شبرا مصر بالقاهرة في 25 أكتوبر 1923 م بدأ خدمته في مدارس الأحد بحي شبرا عام 1937 م. بكنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا ومدارس الأحد مع الأستاذ نظير جيد (قداسة البابا شنودة لاحقًا) إذ كانا أصدقاء خدم بكنائس: كنيسة الملاك ميخائيل بطوسون (1942)، وكنيسة القديسة دميانة بشبرا، وبيت مدارس الأحد كما اشترك في تحرير مجلة مدارس الأحد في ذلك الوقت حصل على ليسانس الآداب قسم التاريخ من جامعة القاهرة عام 1952م عمل مدرسًا للتاريخ بمدرسة الملك الكامل بالمنصورة حتى سنة 1955 (نهاية العام الدراسي) إلى أن حضر إلى الديرذهب إلى دير السريان العامر في 31يونيوعام 1955م. للخلوة كعادته، ولكنه في هذه المرة قرر أن يبقى في الدير نهائيًا طالبًا الرهبنة ترهَّب مع الراهبين أبونا القمص داود السرياني وأبونا القمص كيرلس السرياني، بيد صاحب النيافة الأنبا ثاؤفيلوس أسقف ورئيس دير السريان العامرباسم شنودة السريانى كان أمينًا للدير أكثر من مرة وأمينًا لمكتبة دير السريان سيم قسًا (تاريخ الكهنوت) في 16 سبتمبر 1956 م. بكنيسة العذراء مريم بالعزباوية بمصر (مقر الدير في القاهرة).أُصيب بآلام في العمود الفقري، فاضطر للنزول إلى القاهرة للعلاج، فاختاره المسئولون عن الكلية الإكليريكية مشرفًا روحيًا للطلبة (أُسْنِدَ إليه الإشراف الروحي على طلبة الكلية الإكليريكية بالقاهرة - القسم النهاري) فتتلمذ على يديه الكثيرون. وكان ذلك في أكتوبر 1956قام بتدريس مادتيّ اللاهوت الروحي والتاريخ الكنسي بالكلية الإكليريكية (مادة تاريخ الكنيسة بدأ تدريسها عام 1962). ومن خلال مادة اللاهوت الروحي وضع كتاب "بستان الرهبان" الجزء الأول، ثم أعقبه بالجزء الثاني وبسبب حنينه للحياة الرهبانية عاد إلى الدير، وأسند له الأنبا ثاؤفيلوس الكثير من المسئوليات مثل: أن يكون وكيلًا للدير - اصطحاب الأجانب لزيارة الدير - تسليم الطقس والألحان للكهنة الجُدُد. ومما يُذْكَر أنه كان محبًا لصلوات القداس الإلهي، محافظًا على الطقوس والألحان، كما أنه كان مُحبًا لإخوته الرهبان يخدمهم ويقدم لهم الأدوية حسب إرشاد الطبيب، وكان ودودًا يُدخِل الفرح إلى قلوب الجميع اختاره المتنيح البابا كيرلس السادس أحد سكرتارية الأربعة في مايو 1959 نال درجة الايغومانسية (القمصية) يوم 24 ديسمبر 1961وسافّر لِيُمَثِّل الكنيسة القبطية في مؤتمر بجنوب أفريقيا وروديسيا خدم في ذلك الوقت بالسودان (في الخرطوم) سنة 1962اختارته العناية الإلهية لدرجة الأسقفية وتمت سيامته بيد قداسة البابا شنودة الثالث، وقد رُسِمَ أسقفًا مع نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة يوم الاحد الموافق 12ديسمبر 1971 فكانا باكورة الأساقفة الذين سامهم قداسة البابا شنودة الثالث أختاره قداسة البابا سكرتيرًا للمجمع المقدس عام 1973، وظل يشغل هذا المنصب حتى 1985، أي قرابة اثني عشر عامًا (تلاه الأنبا بيشوي، ثم الأنبا رافائيل) اسند إليه قداسة البابا شنودة الثالث رئاسة المجلس الإكليريكي العام للأحوال الشخصية نيابة عنه (تلاه(؟) الأنبا بولا)أنابه قداسة البابا لإدارة شئون الكنيسة خلال زيارة قداسته لروسيا وأرمينيا عام 1972م رافَق قداسة البابا في رحلته التاريخية إلى الفاتيكان عام 1973 لإحضار رفات القديس أثناسيوس الرسولي أوفده قداسة البابا لتفقد أحوال الأساقفة الفرنسيين قبل ضمهم للكنيسة القبطية عام1973م رافق قداسة البابا في رحلته الرعوية إلى أمريكا عام 1977م. والى السودان عام 1978م كان له العديد من الأعمال الجيدة خلال فترة حبريته كان يحب التسبحة والألحان بصوته الموسيقي الجَهورمَثَّلَ الكنيسة القبطية في عديد من المؤتمرات على مستوى مجلس كنائس الشرق الأوسط، ومجلس الكنائس العالمي في كثير من البلدان، وفى لقاءات الكنائس الأرثوذكسية. تنيح فى ظهر الأربعاء الساعة الواحدة يوم 4‏ نوفمبر 1987 م بعد نياحته في طنطا صلَّى عليه قداسة البابا مع لفيف من الأساقفة والكهنة ورهبان من دير السريان، وكبار الشخصيات والشعب باختلاف طوائفه، وكان هذا اليوم التالي يوم 5 نوفمبرأودِعَ جُثمانه بمقبرة المطارنة بكاتدرائية مارجرجس بطنطا، مصر.
من أهم أعماله خلال حبريته:
سيامة ‏34 كاهنًا، وترقية 6 ‏إلى درجة القمصية بناء 6 ‏كنائس؛ لعل أشهرها كاتدرائية ماربولس (وهي الأولى للقديس بولس الرسول بالنسبة لبلادنا)، وبها مزار لرفات القديس بولس الرسول (به جزء من رفاته) شراء كنيسة وتجديد كثير من الكنائس بناء دار للخلوة يعتبر من أكبر بيوت الخلوة بالكنيسة القبطية بدير مارمينا الأثري بابيارافتتح فرعًا للإكليريكية بطنطا عام 1976م كان عالمًا وله فكر متميز وقد قام بتأليف العديد من الكتب، من أشهرها سلسلة "بستان الروح" بأجزائها الثلاثة،وكان كلهم 15 مؤلفًا، بخلاف المذكرات عن تاريخ الكنيسة. بخلاف كتابة مقالات في مجلات مدارس الأحد والكرازة نَظَّمَ اجتماعًا أسبوعيًا بمدينتيّ المحلة الكبرى وطنطا، يوميّ الخميس والجمعة من كل أسبوع اهتم بخدمة القرية وبناء المذابح بها خلال حبريته حصل على ميداليتين للعمل الاجتماعي، ويعتبر من الرواد في هذا المجال.

المقالات (14)

20 فبراير 2024

كيف يعايش المسيحي المجتمع محتفظا بتعاليم المسيحية؟

فكرة أن الشر شئ جديد ، أمر ينافي الحقيقة موجود منذ بداية الخليقة : 1 - آدم وحواء اخطأا في الجنة قايين النسل الأول لآدم قـام على أخيه هابيل وقتله وفى زمان نوح يقول الوحي الإلهى ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته " (تك ٦ : ٥- ٧)ونسل نوح حتى لا يتوبوا عن شرهم شرعوا أن يبنوا برجاً شاهق الإرتفاع حتى لا يدركهم طوفان آخر، لأنهم لم ينووا أن يتوبوا عن شرورهم (تك ۱۱) وفي قصة يونان النبي ومدينة نينوى، أرسله الله لينادى في المدينة أنه بعد أربعين يوماً تنقلب . (يونان ٣: ٤) وحدث أن شر آخاب ملك أسرائيل قد زاد حتى أن إيليا النبي أغلق السماء بصلاته ثلاث سنين ونصف (۱مل ۱۷) . ب - وفي العهد الجديد نرى السيد المسيح يرسل يوحنا المعمدان لينادي في الناس بالتوبة (مت ۳ : ۲) . بل إن الرب يسوع . نفسه كان يكرز ويقول توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات" (مت ٤: ١٧) والتلاميذ حين أرسلهم الرب يسوع في إرساليات تدريبية كانوا " ينادون في الناس بالتوبة (مر٦: ١٢) ورغم كل الأعمال العظيمة التي عملها السيد المسيح بين اليهود فقد قاموا عليه وصلبوه وتمتلئ رسائل الرسل بتحذير المؤمنين من الشر وشبه الشر ومن الملاحظ أن بولس الرسول مثلاً يكثر تحذيره للمؤمنين عن الزنا بأنواعه ويكفى نظرة واحدة إلى ما جاء في الإصحاح الأول من رسالته إلى أهل رومية أن نقرأ عن أنواع من الزنا لا يفهمها الإنسان ولهذه الرسالة قصة فقد كتبت من مدينة كورنثوس وكان فيها معبد للإلهة أفروديت إلهة الجمال عند الأغريق ، وكان في هذا المعبد داخل أسواره نحو الف زانية ترتكب الزنا كجزء من العبادة التي ترضى هذه الإلهة !! وفي أول مجمع كنسى بأورشليم حذر الرسل المؤمنين من الزنا أن يمتنعوا عن الدم والمخنوق والزنا" (أع ١٥: ٢٩) ويقول بولس الرسول الستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح أفأخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضــاء زانيــة" (١كـو٦: ١٥) اهربوا من الزنا" ( ١ كو٦: ١٨) وإنما أقول أسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد وأعمال الجسد ظاهرة التي هي زني عهارة نجاسة دعارة" (غل ٥: ١٦، ١٩) .لأن هذه هي إرادة الله قداستكم ، أن تمتنعوا عن الزنا"(اتس ٣:٤) يقول العلماء أن هذه التحذيرات المتكررة من الكنيسة كلها مجتمعة في مجمع أورشليم والرسل في كتاباتهم منفردين إنما يدل . دلالة أكيدة على إنتشار الزنا وهو من أقبح الخطايا!! إذن فالشر موجود ، والإنسان يصارع في داخله بين الشر والخير الجسد يشتهى ضد الروح،والروح ضد الجسد وهذان يقاوم أحدهما الآخر .حتى تفعلون ما لا تريدون" (غل ٥ : ۱۷) "لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة" .. (ايو ٢ : ١٦) لا جديد إذن الشر موجود والمقصود الشهوة داخل الإنسان موجودة ، كل ما هنالك أن عوامل الإغراء تغيرت . كيف يعايش المسيحي المجتمع وفي نفس الوقت يحتفظ بمبادئ مسيحيته؟ ۱ - نقطة هامة يجب معرفتها قبل دخولنا في الموضوع أن الشيطان ليس له سلطان على الإنسان المؤمن ولا أجد أوضح من قصة أيوب في هذا الصدد : وكان ذات يوم أنه جاء بنو الله ليمثلوا أمام الرب وجاء الشيطان أيضاً في وسطهم فقال الرب للشيطان من أين جئت؟ فأجاب الشيطان للرب وقال من الجولان في الأرض ومن التمشى فيها. فقال الرب للشيطان : هل جعلت قلبك على عبدى أيوب . لأنه ليس مثله في الأرض. رجل كامل ومستقيم يتقى الله ويحيد عن الشر ؟ فأجاب الشيطان الرب وقال هل مجاناً يتقى أيوب الله . أليس أنك سيجت حوله وحول بيته وحول كل ماله من كل ناحية باركت أعمال يديه فانتشرت مواشيه فى الأرض ، ولكن ابسط يدك الآن ومس كل ماله ، فإنه في وجهك يجدف عليك .فقال الرب للشيطان هوذا كل ماله في يديك ، وإنما إليه لا تمد يدك ثم خرج الشيطان من أمام وجه الرب " (أيوب ١: (٦-١١ ) ثم مرة ثانية في الأصحاح الثاني : "وكان ذات يوم أنه جاء بنو الله ليمثلوا أمام الرب وجاء الشيطان أيضاً في وسطهم ليمثل أمام الرب فقال الرب للشيطان من أين جئت ؟ فأجاب الشيطان الرب وقال من الجولان في الأرض ومن التمشى فيها . فقال الرب للشيطان هل جعلت قلبك على عبدى أيوب لأنه ليس مثله في الارض رجل كامل ومستقم يتقى الله يحيد عن الشر . وإلى الآن . هو متمسك بكماله وقد هيجتني عليه لأبتلعه بلا سبب فأجاب الشيطان الرب وقال جلد بجلد وكل ما للإنسان يعطيه لأجل نفسه ولكن أبسط الآن يدك ومس عظمه ولحمه فإنه في وجهك يجدف عليك . فقال الرب للشيطان ها هو في يدك ولكن احفظ نفسه " (أيوب ٢ : ١ - ٦) . تحميل والـ إذا فالشيطان يجرب الإنسان كما في قصة أيوب في الحدود التي يسمح الله بها. ففي البداية جربه في الممتلكات ثم في المرة الثانية في صحته لكن ما يهمنا أن الله في حدود يسمح بالتجربة والسيد المسيح في أحد أمثاله يقول "كان إنسان رب بيت غرس كرماً وأحاطه بسياج وحفر فيه معصرة وبنى برجاً وسلمه إلى كرامين وسافر" (مت ۲۱: ۳۳) في هذا المثل رب البيت إنما يشير إلى الله الذي يسيج حول الإنسان يسيج حولنا أي يحمينا "ملاك الرب حال حول خائفيه ،وينجيهم" (مز ٣٤: ٧) الشيطان يقدم الإغراء ولكن الإنسان هو الذي يمد يده ليأخذ لهذا كل خطية هي إرادية الشيطان يغريني وإنما أنا الذي أتم الخطية لا توجد قوة في الدنيا ترغم الإنسان على أن يفعل الخطية، دور الشيطان هو الإغراء أما الإنسان فهو الذي يستجيب أو لا يستجيب . ٢- الإنسان المسيحى كالسفينة التي تُصنع لتسير في البحار . تتلاطم مع الأمواج وتتقاذفها الرياح فطبيعي أن الإنسان يواجه إغراءات وحروب ومتاعب ومفروض أن يجاهد ضدها من خلال هذا الجهاد ستكون مكافأته الأبدية "لا نكلل إن لم نجاهد قانونياً" .. والمسيح الذي يعرف الإنسان وطبيعته لأنه خالقــه ويعرف العالم بشهواته، في صلاته الوداعية للأب يقول "لست أسأل أن تأخذهم من العالم، بل وأن تحفظهم من الشرير" (يو ١٧: ١٥) . مفروض أن المسيحى يجاهد ضد نفسه وشهواتها، وضد كل إغراءات الشر التي يقدمها العالم . ٣ - لنعلم أن الحق والفضيلة شيئان أصيلان ولذا فهما يبقيان. أما ما عدا ذلك فلابد أن يزول ويفتضح أمره .. الكذب والفهلوة واللعب على الحبل والغش وعدم الأمانة .. كل هذه لابد وأن تؤول في النهاية إلى الإنكسار والسقوط والفضيحة هناك أشياء تجعلنا وتجعل الأمور تختلط في نظرنا فالشر ينجح والعالم يبتسم في وجه الشرير لا تغتر بهذا، فهذا أمر وقتى هذا الأمر جعل شخصاً كارميا النبي يقول لله "أبر انت يارب من أن أخاصمك . لكن أكلمك من جهة أحكامك . لماذا تنجح طريق الأشرار . إطمأن كل الغادرين غدراً" (أر ۱۲: ۱) . لكن الوحي الإلهى على لسان داود يعطى إجابة على تساؤل إرميا النبى حينما يقول: "لا تغر من الأشرار ولا تحسد عمال الأثم، فإنهم مثل الحشيش سريعاً يقطعون ومثل العشب الأخضر يذبلون . أتكل على الرب وافعل الخير . اسكن الأرض وارع الأمانة . وتلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك . سلّم للرب طريقك واتكل عليه وهو يجرى ويخرج مثل النور برك وحقك مثل الظهيرة . انتظر الرب وأصبر له ولا تغر من الذي ينجح في طريقه ، من الرجل المجرى المكايد لأن عاملى الشر يقطعون والذين ينتظرون الرب هم يرثون الأرض بعد قليل لا يكون الشرير تطلع في مكانه فلا يكون الشرير يتفكر ضد الصديق الرب يضحك به لأنه رأى أن يومه آت" (مز ۳۷) . ٤- لا تظن أن تعاليم السيد المسيح التي سلمها لتلاميذه لينشروها بين الناس منذ نحو ألفي عام ، أصبحت بالية ولا تصلح الآن إن زوال السماء والأرض أيسر من أن يسقط حرف واحد من كلامه الله سيوافيك وسوف يأتى إليك ولكن ربما في الهزيع الأخير ، لكنه لا يخلف مواعيده ، ولذا يقول المرتل "انتظر الرب ليتشدد وليتشجع قلبك وانتظر الرب" الفضيلة هي الفضيلة . والحق ثابت لأن الحق هو الله تذكر كلمات المسيح "في العالم سيكون لكم ضيق ، ولكن تقوا أنا قد غلبت العالم" وتذكر كلمات الرسول بطرس " من يؤذيكم إن كنتم متمثلين بالخير وأما خوفهم فلا تخافوه ولا تضطربوا بل قدسوا الرب الإله فى قلوبكم مستعدين دائماً لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذى فيكم بوداعة وخوف" (ابط٣: ١٣- ١٥ ) وتذكر كلمات يوحنا الرسول حبيب الرب "أنتم من الله أيها الأولاد وقد غلبتموهم لأن الذي فيكم أعظم من الذي في العالم كل من ولد من الله يغلب العالم . وهذه هى الغلبة التي نغلب العالم إيماننا من هو الذي يغلب العالم إلا الذي يؤمن أن يسوع هو إبن الله" (ايو ٤ : ٤ ، ٥ : ٤ ، ٥) . ه - أولى وصايا السيد المسيح هي المحبة فحب الجميع بـلا تمييز حتى من لا يعاملك معاملة طيبة ولا يظهر لك حباً، حبة وصل لأجله إن الذى يحتفظ بالفضيلة هو القوى ، والذي يصنع مشيئة جسده هو الأضعف تعامل مع الجميع بوداعة ولا تظن أن الخشونة أو التعالى يجعلك مهاباً، بل سيجعلك مكروهاً تعلم من معلمك الذي كسب العالم وكسب أعداءه بوداعة وقال "تعلموا منى فإني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم " كن أمينا فالأمانة تكسبك احترام الجميع وسيكون الله سندك وعونك طالما أنت تحفظ وصاياه .. تذكر أنه يطالبك أن تكون نوراً للآخرين "أنتم نور العالم.." (مت ٥: ١٤) .وهنا في مجال تنفيذ وصية المحبة أود أن ألفت نظركم إلى العلاقات بين الجنسين إن أحببنا الجميع فلا خطأ في ذلك، لكن الخطأ ينشأ من التركيز على إنسان بذاته فاحترس لنفسك كثير من أفكار الاختلاط خاطئة ، احفظ وصية الرب فتحفظك. ٦ - تذكر أن عليك رسالة والله مكلفك بها "تكونون لي شهوداً " وحينما تردد في الصلاة الربية كلمات السيد المسيح ليأت ملكوتك" اشعر أنك مطالب بنشر ملكوت الله على الأرض أي ليملك المسيح على قلوب الجميع حينما ترى الشر منتشراً لا تعثر به ، بل احزن لأن مملكة ابليس تتدعم على حساب ملكوت الله تشبه بلوط حينما كان ساكناً في وسط شرير جدا في سدوم وعمورة .. "كان البار بالنظر والسمع وهو ساكن بينهم يعذب يوماً فيوماً نفسه البارة بالأفعال الأثيمة " وبعدها يقول "يعلم الرب أن ينقذ الأتقياء من التجربة ويحفظ الأئمة إلى يوم الدين معاقبين" (۲ بط ۲ : ۸، ۹) لا يضعف قلبك بل تشدد وتقو، واعلم أنك مكلف أن تجاهد حتى الدم ضد الخطية اعلم أن الذين معك أكثر من الذين عليك قوات من الملائكة وأرواح القديسين تحرسك وتحفظك . ٧- بولس الرسول وهو يتكلم عن محبته لله إزاء الشدائد والضوائق قال ولكننا فى هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا. فإنى متيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى . تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا" (رو٨: ۳۷) تفكر في أولاد الله المباركين الذين ساروا في نفس طريقك وانتصروا ، واجعل لك من القديسين أصدقاء . وفوق الكل لك الصديق الألزق من الأخ الذي هو ربنا يسوع المسيح نفسه نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس أسقف الغربية عن كتاب كيف يعايش المسيحى المجتمع
المزيد
13 فبراير 2024

ثانيا : حاجته إلى تفهم سليم لمبادئ المسيحية وتعاليمها

على الرغم من وضوح المسيحية كديانة ووضوح تعاليمها ودعوتها للبساطة مع الحكمة "ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام" (مت ۱۰: ١٦) راجع أيضاً (رو ١٦: ١٩؛ في ۲ :۱۵) لكنها في نفس الوقت ديانة تسليم وإستلام. والمقصود إستلام المبادئ والتعاليم عن طريق التلمذة الروحية والفكرية اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" (مت ۲۸ : ۱۹ ، ۲۰) وما سمعته منى بشهود كثيرين أودعه أناساً أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضاً "(٢تى٢:٢) إن مبادئ المسيحي الروحية والأدبية لا تنشأ من فراغ، بل إنـه يتسلم هذا كله من معلمين مؤتمنين .. والرسول بولس معلم المسيحية الأكبر ينصح المؤمنين ألا يساقوا بتعاليم متنوعة وغريبة (عب ۱۳: ۹) ويحذرهـم بقوله "لا تكونوا فيما بعد أطفالاً مضطربين ومحمولين بكل ريح تعليم بحيلة الناس بمكر إلى مكيدة الضلال" (أف ٤ : ١٤) ويدعو تلميذه الأسقف تيطس أن يقدم تعليماً نقياً "مقدماً في كل شئ قدوة للأعمال الحسنة ومقدماً في التعليم نقاوة ووقاراً وإخلاصاً" (تي ۲: ۷) إن عدم الفهم السليم لمبادئ المسيحية وتعاليم الإنجيل المقدس قاد البعض على مر الأجيال إما إلى الإنحراف الفكرى وهو ما يُعبّر عنه بالهرطقة ، وإما إلى الإنحراف الروحى والنسكي لذا من الأهمية بمكان أن نتوقف لنتفهم بعض ما يجب على المسيحي فهمه من مبادئ مسيحية أساسية : ١- المسيحي هو إنسان الله : من المهم أن يفهم المسيحي إنه إنسان الله ( يعنى بتاع ربنا - خليفاوي أي سماوى ) يقول الرسول بولس . لتلميذه الأسقف تيموثاوس : "وأما أنت يا إنسان الله فاهرب من هذا واتبع البر والتقوى والإيمان والمحبة والصبر والوداعة . جاهد جهاد الإيمان الحسن وامسك بالحياة الأبدية التي إليها دعيت أيضاً . (اتی ٦: ۱۱، ۱۲) .. كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر ، لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهباً لكل عمل صالح" (٢ تی ٣: ١٦، ١٧) . المسيحي وهو إنسان الله هو ليس من هذا العالم وقد أكد المسيح له المجد هذا المعنى مرات عديدة "العالم أبغضهم لأنهم ليسوا من العالم كما أنى أنا لست من العالم" (يو ١٧: ١٤، ١٦) ونلاحظ كلمات السيد المسيح كيف يسوى بينه وبين المؤمنين من هذه الوجهة ولذا فالمسيحي جندى روحى في مملكة السماء (۲ تي ۲ :۳) عمله أن يقوض مملكة الظلمة والشر ويعمل على امتداد ملكوت الله مستعدة لقبوله على الأرض - أي أن يهيئ للرب قلوباً مستعدة لقبولة هو سفير مملكة السماء على الأرض ، يحاول أن يصالح البشر مع الله ويقيم علاقات طيبة بين السماء والأرض "إذا نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله" (٢ کوه : ۲۰) ٢- المسيحية والمحبة : ظهرت المسيحية وسط عالم سادته الشرور ، واكتنفته الظلمة ، وطغت عليه الأنانية وقطعت أوصاله الحروب والإعتداءات والمظالم نادت المسيحية بالمحبة للجميع حتى الأعداء ، واتخذتها .شعاراً لها ، ونادت بالحب والإخاء بين جميع البشر . وعلمت أن المحبة هي "الوصية الأولى والعظمى"(مت ۲۲ : ۳۸) ، وأنها "غاية الوصية" (اتى ١: ٥) . وهي علامة التلمذة الحقة للرب "بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذى إن كان لكم حب بعضاً لبعض" (يو ١٣: ٣٥).. بل إنها سمت بالمحبة ورفعت من قدرها حينما قالت "الله محبة" (ايو ٤ : ٨) وعلمت المسيحية إن كل فضيلة تخلو من المحبة هي مرفوضة حتى لو اقتنى صاحبها إيماناً ينقل الجبال ويتكلم بألسنة الملائكة (اکو ۱۳) . كان تعليم المسيحية بمحبة الأعداء نغمة جديدة على مسامع العالم القديم، لم يرق إليه مفكر أو فيلسوف كانت المسيحية تهدف إلى تحويل المتنافرين إلى أخوة محبين "إن جاع عدوك فإطعمه، ما وإن عطش فاسقه. لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه. رو ۱۲ : ٢٠ ،٢١)جاء لحن المحبة وانغامها العذبة شجياً و القراء في مسامع العالم القديم المسكين، الذي ساده الطغيان ، وترك الفقراء نهباً للأغنياء ،والضعفاء غنيمة للأقوياء ولم تكن المحبة لحناً عذباً في افواه المعلمين فحسب، بل شوهدت حية في حياتهم ناطقة بأفعالهم إن المحبة المسيحية الأصيلة لا تسقط أبداً (اكو ١٣: ٨) . والمسيح له المجد في أحلك الظروف وأصعب المواقف ما تخلى عن مبدأ المحبة لأعدائه فما قبل أن تلميذاً كبطرس في دفاع أهوج يضرب بسيفه عبد رئيس الكهنة ويقطع أذنه ، وكان واحداً ممن خرجوا للقبض عليه !! والسيد المسيح صفح عن أعدائه وصالبيه يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لو ۲۳: ٣٤) وأكد وهو على الصليب القاعدة الذهبية التي نادى بها كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم ، افعلوا هكذا أنتم أيضاً بهم" (مت۷: (۱۲) ولقد سار كل المؤمنين وفق تعليم مسيحهم في المحبة ويوم يخرج المؤمن عن مسار الحب للجميع بلا أدنى تفريق إنما يخرج عن منهج ، ومسار معلمه ويتوقف عن أن يكون مسيحياً يقول بولس الرسول "لا تجاوزوا أحداً عن شر بشر إن كان ممكناً فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء .. لأنه مكتوب لي النقمة أن أجازى يقول الرب. فإن جاع عدوك فأطعمه ، وإن عطش فاسقه. لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه . لا يغلبنك الشر ، بل اغلب الشر بالخير" (رو١٢: ١٧ -٢١).ويقول بطرس الرسول "كونوا جميعاً متحدى الرأى بحس واحد ذوى محبة أخوية مشفقين لطفاء . غير مجازين عن شر بشر، أو عن شتيمة بشتيمة بل بالعكس مباركين . عالمين أنكم لهذا دعيتم لكي ترثوا بركة" (ابط۳: ۸) . ٣- المسيحي ووجوب العمل وقدسيته : ليس للمسيحي الحق في هجر العمل لأى سبب من الأسباب فإننا أيضاً حين كنا عندكم أوصيناكم بهذا، إنه إن كان أحد لا يريد أن يشتغل فلا يأكل أيضاً لأننا نسمع أن قوماً يسلكون بينكم بلا ترتيب، لا يشتغلون شيئاً بل هم فضوليون فمثل هؤلاء نوصيهم ونعظهم بربنا يسوع المسيح أن يشتغلوا بهدوء ويأكلوا خبز أنفسهم" (۲ تس ۳ : ۱۰ - ۱۲) إن العمل نفسه يستند إلى قانون إلهى منذ خلق العالم فقد قال الرب لآدم بعد أن أخطأ بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها" (تك٣ : ۱۹) كان معظم أعضاء الكنيسة الذين يعولون أنفسهم بعمل أيديهم . فكتب إليهم القديس بولس يقول: وإنما أطلب إليكم أيها الأخوة أن تزداود أكثر وأن تحرصوا على الأولى من الطبقات الفقيرة والصناع ما أن تكونوا هادئين وتمارسوا أموركم الخاصة وتشتغلوا بأيديكم أنتم كما أوصيناكم لكي تسلكوا بلياقة عند الذين هم من خارج .ولا تكون لكم حاجة إلى أحد" ( ١ تس ٤ : ١٠ - ١٢) ورجال الدين وإن كانوا لا يشتغلون بالأعمال الدنيوية، لكنهم يعملون في دائرة خدمة الله، ولذا فإن الناس مكلفون بإعالتهم تعلمون إن الذين يعملون في الأشياء المقدسة من الهيكل يأكلون الذين يلازمون المذبح يشاركون المذبح هكذا أيضاً أمر الرب أن الذين ينادون بالإنجيل من الإنجيل يعيشون" (١كو٩: ١٣، ١٤) ورغم هذا التصريح فإن الرسول بولس نفسه . تقديساً لمبدأ العمل وحتى ما يكون قدوة ، لم يستعمل هذا الحق كان يعمل بيديه في صناعة الخيام " فضة أو ذهب أو لباس أحد لم أشته. أنتم تعلمون أن حاجاتي وحاجات الذين معى خدمتها هاتان اليدان . (اع ۲۰ : ۳۳، ٣٤) راجع أيضاً (۱كو ۹ : ١٥)والواقع أن المسيحية برفعها من قدر العمل اليدوى، مهدت الطريق إلى واحد من أهم الإصلاحات التي أكملتها . لقد كان المجتمع القديم ينظر إلى الكد نظرة تحقير ، وكانت الأعمال اليدوية يقوم بها العبيد والمقهورون الكسالى . وهكذا قلب هذا المبدأ نظرة الوثنية إلى العمل، رأساً على عقب ولقد أوصت تعاليم الرسل وقوانينهم المؤمنين بوجوب العمل ٤ - المسيحى وطاعة السلطات الزمنية : ليست المسيحية ديناً ودولة ، لكنها تعلم بفصل الدين عن الدولة . اعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله" (مت۲۲ : ۲۱؛ لو ٢٠: ٢٥).فالمسيحية كديانة يمكنها أن تحيا وتنمو في ظل أي نظام من أنظمة الحكم والقديس بولس الرسول ينظر للدولة كنظام إلهي لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة لأنه ليس سلطان إلا من الله والسلاطين الكائنة هي مرتبة من الله، حتى أن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله، والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونة فإن الحكام ليسوا خوفاً للأعمال الصالحة بل للشريرة افتريد أن لا تخاف السلطان افعل الصلاح فيكون لك مدح منه، لأنه خادم الله للصلاح ولكن إن فعلت الشر فخف لأنه لا يحمل السيف عبثاً ، إذ انه هو خادم الله منتقم للغضب من الذي يفعل الشر . لذلك يلزم أن يخضع له ليس بسبب الغضب فقط بل أيضاً بسبب الضمير" (رو١:١٣-٥) وواضح أن الرسول هنا : يرتفع بالحكومة الأرضية. - على الرغم مما يحيط بها من فساد واضح أمام عينيه - إلى أصلها وفكرتها الأساسية ، إنها نظام إلهى ويتضح هذا من وصيته لتلميذه الأسقف تيموثاوس "اطلب أول كل شئ أن تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لأجل جميع الناس . لأجل الملوك وجميع الذين هم في منصب لكي نقضى حياة " مطمئنة هادئة فى كل تقوى ووقار . لأن هذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله (اتی ۲ : ۱- ۳) وفي وصيته لتلميذه الأسقف تيطس يقول بولس "ذكرهم أن يخضعوا للرياسات والسلاطين ، ويطيعوا ويكونوا مستعدين لكل عمل صالح . ولا يطعنوا في أحد ويكونوا غير مخاصمين" (تی٣ : ۱، ۲) اخضعوا لكل ترتيب بشرى من أجل الرب إن كان للملك فكمن هو فوق الكل أو للولاة فكمرسلين منه للإنتقام من فاعلى الشر، وللمدح لفاعلى الخير" (۱بط ۲: ١٣، ١٤) .وفى رسالة القديس كليمنضس الروماني إلى كنيسة كورنثوس التى كتبت حوالى سنة ٩٤م نجد صلوات ودعوات إلى الحكام وهذه التوسلات التي قدمها المسيحيون في عبادتهم الخاصة السرية لأجل حكامهم في الوقت الذي كانت الدولة الرومانية بحكامها يضطهدون المسيحية ذاك كان تعليم الكنيسة بخصوص الطاعة الواجبة نحو السلطات الحاكمة أياً كانت عادلة أو ظالمة ، صالحة أو شريرة وهي في ذلك تسلك متشبهة بالمسيح ذاته الذي خضع في الأمور الزمنية لهيرودس وبيلاطس وأعطى قيصر ماله إن المسيحية لا تعرف العصيان المسلح لأن أسلحة محاربة المسيحية ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون لكن ينبغي أن يكون واضحاً أن هذه الطاعة التي تكلمنا عنها كانت مختصة بوجبات المسيحى المدنية كمواطن دون ان تكون هكذا من حيث علاقته بإلهه . وإذا تعارضت طاعة المسيحي لله مع طاعته للدولة من جهة إيمانه وعقيدته ، فإنه كان ينفذ تعليم الإنجيل ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس" (أع ٥: ٢١) وكان في هذه الحالة مستعداً أن يجود حتى بحياتـه مقـابل إيمانه . ولهذا السبب استشهد كثيرون من أجل إيمانهم ، وتمسكاً بالحرية المقدسة التي حررهم بها المسيح الإله . ه - المسيحي وواقع الحياة : المسيحي وواقع الحياة ماذا تعنى هذه العبارة؟ هناك أناس يعيشون حياة مثالية جداً فمثلاً خلال الدراسة يمكن أن يكون للطالب أصدقاء يختارهم بعناية لكن خلال العمل لا يمكنه ذلك فالفرد يعمل مع أي شخص يوجد معه في الوظيفة وهنا نجد أن هذا الشخص المثالي تصطدم مثاليته حتماً بواقع العالم الذي وضع في الشرير تصطدم بالواقع الأليم واقع أهل العالم وهنا نجد أن بعض الأشخاص تنهار ولا تقوى على مواجهة هذا التيار الصعب وربما يتخلوا عن مثاليتهم ويصطدموا صدمة شديدة تفقدهم إتزانهم النفسي والحقيقة أنه يجب أن نكون واقعيين . فالكتاب المقدس وردت به آيات كثيرة : " العالم كله قد وضع في الشرير " ( ايوه : ١٩) فالشر منتشر في العالم ويجب أن يعود الإنسان نفسه على وجود الشر بالعالم ومع ذلك فهذه الأمور يجب ألا تجعلنا نتنازل عن مثاليتنا مهما كلفنا الأمر بل نحتمل هذه المضايقات ولا نتنازل عن مبادئنا التي تسلمناها ولنعلم أن لنا رسالة مقدسة هي : وتكونون لي شهوداً في أورشليم واليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض.. (أع ۱ : ۸) والسيد المسيح يطلب منا أن نكون نوراً للعالم أنتم نور العالم" مت ٥: ١٤) ، فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الصالحة ويمجدوا أباكم الذي في السموات" (مت ٥: (١٦) يا أحبائي نحن لنا رسالة مقدسة احتفظوا في حياتكم بالصدق والأمانة وعفة اللسان وطهارة اليد ونظافتها إحتفظوا بالأخلاق السامية التي لا يعرفها أهل العالم ربما تحدث مضايقات لكن في النهاية سيمتدحونكم من يختلفون معكم لا تنشئوا معهم صداقات فهناك فرق بين الزمالة والصداقة . لكن الأصدقاء إتخذوهم ممن لديهم نفس مبادئكم وأخلاقكم ومثاليتكم ٦ - المسيحى والإيمان : ربما تكتل العالم بكل ما فيه من قوى شريرة ضد الإنسان المحتفظ بمثاليته لكن الله أعطانا سلاحاً جباراً نقهر العالم - ذلك السلاح هو الإيمان لأن كل من ولد من الله يغلب العالم . وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم إيماننا" ( ١ يوه : ٤) "أنتم من الله أيها الأولاد وقد غلبتموهم لأن الذي فيكم أعظم من الذي في العالم"(ايو ٤ : ٤٠) كانت المضايقات كثيرة لكن سر النصرة يكمن فيمن قال "في إن العالم سيكون لكم ضيق . ولكن ثقوا أنـا قـد غلبـت الـعـالـم" (يو ١٦: ۳۳) أخيراً نختم هذا الموضوع مستشهدين بما جاء في الرسالة إلى ديوجنيتس التي ترجع إلى أوائل القرن الثاني الميلادي :" على نحو ما توجد الروح في الجسد ، هكذا المسيحيون في العالم الروح كائنة في الجسد، لكنها ليست منه . والمسيحيون مقيمون في العالم ، لكنهم ليسوا من العالم الجسد المنظور يغلف الروح التي لا ترى والمسيحيون كائنون في العالم لكن صلاحهم يظل مخفيا الجسد يبغض الروح ويحاربها، لكن الروح تحب الجسد الذي يبغضها ، وهكذا المسيحيون يحبون من يبغضونهم الروح الخالدة تسكن في خيمة مائتة ،والمسيحيون .يحيون كغرباء في أجساد قابلة للفساد ، متطلعين إلى مسكن لا يفنى في السموات بحرمان الإنسان من المأكل والمشرب تتحسن حالة روحه، والمسيحيون كلما تعرضوا للآلام والعذابات إزدادوا عدداً ألا ترى المسيحيين يتعرضون للوحوش المفترسة لينكروا إلههم، ومع ذلك لم يقهروا ؟ ألا ترى أنه كلما كثر عدد من يعذب منهم كثرت البقية الباقية ؟! يبدو أن هذا ليس من صنع الناس ، بل هي قوة الله. نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس أسقف الغربية عن كتاب كيف يعايش المسيحى المجتمع
المزيد
06 فبراير 2024

من هو المسيحي ؟

على نحو ما توجد الروح في الجسد ، هكذا المسيحيون في العالم الروح كائنة في الجسد، لكنها ليست منه، والمسيحيون مقيمون في العالم ، لكنهم ليسوا من العالم . الجسد المنظور يغلف الروح التي لا ترى، والمسيحيون كائنون في العالم، لكن صلاحهم يظل مخفياً الجسد يبغض الروح ويحاربها ، لكن الروح تحب الجسد الذي يبغضها وهكذا المسيحيون يحبون من يبغضونهم الروح الخالدة تسكن في خيمة مائتة ، والمسيحيون يحيون كغرباء في أجساد قابلة للفساد، متطلعين إلى مسكن لا يفنى في السموات بحرمان الإنسان من المأكل والمشرب تتحسن حالة روحه، والمسيحيون كلما تعرضوا للآلام والعذابات إزدادوا عدداً. ألا ترى المسيحيين يتعرضون للوحوش المفترسة لينكروا إلههم ، ومع ذلك لم يقهروا ؟ ألا ترى أنه كلما كثر عدد من يعذب منهم كثرت البقية الباقية. يبدو أن هذا ليس من صنع الناس بل : هي قوة الله" . (من الرسالة إلى ديوجنيتس) أولا : التسميات الأولى تعكس طبيعة حياته بادئ ذي بدء نقف عند التسمية "مسيحى" هذه التسمية ظهرت في العصر الرسولي متأخرة بعض الشئ ودعى التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولاً (أع ١١: ٢٦) لكن هناك بعض تسميات ظهرت قبلها وكل من هذه التسميات تحمل معنى أو معان معينة أ - تلاميذ : كانت علاقة الرب يسوع بمن تجمعوا حوله علاقة المعلم بتلاميذه. ولقب معلّم وتلاميذ لم يكن غريباً عن تلك البيئة . هكذا عرف أتباع يوحنا المعمدان باسم "تلاميذ يوحنا" (أنظر مت٩: ١٤؛ لو ۱۱: ١ ، يو ١: ٣٥ ، ٣: ٢٥) وبعد قيامة الرب يسوع من بين الأموات وحلول الروح القدس عليهم، شهد تلاميذه علانية أنه هو المسيا ، واستمروا يدعون أنفسهم "تلاميذ" . ولم تكن هذه التسمية قاصرة على الرسل الإثنى عشر، بل أطلقت على جميع أعضاء الكنيسة الأولى الذكور والإناث : "أما شاول فكان لم يزل ينفث تهديداً وقتلا على تلاميذ الرب "(أع ٩: ۱) "وأما التلاميذ فكانوا يمتلئون من الفرح والروح القدس" (أع٥٢:١٣) "ولكن إذ أحاط به التلاميذ قام ودخل المدينة وفي الغد خرج مع برنابا إلى دربة . فبشرا في تلك المدينة وتلمذا كثيرين . ثم رجعا إلى لسترة وإيقونية وأنطاكية يشددان أنفس التلاميذ ويعظانهم أن يثبتوا في الإيمان .. وأقاما هناك زماناً ليس بقليل مع التلاميذ" (أع ١٤: ۲۰، ۲۱، ۲۲، ۲۸) " فالآن لماذا تجربون الله بوضع نير على عنق التلاميذ لم يستطع آباؤنا ولا نحن أن نحمله " (أع ١٥: ١٠) والمهم في هذه التسمية أنها تعبر عن إرتباط المسيحي شخصياً بالمسيح كمن يتتلمذ له وعليه هنا نتذكر كلمات بولس "كونوا متمثلين بي، كما أنا أيضاً بالمسيح" (1 كو ١١: ١) . فكونوا متمثلين بالله كأولاد أحباء" (اف ٥: 1) ب : مؤمنون : وإذا كانت التسمية الأولى تعبر عن التلمذة للرب ، فإن هذه التسمية تعبر عن جوهر إيمان هؤلاء الأتباع، وحياة الإيمان التي يحيونها حية في أشخاصهم وسلوكهم : "وكان مؤمنون ينضمون للرب أكثر جماهير من رجال ونساء" (أع ٥ : ١٤) . "ثم وصل إلى دربة ولسترة وإذا تلميذ كان هناك اسمه تيموثاوس ابن امرأة يهودية مؤمنة ولكن أباه يوناني" (أع١٦: ١) . "بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة الله إلى القديسين الذين فى افسس والمؤمنين في المسيح يسوع" (أف١: ١) ."بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة الله وتيموثاوس الأخ إلى القديسين في كولوسي والأخوة المؤمنين في المسيح.. " (كو ۱: ۲). " إن كان لمؤمن أو مؤمنة أرامل فليساعدهن ولا يثقل على الكنيسة" (اتى ٥: ١٦). ج - قديسون : وهذه التسمية كانت تعبر عن حياتهم وعلاقتهم بالله. فقد تقدسوا في الله وله بالروح القدس ، وكانوا في حياتهم في قداسة حقيقية كشركاء للمجد العتيد إن كلمة قديس من الأصل اليوناني .. .. Hagios وتعنى مسيحى مفرز ومكرس لأجل الله لم تكن تسمية قديسين مجرد تسمية ، لكنها كانت تعبيرا عن واقع قدسی روحانى حى يحياه المسيحيون وكانوا يشعرون إنهم للرب وليسوا لسواه ، كشئ مكرس ومقدس ، لا يستخدم إلا للشئ الذي كرس له وقدس لأجله . وتقابلنا هذه التسمية كثيراً في سفر أعمال الرسل ورسائل الآباء الرسل : "فأجاب حنانيا يارب قد سمعت من كثيرين عن هذا الرجل كم الشرور فعل بقديسيك في أورشليم" (أع۹: ١٣) . "وحدث أن بطرس وهو يجتاز بالجميع نزل أيضاً إلى القديسين الساكنين في لدة" (أع۹ :۳۲) " فناولها يده ( طابيثا) وأقامها . ثم نادى القديسين والأرامل وأحضرها حية" (أع ٩ : ٤١) ."بولس عبد ليسوع المسيح إلى جميع الموجودين في رومية أحباء الله مدعوين قديسين نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح" (روا: ۷) راجع أيضاً (۱ کو ۱: ۲ أف١:١؛ فى ٢١:٤) إن لفظ قديسين في مفهومنا الحالي لا يطلق إلا على من انتقلوا إلى العالم الآخر ، بعد أن عاشوا حياة القداسة على الأرض . أما في عصر الرسل فكانت تطلق على أعضاء الكنيسة الأحياء وقد ظلت هذه التسمية شائعة ، يطلقها المسيحيون على بعضهم بعضا ما بعد منتصف القرن الثاني، لكن ما لبثت أن اختفت تدريجياً بعد ذلك، إذ لم يعد للمسيحيين الشجاعة على دعوة أنفسهم قديسين بعد أن بدأت تظهر عليهم أعراض الضعف الروحي، وبدأت تأثيرات العالم تأخذ طريقها إليهم. د - إخوة وأخوات : وإذا كانت التسمية تلاميذ ومؤمنين وقديسين هي تعبير عن علاقتهم بالله، فتمسية "إخوة وأخوات" تعبر عن علاقتهم بعضهم ببعض كأعضاء في جسد المسيح الواحد : لكن اليهود غير المؤمنين غروا وأفسدوا نفوس الأمم على الإخوة (أع ٢:١٤) " وأما الإخوة فللوقت أرسلوا بولس وسيلا ليلا إلى بيرية وهما لما وصلا مضيا إلى مجمع اليهود .. فحينئذ أرسل الإخوة بولس للوقت ليذهب كما إلى البحر وأما سيلا وتيموثاوس فبقيا هناك" (أع ١٧: ١٠، ١٤) ."وبعد يوم واحد حدثت ريح جنوب فجئنا في اليوم الثاني إلى بوطيولي حيث وجدنا إخوة فطلبوا إلينا أن نمكث عندهم سبعة أيام" (أع ٢٨: ١٤) "سلموا على اسنيكريتس فليغون هرماس بتروباس وهرميس وعلى الإخوة الذين معهم" (رو١٦: ١٤) . وراجع أيضاً (١كو ١٦: ۱۲، غل ۱ : ۲؛ فی ۱ :١٤؛ ٤: ٢٤ اتى ٤ : ٦ ؛ عب ٢ : ١١ ؛١يو ٣ : ١٤) . تلك العلاقة الحبية التي كانت تدعو إلى الدهشة والإعجاب إنها تسمية تلائم سلوكهم المسيحي . واسفار العهد الجديد وكتابات الآباء الرسوليين تكشف لنا عن سمو حياة المسيحيين الأوائل وحياتهم الأخوية أما تسمية مسيحيين الشائعة الآن ، فقد بدأت في أنطاكية حينما دعى التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولاً (أع ١١: ٢٦) .. ولم يستخدم بولس هذه التسمية فى رسائله ، ولا نجدها في اسفار العهد الجديد الأخرى إلا في موضعين آخرين : " إن عيرتم باسم المسيح فطوبي لكم لأن روح المجد والله يحل عليكم. أما من جهتهم فيجدف عليه وأما من جهتكم فيمجد . فلا يتألم أحدكم كقاتل أو سارق أو فاعل شر أو متداخل في أمور غيره . ولكن إن كان كمسيحى فلا يخجل بل يمجد الله من هذا القبيل "(ابط ٤ : ١٦) . . "فقال أغريباس لبولس بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً" (أع٢٨:٢٦ ) وفي كتابات الآباء الرسوليين نجدها في كتابات القديس أغناطيوس الأنطاكي الشهيد الذي استخدمها كثيراً . نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس أسقف الغربية عن كتاب كيف يعايش المسيحى المجتمع
المزيد
30 سبتمبر 2022

كفـن المســــيح

ونحن بصدد الكلام عن الصليب نرى من المفيد أن نعرض لموضوع اثير في السنوات الأخيرة على المستوى العلمي ، ذلك هو موضوع كفن المسيح . ومرجعنا في هذا الموضوع كتاب عنوانه Turin Shroud « کفن تورین » حيث أن هذا الكفن محفوظ بكاتدرائية يوحنا المعمدان بمدينة تورينو بإيطاليا . وكاتب الكتاب يدعى إيان ويلسون Ian Wilson ، وهو أحد العلماء الذين اشتركوا في الابحاث والدراسات التي تمت على الكفن . وقد استمرت هذه الدراسات خمس سنوات من سنة 1973 إلى سنة 1978 ... والعجيب أن هذا العالم كان وجودياً لا يؤمن بدين . وكانت هذه الدراسة سبباً في إيمانه بالمسيح ، واصبح عضواً عاملاً بالكنيسة . ... اشترك في دراسة هذا الكفن عشرات العلماء المتخصصين في فروع العلم المختلفة من بلاد متفرقة كأمريكا وفرنسا وسويسرا والنمسا وانجلترا . ( أكثر من أربعين عالماً ) ولم تمول هذه الابحاث أية هيئة ، بل درس هؤلاء العلماء الكفن بدافع شخصي وللبحث العلمي وحده ، لتفنيد رأى الكنيسة . وكان بعضهم متشدداً ، والبعض الآخر كان يقرأ الإنجيل ليجد فيه دليلاً على عكس ما تنادى به الكنيسة . تكررت المحاولات على مدى السنين مع المسئولين عن الكنيسة للسماح للعلماء بفحص هذا الكفن لكن رجال الكنيسة في تشددهم لم يسمحوا بذلك . وكان هذا التأجيل بحكمة إلهية حتى يأتى السماح بهذا العمل في وقت تتوفر فيه الآلات العلمية الحديثة . الكفن عبارة عن قطعة واحدة من الكتان الأبيض طوله حوالي ٤,٢٥ متراً وعرضه حوالي ١.٢٥ متراً . وفي الكفن صورة أمامية وأخرى خلفية لإنسان طوله ۱۸۱ سم ... والصورة Negative وهو وضع مستحيل . فلا يمكن لأي فنان أن يرسم صورة Negative - لا توجد حدود للصورة ونفس فن التصوير لم يعرف إلا منذ نحو مائة عام ... وبناء عن هذا الطول يقول علماء الاجناس إنه لإنسان طويل القامة ومن شعوب حوض البحر المتوسط لقد تعرض الكفن للحريق سنة ١٥٣٢ نتيجة حرق الكنيسة كلها . وحرق الصندوق الذي يحتوى على الكفن ، لكنه لم يتأثر بالحريق ، كل ما هنالك حريق طفيف لحق بأطرافه . وقد بحث العلماء عن نوع الاصباغ المرسومة بها الصورتين ، لكنهم لم يجدوا أي نوع من الأصباغ . فالصورة موجودة لأكثر من فتلة واحدة في النسيج . ... مرتخی عن قال علماء التشريح والطب الشرعي إن الصورة التي للإنسان الذي وضع في الكفن تدل على انه في الثلاثينيات . وهو إنسان يعمل عملاً شاقاً ، وعرفوا ذلك من الآثار التي في اليد . وقالوا إن الكتف الأيمن الكتف الأ يسر وذلك نتيجة العمل باليد اليمنى . كانت الرجل الشمال موضوعة على الرجل اليمين والمسمار في المشط بين السلامية الثانية والثالثة . المسمار الذي شمر في اليدين - ليس في الكف بل في عظام الرسغ . والعظام لم تكسر اتماماً للنبوة ... والشوك الذي وضع على رأس المسيح لم يكن إكليلاً بحسب مفهومنا ، بل كانت طاقية شوك غرسوها ،ووجدوا آثارها من الجبهة حتى قمة الرأس . آثار الدماء على الوجه تأخذ منظر Zigzag نتيجة تقلص عضلات الوجه بسبب الآلام الشديدة . وقال العلماء إن الكفن لإنسان مصلوب ، فقد شاهدوا سير الدماء في الأيدى وقاسوا الزاوية بين الرأس وبقية اليد فوجدوها 65. ومنظر الدم الساري من الرسم سارى بهذه الصورة . . . وجدوا أن الكتف فيه سحجات نتيجة حمل الصليب . وتوجد كدمات كثيرة جداً في الوجه ، وأجزاء متورمة ، كما يوجد قطع على شكل مثلث في الخد الأيمن وهو من كثرة اللطم في بيت رئيس الكهنة ودار الولاية . الجراحات الموجودة بالظهر في شكل دائرتين غائرتين متصلتين ببعضهما . وعدد هذه الدوائر يتراوح بين 100 ، ۱۲۰. بحثوا عن أنواع السياط التي جلد بها فوجدوا انه السوط الروماني المحفوظ عينة منه بالمتاحف . وهو سوط ذو ثلاث شعب تنتهى كل شعبة بقطعتين معدنيتين ... وقالوا إن هذا الإنسان تناوب على جلده اثنان . وكان الذي يضرب من جهة اليمين أطول ممن يضرب من جهة الشمال . والضارب جهة الشمال كان قصيراً وعنده سادية أي غزيرة حب الانتقام ، لأن ضرباته اعمق منها في الجهة اليمنى . . الفتحة الموجودة في الجنب الأيمن التي سال منها كمية دماء ضخمة الفتحة شكلها شكل مقدم الرمح الروماني وهو شكل ورق الشجر ، والفتحة بميل وموجودة بين الضلع الخامس والسادس . والماء الذي سال قال بعض العلماء إنه من السائل المحيط بالقلب لكن هذا كميته قليلة ( في حجم معلقة الشروبة ) ، وقالوا يمكن أن القلب يفرز أكثر نتيجه الاجهاد الكبير . ورأى ثان لفريق آخر من العلماء أن هذا الماء من السائل المحيط بالرئتين وهو الرأى الارجح ، وهو نتيجة الشد العضلي ، ويمكن أن تزداد کمیته . آلام المسيح الشديدة جداً على الصليب سببها تنفس المصلوب . ففي كل مرة لا بد وأن يصعد بجسمه إلى أعلا فيضغط على الجراحات ... يقول علماء النبات أنه يمكن معرفة موطن هذا الإنسان بفحص حبوب اللقاح اللاصقة بقماش الكفن . وحبة اللقاح حجمها مليون / 1 من الملليمتر ، ولا ترى إلا بالميكروسكوب الالكتروني ... اخذوا بعض التراب اللاصق بالكفن ودرسوها لمدة ثلاث سنوات لمعرفة النباتات التي تتبعها حبوب اللقاح وأين تنمو . وعلى هذا الأساس وجدوا أن هذا الكفن كان موجوداً في مرسيليا وباريس والقسطنطينية ( استانبول ) وقبرص وصور وصيدا وتورينو وافيلينو Avelino بإيطاليا لكن إلى جانب ذلك وجدوا مجموعة من حبوب اللقاح لم يتوصلوا إلى حقيقتها ومكان وجودها . وعلى هذا الأساس أقام واحد من العلماء لمدة ستة شهور في أورشليم القدس . وهناك وجد النباتات التي لا تنمو إلا فيها والتي تتبعها حبوب اللقاح المجهولة . أية صورة لها بعد ثالث ما عدا صورة الكفن فليس لها بعد ثالث رغم استعانتهم بأجهزة البحرية الأمريكية الغاية في الدقة والصورة بلا رسم أو أصباغ ... قالوا قد يكون هذا الكفن قد تعرض لاشعاع معين . لكن علماء الطاقة الذرية نفوا معرفتهم لإشعاع يطبع صورة ... وأخيراً قالوا يحتمل. أن تكون هذه الصورة نتيجة خروج إشعاع معين وقت قيامة الرب يسوع . . بحثوا عن عمر قماش الكفن بواسطة تجربة الكربون 14 ، ووجدوا أنه يرجع لحوالى الفين سنة . . أما عن وجه المسيح المطبوع على الكفن فلا يتفق مع رسمه فنانو اور با . ولكنهم وجدوها تطابق الصور الموجودة في الكنائس الشرقية التي رسمت في قرون المسيحية الأولى . وأقرب الصور إليها هي صورة رسمها كيرلس الكبير البطريرك ٢٤ الاسكندري في القرن الخامس ، وصورة أخرى في كنيسة آيا صوفيا ، وثالثة في كنائس سوريا . صليب المسيح تاريخياً : ظهر الصليب الذي صلب عليه المسيح حسب التقليد الكنسى على يد القديسة هيلانة والدة الامبراطور قسطنطين فقد سافرت إلى أورشليم بعد أن جاوزت السبعين من عمرها لتكشف عن قبر المخلص وتبنى كنيسة هناك . وبالفعل بنت كنيستين ، الأولى فوق القبر المقدس والثانية فوق مغارة بيت لحم ... وقيل انها تحمست لهذا العمل بواسطة رؤيا اعلنت وبعد بحث كثير عن القبر المقدس عثرت عليه في مايو سنة ٣٢٨. أما السبب في اختفاء مكان القبر المقدس كما يذكر المؤرخ الكنسى سقراط ( ٣٨٠ - ٤٥٠ م ) فهو أن اليهود تعمدوا اخفاء معالم هذا المكان بعد أن كان يحج إليه مسيحيون كثيرون ، فكانوا يلقون عليه الاتربة والقاذورات حتى تكون فوقه ما يشبه الهضبة المرتفعة ، واقيم فوقها معبد للإله فينوس امعاناً في اخفاء مصدر إيمان وعزاءالمسيحيين . وقد أمرت هيلانة بهدم الهيكل ورفع الاتربة فوجدت ثلاثة صلبان على مسافة رمية حجر من موضع القبر المقدس . ووجدت صليب الرب يسوع وعليه العنوان الذي كتبه بيلاطس البنطى . وقد تأكدوا من أنه صليب الرب لما وضعوه على سيدة مريضة فشفيت في الحال ، وكان ذلك بحضور مكاريوس أسقف أورشليم آنذاك . . أول من أشار إلى حادث اكتشاف الصليب بواسطة الملكة هيلانة كان هو امبروسيوس أسقف ميلان ( ۳۳۹ - ۳۹۷ م ) . في عظة له القاها سنة 395 م . وعن امبروسيوس نقل كل من يوحنا ذهبي الفم بطريرك القسطنطينية ( 347- 407 م ) . وبولينوس الأسقف الذي من نولا بفرنسا ( ٣٥٣- 431 م ) ... ذكر هذه القصة المؤرخان الكنسيان سقراط ( ٣٨٠. ٤٥٠ ) ، تیودوریت ( ٣۹۳- ٤٥٨ م ) الذي ذكر أن هيلانة وجدت في القبر المقدس المسامير التي سمرت بها يدا المخلص ورجلاه وارسلتها إلى ابنها الامبراطور قسطنطين الذي ثبت مسماراً منها على الخوذة الملكية التي كان يلبسها وهو خارج لخوض المعارك الحربية . ومن الذين افاضوا في الكلام عن خشبة الصليب المقدس القديس كيرلس الأورشليمي في عظاته التي القاها سنة ٣٤٨ م ـ بعد نحو عشرين سنة من اكتشاف خشبة الصليب كان يخاطب المؤمنين .... في كنيسة القيامة مشيراً إلى التابوت الموضوع فيه الصليب ... يقول : ا لقد صلب المسيح حقاً . ونحن وإن كنا ننكر ذلك فهذه هي الجلجثة تناقضني التي نحن مجتمعون حولها الآن . وها هي خشبةالصليب أيضاً تناقضني التي توزع منها على كل العالم ... وخشبة الصليب تشهد للمسيح ، تلك التي نراها حتى هذا اليوم بيننا . وقد ملأت كل العالم بواسطة المؤمنين الذين أخذوا قطعاً منها إلى بلادهم ] . وفي خطاب ليولينوس الأسقف الذي من نولا بفرنسا إلى الكاتب والمؤرخ الكنسى سالبيسيوس نعلم أنه أرسل له مع الخطاب قطعة من خشبة الصليب المقدس ، ويخبره أنه بالرغم من أن قطعاً كثيرة أخذت من الخشبة ، إلا أن الخشبة لم تنقص قط ـ وهكذا ذاع القول أن خشبة الصليب تنمو من ذاتها . ، و يتفق كل من تيودوريت وسقراط المؤرخان الكنسيان أن هيلانة أرسلت قطعة من خشبة الصليب إلى القصر الامبراطوري في القسطنطينية . ووضع بقية الصليب في تابوت من الفضة داخل كنيسة القيامة . والمعروف أن الملك قسطنطين أمر بتوزيع قطع من خشب الصليب المقدس على كافة كنائس العالم وقتذاك . وقد احتفظت كنيسة روما بقطعة كبيرة . وقد ذكرت ايجيريا الراهبة الأسبانية التي قامت برحلتها أواخر القرن الرابع إلى الأماكن المقدسة ، ووصفت بدقة كل ما مرت به وشاهدته ، وضمتها طقوس وصلوات عيد الصليب أمام الصليب المقدس بكنيسة القيامة . . . . وظلت خشبة الصليب المقدس بكنيسة القيامة حتى غزا الفرس الأراضي المقدسة ، واستولى خسرو الثاني ملك الفرس سنة 615 م على التابوت الفضي الذي يضم قطعة الصليب المقدس وحمله معه إلى بلاده ، وظل هناك حتى استرده الامبراطور هرقل سنة ٦٢٩ م ووضع في كنيسة القيامة ، ومنها إلى القسطنطنية سنة 636 م خوفاً من وقوعه في أيدى الغزاه ... و يشهد اركلفوس Arculfus الذي زار القسطنطنية سنة 670 م أنه رأى الصليب في كنيسة أجيا صوفيا . ... بعد ذلك لا نعلم ماذا حدث لما تبقى من الصليب المقدس . نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس أسقف الغربية عن كتاب المسيحية والصليب
المزيد
28 سبتمبر 2022

لماذا اختار المسيح أن يموت مصلوباً ؟

هناك تساؤلان : الأول ـ لماذا لم يختر المسيح طريقة مجيدة لموته بدلاً من ميتة العار بالصليب ؟ . الثاني لماذا اختار المسيح أن يموت مصلوباً ؟ وعن هذين التساؤلين يجيب القديس أثناسيوس الرسولي بطريرك الاسكندرية اللاهوتي في كتابه تجسد الكلمة ... يقول رداً على التساؤل الأول ... [ لو فعل ( المسيح ) هذا لأعطى فرصة للتشكك في شخصه بأنه لم يكن يقوى على كل موت ، بل على الموت الذي اختاره لنفسه فقط ، ولوجدت هنالك في نفس الوقت علة لعدم الإيمان بالقيامة أيضاً . لهذا أتى الموت إلى جسده ـ ليس باختياره هوـ بل بمشورة أعدائه . حتى إذا ما أتوه بأى شكل من الموت استطاع أن يبيده كلية . وكما أن المصارع النبيل ، مهما كان مقتدراً في الذكاء والشجاعة لا يختار خصومه الذين يبارزهم ، لئلا يشك في أنه أشخاصاً معينين منهم بل يترك الاختيار للمشاهدين ، يرهب سيما إذا اتفق بأن يكونوا أعداءه ... كذلك كان الحال أيضاً مع ربنا ومخلصنا يسوع المسيح حياة الجميع . فإنه لم يختر لجسده موتاً معيناً ، لئلا يظن بأنه خشى شكلاً آخر من الموت ، ولكنه قبل موت الصليب واحتمل الموت الذي أوقعه عليه الآخرون سيما أعداؤه ، والذي ظنوه مرعباً ومحتقراً ولا يمكن التغلب عليه ، حتى إذا ما أباد ذلك الموت أيضاً ، آمن الجميع بأنه هو الحياة ، وابيد سلطان الموت نهائياً ... ولم يمت موت يوحنا بقطع رأسه وفصلها عن جسده ، ولا مات موت إشعياء بنشر جسده وشطره نصفين ، وذلك لكي يحفظ جسده سليماً غير مجزأ حتى في موته ] . ويلخص أثناسيوس رده على التساؤل الثاني في ثلاث نقاط : كان أن يحمل عنا اللعنة ـ بسط يديه على الصليب لكي يوحد العالم كله يهوداً وأمماً في شخصه . الانتصار على الشيطان رئيس سلطان يجب الهواء ... يقول أثناسيوس [ لأنه إن كان قد أتى ليحمل عنا اللعنة الموضوعة علينا فكيف كان ممكناً أن يصير لعنةما لم يمت موت اللعنة الذي هو الصليب ، لأن هذا هو المكتوب تماماً « ملعون كل من علق على خشبة » ( تثنية ٢١ :۲۳ ؛ غل ۳ : ۱۳ ) . وأيضاً إن كان موت الرب قد صار كفارة عن الجميع ، وبموته نقض حائط السياج المتوسط ( أفسس ٢ : ١٤ ) ، وصارت الدعوة لجميع الأمم ، فكيف كان ممكناً أن يدعونا إليه لو لم يصلب ؟ لأنه لا يمكن أن يموت إنسان وهو باسط ذراعيه إلا على الصليب . لهذا لاق بالرب أن يحتمل هذا الموت و يبسط يديه ، حتى باليد الواحدة يجتذب الشعب القديم ، وبالأخرى يجتذب الذين هم من الأمم ، ويتحد الاثنان في شخصه . هذا هو ما قاله بنفسه مشيراً إلى آية ميتة كان مزمعاً أن يفدى بها الجميع « وأنا ان ارتفعت عن الأرض اجذب إلى الجميع » ( يوحنا ١٢ : ، ثم يعلق أثناسيوس على كلمات الرسول « حسب رئيس سلطان الهواء الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية » ( أفسس ٢ : ٢ ) .فيقول إن الرب جاء ليطرح الشيطان إلى أسفل ويطهر الجو ، و يهيء لنا الطريق المرتفع إلى السماء .وهذا يستلزم أن يكون بالموت « الذي يتم في الهواء ـأعنى بالصليب .لأن من مات على الصليب هو وحده الذي يموت معلقاً في الهواء ] . الأسانيد التاريخية غير الكتابية على صلب المسيح : هل المسيح مات حقاً على الصليب ؟ . هذا هو السؤال الذي نود أن نناقشه القول بعدم موت المسيح على الصليب ليس رأياً حديثاً . فمنذ وقت مبكر من تاريخ المسيحية قام من يقول بهذا الرأى ... كان الغنوسيون هم أول من نادي بهذه الأفكار الخاطئة . أما الدافع الذي دفع هؤلاء الغنوسيين إلى ذلك فكانت مبادءهم وآراءهم ... وتسمية الغنوسيين من الكلمة اليونانية غنوسيس أي معرفة ، ومن ثم يمكن تسميتهم بالعارفين أو الأدريين ... مستمدة والغنوسية هي نتاج عناصر مختلفة التقت ببعضها كاليهودية والمسيحية والفلسفة اليونانية والثنائية الفارسية والمبادىء والآراء الصوفية الشرقية ... والغنوسية سابقة للمسيحية ، فقد كانت هناك غنوسية يهودية قبل المسيحية . وعلى الرغم من أن الغنوسية المسيحية لها أصولها الوثنية واليهودية ، فقد اعتبرت هرطقة مسيحية ، لأنهم استعادوا بعض الفاظ مسيحية ... والغنوسية ليست مذهباً واحداً ، بل مذاهب متعددة ... من أهم مبادىء الغنوسية القول بثنائية بين والمادة . لقد اعتبروا المادة شرأ وبالتالى الجسد المادي .. الغنوسية بالمعرفة بدلاً من الإيمان . ويصر الغنوسيون على أن المعرفة ـ وليس الإيمان ـ هي السبيل إلى الخلاص . واقتناء المعرفة حسب رأيهم لا تكون بالبحث والدراسة بل بالإشراق . والاشراق هو الاتجاه إلى الله بكل ما في النفس من قوى التخيل والتصور ... الله نادت ولأن الغنوسيين نظروا إلى المادة على أنها شر ، وبالتالى الجسد ، فقد انكروا مجيء المسيح في جسد مادى ، وبالتالى موته على الصليب . إذ كيف يتحد الله القدوس مع الجسد المادى وهو شر حسب زعمهم . إلى هؤلاء الغنوسيين الهراطقة أشار يوحنا الرسول وحذر منهم المؤمنين . بقوله « لا تصدقوا كل روح ، بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله . لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم . بهذا تعرفون روح الله . بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله . وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من كل روح يعترف الذي الله . وهذا هو روح سمعتم انه يأني والآن هو في ضد المسيح العالم » ( رسالة يوحنا الأولى 4 : ١- ٣ ) ... كما يقول أيضاً « من هو الكذاب إلا الذي ينكر أن يسوع هو المسيح . هذا هو ضد المسيح ، الذي ينكر الآب والابن . كل من ينكر الابن ليس له الآب أيضاً . ومن يعترف بالابن فله الآب أيضاً » ( رسالة يوحنا الأولى ٢ : ۲۲ ، ليس هدفنا هنا اثبات صلب المسيح وموته من الأسفار المقدسة ، بل من التاريخ العام . يقول العالم اللاهوتي الألماني هانز رودی و بر Hans - Ruedi Weber في كتابه « الصليب » ... [ لقد صلب يسوع الناصرى زمن بيلاطس البنطى . هذه حقيقة لا يمكن أن يشك فيها أحد ، إلا إذا تجاهل عن عمد كل الروايات الكتابية وغير الكتابية التي وصلت إلينا ] ... ونعرض الآن لبعض هذه المصادر : 1 ـ ولعل أهم المصادر غير الكتابية عن الصلب هو ما كتبه المؤرخ الرومانی تاسیتوس Tacitus ( ٥٦ - ١٢٠ م ) في حولياته Annals عن حريق روما على عهد نيرون والمتسببين في هذا الحريق ... إنه يشير إلى المسيحيين الذين نكل بهم نيرون ، و يشرح من أين أخذوا اسمهم [ الاسم مشتق من كرستوس CHRISTUS ، الذي في حكم تيبريوس حكم عليه بالموت بواسطة الحاكم بيلاطس البنطى . ولفترة قصيرة حظر تعليمه الخرافي الضار . ولكن سرعان ما ظهر ثانية ـ ليس في اليهودية وحدها حيث ظهر ، بل في روما حيث كل ما يدعو إلى الاشمئزاز والخوف والخرى ، يتجمع من كل مكان ويجد له اتباعاً ] . ٢ ـ وهناك نص مقتبس من يوسيفوس المؤرخ اليهودي الذي عاصر خراب أورشليم وهيكلها سنة 70 م في كتابه آثار اليهود . ولقد خضع هذا النص الباقي لمراجعة مسيحية دقيقة . والنص يذكر الصلب في جملة مقتضبة واحدة ... قال [ عند اتهام مواطنينا الشرفاء ، حكم بيلاطس البنطى عليه بالموت صلباً . وقد ظلت محبة الذين كرسوا أنفسهم له دون نقصان ] . 3 - لوسيان الساموساطي الذي ولد حوالي سنة 100 م ، ومن أشهر الفلاسفة الوثنيين أعداء المسيحية . يقول في كتابه « موت بريجرينوس » [ إن المسيحيين لايزالون يعبدون ذلك الرجل العظيم الذي صلب في فلسطين ، لأنه أدخل إلى العالم هذه الديانة الجديدة . وان هؤلاء المفتونين قد اقنعوا أنفسهم بأنهم لن يموتوا بل يخلدوا إلى الأبد . ولهذا السبب تراهم يستخفون بالموت . وكثيرون منهم يسلمون أنفسهم طواعية واختياراً . وكذلك فإن مشرعهم الأول قد علمهم بأنهم جميعاً اخوة الواحد للآخر ، طالما ينبذون آلهة اليونان ويعبدون ذلك الصوفى المصلوب . و يعيشون حسب شريعته ] . 4 ـ كلسوس الفيلسوف الابيقوري ... كتب كتاباً اسماه « البحث عن الحقيقة » حوالي سنة 170 م ، هاجم فيه المسيحية هجوماً عنيفاً . فقد كان ينظر إلى المسيحية على أنها خرافة دنيئة . ويشير باستهزاء إلى آلام المسيح وقوله « يا ابتاه إن امكن فلتعبر عنى هذه الكأس » . . . ويشير إلى الذين صلبوه بقوله [ أولئك الذين صلبوا إلهكم ] . و يهاجم المعتقد المسيحى القائل بأن المسيح احتمل هذه الآلام لخير البشرية . ويحاول أن يهزأ من القول بقيامة المسيح . كما يهزأ من قول المسيحيين عن المسيح انه « صلب العالم لي وأنا للعالم » ... وقد كتب العلامة القبطى السكندرى اوريجنيوس مؤلفاً ضخماً فقد فيه كل ادعاءات كلسوس الكاذبة وافتراءاته على المسيحية . ه ـ في نص قديم للتلمود ، الذي يحوى ذكريات تاريخية مستقلة . عن المصادر المسيحية ، جاء ما يأتى [ في ليلة عيد الفصح لخلق يسوع الناصري . ولمدة أربعين يوماً سبقته صيحات تقول : يجب أن يرجم يسوع الناصري لأنه ساحر ، أغوى إسرائيل وطوح بها بعيداً !! من يعرف تبرئة له فليتقدم ويتكلم لكن لم توجد تبرئة له ولذا فقد علق ليلة الفصح ] ... ونلاحظ أن هذا النص التلمودي يسجل تهمتين على الرب يسوع : الغواية والضلال . إنه يستخدم نفس المفاهيم اليهودية الواردة في ( تثنية 13 : ۱- ۱۱ ) . وهذا يذكرنا بالاتهامات المتصلة بالتجديف الوارد عنه في ( مرقس ۳ : ۲۲ ) نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس أسقف الغربية عن كتاب المسيحية والصليب
المزيد
27 سبتمبر 2022

كلمة الصليب في أسفار العهد الجديد

لم يرد لفظ الصليب في أسفار العهد القديم ، لكنه ورد بأكثر من معنى في كتاب العهد الجديد . فالكلمة التي تترجم حالياً « صليب » ، تفيد في اللغة اليونانية آلة تعذيب واعدام . ولكنها اكتسبت معنى خاصاً لارتباطها بموت المسيح. هناك كلمتان مستعملتان للتعبير عن آلة التعذيب التي نفذ بها حكم الموت على الرب يسوع : اكسيلون XYLON وتعنى خشبة أو شجرة ؛ استاوروس STAUROS وتعنى صلیب بمفهومه الحالي .الكلمة الأولى ( اكسيلون ) وردت في العهد الجديد عادة للتعبير عن الخشب كمادة . وهي الكلمة التي وردت في ( تثنية ٢١ : ٢٣ ) ، والتي اقتبسها بولس الرسول في ( غلاطية 3 : 13 ) « ملعون كل من علق على خشبة » . وعلى أية الحالات فإن كلمة « اکسيلين » في العهد الجديد يمكن أن تكون مرادفة لكلمة استاوروس ، التي استخدمت في الأناجيل في ذكر تنفيذ حكم الموت على السيد المسيح ، وفي رسائل بولس الرسول للتعبير عن آلام المسيح وموته : يقول بطرس الرسول « إله آبائنا أقام يسوع الذي أنتم قتلتموه معلقين إياه على خشبة » ( أعمال الرسل 5 : ٣٠ ) . وفى بيت كرنيليوس قال المائة ، قال بطرس للحاضرين عن المسيح « الذي أيضاً قتلوه معلقين إياه على خشبة » ( أعمال الرسل ۱۰ : ۳۹ ) ... وفي رسالته الأولى يقول « الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة ، لكي نموت عن الخطايا للبر » ( بطرس الأولى ٢ : ٢٤ ) ... و يقول بولس الرسول « المسيح اقتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا ، لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة » ( غلاطية 3 : 13 ) . وقد وردت كلمة استاوروس ومشتقاتها مرتين في العهد الجديد . المرة الأولى في قصة آلام المسيح ( مرقس 15 : ١ - ٤٧ : متی ۲۷ : ۱ ، لوقا ۲۳ : ١ - ٥٦ ؛ يوحنا ۱۸ : ۲۸ ؛ ۱۹ : ٢٤ ؛ رؤيا 11 : ۸ ) . والمرة الثانية في رسائل بولس الرسول ، ووردت فيها سبع عشر مرة ( كلمة الصليب وردت 7 مرات ـ كلمة يصلب وردت ثمان مرات ـ كلمة يصلب مع وردت مرتين ) ... وإلى هذه يمكن أن يضاف ما جاء في ( عبرانيين 6 : 6 ؛ ١٢ : ٢ ) ؛ وما جاء في الثلاثة أناجيل الأولى عن حمل الصليب ( مرقس 8 : 34 ؛ متى 16 : ٢٤ ؛ لوقا ۹ : ۲۳ ؛ مرقس ۱۰ : ۳۸ ، لوقا 14 : ۲۷ ) ... قلنا إن كلمة « اكسيلون » اليونانية تعنى شجرة ، وهي في نفس الوقت مرادفة لكلمة « استاوروس » ... إن هذا يقودنا للتفكير في شجرة الحياة التي كانت في وسط الجنة ( تكوين ۲ : ۹ ) ... تلك التي بعد أن طرد الإنسان الأول من الجنة ، اقيم كاروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة الطريق إليها . وهي التي قال الله عنها « لعله ( الإنسان ) يمد يده و ي و يأخذ من شجرة الحياة أيضاً ويأكل ويحيا إلى الأبد » ( تكوين 3 : ٢٤ ، ۲۲ ) ... كان هذا في سفر التكوين ( سفر الخليقة ) . وتعود هذه الشجرة شجرة الحياة - للظهور ثانية في سفر الرؤيا « من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله » ( رؤيا ٢ : ٧ ) . ونقرأ عن أورشليم الجديدة في سفر الرؤيا ، انه على جانبي نهر الحياة فيها تنمو « شجرة حياة تصنع ثنتى عشرة ثمرة وتعطى كل شهر ثمرها . وورق الشجرة لشفاء الأمم » ( رؤيا ۲۲ : ۲ ) ... ونقرأ أن الأبرار وحدهم لهم سلطان على هذه الشجرة ( رؤيا ٢٢ : ١٤ ) . وهكذا نرى أن ما كان ممنوعاً ومحرماً على الإنسان الأول صار مباحاً للخليقة الجديدة ... إن شجرة الحياة ترمز للحياة ، وتقدم الحياة عكس ما يقدمه الصليب ( الخشبة ) ألا وهو الموت مثال الصليب في العهد القديم :- معلوم أن أسفار العهد القديم مليئة بالنبوات والرموز عن السيد المسيح . و واضح أن مهمة العهد القديم بأسفاره المقدسة وذبائحه وأنبيائه وبكل ما إسرائيل لقبول المسيا ... ومن بين فيه كانت هي تهيئة أذهان بنی هذه النبوات والرموز ما يختص بالصليب الذي مات فوقه الفادى ... من هذه الإشارات والرموز : ١- في حادث تقديم إبراهيم ابنه إسحق ذبيحة محرقة حسب أمر الله ، حمل إسحق حطب المحرقة ، وهو رمز للصليب الذي حمله ربنا يسوع المسيح وهو ذاهب ليصلب ... وفي الموضع الذي حدده السيد الرب بني إبراهيم مذبحاً وربط إسحق ابنه ووضعه فوق المذبح . وهذا رمز لما حدث مع المسيح حينما شمر على الصليب ( تكوين ٢٢ : ٦ ، ٩ ؛ يوحنا ١٧:١٩) . ٢- وعندما قدم يوسف ابنيه افرايم ومنسى لأ بيه يعقوب ليباركهما قبيل موته ، مد يديه مثال الصليب وباركهما على غير ما كان متوقعاً ( تكوين ٤٨) . ٣- وأثناء محاربة بني إسرائيل لشعب عماليق بعد خروجهم من مصر ، وقف موسى النبي أعلا التل باسطاً ذراعيه مثال الصليب . وفيما كان يفعل ذلك كان إسرائيل ينتصر ، وحينما كان يخفض ذراعيه بحكم الضرورة كان إسرائيل ينهزم . ولهذا جيء بحور وهارون ليسندا ذراعی موسى ليظلا مرفوعين . وبهذا انتصر إسرائيل . 4 ـ وعندما تذمر بنو إسرائيل في البرية ـ عقب خروجهم من مصر - على الله وعلى موسى ، ضربهم الله بالحيات المحرقة ، فلدغت الشعب ومات عدد كبير منهم . ولما صرخوا واعترفوا بخطئهم أمر الله موسى أن يصنع حية من نحاس شبه الحية المحرقة تماماً ، ويرفعها على راية . وكل من لدغ من الحية الحقيقية و ينظر إلى حية النحاس يبرأ ويحيا ( سفر العدد ٢١ : 5 ـ ۹ ) ... كانت الحية النحاسية مثالاً للمسيح ، بينما كانت الخشبة التي رفعت عليها عالياً رمزاً لخشبة الصليب . وإلى ذلك اشار السيد المسيح بقوله « كما رفع موسی الحية في البرية ، هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان ، لكي لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية » ( يوحنا 3 : 14 ، 15 ). ه ـ كان خروف الفصح بعد ذبحه حسب الشريعة ، لا يؤكل نيئاً أو مطبوخاً بل مشوياً . وكان الخروف يشوى على سفودين ( سيخين ) متعامدين على هيئة صليب . 6 - وفي شريعة تطهير الأبرص بعد شفائه ، كان عليه أن يحضر قطعة من خشب الأرز . وتوضع في ماء حتى في إناء خزفى . ويحضر عصفورين . يذبح أحدهما و يصفى دمه على الماء الحي في الإناء الحرفي ، و يدفن في حفرة أمام الكاهن والأ برص الذي شفى . ثم يغمس جناح العصفور الثاني الحيّ و يطلق نحو البرية . إن هذه الخشبة مثال للصليب . والعصفور الذي ذبح رمز للمسيح الذبيح ، أما الآخر الذي غمس جناحه بالدم فيرمز إلى المسيح القائم من بين الأموات الذي ـ بدم نفسه ـ دخل مرة واحدة إلى الاقداس فوجد فداء أبدياً ( عبرانيين ۹ : ۱۲ ) . هذه المثالات والرموز كانت واضحة للمسيحيين منذ البدء . ولقد فهم آباء الكنيسة ومعلموها ما ترمز إليه هذه الرموز وعبروا عن ذلك بكل وضوح ... أ ـ يوستينوس الشهيد المدافع المسيحي الذي ولد في اواخر القرن الأول الميلادي واستشهد سنة 166 في حواره مع تريغو اليهودي في مدينة أفسس يقول : [ في العهد القديم مثالات متنوعة لخشبة الصليب التي بها ملك المسيح ... لقد رمز له ( الصليب ) بشجرة الحياة التي ذكر أنها غرست في الفردوس ... وأرسل موسى ومعه العصا ( الخشبية ) ليخلص الشعب . وبهذه العصا في يديه وهو على رأس الشعب ، شق البحر الأحمر . وبها تدفقت المياه من صخرة . وعندما القي بشجرة في مياة مارة المرة صارت عذبة ... و يعقوب تباهى بعصاه بأنه عبر بها الأردن ... وعصا هارون التي افرخت اعلنته كاهناً أعظم . وتنبأ إشعياء عن قضيب ينبت من جذع يسى ، وكان هذا هو المسيح . و يقول داود عن الإنسان البار انه كشجرة مغروسة على مجاري المياه ، تعطى ثمارها في اوانه وورقها لا يذبل . ومرة أخرى يقول عن الصديق انه كالنخلة يزهر . لقد ظهر الله لإبراهيم عند شجرة قرب بلوطات ممرا . وقد وجد الشعب سبعين نخلة واثني عشر .عين ماء بعد عبور البحر الأحمر . ويؤكد داود أن الله عزاه بعصا وعكاز ... ] . و يشير يوستينوس إلى أن بسط موسى لذراعيه في حرب بنی إسرائيل مع شعب عماليق إنما كان مثالاً للصليب . وكذلك مباركة يعقوب لابني يوسف ، والحية النحاسية التي رفعت في البرية ... [ ليس بدون قصد أن موسى النبي عندما عاونه حور وهارون ، ظل على هذا الوضع حتى المساء . فلقد ظل الرب على الخشبة تقريباً حتى الغروب ودفن بعدها ... وإشعياء أشار أيضاً إلى الطريقة التي مات بها الرب قائلاً : « بسطت يدي طول النهار إلى شعب متمرد سائر في طريق غير صالح » ( إشعياء 65 : ٢ ؛ رومية 10 : ٢١ ) . ب ـ وغريغوريوس أسقف نيصص في كتابه « حياة موسى » يقول : عندما بسط موسى يديه من أجل المصريين هلكت الضفادع في الحال . وهذا ما يمكن مشاهدته يحدث الآن . لأن أولئك الذين يرون الأيدى الممتدة لمعطى الناموس ( موسى ) ، وفى يديه المبسوطتين ، ذاك الذي مد يديه على الصليب ... ] . ا وراءه ملذات و يقول في كلامه عن الماء المر في البرية [ لأن الشخص الذي خلف مصر ... تبدو له الحياة الخالية من هذه الملذات صعبة وغير مقبولة في أول الأمر . لكن إذا القيت الخشبة في الماء ـ بمعنى أنه إذا اقتبل الإنسان سر القيامة التي تبدأ بالخشبة ( ولا شك أنك تدرك الصليب عندما تسمع الخشبة ) ، حينئذ تصبح الحياة الفاضلة أحلى وأعذب مذاقاً من كل الحلاوة التي تداعب الحواس باللذة ] . و يقول عن محاربة بني إسرائيل لعماليق ورفع موسى ليديه [ لأن سر الصليب في الحقيقة لأولئك الذين يستطيعون الرؤيا ، يمكن ادراكه بالتأمل ... لقد امتدت يدا موسى معطى الناموس فكانت سبباً للنصر ورمزاً مسبقاً لسر الصليب ] . وعن الحية النحاسية يقول القديس غريغوريوس [ العمل الأساسي للإيمان في السر ، هو أن ننظر إلى ذاك الذي تألم لأجلنا . الصليب هو الألم . حتى أن من ينظر إليه كما يقول النص لا يؤذيه سم الشهوة . أن تنظر إلى الصليب ، يعني أنك تميت حياتك كلها وتصلبها للعالم ] . نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس أسقف الغربية عن كتاب المسيحية والصليب
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل