التغيير مع بطرس

23 أكتوبر 2022
Large image

تقرأ اليوم الكنيسة علينا فصل من إنجيل معلمنا مار لوقا البشير الإصحاح الخامس جزء دعوة معلمنا بطرس ليكون صياداً للناس معلمنا بطرس ويعقوب ويوحنا كانوا شركاء في الصيد فكل فرد منهم كان يصطاد ولهم مركب فكان من عادة الصيادين يقوموا ليلاً ليصطادوا ولكن هذا اليوم كان يوم غريب كان يوم عجيب لم يصطادوا شيئاً فهم رجعوا من الصيد شاعرين بإحباط وبفشل فوقفوا عند الشط ليغسلوا الشباك من الزفارة وبقايا الصيد ولكن كان في داخلهم تساؤلات كثيرة وهي لماذا هذا اليوم ؟ فكانوا متضايقين فوجدوا يسوع جاء إلى الشط فازدحم المكان – حينما يكون المسيح تكون الزحمة – فاجتمع عليه الجموع ليسمعوا كلام الله فضغطوا عليه من كثرتهم وهو كان لم يراهم فدخل السفينة لكي تكون هناك مسافة بينه وبينهم فيراهم كلهم وهم يروه فطلب سفينة بطرس ولكن بطرس في داخله كان يقول * لا تطول أنا تعبان أنا متضايق لن أسمعك كثيراً أنا حاكون سرحان * وربما يكون قال له إتفضل خجلاً فالسيد المسيح أخذ السفينة كمنبر ليعظ الناس ويكلمهم من عليه أما بطرس الرسول ربما يكون سمع أو ربما لم ينتبه لكلمة من الوعظ فكان معلمنا بطرس يفكر في الفشل الذي أصابه من سهره وعدم إصطياده لشئ فجميل إن ربنا يسوع إنه يعلم والناس تسمع بانجذاب عجيب فربنا يعلم بنفسه الكلمة بنفسه يتكلم كم تكون الإستجابة ؟ كم يكون الإنصات ؟ فقديماً كان يتكلم الأنبياء أما الآن بنفسه يتكلم فأي حاجات من الطبيعة تنجذب إلى أصلها فأصل الوجود نفسه الذي هو السيد المسيح هو الذي يتكلم فهو عرف كيف يخاطب الإنسان فيكون مسحوب ومنجذب ناحية الكلام الذي يُقال قال لسمعان ﴿ ابعد إلى العمق وألقوا شباككم للصيد فأجاب سمعان وقال له يا معلم قد تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئاً ولكن على كلمتك أُلقي الشبكة ﴾ ( لو 5 : 4 – 5 ) فإنَّ النهار ظهر والسيد الرب يقول له أُدخل إلى العمق !! في عُرف الصيادين وعادتهم لا يكون هناك صيد في النهار أو حتى في العمق بل يكون الصيد في الليل ليل في العمق فما قاله السيد الرب هو عكس المنطق الطبيعي لخبرة الصياد فقال له بطرس ﴿ تعبنا الليل كله ﴾ أحياناً الإنسان يعتمد على الخبرة السابقة في غياب الله في غياب من النعمة تجاهد كثير ولكن ليس على سند قوي في غياب روح الإتضاع في غياب روح المحبة الحقيقية فتتعب ولم تصطاد شيئاً مثل الكتبة والفريسيين فهم يتعبوا في تدقيق الناموس ولكن متكلين على ذواتهم فالنعمة لم تمكث عندهم جهاد بدون نعمة يجعلنا نعيش بدون اصطياد ﴿ الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم ﴾ ( مت 6 : 2 ) فهم صنعوا أشياء كثيرة بحسب الشكل من أجل إرضاء الضمير فيمكن إن إنسان يتعب كثيراً من أجل بيته ولم يصطاد شيئاً فهو يضيعه وذلك بسبب الأنانية العصبية فهناك أفراد تتعب ولم تصطاد شيء فيقول أنا بتعب ولكن لم أصطاد شيء فهو لايعرف ويسأل لماذا نحن غير مترابطين ؟ لماذا نحن بعيدين عن ربنا ؟ وذلك لأنَّ الهدف ليس واضح فأحياناً الإنسان يجب أن يسأل نفسه هل هذا التعب من أجل الله ومع الله ؟ في سفر حجي يقول الرب ﴿ زرعتم كثيراً ودخلتم قليلاً تأكلون وليس إلى الشبع تشربون ولا تروون تكتسون ولا تدفأون والآخذ أُجرةً يأخذ أُجرةً لكيسٍ منقوبٍ ﴾ ( حج 1 : 6 ) فيقول ﴿ تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئاً ﴾ فمحبة الخطية جذورها في الأعماق من الداخل فالجهاد يكون في غياب المسيح فالجهاد يتم بشكل روتيني فهناك تعب من أجل الذات وليس من أجل الله فهناك تعب باطل وهناك تعب بناء سليمان الحكيم يقول ﴿ باطل الأباطيل الكل باطل ولا منفعة تحت الشمس ﴾ ( جا 1 : 2 ؛ 2 : 11) تعبنا ولم نصطاد شيء ولكن معلمنا بطرس لم يستمر في النقاش كثيراً مع ربنا ولم يركز على النقطة السلبية ولكنه قال ﴿ على كلمتك أُلقي الشبكة ﴾ فكان هناك مركبتين ولكن لأنه ليس واثق في أنه يمكن أن يصطاد شئ فدخلت مركب واحدة من أجل الطاعة دخلت * كلمتك * هي الوصية الوصية حينما تأتي في فكرنا فنكون عاجزين عن طاعتها الوصية ضد المنطق ضد الجسد ضد الذات فهل أضيف إلى فشلي فشل جديد ؟ فأنا تعبت وقت الصيد ولم أصطاد شئ فهل سأصطاد في وقت الراحة ووقت ليس فيه صيد ؟ فربنا يوصلنا لدرجة إنه يجعلنا غير نافعين غير قادرين فيجعلنا نقول * أنا مش قادر فأنت تقود ؛ أنا غير نافع فاستخدمني أنت ؛أنا لا أستطيع فأنت تصنع بي * فالوصية تتخطى العقل الوصية تتخطى المنطق الوصية تتخطى القدرة فيجب أن أُعد ذهني البشري لا لعمل المنطق أن أقول ليس بقدرتي وأن أقول حاضر فهنا تعمل النعمة فأطاوع الإنجيل بطرس دخل مسنود على كلمته – كلمة ربنا – الجهاد المسنود على الإنجيل غير الجهاد المسنود على عقلي أنا فالوصية أطيعها ليس من أجل لذاتي بل أطيعها لأن بها روح بها سند فهي تحمل في داخلها قوة استجابتها فنقول حنحب حنبذل حنخدم ولا أشعر في كل ذلك إنه إهدار لكرامتي أو لوقتي فمعلمنا داود يقول ﴿ كلامك أحيني ﴾ ( مز 119 : 154)﴿ سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي ﴾ ( مز 119 : 105) فحياته مقادة بالروح حسب كلمة الإنجيل الآباء القديسين يقولوا ﴿ لا تعمل عملاً إلا ويكون لك شاهد من الإنجيل ﴾ هناك الكثير من الأفراد يقول * أنا لو صنعت ذلك فإني لن أبيع أو أشتري * ولكن كلمة ربنا هي التي تعينك فيمكن أنَّ كثيراً تتعب وتجمع قليلاً فلا تصطاد شئ فيُقال مثلاً * أنا بكسب كتير ولكن ليس في بيتنا سلام ليس في قلوبنا محبة * ﴿ تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئاً ولكن على كلمتك أُلقي الشبكة ﴾ فربنا يعطيك مع القليل حب يعطيك مع القليل سلام يعطيك مع القليل نعمة يعطيك مع القليل قناعة ﴿ فعلى كلمتك ﴾ جميل أن يعيش الإنسان حسب الكلمة إفعل ذلك فتحيا فكلمة الإنجيل تجعلك تتخطى نفسك حاضر حنطرح الشباك فقال لهم بطرس ريحوا واستريحوا أنتم وسأذهب أنا لكي أرى وأجرب فدخل إلى العمق بسفينة واحدة ﴿ ولما فعلوا ذلك أمسكوا سمكاً كثيراً جداً فصارت شبكتهم تتخرق فأشاروا إلى شركائهم الذين في السفينة الأخرى أن يأتوا ويساعدوهم ﴾ ( لو 5 : 6 – 7 )فأحياناً الإنسان يكون واقف مشاهد على وصية ربنا فالذي يطاوع يمسك كثيراً فيقول له تعال ويدعو الآخرين ويقول تعال لن تخسر لن تندم فكلما ذوقت أنت تدعو الآخرين لكي يذوقوا ويجربوا فيلتهب قلبه على كل من حوله ويدعوه ويقول هذا خير ربنا هذه نعمة ربنا فتبدأ النعمة التي بداخلي تزيد فربنا يريد يفرحنا كلنا به فالخلاص لا ينتهي الفضيلة لا تنتهي النعمة لا تنتهي فالنعمة ليس لها حدود بل حدودها أنت وليس هي فهي تملأك على قدر سعيك على قدر خضوعك على قدر اشتياقك فهي تملأ كل كيانك حتى تقول كفانا كفانا حتى تقول تكاد السفينة أن تتخرق ﴿ فصارت شبكتهم تتخرق ﴾ فالنعمة ليس لها أي حدود ليس لها نهاية فهم رفضوا حتى أنفسهم رفضوا الثوب المدنس رفضوا السلطة الجاه المال فتركوا العالم كله فهناك نعمة إمتلأت﴿ فأتوا وملأوا السفينتين حتى أخذتا في الغرق ﴾ ( لو 5 : 7 ) فهذا هو سخاء ربنا يسوع فهناك يكون بعد فشل كبير يكون هناك نجاح ليس متوقع ما أجمل هذا الإختبار فهناك نعمة كبيرة تملأ حياتك فأعيش بكلمتك فأحياناً نقول * أنا فشلت كتير وأصبح الفشل ملازم ليَّ * ولكن ﴿ على كلمتك أُلقي الشبكة ﴾ أنا يارب ضعيف جداً وعاجز جداً ولكن أنت يارب قُل كلمة لتبرأ نفسي فربنا يريد أن يُدخلنا في هذا الإختبار إختبار كلمته إختبار محبته إختبار الخضوع له فيملأ حياتك بكل بهجة وخير ﴿ فلما رأى سمعان بطرس ذلك خر عند ركبتي يسوع قائلاً اخرج من سفينتي يارب لأني رجل خاطئ ﴾ ( لو 5 : 8 ) ما علاقة الصيد بأن يقول بطرس أنا خاطئ ؟ فهذه نصيحة غالية أنا متشكر شكراً جداً فنحن لا نسمي هذه المعجزة معجزة اصطياد السمك بل إنها مهمة أكبر فهي معجزة تغيير بطرس فالرب يسوع أتى ليأخذ ممتلكات بطرس فهو يغيرك إنت عن طريق السمك فهل ستتلهي في الصيد وتتركني أنا ؟ فليس هناك معجزة يصنعها ربنا يسوع إلا ويكون هدفها هو خلاصي فمعجزة التجلي هدفها خلاصي الأمور العقيدية هدفها خلاصي قيامة لعازر هدفها قيامة الخاطئ فإنك تتجاوز هذه المرحلة وتتقابل مع هذه القدرة التي لا نهائية فتخر وتسجد له فلم ينسب النجاح لنفسه أو لأنه طاوع بل مركز ذهنه على المسيح فتكون في سجود في حياتك فعيش مشاعره فهو كان محبط فهو كان فاشل ولكن ربنا أعطاني نعمة وملأ قلبي ونفسي سلام فالسجود هو انفعال هو حركة إنفعال قلبية حركة إنفعال لا إرادية فهي إعلان عن فرح إعلان عن شكر هذا هو السجود بالروح فلذلك حاول أن تجرب هذا الإحساس أن تخضع لعمل نعمته أن تدرك أمام من أنت واقف ؟ فعندما الإنسان يحس بعظمة الله يتضاءل هو ويصغر جداً فعندما يتفاعل هو يخر ساجداً فالإنسان عندما يشعر أنَّ الذي أمامه كبير جداً فهو يصغر جداً أمام نفسه فيسجد إلى ربنا الذي هو كله عظمة وقدرة وأنا الخاطئ فالسجود هو إنفعال من الداخل أشعياء النبي يقول ﴿ رأيت السيد جالساً على كرسيٍ عالٍ ومرتفعٍ وأذياله تملأ الهيكل فقلت ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين ﴾( أش 6 : 1 ؛ 5 ) فلم يسعه أن يفعل شئ إلا السجود السجود هو شعور بضعفي الشرير وبر الله الذي أنا واقف أمامه كذلك أيضاً يعقوب ويوحنا إبني زبدي اللذان كانا شريكي سمعان فقال يسوع لسمعان لا تخف من الآن تكون تصطاد الناس ﴿ ولما جاءوا بالسفينتين إلى البر تركوا كل شيءٍ وتبعوه ﴾ ( لو 5 : 11) فالحكاية تحولت عن السمك فهم لم يفرزوا السمك و يبيعوه فالهدف الأول كان السمك ولكن في النهاية تركوا كل شئ وباعوه فهم وجدوه هو الأجمل هو الأحلى ولكن أنت ماذا تفعل في عمرك ؟ فإن كنت محبط مضايق فقل يكفيني أن أكون معه يكفيني أن أحيا معه هو فرحي هو كفايتي هو بهجتي فهو إذا كان عمل معي كل ذلك الآن فهو يدبر كل أمور حياتي فأدركت أنه يقدر أنه يستطيع فمعلمنا بطرس يقول لنا لا تجعل شغلك يأخذ كثير فأنا جربت ذلك لذلك ضع قلبك في كلمته ضع قلبك في المسيح فهو الغني وليس شغلك فأصبح صياد للناس فيرمي مثلاً الشبكة في يوم الخمسين فيصطاد حوالي ثلاثة آلاف نفس فاختبر قدرة ربنا في حياته الشخصية وبذلك استطاع أن يجذب النفوس بلا كلل بلا تعب فكان يقول ﴿ ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب ﴾ ( مز 34 : 8 )فمعلمنا بولس يقول لتلميذه ﴿ اكرز بالكلمة اعكف على ذلك في وقتٍ مناسبٍ وغير مناسبٍ وبخ انتهر عظ بكل أناةٍ وتعليمٍ ﴾ ( 2تي 4 : 2 ) فاحضر كل إنسان إرمي الشبكة إحضر كل إنسان في المسيح يسوع فإحكي عن يسوع إحكي عن خبرتك معاه فأن تُخبر بما رأيت وبما سمعت فربنا حول هذه المعجزة من موضوع اصطياد السمك إلى اصطياد أربعة أعمدة فهو قام باصطياد بطرس ويوحنا وأندراوس ويعقوب يا لجلالك يارب فهو يختارنا بنفسه يستخدمنا لإسمه يغير حياتنا لنفوز بملكوته فهو يريد أن نسجد أن نسبح أن نخدم أن نعيش بهدف أبدي ربنا يغيرنا ويجعلنا نعيش له ومن أجل إسمه ويجعلنا نتعب من أجله وأن نعرف أنَّ بدونه نتعب ولا نصطاد شيء ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية

عدد الزيارات 236

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل