غاية التجسد

06 ديسمبر 2022
Large image

أما عن غاية التجسد فيحدثنا القديس كيرلس الكبير فى تفسيره لأنجيل القديس يوحنا (4: 26) "قال لها يسوع أنا الذى أكلمك هو" فيقول لقد صار جسداً جاعلاً نفسه مشابهاً لنا لكى يوحد بالله بواسطة نفسه ما كان بحسب الطبيعة منفصلاً جدا عنه وفى تفسره لـ (يو17: 20) "ولست اسأل من أجل هؤلاء فقط بل أيضاً من أجل الذين يؤمنون بى بكلامهم" يقول "لقد صار الإبن الوحيد الذى من جوهر الآب جسداً لكى يوحد ويؤلف بطريقة ما فى نفسه بين الأشياء المتخالفة بحسب طبعها الخاص، والتى لم يكن ممكاً أن تتجمع (اللاهوت والناسوت) "إذاً فالسر الحاصل فى المسيح قد صار بداية ووسيلة لأشتراكنا فى الروح وإتحادنا بالله وفى تفسيره لـ (يو1: 14) "والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً"يقول القديس كيرلس "لكى نرى فى وقت واحد، الجرح والدواء، المريض والطبيب، ذاك الذى سقط تحت قبضة الموت والذى يقيمه للحياة ذاك الذى ساد عليه الفساد والذى طرد الفساد ذاك الذى أمسك به الموت والذى هو أسمى من الموت، ذاك الذى له عدم الحياة وذاك الذى هو واهب الحياة" ويقول القديس كيرلس " إن تجسد الكلمة لم يحدث لغاية أخرى إلا لكى نغتنى نحن أيضاً بشركة الكلمة بواسطة الروح القدس فنستمد منه غنى التبنى" ففى فكر القديس كيرلس إن التجسد الذى هو إتحاد اللاهوت بطبيعتنا البشرية لا يمكن أن يكون بعده إفتراق فيقول "لقد ولد بحسب الجسد من امرآة آخذاً منها جسده الخاص لكى يغرس نفسه فينا بإتحاد لا يقبل الأفتراق"وفى تفسيره لـ (يو20: 17) "قال لها يسوع لا تلمسينى لأنى لم أصعد بعد إلى أبى ولكن أذهب إلى أخوتى وقولى لهم أنى أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهى وإلهكم"يقول فى تعليقه على قول المخلص (ها أنا صاعد إلى أبى وأبيكم وإلهى وإلهكم)"يا من تقرأ هذه الكلمات حاول أن تقبل هذا السر العجيب والعظيم ولا تدع قلبك يبتعد عن الحق الكامن فى التعاليم الإلهية تأمل كيف جاء الإبن الوحيد كلمة الله وسكن بيننا لكى نكون نحن مثله على قدر ما نحتمل طبيعتنا أن تأخذ منه فى نعمة الخلق الجديد. لقد أتضع هو لكى يرفع ما هو أصلاً وضيع إلى مقامة العالى. وليس شكل العبد رغم إنه بالطبيعة الرب وإبن الله لكى يرفع من الطبيعة مستعبد إلى كرامة البنوة وسموها جاعلاً إياها على صورته ومثاله..."ونختم موضوعنا هنا بعد أن تمتعنا بفكر وإيمان القديس كيرلس وشرحه الوافى عن عقيدة التجسد بنقطة ختامية وهى
4- لماذا التجسد
لم يكن تجسد إبن الله هدفاً فى ذاته بل كان وسيلة لتحقيق أهداف عظمى وهى:-
1- فداء الإنسان:-
إذ بذل إقنوم الإبن جسده فداء عن الإنسان الساقط
2- تجديد خلقه الإنسان:-
إذا جاء إبن الله الكلمة المتجسد ليتحد بطبيعتنا الساقطة ويقيمها من ضعفها ويجددها بل ويعيد خلقتها لتصير طبيعة مقدسة
3- تعليم الإنسان الفضيلة والكمال وتقديم المثل الأعلى:-
إذ أتى أقنوم الإبن وعلم الإنسان الفضيلة والكمال ليس بكلامه فقط بل بشخصه أيضاً فعاش كاملاً مقدماً مثلاً وقدوة يسير عليها المؤمنون لأن الله غير قابل للموت بلاهوته أخذ جسداً قابلاً للموت فبه ذاق الموت من أجل الجميع "يامن ذاق الموت بالجسد فى وقت الساعة التاسعة من أجلنا نحن الخطاة. " (قطع الساعة التاسعة)
إذاً عندما نقول السؤال.فلماذا التجسد؟ لابد من التجسد لكى يتم الخلاص وفداء الإنسان
القمص بطرس البرموسى

عدد الزيارات 351

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل