انجيل عشية يوم الأحد الرابع من شهر مسری

02 سبتمبر 2023
Large image

تتضمن دحض آراء الذين ينكرون قيامة الأمــوات مرتبة على قول الفريسيين : " متى يأتى ملكوت الله ( لو ۱۷ : ۲۰-۳۷ ) أين الذين ينكرون جهنم ومجلس القضاء الرهيب وإجتنـاع الأمـم جميعـا وجلوس الديان للمحاكمة . وإرتفاع مراتب الصالحين وسوء حال الخطـاة والنـوح والبكاء والعويل وصرير الاسنان . لأنه إذا كان الذين أتوا إلى العالم قبل المسيح ولـم يسمعوا بذكر قيامة ولا مجازاة . قد عذبوا في الدنيا بالحريق والغـرق . مثـل أهـل سدوم وعمورة والذين هلكوا بالطوفان . وهم سيعاقبون في جـهنم ايضـا بعقوبـات أخرى كثيرة . فالاجدر بنا نحن أن نعاقب بأكثر واشد من عقوبـات أولئـك . لاننـا سمعنا بتكرار إعلان تفاصيل هذه الامور كلها . ولعلك أيها العزيز تقول كيف يسوغ أن يدفع إلى جـهـنـم مـن لـم يـسـمـع بذكرها . لانه يقول لو كنت أنذرتنا بما سيصيبنا فيها من العذاب لعلنا كنا نتيقظ مـن غفلتنا . فأقول إنهم إذا كانوا لم يرتعدوا عن الخطايا بالعقوبات الحـاضرة . فـالأجدر أنهم لا يزدجرون بالسماع عن تلك . ألا تسمع قول سيدنا له المجـد : إنـهم كـانوا يأكلون ويشربون إلى اليوم الذي دخل فيه نوح السفينة ؟ ولا يرتدعون بالوعـد ولا الوعيد لانه إذا كان الزاني والغاش والغاصب والخاطف وأمثالهم يقعون في أيـــدى الولاة ويعاقبون على جرائمهم بأنواع العذاب . ثم يعودون إلى تلك المعـاصى متـى خرجوا من سجونهم . وهم لا يفعلون ذلك مرة أو مرتين بل مراراً كثيرة . حتـى أن بعضهم يعذبون عذابات متنوعة ومع ذلك لا يتأدبون . والذي لا تردعه العــوارض الحاضرة كيف يزدجر بتهديد ما بعد الموت . فإن قلت وكيف يطابق عدل الله أن يعاقب على الجرائم عقوبة هنا يوقعـها الولاة وعقوبة أخرى في جهنم . أقول أنه لو أخذ بعض الولاة لصاً فتاكاً قد قتل اناساً كثيرين وارتكب أنواع المعاصي . فامر بضرب عنقه لكان الحاضرون يســتعجزون رايه . ويقولون كان الواجب أن يعذبه عذاباً شديداً ويجلده بالسياط ويتقلـه بـالقيود والاغلال ثم يأمر بقتله لانه قد قتل اناسا كثيرين فلا تكفى معاقبته بقتله دفعة واحدة . فإذا كان هذا نظرنا إلى احكام غيرنا وحكمنا على غير ذواتنـا . فلمـاذا لا نحكم على انفسنا بمثل هذا . ونتذكر اننا في كل عام بل في كل شهر بل في كل يـوم نخطئ خطايا عديدة تستوجب عقوبات كثيرة . ثم إذا أصابنا على سبيل العقاب عـن هذه المعاصي عارض من عوارض الزمان كمرض طويل أو ظلم من الولاة أو فقـد عزيز لنا . نتضجر ونتذمر ونغفل عن جرائمنا الماضيـة ولا نذكـر شـيئا منـها . ونحتسب أن ذلك قد أصابنا ظلما لا عن جرم ارتكبناه . وإذا نظرنـا إلـى خطايـا الآخرين تضبطها جيدا ونعين العقوبات الواجبة لهم . ونلوم الولاة إذا قصـروا فـي معاقبتهم . فلماذا لا ننظر إلى خطايانا ونحاسب أنفسنا عليها قبل أن يحاسبنا ربنا ؟ وإذا كان بجريرة عاقب الله أهل سدوم وعمورة ذلك العقاب العظيم . حيـث ارسل عليهم طباق السحب التي أزعجتهم بالرعود والبروق والعواصف الثائرة . ثـم أمطرت عليهم النار والصواعق وأهلكت الرجال والناس والبهائم والطيور وحشـوات الأرض . فماذا يجب على من خالف الشرع ونبذ الوصايا والســن وأتبـع دواعـى الشهوات وارتكب المعاصي الكثيرة ؟ فإن قلت وما هي أنواع المعاصي لنجتنبـها ؟ قلت : أولها تجاسرنا على تناول الاسرار المقدسة ونحن غير مستحقين لها . فإن قلـت وكيف يجب علينا الموت بسبب ذلك ؟ قلت : اسمع قول الله لموسى في التوراة عـن القربان المهيأ من شحوم الكباش والثيران وغير ذلك : إن كل نفس تقرب من هـذه المائدة وهي غير مستحقة تهلك تلك النفس من شعبها . فإذا كان الله لما تقدم ليصنـع مثالا لهذا الجسد المقدس وضع فرضاً من لحوم الحيوان وحذر من الدنو منها بغـير استحقاق هذا التحذير الرهيب . فكم يجب على من يتقدم إلى تناول الأسرار الإلهيـة وهو ملطخ بأدناس الخطايا ؟ وكم يستحق أولئك الذيـن يظلمـون الفقـراء ويأكلون طعام الارامل ؟ . المقدسة وإذا كان الذين يتأخرون عن التصدق عليهم يعاقبون . فمـاذا ينـال الذيـن يأخذون اموالهم ظلماً ؟ وماذا أقول عن الزناة والفسـاق والسكيرين واللصـوص والخاطفين والظالمين وأمثالهم من المخالفين لأوامر الله ؟ كم ضعفاً مـن العقوبـات يستحق عليهم عاجلاً أو أجلا . فسبيلنا أن نطهر انفسنا ونحاسب ذواتنا ونتوب عن خطايانا ونسارع إلى مـا يقربنا من ربنا الذي له المجد إلى الابد . آمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية

عدد الزيارات 80

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل