انجيل عشية يوم الأحد الثالث من شهر مسری

26 أغسطس 2023
Large image

تتضمن الحث على فهم الأقـوال الالهيـة وتـأمل معانيها ومدح الفضيلة وذم الرذيلة . مرتبة على قـول البشير : " وفيما هو يتكلم بهذا رفعت أمرأة صوتها مـن الجمـع وقالت له : طوبى للبطن الذى حملـك .. أمـا هـو فـقـال : بـل للذيـن يسمعون كلام الله ويحفظونه ' ( لو ١١ : ٢٧-٣٦ ) إذا كانت أقوال ربنا له المجد تتلى كل يوم . فما بالنا لا نتقدم إلـى سـماعها بهدوء ونشاط . ونقابلها بالتعظيم والوقار . ونبحث عن معانيها كما ينبغى . ونسـارع مجتهدين إلى العمل بموجبها . وإلا فلماذا ترتفع إلى ذروة الفضيلة ؟ وكيـف نـسـمع ربنا له المجد يعطى الطوبي للذين يسمعون الأقـوال ويغرسـونـها فـي أراضـي افهامهم . ونوجد نحن هكذا مهملين . وإذا كان الأغنياء الهائمون بأموالهم يتعـاهدون الدخـول إلـى خزائنـهم . ويتفقدون أمتعتهم . ويحفظون تلك الامتعة من فساد الارضة والسوس . ويعرضونـها تارة للندي . وترة للشمس . وتارة يقفلون الخزائن عليها . فما بـالك يـاهذا لا تفتقـد نفسك كذلك . بل تدعها هائمة خالية من الفضائل . تارة يفسدها السكر . وتـارة حـب المال . وتارة حب الرتب العالية . وتارة الاهمال والنسيان . من فيا للعجب ! كيف تصون ثيابك وتحافظ عليها من المفسدات وتـدع نفسـك الشريفة معرضة لشائر المهلكات ؟ وكيف يعجبك قبح الرذائـل ولا تنظـر حسـن صورة الفضيلة وبهاء مجدها . فأن قلت وهل للفضيلة صورة يتأملـها النـاظرون ؟ أجبتك نعم لها رأس وعينان . وفم ويدان ورجلان . وغير ذلك الاعضـاء التـى تفوق سائر الاجسام حسناً . فإن قلت وما رأس الفضيلة وباقي اجزائها ؟ قلت : خـوف بالاتضاع والعفاف . ووجهها مسفراً بالخشوع مــن خـشـية الله . وعيناهـا مكحلتان بالوقار والحياء . أما فهما فمزين بجواهر الحكم الإلهية والتسابيح وأغــانى الروح ، وقلبها ينبوع الفهم والرحمة . ويداها محليتان بالعطاء والاسعاف . وقدماهـا مجدتان بالسعي في قضاء حاجات المقلين . وزيادة المحبوســــــين وافتقـاد البائسـين واشباه ذلك . مكللاً فما بالنا نصف فلاناً بكثرة المال . وفلاناً بكثرة الحشــــم . وفلانـاً بخصـب الزراعات . وفلاناً يسعة المتاجر . وأمثال هذه الزائلات . ونهمل صانعي الفضيلـة . ونعرض الفائزين . ولم لا نقول أن فلاناً كصير الصدقات . وفلانـاً يقبـل الغربـاء . وفلاناً يقرض المعسرين . وفلاناً يفرج عن المتضايقين ؟ وننظر بعين الرحمـة إلـى عمل الحسنات . ونبتعد عن الاغتباط بالزائلات . والتشبه بأصحابها . حيث أن ذهبـهم وفضتهم قد صدئا . وثيابهم أكلتها الأرضة والسوس . وكنوزهم قـد تطـرق إليـها اللصوص . ولو أمكنني أن أريكم نفوس الأغنياء لجذبها إلى الوسط لتروها فنــهربوا من قباحتها . لأنها مظلمة مصدئة مدنسة متآكلة جهاتها . فمن هذا يظلمها حب المـلل . ومن هنا بصدئها حب الجسد . ومن هنا يثقبها عطب الزراعات . ومن هنـا خسـارة المتاجر . ومن هنا جور المظلومين . ومن هنا غصب الغاصبين . ومن هنا فوات ما الله .تربح فيه الامثال ولم يبادر اليه سريعا . اما نفوس الفقراء الطائعين الله ربهم . فأنك تراها تلمــع كـالذهب وتضـئ كالجواهر الكريمة . وتزهو كالورد . وتنتشر رائحتها مثل نشر العنبر الفائق . سـالمة من الصدأ والوسخ . متعالية عن بواعث المفسدات . لانهم حيث لا مال لهم ولا قنايـا عالمية . فلا يتسلط عليهم سوس ولا أرضه . ولا سراق ولا غاضبون ولا شئ مـن العوارض الأرضية . فالغنى ربما يقف أمام ولاة الارض وحكامها . أما الفقير فيقـف أمام ملك السماء والارض . ذاك يفرح بخدمة البشر المائتين سريعاً . وهذا يخدم الله الحي الدائم . ذاك يتصرف في اليسير من المقتنيات . أما هذا فينظر إلى العـالم كلـه كالبهاء وينزله منزلة لعبة يلعب بها الصبيان . فما الذي يكون أشرف من هذا الفق الذي يملك في السموات والأرض ؟ وما هي الحاجة إلى العبيـد والحشـم والخيـل والمراكب ؟ وهو عتيد أن يحلق في الهواء ويركب متـن السـحاب ويكـون مـع ير المسيح دائماً . فسبيلنا يا معشر المؤمنين . أن نهمل الفانيات بطبائعها . ونطلب الغني الـذي لا يزول کی نتمتع في نعيم ربنا وإلهنا يسوع المسيح . الذي له المجد دائمـاً أبـداً . امین .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية

عدد الزيارات 116

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل