انجيل عشية يوم الأحد الثاني من شهر مسری

19 أغسطس 2023
Large image

تتضمن الحث على التواضع واجتناب الرياء . مرتبـة على مثل الفريسي والعشار . ( لو ۱۸ : ۹-۱۷ ) إذا كان ربنا له المجد لكثرة رحمته لنا ومحبته لجنسنا ينبهنا من غفلتنـاويصدنا عن الأمور المخالفة لمشيئته فيأمرنا تارة بالامتناع عن التفاخر بـــالأموال . وتارة عن الكبرياء . وتارة عن الشهوات البدنية وبالتواني عن عمل الفضيلة وأمثـال ذلك . ولهذا ضرب المثل بالخاطئ المتواضع والصالح المفتخـر . فأظـهر فضيلـة التواضع ورذيلة الكبرياء . فما بالك تجنح إلى حب المال ، وتهوى المناصب العاليـة . وتفتخر بالأمور الباطلة وتتباهى على المقلين وتتناظر مع المكثرين ؟ ولـو أمعنـت النظر جليا لرأيت طالب الرفعة على الناس أشد تعبا ونصبا . لأن الذي يطلب العلـو على الذين في الوهاد المنخفضة يسكن في قمة الجبل . فلا يلتذ بعلو المكان بقدر مـا يكايد من الخوف وحر الصيف وبرد الشتاء وعواصف الرياح وسـطوة الوحـوش الضارية ، وكذلك أقول في طالب الرئاسة والحاسد لـثروة الأغنيـاء فـإن الملـوك والعظماء وذوى الغني لا يلتذون بالنعم التي حصلوا عليها كما يتألمون مـن مشـقة تلك النعم وهمومها . لأن الملوك يتكلفون إستخدام العسـاكر وإجتـلاب المـهمات الحربية ومقاومة الاعداء وتدبير المملكة . ويخافون حتـى مـن افـراد عائلاتهم ويتوهمون في طعامهم وشرابهم . ويكونون دائما على حذر في حال نومهم وقيامـهم وجلوسهم وركوبهم . وجميع هؤلاء الآباء العظماء يمرضون بالروح مرضـا كـثـير الأعراض . كالوحوش المذكورة سابقا . فينبت لبعضهم رأس الحب الرئاسـة . ورأس للأفتخار . ورأس لحب الغلبة . ورأس للتظاهر بالصوم والصـلاة والصدقـة . ورأس للرياء والتظاهر بالزهد في الدنيا ممن يغيرون على حكامها كالذئاب الخاطفة . وهـم لأجل إبتعادهم عن الله ومخالفتهم لوصاياه . يعــدون لأنفسـهم عذابـا عظيمـا . إذ يقصدون المديح من الناس وهم في الحقيقة أهل للمذمة . والسيد له المجد يقول وأنـت إذا صليت فادخل مخدعك وصل إلى ابيك سرا . وإذا صنعت رحمة فـلا تصـوت قدامك بالبوق وإذا تصدقت فلا تعلم شمالك بما صنعت يمينك حتى تكون صلواتـك وصدقاتك الله وحده لننال الثوب الجميل في قيامة الصديقين . وأنا لا أقول هذا طلبـا لإفاء الصدقات مطلقا . بل لكي لا يكون التظاهر بها هـو الغايـة المقصـودة . وإلا فالمتحنن بضميره والمتصدق طاعة لأوامر الله ، لا طلبا للمديح من الناس . يكون لـه الثواب عند الله سواء كان ذلك سرا أم علانية . غير أن الصدقات الخفية أفضل لأنـك تطلب بها رضى الله مجردا . وتستر من تصدقت عليه من نظر الناس . وترفع عنـه الخجل من الاصحاب والمعارف . وهو قد يكون من أرباب البيوت الكبيرة المحترمة لا يريد الظهور بأخذ الصدقة فيموت جوعا ولا يرضى بمذلـة نفسـه . وإذا كـانت الصدقة منك مجردة في سبيل الله لا للافتخار . يكون ثوابك مضاعفا . لأنك لم تقبـل المجد من المادحين . ويا للعجب كيف أن الذين يتعلمون الصراع ورمي السهام وعمـل الزجـاج والخزف وغير ذلك من الصناعات يكابدون الاتعاب ويجتهدون في اعمالـهم ينالوا المديح من أرباب تلك الصنائع ! ؟ لان هذا هو الذي يعطيهم الإرتفاع وحسـن الصيت بخلاف مديح غيرهم من الذين لا يعرفون تلك الصناعة فإنه لا يفيدهم شيئا . فإذا كان هؤلاء فما بالك أنت لا تتبع مثل هذا فـي الفضيلـة . لكنـك تعـد كنوزك للصوص والخاطفين ؟ لان من يصنع الفضيلة لطلب المديح من الناس تؤخـذ أمواله مجانا بما إن الذين يراءى أمامهم بصلاته يسلبون أجر صلاته . وهؤلاء يـأخذ الذين يراءون أمامه أجر صدقاتهم . لان سيدنا له المجد يقول عن المرائيـن : الحـق أقول لكم أنهم قد أخذوا أجرهم . ومن أخذ أجرة فقد ضاع عمله باطلا . فسبيلنا أن نتجنب الإفتخار بعمل الصالحات أمام الناس . ونفكر دائمـا فـي نقائصنا لنفوز بملكوت ربنا . الذي له المجد إلى الابد آمین..
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية

عدد الزيارات 298

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل