انجيل عشية يوم الأحد الأول من شهر مسری

12 أغسطس 2023
Large image

تتضمن الحث على التجرد لقتال السياطين لاسيما في أوقات الرحمة والصدقة . مرتبة على فصل انجي ركوب السفينة . ( مر 6 : 45-56 ) إذا كان الذين يلاقون أهوال البحار والرياح العاصفة يحتاجون إلى شـجاعة خاصة ودربه وإيمان وطيد لتدركهم المعونة الإلهية ويخلصوا . فكم بالحرى الذيـن يخوضون لجج المحاربة الشيطانية . ويتخبطون بين أمواج التجارب والمحن فأنـ يحتاجون إلى قوة الايمان وشجاعة العزم ليخلصوا من عذاب الجحيم . فما بالنا نحـن المتدرعين بسلاح المسيح لا نثابر في طريق الجهاد ؟ وما بالنا قبل الوصـول إلـى طريق المعركة نهرب من عدونا ونسلمه مفاتيح مدينتنا . إني أقول ذلك الآن مخاطبا الذين يزجرون الفقـراء وينتـهرون المسـاكين وذوى الحاجة . ويقولون إن هؤلاء كذابون محتالون متصنعون . يتكسبون من غـير احتياج لكي يذخروا الأموال . افرض يا صاح أن هذا الذي يطلب منك رغيفـا قـد كملت فيه صفات الخداعين المحتالين ولكن أنظر إليه من جهة أخرى لتـدرك قـدر إحسان خالقك إليك . إذ ترى هذا السائل شـريكك فـى البشـرية . ومسـاويك فـى الاستظلال بالسماء والاستضاءة بالشمس والقمر . وفي الانتفاع بالأمطار والأثمـار . ورفيقك في البنوية الله . وقد أتاك ذليلا خاضعا لك يطلب منك أقل جزء مما أعطـاك الله . أفما يحق عليك أن ترحمه إذا دعته الحاجة إلى الوقوف ببابك ؟ وإن كنـت لا تعطيه شيئا من مالك فلا تقابله بالشتيمة والاهانة . ولعمري ان الذين ينبهونك من منامك بطبولهم وزمورهـم ويلـهونك عـن أشغالك الضرورية . تستأنس بهم وتعطيهم منحا كثيرة . وهكذا اولئك الذيـن يغنـون ويرقصون فانهم يأخذون منك العطايا وأنت غير عـابس ولا متضجـر . ولكـن إذا قصدك فقير بائس يحتاج إلى احسانك اليه بأقل شئ مما أعطيته لأولئك فانك تقذفـه بشتى الظنون وتقابله بالشتيمة والاهانة . فإن قلت إننى أفعل ذلك به لعلمي أنه غـير محتاج إلى الصدقة . أقول وانت طالما طلبت من الله وكانت عندك ألوف كثيرة مـن الذهب والفضة وهو يعطيك . ولا يقول لك إن عندك كفايتك من الأموال . مـع أنـه يعلم ذلك يقينا لاكما تظن أنت الفقير . فإن قلت إن هذا الفقـر قـد تـعـود البطالـة . والكسل وهو صحيح الجسم يقدر على الأعمال والاتعاب . قلت وكيف تطلـب أنـت من الله وأنت خال من الاعمال ؟ . فإن قلت انني مجتهد في الاعمال نـهارا وليـلا . قلت وما هي هذه الاعمال ؟ فإن قلت البيع والشراء والاخـذ والعطـاء والمتـاجر والزراعات وغيرها . قلت أننى أسالك عن الاعمال المرضية الله . والنافعة لك النف الحقيقي ألا وهي الصلوات والصدقات والعناية بالمحتاجين والانتصار للمظلوميـن مع حصول لوازم الحيوة وأراك خاليا منها . فها أنت تركن إلـى البطالـة والكسـل وتطلب من الله الزائد عن الحاجة . أفتراه مع ذلك يقول لك انك خـال مـن عمـل الصالحات وتلتمس زيادة الارزاق . فيحجب عنك نور الشمس والقمر ويحبس عنـك مطر السماء وخصب الأرض ونسيم الرياح ؟ كلا ولكنه يفيــض عليـك خيراتـه الكثيرة حتى تشبع منها ويفضل عنك لآخرين . فإن قلت ان هذا الطالب أحيانا يكـون عبدا هاربا من مولاه . فلماذا لا يشتغل ويعيش ولا يضايق الناس ؟ فيقول لك العبـد أليس أنت أيضا هارب عن أمور مولاك ووصاياه ولست بطالا فقط ؟ بل تفعل كـل ما يغضبه تعالى . فإنه تارة يجدك زانيا . وتارة سارقا . وتارة ظالما . وتارة سكيرا . وتارة تعاشر الأشرار . وترتعش من الخمر يداك . وتحمر من السكر عيناك . فـأنت تلومني على البطالة وأنا الومك على ارتكاب هذه الشرور . هذا واني لا أقول لك ذلك على سبيل قبول عذر المتسولين في البطالة . بـل لئلا تجد أنت حجة على البطالين . وإلا فالبطالة مذمومة على كل حال من الجميـع . وقد قال بولس الرسول من لا يحب أن يعمل فلا يأكل " وهذا الكـلام موجـه إلـى المتسولين . ثم أقول لك أيها السامع انه لا يجوز أن تقابل المحتاج بالألفاظ القاســـية الجافية . وتقول له قد أعطيتك أمس أو أعطيتك اليوم دفعتين . فإن هذا مما ينبغـى ان تخاطب به نفسك ايضا . فنقول لها عندما نطلب الغذاء اما اكلت أمس مرتين أو مـا تناولت الطعام باكر ؟ لكنك بالعكس ترغب أن تشحن جوفك من الطعام بعـد نـوال الكفاف وسد الضرورة المحتاج إليها . فاسمع قول إلهنا عز وجل : من سألك فاعطـه ومن اراد أن يقترض منك فلا تمنعه ( ۱ ) . وكذلك قوله بيعوا مالكم واعطوا صدقة ( ۲ ) وبعضل القديسين يقول ليس شئ يقرب العبد إلى الله مثل رحمة المحتـاج . وبولـس الرسول يقول مادام لنا زمان فلنعمل الخير ولا نكل منه لنصل إلى زمان نحصد فيـه الباقيات ولا نمل منها ( ۳ ) . فسبيلنا ان نبادر إلى مساعدة اخوتنا المساكين في أوقات شدائدهم . ونتلقـاهم بالبشاشة والاقوال اللينة ليقبلنا سيدنا . ويعد لنا خيرات الملكوت التي لا نهاية لها ولا انقضاء لسعادتها . ونتمتع بنعمة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد إلى الابد . آمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية

عدد الزيارات 298

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل