جاء السيد المسيح يطلب ويخلص ما قد هلك [ ٢ ]

12 يناير 2023
Large image

هذا العالم الذي يحب الظلمة جاء الرب لكي يخلصه من ظلمته إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله » ( يو ١ : ١١ ) ، وعدم قبولهم له معناه أنهم هلكوا والرب جاء يطلب ويخلص ما قد هلك رفضهم له ، أكان يعني أنه هو يرفضهم بل على العكس يسعى إليهم لكي يخلصهم من ذلك الرفض لأنه يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون » ( اتی ٢ : ٤ ) كذلك جاء يطلب الوثنيين الذين يعبدون آلهة أخرى غيره هم لا يعرفونه ، ولكنه يعرفهم ويعرف ضياعهم وقد جاء لكي يطلبهم « النور أضاء في الظلمة ، والظلمة لم تدركه ، ( يو ٥:١ ) ، ولكنه لم يتركهم بسبب عدم إدراكهم له ، إنما جاء ليعطيهم علم معرفته ، وقد قال عن كل هؤلاء ، ولی خراف آخر ، ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن أتي بتلك ايضا فتسمع صوتي ، وتكون رعية واحدة لراع واحد ( يو ١٦:١٠ ) . ما أكثر ما احتمل الرب لكي يخلص ما قد هلك لست أقصد فقط مـا احـتـمله على الصليب ، ولكني أقصد أيضا ما احتمله اثناء كرازته من الذين رفضوه حتى من خاصته التي لم تقبله حقا ما أعجب هذا أن يأتي شخص ليخلصك فترفضه وترفض خلاصها ومع ذلك يصر على تخليصه لك وحتى الذين اغلقوا أبوابهم في وجهه صبر عليهم حتى خلصهم . كان في محبته وفي طول اناته لا يياس من أحد ويفتح باب الخلاص أمام الكل فهو "يمنح الرجاء حتى للأيدي المسترخية وللركب المخلعة " ( عب ۱۳:۱۲ ) قصبة مرضوضة لا يقصف ، وفتيلة مدخنة لا يطفى ( مت ۲۰:۱۲ ) جاء ليخلص الكل والكل كانوا مرضى وضعفاء وخطاة ومحتاجين إليه وهو قد قال ولا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى ما جئت لأدعو ابرارا بل خطاة إلى التوبة ، ( مر ٢ : ١٧ ) . من أجل هذا لم يجد المسيح غضاضة أن يحضر ولائم الخطاة والعشارين ويجالسهم ويأكل معهم ويجتذبهم إليه بالحب ويقول للمرأة التي ضبطت في ذات الفعل ، وأنا أيضا لا أدينك ، ( يو ٨: ١١ ) فما جاء ليدينها بل ليخلصها وهكذا قيل عنه أنه محب للعشارين والخطاة ، ( متی ۱۹:۱۱ ) بل أنه جعل أحد هؤلاء العشارين رسولاً من الاثني عشر ( مت ۱۰ ) واجتذب زكا رئيس العشارين إلى التوبة ودخل بيته لكي يخلصه هو وأهل بيته وقال اليوم حدث خلاص لأهل هذا البيت إذ هو ايضا ابن لإبراهيم » ( لو ١٩ : ٩ ) فتذمروا عليه قائلين : إنه دخل ليبيت عند رجل خاطئ ، ولكنه كان يطلب ويخلص ما قد هلك إنه لم يحتقر الخطاة مطلقا ، فالاحتقار لا يخلصهما إنما يخلصهم الحب والاهتمام والرعاية والافتقاد والعلاج المناسب العالم كله ، كان في أيام المسيح قصبة مرضوضة وفتيلة مدخنة فهل لو فسد العالم وهلك يتخلى عنه الرب ؟! كلا بل يخلصه حتى لو فقد صوابه ، فالرب لا يحتقره بل يعيده إلى صوابه حتى الذين قالوا أصلبه أصلبه ، لم يمنع الخلاص عنهم بل قال للاب ، وهو على الصليب - يا أبتاه اغـفـر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون » ( لو ٣٤:٢٣ ) قال هذا لانه كان يطلب ويخلص ما قد هلك ولهذا فتح باب الفردوس للص المصلوب معه . لم يكن ينظر إلى خطايا الناس بل إلى محبته لهم لم ينظر إلى تعدياتنا وإنما إلى مغفرته التي لاتحد ، اما تعدياتنا فقد جاء ليمحوها بدمه وحينما كان ينظر إليها كان يرى فيها ضعفنا ، ولذلك قال له المرتل ، إن كنت للاثام راصدا يارب من يثبت ؟! لأن من عندك المغفرة ، ( مز ١٣ ) . لاحظ أن الرب في تخليصه لنا إنما يغفر من أساء إليه ، فالذي هلك هو إنسان خاطئ قد أساء إلى الله والرب جاء لكي يطلب خلاصه .. !! ما أكثر الملايين وآلاف الملايين الذين عاملهم الرب هكذا بكل صبر وطول أناة حتى تابوا وخلصوا إذ اقتادهم بلطفه إلى التوبة » ( رو ٢ : ٤ ) كثيرون سعى الرب إليهم دون أن يفكروا هم في خلاصهم وضرب مثالين لذلك الخروف الضـال والدرهم المفقود ( لو ١٥ ) . ومثال ذلك أيضا الذين يقف بابوابهم ويقرع لكي يفتحوا له ( رؤ ٣ : ٢٠ ) وكذلك الأمم الذين ما كانوا يسعون إلى الخلاص ، ولكن السيد المسيح جاء ليخلصهم ويفتح لهم باب الإيمان ويقول لعبده بولس ، اذهب فإني سأرسلك بعيدا إلى الأمم . ( اع٢١:٢٢ ) وكانت وسائل السيد المسيح لأجل خلاص الناس كثيرة منها التعليم فكان يعظ ويكرز ويشرح للناس الطريق السليم . كذلك استخدم أسلوب القدوة الصالحة وترك الناس مثالا ( ايو ٢ : ٦ ) واسـتـخـدم اسلوب الحب وطول الأناة ، والصبر على النفوس حتى تتضح كما استخدم الاتضاع والهدوء والوداعة . وأخيرا بذل ذاته ومات عن غيره حاملاً خطايا الكل.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث

عدد الزيارات 180

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل