انجيل عشية يوم الأحد الرابع من شهر أبيب

29 يوليو 2023
Large image

تتضمن الحث على السعي في مداواة النفـوس . وأن يحترس القائم من السقوط لأن رجوعه إلى الحالـة الأولى يكون بصعوبة مرتبة على فصل انجيل إبـراء عبد قائد المئة ( لو ۷ : ۱-۱۰ )
إذا كان سيدنا له المجد قد ظهر شافيا لأمراضنا وغافرا لخطايانا . فما بـالك الآن لا تنهض من وهدة كسلك وتنتبه من غفلة جهلك . وتطلب منه بإيمان خـالص وعزم ثابت كرئيس المئة لينقذك من الأمراض والعاهات ؟ ويا للعجب كيف ترى المرضى يهتمون بمداواة أجسادهم ويقصدون الأطبـاء ويسافرون إلى البلاد البعيدة . وينفقون الأموال الجزيلة وهم لا يعلمون هل تنجـح مداوتهم أم لا ؟ وأنت ترى الطبيب الماهر المستغنى عن اتخـاذ الآلات والعقاقير وطلب الأجرة قائلا للعازر : أخرج من القبر . وللمخلع : احمـل سـريرك واذهـب . وللميت المحمول : أيها الشاب قم . وللخاطئة : مغفورة لك خطايـاك . وامثـال ذلـك كثير . وهو طالب منك وراغب في مداواتك . وأنت تنعطف عنـه هـاربـا وتتوانـى متكاسلا . فأن كنت قائما فاحذر من السقوط من ذروة الفضيلة . لأن اناسـا كـثـيرين رفضوا الأموال والمنازل الرفيعة وفارقوا الأهـل والأصدقـاء وسكنوا الـبراري وكهوف الجبال وعذبوا أجسادهم بكثرة الصوم والصلوة . وإحتمال حر الصيف وبرد الشتاء . وهجروا جميع اللذات والمناظر الجميلة . وبلغوا غاية الفضيلة حتـى كـادوا يصلون إلى السماء . ولكنهم لما غفلوا يسيرا وتوانو في مقاصدهم عثروا في مصـائد العدو وسقطوا في حفرة الخطية . وأناس غيرهم نهضوا من نقائصهم وفـارقوا مـا كانوا يألفونه من الغنى واللهو والسكر وبقية المعاصي . وتمسكوا بأذيـال التقـوى فرفعتهم من اعماق الرذائل وبلغت بهم إلى التشبه بالسمائين وحينئـذ سـدوا أفـواه الذين يزعمون أن الساقطين لا ينهضون . ولذلك أطلب من القيام أن يحفظوا أنفسهم من السقوط . ويشـيدوا اسـوار مدينتهم ويتجهزوا بمهمات الحصار ويتيقظوا لمدافعة عدوهم . ومن الواثقين بأنفسـهم أن يتخذوا ويتيقظوا ولا يغفلوا عن تدارك أنفسهم مخافة أن يسقطوا . فإن الساقط إلى الارض من أعالي الفضيلة يعثر عليه الرجوع إلى محلـه . لان الذيـن يقتحمـون الحروب ويحملون ثقل الحديد من الذروع والخـوذ . ويخوضـون مـعـامع القتـال ويظفرون بنواصي الاعداء . أولئك متى اهملوا ذواتـهم وركنـوا إلـى شـجاعتهم المعهودة وانعطفوا متهاونين بأعدائهم وأدركتهم رعبة القتال وسـقطوا فـي وسـط المعركة إلى الارض فإنه يصعب عليهم رجوعهم إلى ظهور خليلهم والنهوض إلـى مكافحة الاعداء . وكذلك أقول في رئيس السفينة المسافر إلى البلاد البعيدة . فإنـه إذ انفق الاموال وأستأجر الرجال . واتخذ الآلات والعدد وكابد أهوال البحر وقرب مـن ميناء السلامة ثم أغفل النظر في مصالح السفينة فترة بسيطة للوثوق بأنه قد وصـل إلى المدينة . ووافق غفلته تلك هبوب رياح عاصفة فان السفينة تهلك وينقلـب ذلـك الرئيس يختبط بين الامواج . ويعسر عليه أن ينتشل نفسه من تلك اللجج . وربما لا يمكنه ذلك فيموت غرقا . وهذا اقوله للفاترين المستحوذ عليهم ضعـف الهمـة . وأمـا ذوو العـزم والشجاعة من المجاهدين مثل داود المغبوط وأمثاله فأنهم ينهضون ولا يضطجعون .لكنهم يحتاجون في النهوض إلى العناء العظيم والتعب الطويـل والنـوح والبكـاء والتنهد ولبس المسوح والنوم على الرماد وإحتمال المحن والتجارب . كما فعل ذلـك السعيد المذكور . وكذلك هؤلاء المفرطون يشبهون التاجر الكثير المال . الذي جمـع أصناف البضائع وقصد السفر إلى البلاد الغريبة . وكابد متاعب الاسـفار وأهـوال الطرق وشقاء الغربة ومكافحة اللصوص . ولما قرب من المدينة وابتهج بـــالوصول سالما توسد وهجع أمنا . فخرج عليه جماعة من اللصـوص كـانوا مراقبيـن لـه ومنتظرين غفلة منه . فنهبوا الاموال وقتلوا من حوله من الرجال وخرج من بينـهم عاريا جريحا . لكنه لقوة عزمه وشدة شجاعته لم تضعف همته ولا فـتـرت حـرارة نفسه . بل غسل جراحاته وضمدها وعاد إلى بلدته واحتمل ما بقى له من المال ولـم يزلل يتردد في تلك الطرق ويسعى حتى حصل ما فقد منه وعاد إلى وطنه غانما . كذلك ينبغي لنا إذا عثرنا بالاشراك الشيطانية أن ننـهـض مـن سـقوطنا مسرعين ونبادر إلى التوبة باكين . لنفوز بغفران ذنوبنا وننال رحمة الرؤوف الـذي له المجد إلى الابد آمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية

عدد الزيارات 108

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل