انجيل عشية يوم الأحد الأول من شهر أبيب

08 يوليو 2023
Large image

تتضمن الحث على عمل الفضيلة الموصلـة لرتبـه أولئك الافاضل مرتبة على قول البشير : " ودعا تلاميذه الاثنى عشر واعطاهم قـوة وسلطانا علـى جميـع الشياطين وشـفاء الأمراض " ( لو ٩ : ١- ٦) .
إن كان الاثنى عشر رجلا لفضل سيرتهم القوا خمـيـرة فـي قلـوب أهـل المسكونة جميعها فما بالنا نحن الذين لا يحصى عددنا لا يمكننا أن نصلح ونتلافـى الآخرين ؟ وقد كان ينبغي لنا أن نكون خميرا صالحا ونخمر ألوفا من الناس . فـان قال احدكم إن اولئك كانوا رسلا مؤيدين بالروح . أقول إنهم كانوا أولا يسيرون العالم ويتعاطون الصنائع ويتقلبون تحت تصاريف الاحوال ويشاركوننا فـي القيـام بحاجات المعيشة . ولما أهملوا أنفسهم وصيروها آنية طاهـرة بأعمالهم الصالحـة به استحقوا بذلك نوال مواهب الروح فان قلت ما هي الاعمال التي أهلتهم لنيـل هـذه المواهب ؟ أجبتك هي الإزدراء بالأموال وما يتعلق بها من التنعم والسرف والسـكر وبقية اللذات البدنية والإتضاع وإنسحاق القلب والروح وعـدم الصلـف والكبريـاء وبقية أنواع الفضائل . وإن قلت إن اولئم كانوا يصنعون الآيات فليس لنا أن نتشـبهم . أجبتك إلى متى نتعلل بالمعجزات ونجعلها سبباً لإهمالنا ؟ وكيف لا ننظر إلـى الذين أخرجوا الشياطين باسم ربنا ثم عثروا بحجر الاضطجاع والافتخار فسقطوا إلى قاع الرذيلة وعوقبوا عقاباً شديداً . وإذا كان هؤلاء صنعـوا المعجـزات التـي بواسطتها اجتذبوا الناس . فماذا صنع يوحنا الصابغ حتى اجتذب الكثيرين من أهـل المدن والقرى إلى معمودية الغفران ؟ وكذلك داود وأيوب وإبراهيم وإسحق ويعقوب . أية آية صنعوا حتى ظـهرت اعمالهم وأشرقت أنوار فضائلهم وجعلهم الله قدوة للمقتدين ؟ أمـا تـعلـم يـاهذا أن التماس ظهور الآيات قد جلب على كثيرين ضرراً عظيماً . كما فعل سيمون الساحر الذي طلب أن يتبع سيدنا ليستفيد عمل الآيات . فقال له : للثعـالب أوجـرة ولطيـور السماء أوكار وابن البشر ليس له موضع يسند اليه رأسه . وأمثال هـؤلاء يطلبـون عمل الآيات بعضهم لتحصيل المال وبعضهم لإكتساب المجد الباطل فقط . ولكـن الاهتمام بالسيرة الفاضلة والاجتهاد في عمل الصالحات هو الذي يريـده الله منـا . ولذلك قال : ليرى الناس أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات . ولم يقلى : ليروا آياتكم لأن الفاضل السيرة يخلص أنفس كثيرين . بعضهم بتعاليمـه وبعضـهم بالاقتداء بسيرته . وبعضهم بطلب التشبه بفضيلته . ولست أعنى بالسيرة الفاضلـة أن تصوم دائماً وتفرش تحتك الرماد وتلبس مسوح الشعر . بل الفاضل السيرة هـو ذاك الذي يزهد في جمع الاموال ويطعم الجائع ويكسو العريان ويحب جميع خليقـة الله ويبتعد عن الغضب ويتجنب الحسد . ولا يبغض ولا يكذب ولا يسرق ولا يفعل مـا يخالف الناموس لان الذي يسير هذه السيرة يقهر الشيطان عدوه . وقهره إيـاه هـو عمل كل عجيبة لان الشيطان قد قهر ألوف ألوف مـن النـاس واستولى عليـهم بسلطانه . فاذا أنت بارزته في ميدان الحرب وظهرت منـك لوائـح الغلبـة عليـه وطعنته برمحك فألقيته إلى الأرض . وسلبت سيفه وكسرت ترسه وشدخت رأسـه وهزمت عسكره واخذت تاج الظفر ولبست إكليل الغلبة . وأي فخر يكـون كفخـرك وأي آية تشبه أيتك هذه العظيمة ؟
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية

عدد الزيارات 131

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل