تقرأ بعد انجيل عشية يوم الأحد الخامس من الخمسين

20 مايو 2023
Large image

تتضمن تبكيت الذين يصنعون الأعـراس بـالطبول والزمور والأغاني فانهم يغضبون الله بهذا الصنيع . مرتبة على قوله تعالى : " الذى عنده وصايـاى ويحفظـهـا فـهـو الذى يحبني " ( يو ١٤ : ٢١-٢٦ ).
إذا كان ربنا له المجد قد وعد الذين يحبونه ويحفظون وصاياه بأن يحبهم ويظـهر لهم ذاته ويأتى إليهم ويتخذ له منزلا عندهم . ونحـن نعلـم أن البـارئ الصـادق الوعـد القادر على الوفاء الجزيل العطاء . فما بالنا لا نحبه بكل اسـتطاعتنا . ونقـدم لـه ذواتنـا . ونبذل في طاعته نفوسنا . ونتشوق إلى رؤيته بعقولنـا وقلوبنـا وضمائرنـا وجميـع حواسنا كما ينبغي اسمع ياهذا قولا لكتاب : وخرج يعقوب هاربا من عيسـو أخيـا وسار إلى سوريا إلى لابان خاله . وكان للابان ابنتان تسمى الواحد ليئـة والأخـرى راحيل . ولما رأى يعقوب راحيل أحبها حبا شديدا واشتهى أن تكون زوجة له . ولمـا سمع لابان قال له أرع غنمي سبع سنين وأنا أزوجك بها . فبادر إلى قبول ذلك بأشـد رغبة وخدم الاغنام سبع سنين . وكانت عنده كايام قليلة لأجل محبته الفتاة . فإذا كـان هذا الصديق اختار أن يتعبد عدة سنين شوقا إلى رؤية الجارية . التي من شـأنها أن تموت وتتلاشي هي وحسنها وتسقط زهرة جمالها . وكابد لأجلها التعـب والخـوف والسهر وحر الصيف وبرد الشتاء ومخاطر اللصوص . فما بالك لا تشتاق إلى رؤيـة باريك ومبدعك . الذي انعم عليك بأنواع الخيرات وأصناف المسرات والسعادة التـى لا تزول ؟ ولم يكلفك أن تحتمل المشقات عدة سنين كما احتمـل يعقـوب . بـل أن تتمسك بوصاياه وتتبعه في كل تصرفاتك . وإذا كان لابان الكافر بالله العابد الأوثان . لما أكملت ايام خدمة يعقوب له لـم يرد أن يزف ابنته إليه بالطبول والابواق والملاهي وأمثال ذلك . مـع وجـود هـذه الاشياء وكثرة الإشتغال بها في زمانهم . بل أنه جمع العشيرة وصنـع لـهم طعامـا وزفها إليه بحضرتهم . فما بالك أنت أيها السامع الكلمات الالهية . المثقف بالشـرائع المسيحية . المأمور بترك الملاهي العالمية . تستبيح أن تزف ابنتك إلى الختن بمحفـل من الشياطين . وكيف لا تخجل من حالتك حين تدخل إلى منزلك السفهاء واصحـاب الخلاعة والمجون بينما إخوة المسيح يتضورون جوعا ويتحرقون عطشا ؟ وما بالك تستهل صرف الأموال وبذل الجهود وتهون عليك التكاليف في إعـداد مثـل هـذه الولائم السمجة ؟ ولا تفعل ذلك في الاحتفال بالضعفاء والمساكين . بل لو جاءك احـد اخوتك عاريا أو جائعا أو ملهوفا أو مريضا . وطلب منك شيئا يســرا مـن هـذه النفقات الكثيرة لرددته خائبا كئيبا . وقابلته بوجه عابس وكلام غليظ قائلا : إنكم قـد اتخذتم التسول عادة وغلب عليكم الطمع في أموال الناس . وإذا كان الفضلاء يحجبون أولادهم عن سماع الاقوال السفيهة والاحــــاديث السمجة . والحضور في مجالس الهزل والخلاعة خوفا من فساد عفافهم وأدبهم . فمـا بالك أنت تستحسن أن تسمع ابنتك وجوهرتك وعروس المسيح الاقـوال الخبيثـة وألفاظ الخلاعة وسوء الأدب التي تحرك بلابل الضمير وهواجس الأفكار الرديـة ؟ وكيف لا تخاف افتتان الختن بسماع تلك الالفاظ الوقحة وشغفه بمنـاظر اللعـب المصنوعة لاستهواء ذوى الصيانة والعفاف ؟ وكيف لا تفكر أن بعض الراقصـات والمغنيات قد تشغفه بتثنى أعطافها وتخدعه بعذوبة كلامها فتخمد نار شـوقه إلـى القرينة الطاهرة . وتشتعل نحو تلك الفاسدة ؟ وحينئذ تنتشب بينـه وبيـن قرينتـه المخاصمات والفتن . وتنتزع من بينهما المحبة والإلفة فيعيشان عيشة مر شـــريرة . فإن قلت إليس إن هذه الأعمال صارت عادة وسنة تجرى عليها جميـع النـاس ولا سبيل إلى إبطالها ؟ قلت حينئذ لا يتوجه اللوم إلى الزاني والسارق والقـاتل وعـابد الاصنام وأمثالهم . لانهم يقولون كيف يمكن أن نترك عوائدنا المألوفة . وإذا كان رجوع هؤلاء عن عوائدهم الردية ممكنا . فأسهل منه وأكثر إمكانـا رجوعك عن عادات تنال بتركها القرب من الله والمديح من الناس . وحلول البركـات الكثيرة وتوفير النفقات الجزيلة . وتجعلك بإتخاذها غاضبا شريرا . بعيدا عن رحمـة الله قريبا من الابالسة . فسبيلنا أن نهرب من العوائد الرديـة . ونجعـل أفراحنـا أدبيـة واعيادنـا ومواسمنا روحية . لننجو من الاشراك الشيطانية . ونفوز بسعادة النعيم الابدية . بنعمـة وتحنن ربنا الذي له المجد إلى الابد . آمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية

عدد الزيارات 138

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل