انجيل عشية يوم الاحد السادس من الصوم الكبير

01 أبريل 2023
Large image

تتضمن توبيخ الذين يعرضون عن مسالك الفضيلـة . مرتبة على قوله تعالى بفصل الانجيل : " اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق . فـإنى أقول لكم إن كثيرين سيطلبون أن يدخلوا ولا يقدرون "( لو ۱۳ : ٢٢ - ٣٥ ).
عن سيدنا له المجد كان يطوف المدن والقرى ويدخل المجـامع والمحـافل ليعلم الجاهلين ويوقظ الغافلين ويرشد الضالين ويجذب السائرين في هوى نفوسـهم . فما بالك أنت لا تجتهد في تعليم ولدك ولا تعتنى بمصـالح أخيـك ولا تبـالغ فـى إصلاح سيرتك كما ينبغي . ويا للعجب من كوننا نسمعه دائما يقول : " اجتهدوا أن تدخلوا مـن البـاب الضيق فإني أقول لكم إن كثيرين سيطلبون أن يدخلـوا ولا يقدرون " ونحـن لا نزدجر ولا نرتدع . بل نفعل ضد ذلك ونجتهد دائما في الإبتعاد عنه بكل قوتنـا . وإلا فلماذا توجد الآن بعد سماع هذه الأقوال الإلهية مسارعا إلى اللهو . محبا للملـذات متهافتا على نيل الشهوات . مواصلا لنقائص كثيرة . اسمع ياهذا قوله تعالى : " ادخلوا من الباب الضيق . لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي إلى الهلاك . وكثيرون هم الذين يدخلون منه . ما أضيـق البـاب وأكرب الطريق الذي يؤدي إلى الحيوة وقليلون هم الذين يجدونـه . فالارديـاء والجهال وناقصوا الرأي والمائلون إلى الشهوات إذا سمعوا قوله : " ادخلوا من الباب الضيق " يستصعبون ذلك ويتكرهون منه . ويقولون لنقص عقولـهم : كيـف نـهجر ذواتنا.ونبتعد من مسراتنا . ونقضى أعمارنا بالأحزان . وأجالنا بالأتعــاب . ونتكبـد مشقات الصوم . ونحتمل مضض العبادة . وأموراً أخرى كثيرة يطول شرحها ؟ وكأنهم بلسان حالهم يقولون : كيف لا نأخذ من الحاضرات حظنا . ونتلذذ في الحياة بما أمكن من نعيمها ؟ لأنه من من الموتى قام من قبره بعد الموت وأخبرنـا أن الناس يقومون وان البشر يحاسبون ؟ . فقل لهذا المؤمن : يا جاهل إن كنت لا تصدق قول سيدك ولا رأيـت بـأن أحداً من الأموات قام . فاعتبر على الأقل بما تضمنته الأخبار المقدسة فـى العـهد القديم من أظهار الجميل للزاهدين حال حياتهم . وحلـول الغضـب الالـهى علـى العاصين حين حصولهم على ملذاتهم . وبهذا الأمر الواقع المصدق بـه مـن الكـل يمكنك أن تحكم على صحة هذا الإعتقاد المعتبر . أعنى بعد قيامة الموتى . لأنـه إن كان الله في هذا العالم يجازي بعضاً على أعمالهم سواء كانت صالحة أو طالحـة . فبالضرورة يلزمنا أن نتيقن بأنه أعد لهم مجازاة عامة تتــم بإقامـة الجميـع مـن الأموات والحكم على كل واحد بحسب أعماله . فانظر الآن أيها المرتاب إلى كيفيـة قبوله الزاهدين وشديد عقابه للمتنعمين . وتأمل كيف يظهر جميل للطـائعين الذيـن دخلوا من الباب الضيق في حال حياتهم وتبصر كيف أصعد أخنوخ وإيليا إلـى السماء أحياء وخلص نوحاً من الهلاك العظيـم . وأنقـذ لوطـاً مـن مدينـة الفاسقين وحفظ ابراهيم من الهلاك في البـلاد الغريبـة . وبـارك اسحق . وحرص دانيال من الاسود . وأطفأ عن الفتية الثلاثة لهيب الاتون و اما الأدلة على هلاك الأثمة العاصين السائرين بهوى نفوسهم الداخلين من الباب الواسع . فإنه أهلك قوماً منهم بالطوفان وآخرين بالوحوش الضارية وغيرهم بالصواعق المهلكة وبالحريق والغرق . اما سمعت قول الكتاب : إن الشـعب جلس للأكل والشرب ثم قاموا للعب . فسقط منهم ثلاثة آلاف . وللزنـى فسـقط منهم في يوم واحد ثلاثة وعشرون الفا وقوله ايضاً : " أمثل هذا يكـون صومـا أختاره " . وأمثال ذلك . ارايت كيف يذم العيشة البذخة ؟ وكيف يبكت المائلين إليها ويعدهم بعقوبـة هذا عظم مقدارها ؟ وهل رأيت عاقبة الضاحكين وسوء منقلب المسرورين وشـقاوة الداخلين من الباب الواسع . وكيف أنهم لم ينتفعوا بلذيذ المأكل ولا برفيع الملابـس . ولا بسمو المناصب ولا باللهو والسكر والغني . ولا بأمثال هذه . وأما من جهة تأكيد قيامة الأموات والحضور في مجالس القضـاء وعظـم سعادة الطائعين وطول شقاوة العاصين . فاسمع قوله على لسان النبـي : " لذلـك لا تقوم الاشرار في الدين ولا الخطاة في جماعة الأبرار . لأن الـرب يعلـم طـريـق الأشرار فتهلك "وقوله أيضاً : " يا رب من ينزل من مسكنك . من يســكـن فـى جبل قدسك" . يجيب الروح القدس قائلاً "السالك بالكمال والعامل الحق والمتكلـم بالصدق في قلبه . الذي لا يشى بلسانه ولا يصنع شراً بصاحبه ولا يحمـل تعبـيراً على قريبه .. فضته لا يعطيها بالربا ولا يأخذ الرشوة على البرئ . الذي يصنع هـذا لا يتزعزع إلى الدهر ". وقوله ايضاً : " اقوالكم اشتدت على قال الـرب . وقلتـم ماذا قلنا عليك . قلتم عبادة الله باطلة وما المنفعة من أننا حفظنا شعائره واننا ســـلكنا بالحزن قدام رب الجنود . والآن نحن مطوبون المستكبرين ! فالذين يعملـون الخطية يحزنون الله دائماً ويوبخون بهذه الكلمات ". واسمع قوله ايضاً : " كلـم متقـو الرب كل واحد قريبه والرب أصغى وسمع وكتب أمامه سفر تذكـره للذيـن اتقـوا الرب وللمفكرين في اسمه ويكونون لي قال رب الجنود في اليوم الذي أنـا صـانع خاصة وأشفق عليهم كما يشفق الانسان على ابنه الذي يخدمه فتعـودون وتمـيزون بين الصديق والشرير . بين من يعبد الله ومن لا يعبده " . وقوله ايضاً : " هوذا يـأتى المتقد كالتنور وكلا المستكبرين وكل فاعلى الشر يكونون قشاً ويحرقهم اليوم الآتى قال رب الجنود فلا يبقى لهم أصلا ولا فرعا " ' " ولكم ايها المتقون اسمى تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها فتخرجـون " وتنشأون كعجور الصيرة وتدوسون الاشرار لانهم يكونون رمادا تحـت بطـون أقدامكم يوم أفعل هذا قال رب الجنود . أسمعت ياهذا كيف دخل العريس مع الابرار إلى نعيمــه الـذي لا يـزول وأغلق الباب ؟ ارايت قوله لأولئك الخائبين . الحق أقول لكم لا أعرفكـم مـن أيـن أنتم ؟ ارايت عاقبة المتلذذين والمتنعمين والمعرضين عن مسالك الفضيلة ؟ أعـاينت كيف لم يلتفت إلى اعترافهم ولا إلى تعليمه لهم . ولا جلوسه في اسواقهم . حيث لـم يطيعوه كما ينبغى . أرايت كيف كان وقوفهم خارجا خائبين باكين . صـارخين إلـى الملك متلهفين يندبون وينوحون لعظم مصابهم . ويتنهدون ويحزنون لشدة عقاب وما لزم وجوههم من الخزى وعلا هاماتهم من العار . أرايت كيف يجمع الطــائعين له من المشارق والمغارب ومن الشمال والجنوب . ويقبل بهم إلى حضـن ابراهيـم . ويمسح الدموع من اعينهم . ويزيل الثقل عن مناكبـهم . ويكللهم بأكـاليل المجـد ويجلسهم على الكراسي متهللين . فسبيلنا أيها الأخوة أن نحافظ على الدخول من الباب الضيق . ونبتعـد عـن السلوك في الطريق الرحب . لنجد السبيل إلى المسالك القبيحة والنعم التي لا تـزول . بنعمة ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح . الذي له المجد إلى الأبد . آمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية

عدد الزيارات 177

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل