انجيل عشية يوم الأحد الثاني من الصوم الكبير

04 مارس 2023
Large image

تتضمن الحث على التيقظ لقتال الشيطان عدو الخـير مرتبة على فصل إنجيل " التجربة " . ( مر ١ : ١٢-١٥ ) إذا كان سيدنا له المجد تجسد لأجل خلاصنـا . وقـهـر الشـهوات البدنيـة والبواعث الدنيوية والتجارب الشيطانية ليفعل مثله المؤمنـون . فمـا بالنـا نـترك الإهتمام بخلاصنا ومقارنة عدونا ؟ وما بالنا لا نتذكر أن المسيح ابتدأ بعد الصعـود من الماء بالصيام ومحاربة الشيطان ليعلم المؤمنين أن يصنعوا بعد المعمودية هكذا . فيتركون الإهتمام بأمور العالم ويشرعون في الجهاد من أولـه بـالصوم ومقاومـة الشيطان . لأن أول قتال الشيطان للبشر يكون بسبب الطعام كما فعل مع آدم وحـواء أولا . ثم النتائج المتولدة عنه ثانيا . كالزنى والسكر وغير ذلك . لأنـه حيـث يكـون الصوم والجهاد لا يكون تنعم ولا تلذذ ولا سكر ولا طرب ولا شهوات جسدية . إن الشيطان لأجل محبته هلاك البشر وضررهم يضع في طرقنـا مصـائد كثيرة وأشراكا مختلفة . فينصب شركا للزنى . وشركا للنـهم والإسـراف . وشـركا للسكر . وشركا للشراهة . وشركا لمحبة المال . وشركا للعجب والافتخـار . وشـركا للعتو والتصلف . وشركا لطلب المناصب العالمية وغير ذلك . وليس ذلك لقصده أن نكون مسرورين متنعمين . بل لعلمه أن المتنعـم هنـا زمانا يسيرا يشقى هناك دهرا طويلا . والمكثر من الدنيويات هنا يكون فقــرا فـى ملكوت السموات . وإذ قد رأيت ياهذا كيف أن المسيح قهر الشيطان حين جربه . تـارة بحـب الغني . وتارة بحب الرتب . فهلم لكي اريك أيوب الانسان الساذج . كيف تشجع فـى محبة خالق البرايا . فتدرع ثوب الصبر . وتشدد بمنطقة الأمانـة . واستتر بتـرس
الرجاء . وضرب بسيف العزم . وألقى عدوه جريحاً بتلك الأسلحة لأنـه اولا قاتلـه بكثرة المال والذخائر والجواري والعبيد والزراعات والحيوانات التي أتلفها . فقاتلـه الصديق بالصوم والصلاة والتسبيح بذكر الله وتقدمة القرابين ورحمـة المحتـاجين . ولما رأى المحارب قوة عزم أيوب وطهارة نفسه وشجاعة قلبه . طلـب أن يسلبه جميع مقتنياته احتيالاً على استمالته إليه بطريق الكفر والضجر . وياللعجب من ذلك الصديق ! كيف ظهر في حالة الفقر أعظم شـجاعة ممـا كان في حالة الغني ؟. وكيف قدر الشيطان أن يسلبه كل مقتنياته ولم يقدر أن يسـلبه محبة خالقه ؟ وإذ لم يبلغ عدوه مقصداً ولا ظفر بهذه الواسطة رجـع إلـى شـركه القديم الذي أصطاد به الانسان الأول وهو المرأة وجعل يطغيها مذكراً اياما بغناهـا السابق وما صارت اليه الآن من الفقر والمذلة لكي تذكر بعلها بذلك ثم تقـوده إلـى التذمر . أما ايوب ذلك الشجاع القاهر فإنه عند سماع الفاظها جعـل قلبـه كـالحديد القاسي وكحجر الماس في القوة على كسر المصادمات له حتى تكلل باكليل الظفر ونال تاج الغلبة وفاز بنعيم الملكوت . هكذا ينبغي لنا نحن أن نصم آذاننا عن سماع الذين يريدون صدنا عن قبـول أوامر الهنا حتى ولو كانوا من أقرب الاقربين إلينا . كالزوجـة والأولاد والأخـوة . وأن تكون طاعتنا لربنا ومحبتنا واحدة في حالة الغني والفقر . وأن نجعل أصوامنـا نقية من الأدناس . وأفكارنا سالمة من الهواجس الرديئـة . وأن نبتعـد مـن القـوم المستهزئين الذين يشابهون الصبيان في سخافة عقولهم . لان بعضهم يقولون نتنعـم اليوم ونرتد غداً . ويقول البعض الأخر أعطني اليوم وخذ غداً . ويقول الآخرون ليس للإنسان عمران وما دام لنا عمر واحد فلنقضه بالسرور والتمتع بالملذات الجسـدانية كما ينبغي . فهؤلاء يشبهون البهائم التي تنظر إلى يومها فقط ولا تحتسب ما يكـون في الغد . واما نحن فسبيلنا أن نطهر قلوبنا ونقهر شهواتنا . ونستعد لمجاهدة عدونـا . ولنفوز بنعيم ربنا الذي له المجد إلى الأبد . آمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية

عدد الزيارات 148

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل