أساسات أخرى للإعتراف

07 مارس 2023
Large image

تحدثنا في الـعـدد الماضي عن الأساس الـكـتـابي لممارسة الاعتراف ، وذكرنا آيات وأدلة كثيرة من العهدين القديم والجديد على ضرورة الإعـتـراف على يد الأب الكاهن ، تحت قيادة و بفعل روح الله القدوس . والـيـوم نستكمل حديثنا عن الأساسات الأخرى للإعتراف وهي :-
١ ـ الأساس الكنسى
٢ ـ الأساس الإرشادي .
٣ ـ الأساس النفسي .
١ ـ الأساس الكنسى :-
الإعـتـراف في كنيستنا ثابت في التقليد الكنسى ، وقد تسلمناه جيلاً بعد جيل . ومن منا لا يذكر اعترافات القديس الأنبا موسى الأسـود ؟ أو قـصـة المرأة التائبة التي جاءت لـتـعـتـرف للـقـديس باسيليوس بخطاياها ، فـوجـدتـه قـد رقد في الرب ، فأخذت تبكى حزينة أن الرب لا يقبلها ولا يعطيها فرصة للـتـوبـة ، وفجأة أكتشفت أن الورقة التي دونت فيها خطاياها صارت بيضاء كالثلج ، - تماماً كقلبها التائب . والكنيسة تعلمنا من خلال أقوال الآباء أن الإعـتـراف وقـفـة تـوبة أمام الله ، وليس مجـرد تـصـفـيـة حسابات معه . فالرب أساساً يهدف إلى تـقـديسنا لنكون أدوات خير و بر وطـهـارة . وكتابات الآباء زاخرة بارشادات من ذلك في كتابات بستان الرهبان ، ليعرف أن كـنـيـسـتـنـا تمارس هذا الأمر منذ نشأتها وحتى اليوم . أما القوانين الكنيسة المتعاقبة ، وما فيها مـن تـوجـيـهـات وترتيبات وتأديبات روحية بناءة ، فهي دليـل ثـالـث ـ بجوار التقليد الكنسى وأقوال ومماراسات الآباء . يؤكد روسخ خـطـوة الإعـتـراف كمكمل أساسي للتوبة الأرثوذكسية .
٢ ـ الأساس الإرشادي : « في الإعـتـراف نأخذ حلا وحلا » وهكذا علمنا قداسة البابا شنوده الثالث . وهذه حقيقة ، فنحن نأخذ في الإعتراف الـحـل والـغـفران لخطايانا ، والحل والإرشاد لمشاكلنا . ومعروف روحياً واختبارياً أن « الذين بـلا مـرشـد ، يسقطون كأوراق الخريف » ... فالإنسان يحتاج إلى إرشاد في مسيرته الروحية ، لـيـتـمـكـن مـن أن يجـد إجـابـة لتساؤلاته ، وحسماً لحيرته ، وفرصة لاتخاذ القرار الصائب ، وتوجيها يبنيه ، و يبعده عن تـيـار الخطيئة وضغطات الإنحراف . الإرشاد الروحي أساسي في خلاص الإنسان ، إذ يكون له ثان ليقيمه » ( جا ٤ : ١٠ ) ... والإرشاد هنـا لا ينبع من خيرات أب الإعـتـراف الروحية فقط ، بل من روح الله القدوس الحاضر والفاعل في السر . فنحن لا نعتمد في خلاصنا لا على ذراعنا ولا على غـيـرنـا ، بل على عمل روح الله فينا ، الذي يوجه جهادنا الوجهة القانونية السليمة . ومـن مـنـا يستطيع أن يعتمد على حكمته الذاتية ، والكتاب ، يقول لكل منا : « لا تكن حكيما في عيني نفسك » ( أم ٣ : ٧ ) . و يـقـول أيضاً : « حيث لا تدبير يسقط الشعب ، أما الخلاص فبكثرة المشيرين » ( أم ١٢ : ١٤ ) .
٣ ـ الأساس النفسي : لاشك أنـهـا ثـمرة رائعة من ثمار ممارسة الإعـتـراف ، أن يجد الإنسان آخـر يـستمع إليه ، ويحفظ سره ، و يشبعه بالحضور الإلهى والتوجيهات السمائية ، يمتص كل شحنات الـتـوتـر والحيرة والقلق والندم والغيرة والحسد والإثارة والخوف والأوهام التي يؤثر بلاشك على صحة الإنسان بطريقة شاملة : جسدية ونفسية وروحية ، وليس خير من الاعتراف أمام الله وفى حـضـور الأب الكاهن المحب والحـنـون ، وفى كتمان أبدى لكل ما باحث به النفس من شجون وآلام . لذلك فالاعتراف هو الطريق السليم إلى النـفـس الـسـلـيـمة ، فهو خير سند لإنسان العصر ، في صـراعـاتـه الـداخـلـية والخارجية الكثيرة ، وهو ليس مجرد سند إنسان لإنسان ، بل سند الله لنا في مسيرة هذه الحياة . فهيا أيها القارىء الحبيب إلى فرصة تـوبـة أمام الله ومـراجـعـته ، يعقبها لقاء مع أبيك الروحى في حضرة المسيح ، وفعل الروح القدس ، والرب معك .
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب

عدد الزيارات 184

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل