أضواء من الإنجيل كيف نحب الله ؟ ( ٥ )

27 فبراير 2023
Large image

بارکی یا نفسى الرب ولا تنسى كل حسناته الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفى جميع أمراضك الذي يفدى من الحفرة حياتك الذي يكللك بالرحمة والرأفة الذي يشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك . ( مز ١٠٣: ٢-٥ ). تكلمنا سابقاً عن تأملنا في صفات الله الجميلة كوسيلة لنمو محبتنا له ويلزمنا أيضاً أن نتذكر إحسانات الله ومعاملاته الخصوصية معنا لكي تنمو هذه المحبة . ليتنا ندون في مذكرة خاصة كل المواقف التي نشعر فيها بعمل الله معنا ولأجلنا وما أكـثـر هـذه المـواقـف في كـل يـوم مـن أيـام حياتنا إننا نستطيع أن نختبر عمل الله معنا جـديـداً في كل يوم ، ونختبر حب الله متدفقاً باستمرار حتى نـقـول مـع الـقـديـس أوغسطينوس « تأخرت كثيراً في حبك أيها الجمال الفائق في القدم ، والدائم جديداً إلى الأبد » - ليتنا لا ننسى أفضال الله علينا التي تكاد لا تحصى ... وبمـقـدار تـذكـرنـا لهـذه الأفضال ، مقدار إزدياد إحسانات الله علينا لأنه « لـيـس عـطـيـة بلا زيادة إلا التي بلا شكر » كما قال الآباء : إن تـذكـرنا هذه الإحسانات هو نوع من الوفاء والعرفان بالجميل ، بل هو أقل ما يمكن عمله لكي نكافىء الرب عن كل ما يحسن به إلـيـنـا ... أما تجاهل هذه المحبة الإلهية ، فهو نـوع مـن الجحود ، وقساوة الـقـلب ، وعدم الوفاء . ولعلنا لا نقبل على أنفسنا أن نصل إلى هذا المستوى . والآن ما هي الأمـور الـتـي يمـكـنـنا أن نتذكرها من إحسانات الله ؟ ... لعلنا نتأمل في كلمات المزمور ( ١٠٣ : ٢ - ٥ ) « بارکی یا نفسی الرب ، ولا تنسى كل حسناته » .
١ ـ الذي يغفر جميع ذنوبك :
إذا استرجعنا شريط حياتنا ، سوف نرى كـم مـن مـرة غـفـر الـرب لـنـا مـن الذنوب والخطايا ما يصعب حصره واحصاؤه ... إنه قـلـب غـافـر محب مستعد أن يقبل توبتنا ورجوعنا إليه باستمرار . والعجيب أن يغفر « جميع » الذنوب إذا لا توجد خطية مع التوبة ـ مهما عظمت ـ لا يغفرها الله . ماذا كان ممكناً أن يحدث ، لو أن الرب حاسبنـا وعـاقـبـنـا حسبما تستوجب جميع خطايانا ؟ ! إن الخطية خاطئة جداً ، وهي تحزن قلب الله القدوس الرافض للشر وللخطية بصفة مطلقة ، ولكنه مع هذا أرسل إبنه الوحيد كـفـارة لخطايانا لأنه أحبنا . أي إن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم ... لأنه جعل الذي لم يعرف خطيـة خـطـيـة لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه » ( ٢ کوه : ۱۹ - ۲۱ ) . كان دم المسيح المـسـفـوك هـو الثمن الفادح للـغـفـران ... فأى شكر وأى عرفان نقدمه في مقابل ذلك الدم الثمين . إن كلمة « الذي يغفر جميع ذنوبك » تـذكـرنـا بمـديـونيتنا غير المحدودة لله ... حتى نقف مبهورين - مشدوهين ومشدودين إلى ذلك الحب الفائق العجيب ... !!
٢ـ الذي يشفي كل أمراضك :
الرب هو الطبيب الحقيقى لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنـا . إنه لا يغفر الخطية فقط ، بل يـشـفـى جراح خطايانا كما قال اشعياء النبي « بـجـراحـاتـه شـفـيـنا » ( اش ٥٣ : ٥ ) . الخطية مرض ويلزم الشفاء من هذا المرض ، أي ينتقل الإنسان من ظلمة الخطية وآثارها المريعة المدمرة لكيانه إلى طريق القداسة المنير ، أن يتحرر الإنسان من مشاعر الخطية ومحبتها وذكرياتها الملبسة للموت ، أن يبدأ في كراهية الخطية ، أن يمتلىء قلبه من حب حتى يصل إلى نقاوة القلب الحقيقية . إن روح المسيح يعمل في الإنسان الـتـائـب ، حتى يبرأ من كل مرض أعتراه . الروح القدس النارى يطهر قلب من الخطية ويسكب فيه محبة الله . ومن جانب آخر كم من مرة شفانا الرب أيضاً من أمراضنا الجسدية ، وأنقذ حياتنا من الموت ، وأعطانا فرصاً جديدة للحياة ؟ إن المرض قد دخل إلى العالم بعد سقوط الإنسان ، وهو سلاح قد يستخدمه الشيطان أحـيـانـاً للقضاء على البشر ، ولكن الرب الـشـافي كـثـيـرا مـا تحـتـن على الجـمـوع « والمحتاجون إلى الشفاء شفاهم » ( لو٩ : ١١ ) . كان الشفاء الذي صنعه السيد المسيح هو إيذانا ببداية عهد الشفاء للبشرية مـن كـل نتائج الخطية حتى أنها ترنمت قائلة : مع المـرنم « الذي يشفي كل أمراضك » ( مز ۱۰۳ : ۳ ) .
نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن مجلة الكرازة العدد السابع عشر عام ١٩٨٨

عدد الزيارات 156

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل