القيامة هي النور الذي أشرق

29 مايو 2023
Large image

القيامة هي الجانب الملموس لمجد الصليب. ففي الصليب قوة المحبة الباذلة التي يبدو كأن بذلها يحتّم الغياب الحزين. أمَّا في القيامة فتظهر وهي حاضرة في جراح المصلوب القائم لكي تمنح لقابليها الفرصة للتعبير عن فرحهم وتقديرهم وامتنانهم.إن المحبة مثل الشمس إذا غابت فإنها تشرق في الجانب الآخر من المسكونة، وتعود لتشرق من جديد في صباح جديد حاملة معها كل الخير، وتعانقها أغصان الأشجار، وتتألّق بها قطرات ندى الليل، وينسى الطير غيابها لأنها لم تغب إلاَّ لتشرق؛ لا يعوقها عن موعدها لا الجبال ولا الآكام لأنها ترتفع متسامية فوق الجميع.لقد غاب حضور السيد المسيح عن أرض الأحياء حينما غاب بحسب الجسد عن تلاميذه القديسين. ولكنه مُماتًا في الجسد ومحييًا في الروح ذهب فكرز للأرواح التي في السجن. بشَّرهم وأشرق عليهم في العالم الآخر بنوره العجيب الذي فزعت منه الأرواح الشريرة وخفافيش الظلام. وفرح به آدم وبنوه الذين رقدوا على رجاء الخلاص.. وهكذا نقلهم من السجن إلى الفردوس، وطيّب قلوبهم بعد طول انتظار لآلاف السنين.أمَّا الكنيسة في أورشليم الأرضية فقد أشرقت عليها أنوار القيامة في اليوم الثالث، إذ قام الرب من الأموات وصار باكورة الراقدين. ورافقت قيامته مظاهرة تهتف للحياة من القديسين الراقدين، جاءت من العالم الآخر لتعلن أن شمس البر قد أشرق عليهم بنور خلاصه العجيب. ولم يكن لقيام أجساد القديسين الراقدين ودخولهم المدينة المقدسة أي معنى لولا أن شمس البر نفسه قد قام مُظهرًا أنه هو الحياة للجميع.من الآن سوف نفهم أن الهوان هو الجانب المنظور للمجد غير المنظور، والتخلّي هو الجانب المنظور للغنيمة غير المنظورة، والغياب هو الجانب المنظور للحضور غير المنظور، وفقدان الذات هو الجانب المنظور لوجودها غير المنظور.. وهكذا.. ولكن الجانب غير المنظور هو غير منظور بالنسبة للعالم الطبيعي فقط، أمَّا بالنسبة للروحيين أو لمَن يحيون بالإيمان فإنهم سوف ينظرون ما لا يستطيع العالم أن يراه.. لأن المجد لا يراه من باعوا المجد، والوجود الحقيقي لا يراه من باعوا وجودهم للباطل الزائل، والرب القائم لا يراه من رفضوا قيام الحق في حياتهم وأحكامهم.إن الرب سيبقى دائمًا هو الغائب الحاضر، المختفي الظاهر، لأنه هو الحق: والحق يتكلم حتى ولو صمت، ويتكلم حتى ولو بدا أنه قد ضاع، لأن الحق لا يمكن أن يضيع..في صباح أحد القيامة المجيد فلنهرع لنعانق النور الذي أشرق ولن يغيب إلى الأبد.في الخليقة القديمة كان الرب يقول: وكان صباح وكان مساء يومًا واحدًا. أمّا في الخليقة الجديدة فقد أشرق فجر أحد القيامة أي في اليوم الثامن الذي لن يغيب إلى أبد الدهور.إن من يحتفل بالقيامة فإنما يحتفل بالحياة الجديدة التي لا يغلبها الموت عابرًا كل عوامل الموت الزمني لأنه قد اتحد بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهِرت لنا (1يو1: 2).
نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير السيدة العفيفة دميانة بلقاس

عدد الزيارات 131

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل