الخادم الروحي

05 يوليو 2023
Large image

هناك سؤال يجول في نفس وفي أعماقي أحقًا نحن خدام؟ سهل أن يرتئي الواحد منا فوق ما ينبغي (رو3:12) ويظن أنه خادم الله!! بينما الخدمة في أعماقها الروحية لها مقاييس عالية، ربما نحن لم نصل إليها أو ربما نكون قد بدأنا كخدام روحيين، ولكننا لم نحتفظ بهذا الطابع طول الطريق فلنبحث إذن معًا من هو الخادم؟
الخادم الروحي هو لحن جميل في سمع الكنيسة، وأيقونة طاهرة يتبارَك بها كل من يراها وهو سلّم يصل إلى السماء دائمًا، يصعد عليه تلاميذه إلى فوق هو جسر ينقل غيره من شاطئ العالميات إلى شاطئ الروحيات، أو ينقلهم من الزمن إلى الأبديةهو صوت الله إلى الناس وليس صوتًا بشريًا، بل هو فم يتكلم منه الله، ينتقل إلى الناس كلمة الله.
الخادم الروحي هو نعمة إلهية أرسلت من السماء إلى الأرض هو زيارة من زيارات النعمة، يفتقد بها إلهه بعضًا من شعبه يقدم لهم مذاقة الملكوت وطعم الحياة الحقيقية.
الخادم الروحي هو إنجيل متجسد، أو هو كنيسة متحركة هو صورة الله أمام تلاميذه هو نموذج للمثل العليا، وقدوة للعمل الصالح، ووسيلة إيضاح لكل الفضائل.
الخادم الروحي يشعر بالدوام أنه في حضرة الله وتكون الخدمة بالنسبة إليه كمذبح مقدس، وعمله فيها رائحة بخور مهمة الخادم الروحي هي إدخال الله في الخدمة وهو يردد في قلبه قول المرتل في المزمور "إن لم يبني الرب البيت، فباطلًا تعب البناءون" (مز1:126) .
الخادم الروحي له باستمرار شعور الانسحاق وعدم الاستحقاق يشعر أنه فوق مستواه أن يعمل على إعداد قديسين، وأن يهيئ للرب شعبًا مبررًا (لو7:1)، مدركًا تمامًا أن تخليص النفوس البشرية أمر أعلى منه إنه عمل الله وإن اشتراكه مع الله في العمل، وشركته مع الروح القدس في بناء الملكوت وفي تطهير القلوب، كلها أمور لا يستحقها ولكنه على الرغم من شعوره بعدم الاستحقاق، فلا يهرب من الخدمة، بل يدفعه هذا الشعور إلى مزيد من الصلاة، حيث يقول للرب باستمرار هذه الخدمة يا رب هي عملك وليس عملي وأنت لابد ستعمل بي أو بغيري وأنا مجرد متفرج أتأمل عملك وأفرح وأسر (يو29:3) حقًا "ليس الغارس شيئًا، ولا الساقي شيئًا لكن الله الذي ينمي" (1كو7:3) فأعمل يا رب عملك، وفرّح قلوب أولادك ولا تمنع عنهم نعمة روحك القدوس بسبب أخطائي أو ضعفاتي أو تقصيري وهكذا بلجاجته في الطلب، ينال الخادم نعمة من الله وعندما تنجح الخدمة، يعطي مجدًا للرب الذي عمل العمل كله
الخادم الروحي هو باستمرار رجل صلاة بالصلاة يخدم أولاده وبالصلاة يحل مشاكل الخدمة وتكون الصلاة بالنسبة إليه كالنفس الداخل والخارج، كما قال الآباء بعض الخدام يظنون أن غاية الإخلاص للخدمة، هي أن يعملوا أما الخادم الروحي فيرى أن غاية الإتقان هي أن يعمل الله ليس معنى هذا أن يكسل ولا يعمل!! كلا، بل هو يعمل بكل جد وبكل بذل، ولكن ليس هو، بل الله الذي يعمل فيه كما قال القديس بولس الرسول "لكن لا أنا، بل نعمة الله التي معي" (1كو10:15) وكما قال أيضًا "لكي أحيا لا أنا، بل المسيح الذي يحيا فيّ" (غل20:2).
الخادم الروحي هو شعلة متقدة بالنار هو غيرة ملتهبة لخلاص النفس يقول مع داود النبي "لا أدخل إلى مسكن بيتي، ولا أصعد على سرير فراشي، ولا أعطي لعيني نومًا، ولا لأجفاني نعاسًا إلى أن أجد موضعًا للرب (في قلب كل أحد) (مز131).
الخادم الروحي هو رائحة المسيح الذكية (2ك 15:2) يشتم منه الناس رائحة المسيح، لأنه رسالته المقروءة من جميع الناس هو محرقة رائحة سرور للرب (لا1)، تشتعل فيها النار الإلهية، نار تتقد ولا تطفأ، حتى تحولها إلى رماد.
صفات الخادم الروحي
1- الخادم الروحي هو حركة دائبة دائمة
متجهة نحو الله أو هو حركة داخل قلب الله، بسبب حركة إلهية داخل قلبه إن يتعب دائمًا لأجل راحة الآخرين وراحته الحقيقية في أن يوصل كل إنسان إلى قلب الله هو شمعة تنير لكل من هو في مجال نورها وقد تذوب حرارة وحبًا لكي يستضئ الناس بها، ولكي يتحقق قول الرب "أنتم نور العالم" (مت14:5).
2- الخادم الروحي هو إنسان دائم الصراع مع الله
يجاهد مع الثالوث القدوس، من أجل نفسه ومن أجل الناس لكي يأخذ منه وعدًا لأجل المخدومين، حتى تصير أنفسهم ناجحة (3يو2) ومقبولة أمام الله..
3- الخادم الروحي هو روح، وليس مجرد عقل.
ليس مجرد مدرس، ولا مجرد حامل معلومات ينقلها إلى الناس بل هو روح كبيرة اتحدت مع الله، واختبرت الحياة معه، وذاقت ما أطيب الرب وتريد أن تنقل هذه الحياة إلى غيرها تنقلها بالمشاعر، بالمثال الحي، بالقدوة الصالحة، بالصلاة والابتهال لأجل المخدومين إنه لا يلقي دروسًا، بل هو نفسه الدرس إنه العظة قبل أن يكون واعظًا.. إنه يدرك أن تحضير الدرس أو العظة ليس مجرد تحضير المعلومات، إنما هو تحضير ذاته، لتكون صالحة لعمل الروح فيه.. يذكر باستمرار قول الرب "من أجلهم أقدس أنا ذاتي، لكي يكونوا هم أيضًا مقدسين في الحق" (يو19:17) ويضع أمامه العبارة التي قالها القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الأسقف "لاحظ نفسك والتعليم، وداوم على ذلك. لأنك إن فعلت ذلك تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضا" (1 تي16:4).
4- الخادم الروحي لا يتحاج تلاميذه إلى افتقاد:
لأنهم من تلقاء ذاتهم يشتهون درسه اشتهاء. وعندما يرونه في الكنيسة، يكونون كمن وجد غنائم كثيرة أنهم ينتفعون من منظره ومن معاملاته، كما ينتفعون من كلامه وربما أكثر كما أنه يستطيع أن يربطهم بالحب برباط قوي يجذبهم بشدة إلى الله وإلى الكنيسة. إن درسه شهوة لنفوسهم ولأرواحهم ولقلوبهم ولعقولهم.
5- الخادم الروحي يحب تلاميذه، ويحب خلاص نفوسهم
محبته لهم هي جزء من محبته لله وملكوته. وهو يحبهم كما أحب المسيح تلاميذه وقيل عنه إنه "أحب خاصته الذي في العالم. أحب حتى المنتهى" (يو1:13) الخادم الروحي يحب الله من كل قلبه ويريد أن تلاميذه يحبون الله مثله فإن أحبوا الله تزداد محبته لهم إعجابًا بروحهم وإن سقط بعضهم، تزداد محبته لهم إشفاقًا عليهم وسعيًا لإنقاذهم وبهذا الحب كله، يعطيهم صورة مشرقة عن الدين وعن الله.
6- الخادم الروحي، أولاده روحيون مثله:
لأنه يربيهم في حياة الروح، فيكونون على شبه ومثاله وعلى نفس القياس: الخادم الاجتماعي أولاده اجتماعيين والخادم العقلاني الذي لا يهتم إلا بالعِلم، يكون أولاده مجرد كتب تحمل معلومات ما أصدق قول الكتاب في قصة الخليقة، إن الله خلق "شجرًا ذا ثمر، يعمل ثمرًا كجنسه شجرًا يعلم ثمرًا، بذره فيه كجنسه" (تك11:1، 12) إن كان الأمر هكذا، فلنحترس نحن كيف نكون.. لأنه على شبهنا ومثالنا سيكون أولادنا.
7- الخادم الروحي يشعر أن أولاده أمانه في عنقه:
سيعطي عنهم حسابًا أمام الله في يوم الدين. أنهم أولاد الله وقد تركهم في يديه ليقوم بخدمتهم "ويعطيهم طعامهم في حينه" (لو42:12) لذلك هو يعمل على الدوام بخوف الله، شاعرًا بمسئوليته أريد من كل خادم أن يسأل نفسه عن ثلاثة أمور روحانية خدمته، وروحانية حياته، وروحانية أولاده روحانية حياته من أجل أبديته وخلاص نفسه، وبسبب تأثير حياته على مخدوميه. وروحانية خدمته حتى تكون ذات تأثير مثمر في إيجاد جيل روحاني أما عن روحانية أولاده فتحتاج منه إلى جهد وصبر وطول أناة.
8- الخادم الروحي يطيل باله جدًا، حتى تنبت بذوره وتنمو:
وحتى تخضر وتزهر وتثمر ولا يضيق صدره ولا ييأس إن تأخر إنباتها أو إثمارها إنما يجاهد على قدر ما يستطيع، ويشرك الله معه، ويضع أمامه قول الرسول "يجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل ضعفات الضفعاء" (رو1:15) إن بعض النفوس لا تعطي ثمرًا سريعًا وبعضها لا يستطيع أن يتخلص من أخطائه بسرعة وهؤلاء وأولئك يحتاجون إلى من يطيل روحه عليهم حتى يخلصوا كما يطيل الله أناته علينا، ليقتادنا إلى التوبة (رو4:2) قال القديس يوحنا ذهبي الفم إن كان الجنين الجسدي يحتاج إلى شهور طويلة إلى أن يتكامل نموه ويخرج، فلنصبر إذن على الجنين الروحي حتى يكمل نموه.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي

عدد الزيارات 132

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل