الحيـاة الشاهدة

29 أغسطس 2023
Large image

طلب الرب منا بوضوح أن نكون شهوداً له، حينما قال : « أنتم شهودی » ( أش ٤٣ : ١٠)، وحينما أوصى آباءنا الرسل الأطهار: «تكونون لى شهوداً » (أع١: ٨) والشهادة من المشاهدة ، بمعنى أن الإنسان شاهد أيضاً ، فاصبح شاهداً عليه أو له والإنسان المسيحي شاهد الرب يسوع بعين الإيمان ، فأصبح شاهداً للحياة المسيحية ، ولما يمكن للرب أن يفعله بالنعمة في حياة البشر، ولذلك فالحياة الشاهدة علامة كل مسيحى ، بمعنى أن حياة الإنسان المسيحى يجب أن تكون في أفكارها ومشاعرها وسلوكياتها شهادة حية، تخبر بعمل الله في الطبيعة الإنسانية إن المؤمن عضو في جسد المسيح ، والعضو له وظيفة ودور، والكنيسة أبدأ لا تعيش بمعزل عن المجتمع والجماعة الإنسانية ، بل أن الكنيسة عليها دورهام في الحياة العامة ، فهي تمثل ضمير المجتمع ، والنور الذي يضيء للإنسان طريقه في الحياة اليومية ، ليسلك حسب وصايا الرب وروح المسيح ، وليصير كارز بالحياة والعمل قبل الكلام والوعظ . لذلك فحينما أراد الكتاب المقدس أن يشرح للمؤمن دوره في المجتمع ، استخدم عدة تشبيهات منها :
١ ـ المسيحي نور العالم :
بمعنى أنه متحد بالرب يسوع ، يمتص من نوره كل يوم ما يضيء له معالم الطريق ، و يعطيه قوة الإفراز والحكمة ، و يرشده كيف يتصرف في المواقف المختلفة ، بل يجعله نوراً للذين يسلكون في الظلمة ، إذ يرشدهم إلى الطريق السليم . ومع أن الرب قال عن نفسه : « أنا هو نور العالم » ( يو٥ : ١٢ ) ، إلا أنه في محبته وعطائه قال لنا : « أنتم نور العالم » ( متى ٥ : ١٤)ولتلاحظ هنا أن المؤمن ليس نوراً في الكنيسة فقط ، بل لكل العالم أيضاً لهذا طلب منا الرب أن يضىء نورنا قدام الناس ليروا أعمالنا الحسنة فيمجدوا أبانا الذي في السموات ( مت ٥ : ١٦) والمسيحي الأمين يكتسب هذه الاستنارة من المعمودية (حيث يتجدد بالروح القدس ) ، والميرون ( حيث يصير هيكلاً لروح الله ) والتوبة ( حيث يغتسل فيها كل يوم ) ، والتناول (حيث يتحد بالنور الحقيقي ) ، والقراءة في كلمة الله والكتب الروحية (حيث ينفتح الذهن ويتعرف على ملامح طريق الملكوت ) .
٢ ـ المسيحي ملح الأرض :
فهو ليس ملحاً للكنيسة فقط بل للأرض كلها ، للمجتمع كله . فالمسيحي الأمين أبيض نقى نقاوة الملح ، و يذوب في تواضع واختفاء دون أن يضيع ، تماماً كالملح ، وهكذا يحفظ العالم من الفساد ، و يعطى الحياة طعماً مقدسا . إن وجود أبناء الله في العالم أساسي لتقديم القدوة الطاهرة ، والأمانة المحبوبة ، والنموذج الذي يجب أن يحتذبه أهل العالم والملح لا يفسد إلا بالخطيئة والذاتية والكبرياء ، وإن فسد ، لا يعود يصلح لشيء ، لا لأرض ولا لمزبلة ، بل يداس من الناس هكذا كل مسيحي يترك المسيح ، ويحيا فساد هذا العالم .
٣- المسيحي سفير للمسيح :
« نسعى كسفراء عن المسيح ، كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح : تصالحوا مع الله » ( ۲کو ٥ : ٢٠) . ما أجمل أن نتأمل في سفارة المسيحي في الأرض ، فهو أصلاً من بلد غير البلد ، وطبيعة غير الطبيعة ، ولغة غير اللغة . إنه إنسان سمائی روحانی مقدس ، يحيا في الأرض شاهداً للرب ، وممثلاً له و بنشر كلمته وحبه وصفاته المقدسة بين الناس ، و يدعوهم إلى معرفة الله ، والتصالح معه !!
هذا هو الإنسان المسيحي الشاهد ، الذي ينشر « رائحة المسيح الذكية » في كل مكان (۲کو: ١٥)، والذي يصير رسالة حسنة « معروفة ومقروءة من جميع الناس » ( ٢کو۳ : ۲) أخي القارىء تعال نحيا في طريق المسيح ، فما أسعد أولاد الرب به !! وشكراً لله أنه هو نفسه قد صار لنا « الطريق والحق والحياة» (يو١٤: ٦) ارتبط بالرب ، و بإنجيله ، وكنيسته ، وكن شاهدأ له في كل مكان وزمان لتحيا الأبدية في الزمن ، وتعيش السماء وأنت بعد في هذه الأرض الرب معك ،،
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
عن مجلة الكرازة العدد العاشر عام ١٩٨٩

عدد الزيارات 485

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل