السيدة العذراء الصامتة المتألمة

09 أغسطس 2023
Large image

لقد إحتملت السيدة العذراء وقاست الكثير من الأحزان والالآم ما لم يلقاه أي كائن آخر في هذه الحياة ولكنها تحملت بروح الرجاء والإيمان.وقد بدأت الآلام في حياة السيدة العذراء مبكراً جداً وهي لا زالت طفلة في عمر الثلاثة سنوات عندما تركتها أمها فى هذا السن المبكر والذى لا يعى فيه الطفل سوى انه يريد أن تكون والدته بجواره طوال الوقت، وقدمتها إلي الهيكل “نذيرة” تعيش بمفردها، ولكن كان هناك بداخلها محبة إلهية عجيبة وقوية لأنها مختارة منذ أن كانت فى بطن أمها وهي بنت الصلاة، وكانت من بيت مملوء بالتقوي ومحبة الله.وفى سن الثانية عشر من عمرها وهي صبية كان عليها أن تخرج من الهيكل فكانت تنظر مجموعة من الشيوخ يقرروا أن أحدهم يأخذها ليعتنى بها…أين ابوها أين امها ؟ .لا يوجد أحد وهى فى سن حرج تحتاج فيه إلي إرشاد الأم والأب، ولكنها فى إحتمال تخضع لتدبير الله وفي بيت يوسف النجار إذ الملاك يبشرها بميلاد عجيب وهى عذراء ” ها أنت تحبلين وتلدين أبناُ ” وبذلك فهذه العذراء الطاهرة التى لم تعرف رجل ستكون حبلى بإبن .ماذا يقول عنها الناس؟وكان أول من شك فيها هو خطيبها “يوسف النجار” وأراد أن يخليها سراً وعندما جاء موعد ولادة إبنها الطفل يسوع لم تجد لها مكاناً كريماً؛ فوضعته فى مزود البقر في حظيرة البهائم حيث الروائح الكريهة.وإذ ولدت إبنها البكر كان يطارد من ملوك الأرض مما أضطر يوسف خطيب مريم وحامي سر الخلاص أن يصطحب العائلة المقدسة ويهرب بها إلي مصر ويتحمل في ذلك عناء السفر المضنىي من بيت لحم إلى مصر . وكان يلاحقهم جنود هيرودس وذلك حسب قول الملاك له «قم وخذ الصبي وأمه وأهرب إلى مصر، وكن هناك حتى أقول لك. لأن هيرودس مُزمع أن يطلب الصبي ليهلكه» كيف هو حال الأم الحنونة في تلك الليلة الباردة أن تأخذ أبنها الرضيع وتهرب بــه وهي لاتدري ماذا سيلاقيها من المخاطر والصعاب؛ في أي مـكــــان سينامون وكم من الخوف والرعب عانوا في تلك الليلة وكم من المتاعب واجهت العائلة المقدسة فى أرض مصر بسبب معاملة بعض الأهالى القاسية لهم .وذلك بسبب إنه كلما مر رب المجد ببلده كانت تسقط كل الأصنام التي فيها؛ فكانوا يطلبون أن يقتلوه وفى صباه تركها يسوع معذبة هي ويوسف فى الهيكل وهو يجلس مع الكهنة ليحاورهم ويسألهم فى الثلاثين من عمره ترك البيت ليقضى أربعين يوماً فى البرية، وقضى أكثر من ثلاثة سنوات فى الخدمة نهاراً والصلاة على جبل الزيتون ليلاً، وكانت تسمع بأذنيها رفض وإستهزاء الحاقدين ومكيدة الكهنة وكم كانت مرارة عظيمة علي نفسها وهى تري إبنها الوحيد وهو يُعذب ويُضرب ويُلطم أمامها وهى لا تستطيع أن تنقذه وفى عطشه تراه يشرب خلا بل ويرفضه، ثم ترى إبنها وقد علق على خشبة الصليب خشبة الذل والعار وهى لا تعرف ماذا تفعل لتخفف عنه .وليس ذلك فقط بل وأن خشبة الصليب عار لأهل المصلوب بمعنى أنها ستعانى عار صلب ابنها ثم تعاين موت أبنها على الصليب وهو فى قمة الألم وهى تعلم تماماً أنه لم يفعل ما يستحق عليه الموت، ولما أنزلوا جسد يسوع من الصليب وهو قد أسلم الروح وحضنته . وبدأ الشعب وجميع النساء اللواتي كن يبكين يسوع يتوجهون إلى مريم ليرفعوا يسوع من حضنها وهي تبكي بغير انقطاع وكم تحملت مع التلاميذ والمسيحيين الأوائل من المعاملة السيئة من اليهود وكم من الألم تعرضت له.طوباك يا أم الرحمة والخلاص تشفعى عن ضعفنا.
نيافة الحبر الجليل الأنبا أرساني أسقف هولندا

عدد الزيارات 203

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل