كيف نحب الآخرين ؟ المحبة غير الحاسدة

25 سبتمبر 2023
Large image

الحسد هو خطية مشهورة من خطايا الشيطان، وبسبب هذا الحسد دخل الموت إلى العالم حينما حسد الشيطان أبوينا الأولين .
أمثلة من الحسد :+يوسف الصديق حسده اخوته وحاولوا أن يقتلوه ، ثم باعوه للإسماعيليين ... السيد المسيح حسده رؤساء كهنة اليهود، فأسلموه لحكم الموت على يد بيلاطس الحاكم الرومانى «الذي علم أنهم أسلموه حسداً» (مت ۲۷ : ۱۸) . وقد أعماهم الحسد عن أن ينظروا محبة السيد المسيح لهم، وسعيه من أجل خيرهم وخلاصهم، فجازوه عوض محبته شراً.
وأيوب البار حسده الشيطان، وأصابه بكثير من البلايا محاولا أن يقتلع محبته لله مدعياً أنه لا يتقى الرب مجاناً (أى ١ : ٩)
سبب الحسد : من الواضح أن الحسد ينبع من الأنانية، والانحصار حول الذات، وهو ضد المحبة تماماً فالذى يحب يفرح لخير الآخرين، ونموهم وتقدمهم في كل شيء، بل يعمل جاهداً ليحقق كل ذلك في حياة الذين يحبهم الوالدان مثلاً يندر أن نراهما يحسدان أولادهما على ما يحققونه من تقدم في طفولتهم أو في شبابهم، بل على العكس يعتبران ذلك نوعاً من الأحلام التي يسعدان كثيراً بتحقيقها ، ويجاهدان بكل قوة الأجل ذلك . فالمحبة هي تجعلهما يفرحان بخير الأبناء .لماذا يكره الإنسان أن يأتى الخير لغيره ؟ ولماذا يأكله الحسد حتى يتمنى أن يزول هذا الخير؟ ولماذا تلتهب فيه هذه النار الحاسدة التي تفنى كل علاقته مع الآخرين ؟
السبب هو عدم المحبة ....
مخاطر الحسد :
يقول الكتاب حياة الجسد هدوء القلب، ونخر العظام الحسد» (أم ١٤: ٣٠) . الحسد يتعب الذين يقتنونه في داخل قلوبهم أكثر مما يتعب المحسودين لهذا فحينما نطلب في صلاة الشكر أن ينزع الرب عنا الحسد، فإننا نعنى أن ينزع عنا حسد الشياطين، وأن ينزع الحسد من قلوبنا نحو الآخرين الحسد يعمى البصيرة الروحية، فلا يستطيع الحاسد أن يرى نور المحبة ولا نور ملكوت الله ومجده إنه لا يفرح بالخير للغير، ولا بالخير أن ينتشر أما ملكوت الله فهو إنتشار الخير واتساع نطاقه، حتى أن الصلاح الكائن في الله يشمل كثيراً من الخلائق التي على صورته، والفرح الكائن في الله يشمل كثيراً من الكائنات العاقلة التي تفرح بوجودها معه وهكذا .ما أعظم الفارق بين حسد الشيطان للقديسين، وبين محبة معلمنا بولس الرسول الذى قال إن لى حزناً عظيماً ووجعاً في قلبي لا ينقطع. فإنى كنت أود لو أكون أنا نفسى محروماً من المسيح ، لأجل إخوتى أنسبائى حسب الجسد» (رو۹: ۲، ۳). إنها درجة عالية من المحبة لا نستطيع أن نفهمها ، إلا من خلال رؤيتنا للإتحاد بالله من خلال الحب ولعلنا هنا نقول : محال أن يصير محروماً من المسيح من وصل في محبته إلى درجة الإستعداد للحرمان من أجل الآخرين، دون أن يكون قد ارتكب ذنباً يستوجب ذلك ؟
عاقبة الحسد : الحسد يضر الحاسد ، أكثر مما يضر المحسود، وربما لا يضر المحسود بل يفيده . يضر الحاسد لأنه ينخر فى عظامه، ويؤذى كيانه ومشاعره وقد يتعب صحته تعباً كبيراً... ويضره لأنه يخسر محبة الآخرين، ولا يستطيع أن يكتشف محبتهم له ويضره لأنه خطية ضد المحبة، فيحرمه من الشركة مع الله كلى المحبة .و يضره لأنه يعمى بصيرته عن معرفة الحق، فيحرمه من معاينة ملكوت الله ، إذا استمر ثابتاً فى الحسد إلى النهاية مثل الشيطان. ومن جهة أخرى ، فإن المحسود ينال معونة من الله ضد الحاسد، مثلما صنع الرب الفداء لإنقاذ البشرية من حسد الشياطين ومثلما أنقذ يوسف من حسد إخوته، ورفعه وجعله سيداً لهم ومثلما بدد حسد الكتبة والفريسيين ورؤساء كهنة اليهود ، حينما قام السيد المسيح منتصراً من بين الأموات ومثلما ذكر أيوب وشفاه من بلاه، وعوضه أكثر مما كان وأنقذه من حسد الشيطان ومثلما كلل قديسين بأكاليل لا تذبل : أولئك الذين احتملوا الآلام، وإختبرت محبتهم فوجدت ثابتة، ولم يحبوا حياتهم حتى الموت، بل تمسكوا بمحبة الله إلى النهاية. ولهذا فقد غلبوا الشيطان بدم الخروف وبكلمة شهادتهم، ولم يقو حسد المشتكى أن يضرهم في شيء بل على العكس نالوا الأكاليل .
المحبة لا تحسد ( ١كو ٤:١٣ ) :
فلنحرص أن تكون محبتنا خالية من الحسد، ولتكن صلاتنا بلجاجة أمام الله ليحمى قلوبنا من هذا الحسد الدفين، الذي يتسلل إلى القلب خفية، ويفسد كثيراً من ثمار المحبة. ولنتذكر دائماً أن المحبة تطرد الحسد ، وأن الحسد يطرد المحبة .
نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن مجلة الكرازة العدد الرابع عشر عام ١٩٨٩

عدد الزيارات 68

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل