إنجيل عشية الأحد الثاني من شهر توت ( لو ٤ : ٣٨ - ٤١)

23 سبتمبر 2023
Large image

ولما قامَ مِنَ المُجمَع دَخَلَ بيت سمعان. وكانت حَماةُ سِمعان قد أخذتها حُمَّى شَديدَةٌ. فسألوهُ مِنْ أجلِها.فوقَفَ فوقها وانتَهَرَ الحُمَّى فتركتها! وفي الحال قامت وصارَتْ تخدمُهُمْ. وعِندَ غُروبِ الشَّمس، جميع الذينَ كانَ عِندَهُمْ سُقَمَاءُ بأمراض مُختَلِفَةٍ قَدَّمُوهُمْ إِلَيْهِ، فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وشَفاهُمْ. وكانت شياطينُ أيضًا تخرُجُ مِن كثيرين وهى تصرخ وتقول: أنتَ المَسيحُ ابن الله فانتَهَرَهُمْ وَلم يَدَعَهُمْ يتكَلَّمُونَ، لأَنَّهُمْ عَرَفوهُ أَنَّهُ المَسيحُ ".
شفاء حماة سمعان :
هذا الفصل من الإنجيل وضعته الكنيسة في صلاة الغروب في صلوات السواعي في الأجبية لكي نصليه كل غروب شمس لما فيه من منفعة في حياة أولاد الله، فنهاية النهار وغروب الشمس يشير إلى قرب حلول الظلام ومع الظلام المخاوف والمتاعب والأوهام والأمراض ولنا أن نجد المسيح عند غروب الشمس فتهرب كل هذه الأمور المخيفة. فإذا كان لنا المسيح معنا وفي بيتنا فلن تغيب شمسنا الشمس المادية تغيب وتطلع قانونها هـو الـدوران الدائم صباحًا ومساءً لا يمكن أن تدوم على حال، هـــي دائمة الدوران وعنها تنتج الدورات الكثيرة في الحياة ليل ونهار، صيف وشتاء حر ،و برد بداية اليوم ونهايته بداية الأسبوع ونهايته، ثم الشهور والسنون، ولكنها تدور كدورات عقارب الساعة. لا تهدأ ولا تسكت ولا ترجع إلى الوراء ومع دورانها تطوي أجيالاً جيل يأتي وجيل يذهب ومع دورانها يأتي وقت لنقطة تحتل القمة ونقطة أخرى تكون في القاع. ولكن دوام الحال من المحال فالقمة لا تبقى لأحد فعندما تدور الدورة تنزل النقطة العالية في طريقها إلى أسفل. هذا حال الزمن ومسكين من يقع تحت وطأته!! أما المسيح شمس البر فليس عنده تغيير ولا شبه ظــــل دوران شمس دائمة نور من نور لا ينقطع ولا يتغير ولا يتبدل ولا يعتريه التغير بل هو أزلي أبدي دائم لا يحتويه مكان ولا زمان... هو غير الزمنى ، غير المبتدئ.العالم إن رفع فهو إلى زمان سل الذين احتلوا يوما مكان القمة وماذا كان نهاية الأمر !!. قد تصل قوة الجسد إلى القمة في الشباب في العنفوان في الافتخار بالجسد وصحة الجسد وجمال الجسد وشهوة الجسد ولكن هذا لا يدوم تدور الدورة فيضمحل الجسد ويذبل جمال منظره مثل العشب كقول يعقوب الرسول وتخمد شهواته كقول الحكيم لأن الجسد راجع إلى التراب حين تظلم النواظر وتضعف كل القوة. وهكذا الذين احتلوا المراكز العالية حين رفعهم العالم ومجدهم الناس لم تدم لهم الكراسي طويلاً، بل تركوها لغيرهم وكثيرون انقلبت بهم الدوائر فنزلوا مـن علــى الكراسي وذاقوا المذلة بعد العز (راجع تسبحة العذراء القديسة مريم). وهكذا الذين اقتنوا الغنـى المــادي غيـر اليقيني حيث يأكل السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون. هذا هو غروب الشمس عند الذين ارتبطوا وربطوا مصائرهم بشمس هذا العالم الذي يزول ويتغير هذا هو غروب الشمس لكل الذين جعلوا رجاءهم في الجسد والتراب والعالم ومجد العالم وأحبوا هذا العالم. ولكن يا لسعدنا نحن الذين ارتبطنا بمسيح الحياة الأبدية وشمس البر والشفاء في أجنحتها. "كان عند غروب الشمس كل الذين عندهم مرضى بأنواع أمراض كثيرة يقدمونهم إليه وكان يضع يديه علــــى كل واحد ويشفيهم". هذا هو رجاؤنا في ساعة الغروب نتقدم إليه ليلمسنا، ويشفي سائر أمراضنا لسنا نعتفي مــن المرض فطبيعتنا مائلة إلى الفساد لا نستحي أن نكشف أوجاعنا فهو فاحص القلوب ومختبر الكلى كل من يأتي إلى المسيح ينال شفاء جميع الذين نظروه استناروا ووجوههم لم تخجل.لمسة واحدة من يد المسيح الحانية قادرة أن تزيل الآلام والهموم، فلماذا لا يكون هذا هو نصيبنا في كل غروب شمس؟!.
لما سألوه من أجل حماة سمعان وهي راقدة محمومة،جاء إليها ووقف فوقا منها وانتهر الحمى لماذا يقف إيماننا هكذا ضعيفا؟ لماذا لا نثق بالمسيح ثقة كاملة وبيقين شديد أنه قادر أن يقيم من الأموات؟ انتهر الحمى فأطاعت انتهر البحر فسكت والريح أيضا استمعت إلى كلمته لسنا نقترب إلى المسيح لأجل حاجات الجسد فقط، وإلا حصرنا عمل المسيح الخلاصى لحساب الجسد وهذه خسارة جسيمة المسيح مُخلِّص نفوسنا وفادي حياتنا من الموت الأبــدي والفساد الأبدي الذي يطلب المسيح، من أجل حاجات الجسد فقط يهين المسيح ويهين صليبه الذي به أقامنا من موت وعفن ونتن الخطية.
يا ليتنا عند غروب الشمس نقدم للمسيح ليس فقط نفوسنا بل وكل من نحبهم ونرى أنهم مرضى وسقماء بكل أنواع الخطايا نقدمهم إليه بسؤال الصلاة والطلبـة والتضرع الواثق بعمل المسيح أنه يلمسهم ويشفيهم وتنتهي الحمى ويطرد المرض إلى خارج علامة شفاء حماة سمعان هي الخدمة. خدمة المسيح وتلاميذ المسيح في الحال قامت و خدمتهم" لقد عادت صحيحة قادرة بنعمته على عمل الخدمة. "وكانت شياطين تخرج من كثيرين وهى تصرخ وتقول: أنت هو المسيح ابن الله الحي الشياطين فزعت لما عرفته وصرخت وولت هاربة وهل تقدر الظلمة أن تتراءى أمام الشمس ؟ هيهات هكذا أرواح الظلمة فرت هاربة صارخة. "لا يظن أحد أن الشيطان كان يشهد للمسيح وللاهوته بقوله أنت هو المسيح ابن الله الحي. فالمسيح لا يقبـــل شهادة الشيطان حتى لو كانت صادقة فهو عن اضطرار يقول والمسيح لا يقبل كلامه بل انتهره قائلاً: اخرس فكان" ينتهرهم ولا يدعهم ينطقون".إياك وكلام العدو الشيطان حتى لو بدا أنه يقول الحق فهو بعيد كل البعد عن الحق ولا يعرف الحق فلا تخدعك حيل الشياطين ولا أقوالهم لا من قريب ولا من بعيد، ولا تقبل من فم الشيطان كلمة لأنه كذاب وأبــو الكذاب.تمسك بالمسيح شمس حياتك اسلك في النور لأنه هو النور الحقيقي وأنت مولود منه .جميعكم أبناء نور وأبناء نهار.أما أعمال الظلمة غير المثمرة فلا تشتركوا فيها بل بالحري وبخوها".
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد

عدد الزيارات 296

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل