المسيح شبع النفس

23 ديسمبر 2018
Large image

يقول الكتاب في قصة المرأة السامرية ” وكان نحو الساعة السادسة فجاءت امرأة من السامرة لتستقي ماء . فقال لها يسوع أعطيني لأشرب لأنَّ تلاميذه كانوا قد مضوا إلى المدينة ليبتاعوا طعاماً فقالت له المرأة السامرية كيف تطلب مني لتشرب وأنت يهودي وأنا امرأة سامرية لأنَّ اليهود لا يُعاملون السامريين أجاب يسوع وقال لها لو كنتِ تعلمين عطية الله ومَنْ هو الذي يقول لكِ أعطيني لأشرب لطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حياً “ ( يو 4 : 6 – 10 ) النفس عميقة جداً وجوهر الإنسان في نفسه الجسد سهل والروح لا نعرف كيف نصل لها أعمق جزء في الإنسان هو نفسه واحتياجات النفس كثيرة جداً لأنَّ الجسد يحتاج طعام لكن النفس تطلب أكثر النفس تشتهي الكثير ودائماً تطلب واحتياجاتها كثيرة لا تنتهي ولا نستطيع أن نُقيِّم احتياجاتها حتى أنَّ الكنيسة تذكرها قبل الجسد فتقول في القداس ” أمراض نِفوسنا اشفيها والتي لأجسادنا عافيها “ لأنَّ النفس أصعب من الجسد لو إنسان مُصاب بمرض جسدي فمرضه واضح المهم المرض الغير واضح وهو يأتي من النفس لذلك المهم أن تشبع النفس وتفهمها وتُطورها معظم أمراض الجسد قد يكون سببها انحراف النفس ومعظم التقدُّم الروحي يسبِقه استقرار نفسي لذلك لابد أن تشبع النفس وكما يقول الكتاب ” النفس الشبعانة تدوس العسل “ ( أم 27 : 7 ) المرأة السامرية كانت تعرف ستة رجال ولم تشبع لأنَّ رقم " 6 " يُشير للنقص رقم ناقص أي احتياج لنا بدون المسيح لا يُشبِع دخل ربنا يسوع رقم " 7 " في حياة السامرية فشبعت .
ما هي احتياجات النفس ؟
لها خمسة احتياجات :-
1. الأمن :-
الإنسان يريد أن يشعر أنه آمِنْ وليس لديه اضطرابات الإنسان له احتياج أن يكون له بيت فِرَاش مكان آمِنْ مُستقر الإنسان يعيش خائف تسمع نشرة الأخبار تخاف تسمع كلام الناس تخاف أمور الحياة صعبة اضطراب أمراض أوبئة قلق على المستقبل وعلى الامتحانات وعلى دائماً يعيش الإنسان في قلق ودائماً القلق يرتبط بالقُدرة الإنسان الغني لا يخاف من الغلاء مثل الفقير والإنسان ذو المركز المرموق قد يشعر بأمان أكثر لذلك كثيراً ما يعيش الإنسان في قلق أحياناً الغِنَى والمركز يُسبِّب قلق أيضاً هيرودس الملك خاف على مُلكه عندما عرف أنه وُلِدَ طفل وسيكون ملك على إسرائيل وفقد صوابه وأخذ قرار وحشي بقتل كل الأطفال لأنه جعل أمانه بمركزه هكذا شاول اضطرب من داود الأمان في المسيح المسيح هو المُعطي الأمان لنرى الغلاء وإن جلسنا نحسب بالعقل عندما يكبر الشاب ويريد الارتباط كم يكون ثمن الشقة وكم يتكلف في ارتباطه نضطرب ونخاف فكَّر في المجموع الذي تحصل عليه في الثانوية وما هي الجامعة التي تلتحق بها وتخاف وتضطرب فكَّر لو فقدت شخص عزيز عليك ستضطرب مَنْ يعطي الأمان وسط كل هذه المُتغيرات العنيفة ؟ ربنا يسوع هو يدبر أمرك في الغلاء وإن شعرت بالجوع هو يُشبِعك حتى لو فقدت شخص مهم غالي هو يعوضك إن كان الناس يعتمدون على قُدراتهم فأنا أعتمد على الله كُليّ القدرة خالق الكل مُعطي الغِنَى والسند إذاً احتياجي النفسي مُشبِع لأنَّ الله إلهي وأنا أثق في رعايته المرأة المُمسكة في ذات الفِعْل ربنا يسوع وضعها خلفه ووقف هو أمامها يحامي عنها ضد راجميها نعم أنا خاطي لكنه يُحامي عني لذلك أشعر فيه بالأمان لذلك أشتاق للرجوع لحضنه مهما كانت خطاياي هو يقبلني لذلك يقول داود النبي ” أُعظِّمك يارب لأنك احتضنتني “( مز 29 ) مادُمت خارج المسيح لن تشبع ولن تستقر كثيرون مُصابون بأمراض نفسية لأنهم فاقدين الأمان لذلك المسيح هو طريق الأمان ولا توجد حياة روحية سليمة بدون ما تُبنَى على نفسية سليمة .
2. التقدير :-
الإنسان يحب التقدير تخيل إنسان يُلام ويُوبَخ دائماً صعب الإنسان محتاج للتقدير ويحاول دائماً أن يُعبِّر عن نفسه لكي يُقدَّر الذي لا يُقدَّر تصغُر نفسه جداً ويحاول أن يكون كبير بأي وسيلة وقد يُعبِّر عن ذلك بانحراف شهواني أو عاطفي أوأي انحراف عندما هاجمت الجموع ساكبة الطِيب قال عنها السيد المسيح ” حيثما يُكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يُخبر أيضاً بما فعلته هذه تذكاراً لها “ ( مت 26 : 13) ربنا يسوع يريد أن يرفعنا ويُعطينا مجد ويُزيننا ونحن نتضع من أفضل الأمور التي تُعطي الإنسان تقدير أن يسمع اسمه يُنادى وجدنا ربنا يسوع يُعامل زكا بتقدير والمولود أعمى بتقدير و الإنسان محتاج أن يشعر أنه مهم وغالي ويشعر أنَّ أعماله صحيحة تُقدَّر ولنرى التقدير من وجهة نظر الناس الناس تعرف اللوم فقط وإن فَعَلْ شخص شيء مهم لا يُقدِّره مَنْ حوله بحجة أن لا يتكبر إن فَعَلْ شيء خاطئ الجميع يلومه ويوبخه نحن لا نُجيد التعبير وأحياناً لا نريد التعبير ودائماً الذي يُجيد التقدير لا يُريده ليتكم تُقدِّرون بعضكم بعض وتُقدِّمون لبعضكم البعض كلمات الشكر والتشجيع على أي شيء ولو بسيط مجرد مجيئكم لبعضكم قدِّموا عنه كلمات شكر شجعوا أي سلوك ولو بسيط ودائماً التقدير تزداد قيمته بِمَنْ يُقدِّمه لذلك نحن تقديرنا عند المسيح له المجد هو يُقدِّرني وأنا غالي جداً عنده وكرامتي هي عنده وكما يقول الكتاب ” لمدح مجد نِعمتِهِ “ ( أف 1 : 6 ) لمَّا أتى وتجسَّد بجسدي هذا أعظم تقدير لي لمَّا دُعِيَ اسمه عليَّ وصار اسمي مسيحي هذا أعظم تقدير لي لمَّا بذل نفسه لأجلي قدَّرني جداً ليتنا نتمتع بهذه التقديرات العظيمة ونتمتع بتقديره جداً في التوبة لأنه فيها يقبلني ويحبني رغم أنَّ كل الناس تنظر لي على إني خاطي .
3- الحرية :-
الإنسان لا يُحب الأسر لو وضعت نسر في قفص ووضعت أمامه طعام كثير لن يأكل مهما طالت فترة حبسه في القفص لأنه غير حُر هكذا الإنسان يحب أن يشعر أنه حُر قد يبنون في الخارج سجون عالية التجهيز وبها كل احتياجات الإنسان حتى الترفيهية لكن الإنسان يشعر فيها بالضيق لأنه محبوس من الاحتياجات النفسية المهمة للإنسان أن يشعر أنه حُر في سلوكه لأنَّ الذي يفعله بدون حرية يُولِّد فيه الكبت حتى حضور الكنيسة إن كان بأمر وبدون رغبة داخلية يُولِد كبت ودائماً التغصُّب يزول بزوال المؤثِر لذلك لابد أن يتعلم الإنسان كيف يختار الكنيسة تُربيك لكي تعرف كيف تعيش حُر كل شاب مُعرَّض لأن يلتحق بجامعة خارج مدينته ويتغرَّب فيها إن لم يكن قد تربَّى على المسئولية لن يشعر بالمسئولية إن تربَّى على الكبت والأوامر في المواعيد والاستذكار وسينحرف في غربته ويجدها فرصة للخروج من قيود الأوامر والكبت لذلك لابد أن تشعر بحرية وأنك تفعل الأمور باقتناع أنت محتاج أن تحترم الضوابط والثوابت وهذا يأتي من الحرية حتى الروحيات تحتاج حرية حتى لو تغصبت فأنا أتغصب بحريتي لأنتقل إلى درجة روحية أجمل الكنيسة تُربيك على الحرية وتُعطيك المشورة فقط لذلك الحرية تصنع اتزان واحترام وإن لم أنال حريتي في بيتي والمجتمع ؟ أقول لك أنَّ الله يُعطيك الحرية الحرية ليس معناها أن أسلُك كما أشاء لا بل الحرية من الداخل ” إن حرَّركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً “( يو 8 : 36 ) أصعب شيء العبودية للخطية هي أشرس من العبودية لسيد قاسي ربنا يسوع أعطانا الحرية ” يارب أنا عبدك ، أنا عبدك وابن أمتك “” قطعت قيودي “ ( مز 115 – من مزامير التاسعة )أنا عبد لك يارب لأنك أنت الذي حللت قيودي كانت شريعة العبد في العهد القديم تسمح بأن يُفك العبد بعد فترة من العبودية لكن إن أحبَّ العبد سيِّده وفضَّل أن يكون في خدمته كل أيام حياته كانوا يأتون به عند مدخل المدينة وهو بنفسه يثقُب أُذُنه ليُعلن أمام الجميع أنه بإرادته يريد أن يكون في خدمة سيِّده أعظم حرية نأخذها على الصليب وفي الاعتراف نأخذ الحِلْ ويقول الحِلْ ” قطَّع يارب كل رباطات خطايانا “ معلمنا بولس الرسول كان يُسمي نفسه سفير في سلاسل وهو حُر داخلياً لأنه حُر من الخطية أصعب عبودية هي العبودية لخطية أو عادة أوبينما أفضل حرية هي أن تتخذ قراراتك في ضوء الوصية .
4- الانتماء :-
دائماً تشتاق أن يكون لك انتماء لشيء مهم وقوي لبيت لبلد لدين لجنس لعمل لفكرة وأصعب انتماء هو الانتماء الديني والذي بواسطته قد تخرب بلاد لذلك إن أرادوا تقسيم بلد يزرعون فيها بُغضة دينية وهذا سهل جداً في البلاد قليلة الثقافة إحساس الانتماء إحساس قوي عند الإنسان لذلك جيد أن تشعر أنك مُنتمي ولكن بتعقُّل وليس بتشدُّد أنا محتاج لهذا الإحساس وليس هناك انتماء أجمل من الانتماء لجسد المسيح للكنيسة هو قال أنتم لحم من لحمه وعظم من عِظامه ( تك 2 : 23 ) أي انتماء أعظم من هذا ؟اشعُر بانتمائك للمسيح وللكنيسة ولإخوتك والذي يعيش بدون انتماء يكون بلا هوية والذي بلا هوية نفسيته فقيرة والإنسان يحب الانتماء لشيء قوي مُميز لأنه محتاج أن يشعر أنه قوي ومُميز وينال بذلك نشوة ونُصرة وكفاه احباط اشعر أنك مُنتمي للمسيح مصدر سعادتك وقُوَّتك ” رعية مع القديسين وأهل بيت الله “ ( أف 2 : 19) أنت مُنتمي له وعائلتك هي القديسين لأنَّ الانتماء للعائلة يُشبِع النفس جداً والنفس محتاجة للشبع وكلما كانت النفس جوعانة كلما كانت الخطية أسهل والانحراف أسهل .
5- الحب :-
الإنسان يحب أن يشعر أنه محبوب وغالي ومُشبَّع بأمور كثيرة ومن أكثر الأمور التي ترفع الإنسان للسماء أنه يشعر أنه محبوب لذاته ذَوِي المعاش يشعرون بالاحباط إن لم يسأل عنهم أحد لأنهم يشعرون أنهم كانوا محبوبون ليس لذواتهم بل لمراكزهم الحب عطاء وكما تُعطي تأخذ كثيراً ما نشكو أننا غير محبوبين لا في البيت ولا في الكنيسة الإنسان يحب أن يكون مُميز لنفرض أنَّ الكنيسة أرسلت رسائل مُعايدة لأولادها بالطبع يفرحون بها لكن الذي يفرَّح أكثر أن تكون كلمات الرسالة خاصة بك أنت وتحمل اسمك هذا يُسعِدك لأنك تشعر أنك مُميز ومحبوب الإنسان يحتاج الحب الشخصي ودائماً احتياج الحب يسبِق أي احتياج فسيولوچي سواء طعام أو نوم أوالتقدير والحب أهم ولا نأخذ إحساس الحب من الناس لأنهم مُتقلبين ذَوِي مزاج مُتغير وصعب تجد إنسان يسير بخط واحد حياته كلها لذلك خذ الحب من الله تسمع مَنْ يقول أنا منذ " 30 " سنة كنت أحب والدتي ومن " 15 " سنة كنت أحب زوجتي والآن أحب أولادي .. هذا لأنه كان محتاج لأُمه منذ " 30 " سنة واحتاج لزوجته منذ " 15 " سنة أكثر من أُمه والآن محتاج لأولاده هذا حب مبني على الأنانية والأخذ أمَّا ربنا يسوع فقد أحبنا بلا سبب أحبنا أولاً ” هكذا أحبَّ الله العالم “( يو 3 : 16) أي بلا سبب أمَّا نحن فنحبه لأنه أعطانا عطايا وله صفات جميلة وكلما تأملت في عطاياه وصِفاته كلما أحببته أكثر صليبه يُشبِعك لأنه يُشعِرك أنك غالي عليه يقول الشيخ الروحاني ” أقسمت بحبك أن لا أحب وجه آخر غير وجهك “ ” مَنْ رآك واحتمل قلبه ألاَّ يراك “ التقدير منه الحرية فيه الانتماء له الحب هو القادر أن يُشبِعك به لن تستطيع أن تكون مُشبِع وغني ومُستقر إلاَّ به فخذ احتياجاتك كلها منه والذي يحب يسوع يجد الكنز يقول القديس أوغسطينوس ” مَنْ امتلكك شبعت كل رغباته “ هو دعاني للحرية والحب والانتماء والتقدير وتقابل مع المرأة السامرية فأعطاها الشبع وأنساها ماضيها وبدأت حياة جديدة فليكن هدفك هو الشبع من يد المسيح هو كنزك وغايتك هو الكل لأنَّ له ومنه وبه كل شيء ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين.
القس أنطونيوس فهمى
كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية

عدد الزيارات 3810

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل