من له أذنان للسمع فليسمع ( مر ٩:٤ ،٢٣)

04 أكتوبر 2023
Large image

الرسائل التي أرسلها الرب إلى الكنائس السبع التي في آسيا كل منها تشمل عبارة أنا عارف أعمالك، وتنتهى بعبارة « من له أذنان للسمع فليسمع ما يقوله الروح للكنائس » ونريد اليوم أن نتأمل هذين الأمرين
رسالة للكل:-
جميل أن الله يرسل رسائل للناس، يبعث كلمته للكل للأبرار وللأشرار معاً ، للذين يحبونه وللذين تركوا محبتهم الأولى . يرسل حتى إلى ملاك كنيسة ساردس الذى قال له الرب « إن لك اسماً أنك حی وأنت ميت» (رؤ۳ : ۱) والى ملاك كنيسة لاوديكية الذى قال له « لست حاراً ولا بارداً . بل أنت فاتر .آنا مزمع أن أتقياك من فمى ( رؤ۳ : ١٥، ١٦ ) . ومع ذلك يرسل إلى كل منهما رسالة كل إنسان في الحياة ، لابد أن تصله رسالة من الله يتكلم فى قلبه فى فكره يرسل له كلمة تناسبه بأية الطرق . عن طريق كتاب عظة، عن طريق نصيحة من إنسان تصوروا أنه كلم حتى قايين، قبل أن يقتل أخاه . وقال له عند الباب خطية رابضة، وإليك اشتياقها ، وأنت تسود عليها » تك ٤: ٧. خذ حذرك مازال الأمر فى إرادتك احترس من تلك الخطية ومن اشتياقك احترس من مشاعرك الله ارسل رسالة حتى إلى بلعام وفى الرسالة إلى العبرانيين يقول الرسول الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً، بأنواع وطرق شتى، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه » (عب ١ : ١، ٢) بأنواع وطرق شتى لا تستطيع أن تقول إن صوت الله لم يصل إليك البعض قد يكلمهم الله بالرؤى والأحلام. ولكن ليست كل الرؤى والأحلام من الله ! وهناك من كلمهم الله بصوته شخصياً كما حدث للأنبياء والبعض كلمهم عن طريق الرسل، والكتاب يقول إلى أقطار المسكونة بلغت أقوالهم» (مز ۱۹). والكل كلمهم الرب عن طريق الوحى المقدس، الكتاب المقدس ، الذي هو كلمة الله إليك وهناك من كلمهم الرب عن طريق الملائكة والكل عن طريق الوعظ كما كان بولس الرسول يقول «كأن الله يعظ بنا نطلب عن المسيح : تصالحوا مع الله » (۲ کوه : ۱۹ ، ۲۰ ) جائز الكلمة التي يرسلها لك الرب تكون كلمة بركة، أو كلمة تعزية، أو تعليم، أو كلمة إنذار وياليتك تسأل نفسك باستمرار ما هي كلمة الله إلى ؟ إنك تسمع كثيراً من الناس ولكن ما هي كلمة الله إليك ؟ تصوروا أن السيد المسيح يقول : اكتب إلى ملاك كنيسة أفس إلى ملاك كنيسة سميرنا إلى برغامس إلى ثياتيرا إلى فلادلفيا إلى ساردس إلى لاوديكية اكتب كل واحد له رسالة الله يوجهها إليه.
وصية في الانجيل :-
هذه العبارة قالها السيد المسيح مرات عديدة في الأناجيل :
قالها بعد كلامه عن يوحنا المعمدان (متی ۱۱: ١٥)، وبعد مثل الزارع (متى ۱۳ :۹) (مر٤ : ۹) ، وبعد شرح مثل الحنطة والزوان ( متى ١٣ : ٤٣) (مر٤ : ٢٢) . وبعد كلامه عن أن ما يخرج من الفم هو الذى ينجس الإنسان مر٧: ١٦) وبعد كلامه عن الملح الذى يفسد ( لو ٢٤ : ٣٥) وهكذا قال في سفر الرؤيا للكنائس السبع من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس » سبع مرات في (رؤ ٢ ، ٣) وعبارة ما يقوله الروح للكنائس عبارة معزية :تعنى أن الروح القدس مازال يكلم الكنائس الروح يعمل فينا ، ويرشدنا إلى جميع الحق ( يو ١٦: ١٣) ، ويذكرنا بكل ما قاله الرب لنا ( يو ١٤ : ٢٦ ) .
أذنان للسمع:-
هناك أشخاص كانت لهم آذان تسمع وتستجيب وتطيع . مثل ابرام أبو الآباء، حيثما قال له الرب : « اخرج من أهلك ومن عشيرتك» (تك ۱۲) وحينما قال له خذ ابنك وحيدك الذي تحبه، اسحق، وقدمه لى محرقة » (تك ٢٢) أطاع، ولم يناقش.ومن له أذنان للسمع .لوط لما قال له : الملاك اخرج من سادوم لا تقف في كل الدائرة (تك ١٩) سمع وأطاع من أكثر خلق الله سمعاً لكلامه الملائكة يقول عنهم المرتل في المزمور باركوا الله يا ملائكته الفاعلين أمره ، عند سماع صوت كلامه» (مز ۱۰۳ :۲۰) بمجرد سماع الكلمة ينفذون، سواء للإنقاذ أو للعقاب لذلك ونحن نريد أن نكون سامعين لكلمة الله ، منفذين لمشيئته نقول « كما في السماء ، كذلك على الأرض » أى نطلب أن تكون لنا آذان للسمع أمثلة الذين سمعوا الكلمة واستجابوا تلاميذ المسيح . متى (لاوى) حالما سمع كلمة « اتبعني» ترك مكان الجباية وتبعه ( متى ٩ :٩) . وكذلك بطرس وأخوه اندراوس تركا السفينة والشباك والأهل، حالما سمعا عبارة هلم وراثى فأجعلكما صيادي الناس (مر١ : ۱۷ ،۱۸) وكذلك فعل يوحنا ويعقوب ونفس الوضع أيضاً مع شاول الطرسوسي (أع ٩). ولهذا قال السيد المسيح مطوباً تلاميذه:«أما أنتم فطوبى لآذانكم ، لأنها تسمع » . ذلك لأن هناك آخرين لهم آذان لا تسمع (مر٨: ١١) (رؤ ۲۸ :۲۱) وما أكثر الأمثلة لهذا النوع وما أكثر أسبابها السيد المسيح نفسه كان كثير من معاصريه ، لهم آذان ولكنها لا تسمع .
آذان لا تسمع:-
أول أذن لم تسمع ، كانت لآدم وحواء .
سمعا الوصية،وكأنهما لم يسمعا تذكرا الوصية بحذافيرها ، وعملا العكس ! (تك ٣) لماذا ؟ لأن كلمة أخرى قالتها الحية غطت على كلمة الله إليهما وكانت أكثر تأثيراً وأكثر إغراء ، وإذا كلمة الله وكأنها لم تسمع لذلك احترس من أن الكلمة، يخطفها أحد منك. كما قيل في مثل الزارع أن بذاراً خطفها الطير فلم تنبت متى ٤:١٣ ألقيت البذار أى نزلت على الأذن، ولكن هناك من خطفها تسمع النصيحة أو العظة، وتتأثر، ويأتي إنسان آخر، تأثير آخر يغطى على الكلمة ويخطفها منك، ويترك عندك تأثيره هو قايين سمع الإنذار من الله ، وكأنه لم يسمع ! فلماذا ؟ كانت هناك مشاعر وانفعالات في القلب، غطت على كلمة الله ، وأزالت تأثيرها وكأنه لم يسمع !
كانت مشاعر الحمد والحقد والغضب التي في قلبه، كأنها حاجز قوى يمنع كلمة الله من أن تدخل فسمعها وكأنه لم يسمع كان مشغولاً بسماع صوت الحقد والحزن الذي في قلبه قال له الله احترس الخطية أمامك،ولا تزال تسود عليها احرص ألا تخطى ولكن الانفعالات الداخلية كانت تمنعه من سماع النصيحة وبعد أن كلمه الله ، ذهب وقتل أخاه !!
احترس إذن من إنفعالاتك الداخلية ومن سيطرتها . الشاب الغنى كلمه المسيح، وقدم له كلمة منفعة ولكنه مضى حزيناً، ولم يسمع للرب (متی ۱۹ : ۲۲) فلماذا ؟
لأن هناك شهوة في القلب، تمنع وصول الكلمة للقلب أن هذا الشاب كان يحفظ الوصايا منذ حداثته ولكنه عند الوصية الخاصة بالمال لم يستطع أن يسمع لأن هنا كانت الشهوة المسيطرة التي تحجب كل وصية وكل كلمة وتصد وترد كإنسان مستعد أن يسمع لك في كل شيء، ما عدا شيئاً واحداً لا يستطيعه هنا عدم السمع ليس مطلقاً، ولكنه في شيء واحد في نقطة الضعف في الشهوة المسيطرة مثال سليمان الحكيم، كان أحكم الناس جميعاً، وقد أخذ الحكمة من الله ولكنه من جهة شهوة النساء والتزوج بالنساء الغريبات، لم يستطع أن يسمع كلمة الله ولم يكن قلبه أميناً للرب مثل أبيه (امل ١١: ١- ١٠) ولم يحفظ ما أوصى به الرب إذا وجدت أذنك لا تسمع، ابحث ما هو السبب ؟ اذهب إلى طبيب آذان يعالجك، بل اذهب بالأكثر إلى طبيب قلب، يكشف ما في قلبك من شهوات. مثل أي إنسان يخالف أباء وأمه، ويخالف الوصية والكنيسة ويخالف القانون أيضاً، لأن هناك شهوة فى قلبه يريد أن يحققها. والشهوة تصم أذنيه عن السماع أحياناً يكون عدم السماع بسبب قساوة القلب. ولذلك يقول الكتاب «إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم » عب٣ : ١٥). فرعون كان من هذا النوع القاسي القلب الذي لم يستطع أن يسمع لكل إنذارات الله، ولم تؤثر فيه كل الضربات. وكم من مرة صرخ إلى موسى وهرون، ووعد بأن ينفذثم عاد كما كان والقساوة تولد العناد .والعناد يمنع من سماع الكلمة :

العناد الذي يغلق القلب،ويغلق الفكر. ومهما قيل له من كلام نافع ومقنع، لا يسمع ! إنسان متثبت بفكره، مهما كلمته، كأنك لم تتكلم لأن فى التشبث بالفكر نوعاً من الكبرياء - تغلق الأذن عن السماع، بعكس الوديع المتواضع يمكن أن يسمع . حتى إن أخطأ، يقبل التأنيب والنصيحة، ويصلح طريقه ويسمع.الهراطقة كانت لهم آذان لا تسمع، أغلقها العناد والكبرياء .
آریوس مثلاً، لم يسمع لصوت بطريرك، ولا لصوت المجمع المحلى الذى عقد فى الاسكندرية من مائة أسقف، ولم يسمع لإقناعات القديس أثناسيوس، ولم يسمع لقرار المجمع المسكوني كان عناده يغلق أذنيه، وكانت كبرياؤه تغلق أذنيه ومات في هرطقته، دون أن يسمع تمنعه العزة بالذات، والتمسك بالفكر وكذلك كل حوار لاهوتى من نفس النوع قد تحاور إنساناً، وتجده متحفزاً للرد قبل أن تكمل كلامك لسانه أسرع من أذنيه لا رغبة لديه في السماع، ولا رغبة في الإقتناع يمنعه التشبث والعناد له آذان ولكنها لا تسمع وبالمثل كل إنسان متمسك بفكره الخاص، مصر على فكره كأنك تكلم صخراً صلباً لا توجد منافذ تدخل منها الكلمة ونفس الوضع مع كل إنسان معتز بكرامته قد يشعر أن نصيحتك كأنها تهينه وتهز كرامته، وتشعره بخطأه، وتتعب نفسيته فلا يكون مستعداً إطلاقاً أن يسمع ، لان السماع يحتاج إلى تواضع ولهذا ليس كل عتاب يأتي بنتيجة :- المتواضع المحب تعاتبه فتكسبه والمتكبر المعتز بكرامته، تعاتبه فيزداد الأمر سوءاً ...
هيرودس الملك، لم يستطع أن يسمع كلمة يوحنا المعمدان .
كلام يوحنا المعمدان واضح لا يحل لك أن تكون لك امرأة أخيك» (متى (١٤ : ٤) . إنها وصية إلهية واضحة في موانع الزواج ( لا ١٨ : ١٦ ) والكتاب يعتبرها نجاسة (لا ۲۰ :۲۱) . ولكن هيرودس لا يسمع إغراء هيروديا يمنعه. كما كان إغراء دليلة يمنع شمشون من بقاء وصية النذير في أذنيه (قض ۱۳ : ۷) . هناك تأثير آخر، يمنع تأثير كلمة الرب عليه هناك محبة أخرى طغت على محبة الله ، فمنعت الأذن أن تسمع. كم تسمع كلام الله فى القراءات وفى العظات في كل قداس، وكأننا لم نسمع ، والطبع هو نفس الطبع . شعب اليهود كانت تتلى عليه البركات من فوق جبل جرزيم واللعنات من فوق جبل عيبال باستمرار( تث ۲۷ :۲۸). ومع ذلك ما كان يعباً !! السيد المسيح كان يكلم علماء اليهود، فلا يسمعون، على الرغم من قوة إقناعاته، ولكنهم تشبثوا بآرائهم . كانت الحرفية وتقاليد آبائهم الخاطئة وتعاليمهم، تمنعهم من السماع وربما كانت هناك مشاعر الحسد التي في قلوبهم التي كانت تدفعهم إلى محاولة التخلص من السيد المسيح، وليس سماع كلامه وماذا أيضاً. هل هناك أسباب أخرى تمنع من السماع ؟
الخوف أيضاً يسد الأذن أحياناً عن السماع .
بيلاطس البنطى كان مقتنعاً ببراءة المسيح، وقال إنه لا يجد فيه علة تستوجب الموت لو ٢٣ : ٢٢). وقد حذرته زوجته قائلة «إياك وذلك البار، لأني تألمت اليوم كثيراً في حلم لأجله » ( متی ۲۷ :۱۹) ولكنه لم يسمع ، لأن الخوف كان يمنعه من السماع كان يخاف أن يشكوه إلى قيصر الخوف على المركز وربما نفس الخوف منع أغريباس الملك من تبشير القديس بولس الرسول، مع أنه قال له « بقليل تقنعنى أن أصير مسيحياً » (أع ٢٦ : ٢٨ ) إن قبل أغريباس المسيحية، سيضيع منه منصب الملك كثيرون يضيعون البعض بالخوف إن فتحت فمك لتتكلم إن هربت منا ، إن كشفت المؤامرة، إن لم تخضع ، سيحدث كذا وكذا من التهديد وبهذا الخوف لا تنفع كل نصيحة لإنقاذه .! تكلمه، وكأنه لا يسمع الخوف سد أذنيه هناك سبب آخر : يمنع الأذن من السماع، وهو الاستهتار واللامبالاة أهل سادوم نصحهم لوط أن يخرجوا من المدينة قبل أن تحترق ،فقابلوا كلامه باستهزاء وكان كمازح في وسط أصهاره » تك ١٩ :١٤). ونفس الوضع حينما تكلم بولس الرسول في مدينة أثينا ، قابلوه بنفس التهكم قائلين «ماذا يريد هذا المهذار أن يقول » (أع ۱۷ : ۱۸) إنه أيضاً نوع من الاستهتار، لم يأخذوا فيه الكلام بجدية لذلك لم تكن آذانهم للسمع كإنسان تنصحه ، فيقابلك بتهكم، أو يحول الجو إلى عبث ولا يسمع، بل يتهكم و يهزأ إنسان أيضاً لا يسمع ، لأنه يعرج بين الفرقتين آخاب إن سمع كلمة من إيليا ، تستطيع إيزابل أن تعمل له غسيل مخ ، وتحوله إلى الناحية الأخرى فإن أردت أن تعطى نفسك فرصة للسماع، لابد أن تبعد عن الجو الذي يمكنه أن يحولك كشاب يسمع عظة ، فيضيع تأثيرها بسبب أصدقائه أصعب مثل في عدم السماع، هو مثال يهوذا، الذى كانت تمنعه الخيانة من السماع كم مرة أنذره السيد المسيح ولكن الخيانة كانت تصم أذنيه، مضافة إليها شهوة المال. القلب كان في تلف، كذلك تلقت أذناه فلم تسمع لكي تسمع أذناك ، ينبغي أن تكون لك رغبة في أن تسمع، وتكون لك الجدية في التنفيذ ، وتكون مشتاقاً أن تسمع الكلمة، ولو أدى الأمر أن تبذل حياتك من أجلها إن أتاك الصوت الإلهى احتفظ به فى قلبك وفى إرادتك كما فعل القديس أنطونيوس لما سمع كلمة الرب، وللحال نفذها في جدية، بغير إبطاء ، بغير توان ولنحاسب أنفسنا ، كم مرة سمعنا ولم نعمل، وكأننا لم نسمع .
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث

عدد الزيارات 118

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل