كيف تحب الآخرين ؟

09 أكتوبر 2023
Large image

(المحبة ) لا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق(١كو ١٣ : ٦) المحبة تتمنى لمن تحب أن يسلكوا في الحق وليس في الإثم أو الباطل هي تحزن لأجل من يسلكون حسب هواهم في الشر وتتألم لأجلهم وتفضل دائماً أن تراهم في طريق الحق. معلمنا بولس الرسول كخادم كان يبكى حينما يتذكر الذين انحرفوا عن جادة الصواب من بين أحباته ومخدوميه وكتب يقول "كثيرون ممن كنت أذكرهم لكم مراراً أذكرهم الآن باكياً وهم أعداء صليب المسيح " ( فى ۳ : ۱۸). المحبة لا يمكن أن تفرح بهلاك الخاطيء، لأنها تتشبه بالله الذي يشاء أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون »(١تى٤:٢) المحبة تحزن كثيراً من أجل البعيدين عن الله ومن أجل البعيدين عن الطريق المؤدى إلى الحياة الأبدية، وتتمنى أن يخلصوا ، وأن يُقبلوا إلى معرفة الحق السيد المسيح بكى على أورشليم قائلاً: «إنك علمت أيضاً ما هو لسلامك، ولكن الآن قد أخفى عن عينيك ، لأنك لم تعرفى زمان افتقادك ) ( لو ١٩ : ٤٢ ) وعن محاولاته المتكررة مع أورشليم، لكي تسلك في طريق الحق، وتصنع مشيئة الله الذى أحبها قال «كم مرة أردت أن أجمع أولادك، كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ، وأنتم لم تريدوا مت ۲۳ : ۳۷، لو ١٣ : ٣٤) ظلت محبة المسيح تنتظر وتقرع على الباب، حتى رفضت بصورة واضحة، حينما سمرت على الصليب خارجاً عن أورشليم «تألم خارج الباب» (عب ۱۳ : ۱۲ ) ومع ذلك فإن السيد المسيح لم يرفض شعبه، ولكن بقيت محبته تنتظر توبتهم وعودتهم إليه إن أرادوا .
مثال داود و شاول :
حينما أخطأ شاول الملك إلى الرب، واختار الرب داود ومسحه ملكاً على اسرائيل بيد صموئيل النبي، ابتدأ شاول يحقد على داود ، وملأت الغيرة قلبه، وذلك بالرغم من أن داود لم يفعل شيئاً ليسيء إلى شاول على الإطلاق، بل قدم له بكل محبة وكان مخلصاً له على الدوام وحاول شاول الملك مراراً أن يقتل داود ولم يتمكن، وطارده في البرية عدة مرات، وانقذه الرب من يده. وفى النهاية هرب داود، ولجأ إلى أخيش معوك ملك جت .وبعد أن عاش داود شريداً، مطارداً من شاول لسنوات عديدة، جاء اليوم الذي قتل فيه شاول في معركة جبل جلبوع . وتوقع البعض أن يفرح داود بمقتل شاول وثلاثة من بنيه في أن بعضهم اسرع ليبشر داود بهذا الخبر. وكانت المفاجأة أن داود قد حزن كثيراً وتأوه، وصار يرثى بنشيد القوس شاول و يوناثان ورجال الحرب الذين قتلوا . وقال أن يتعلم بنو يهوذا هذا النشيد"اَلظَّبْيُ يَا إِسْرَائِيلُ مَقْتُولٌ عَلَى شَوَامِخِكَ. كَيْفَ سَقَطَ الْجَبَابِرَةُ لاَ تُخْبِرُوا فِي جَتَّ لاَ تُبَشِّرُوا فِي أَسْوَاقِ أَشْقَلُونَ، لِئَلاَّ تَفْرَحَ بَنَاتُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، لِئَلاَّ تَشْمَتَ بَنَاتُ الْغُلْفِ. يَا جِبَالَ جِلْبُوعَ لاَ يَكُنْ طَلٌّ وَلاَ مَطَرٌ عَلَيْكُنَّ، وَلاَ حُقُولُ تَقْدِمَاتٍ، لأَنَّهُ هُنَاكَ طُرِحَ مِجَنُّ الْجَبَابِرَةِ، مِجَنُّ شَاوُلَ بِلاَ مَسْحٍ بِالدُّهْنِ. مِنْ دَمِ الْقَتْلَى، مِنْ شَحْمِ الْجَبَابِرَةِ لَمْ تَرْجعْ قَوْسُ يُونَاثَانَ إِلَى الْوَرَاءِ، وَسَيْفُ شَاوُلَ لَمْ يَرْجعْ خَائِبًا. شَاوُلُ وَيُونَاثَانُ الْمَحْبُوبَانِ وَالْحُلْوَانِ فِي حَيَاتِهِمَا لَمْ يَفْتَرِقَا فِي مَوْتِهِمَا. أَخَفُّ مِنَ النُّسُورِ وَأَشَدُّ مِنَ الأُسُودِ. يَا بَنَاتِ إِسْرَائِيلَ، ابْكِينَ شَاوُلَ الَّذِي أَلْبَسَكُنَّ قِرْمِزًا بِالتَّنَعُّمِ، وَجَعَلَ حُلِيَّ الذَّهَبِ عَلَى مَلاَبِسِكُنَّ. كَيْفَ سَقَطَ الْجَبَابِرَةُ فِي وَسَطِ الْحَرْبِ يُونَاثَانُ عَلَى شَوَامِخِكَ مَقْتُولٌ. قَدْ تَضَايَقْتُ عَلَيْكَ يَا أَخِي يُونَاثَانُ. كُنْتَ حُلْوًا لِي جِدًّا. مَحَبَّتُكَ لِي أَعْجَبُ مِنْ مَحَبَّةِ النِّسَاءِ." (۲صم ۱ : ۱۹ - ٢٦ ) كان داود يغار على مجد الله، فلم يفرح بنصرة الوثنيين والغلف على شاول الملك وجيشه. كما أن عداوة شاول له لم تنسه الصداقة الأولى، والمحبة القديمة والعشرة الحلوة، فصار بيكي و ينوح على أحبائه القدامى كان داود يتمنى أن يخدم شاول، إذ كان من قواد جيشه، وأن يضع مواهبه كمسيح للرب في خدمة المملكة، وتزوج ميكال ابنة شاول ، وتمنى أن يسكن سالماً في كتف حماء الملك. ولكن أحلام داود تبددت أمام عاصفة الحقد التي اجتاحت حياة شاول ، أنه أوشك ان يقتل ابنه يوناثان لسبب محبته واخلاصه لداود حتى ولكن المحبة التي لا تفرح بالإثم ، بل تفرح بالحق، فى حياة داود ظلت أمينة إلى النهاية وصارت مثلاً يحتذى لجميع الأجيال .ولم يكن هذا أمراً عارضاً في حياة داود ، بل تكرر في علاقته بابنه ابشالوم الذى قام ضده وطرده من كرسيه في أورشليم. وطارده بجيش كبير ليقتله. ولكن داود بالرغم من ذلك كان يتوسل إلى قواد جيشه والجنود أن يترفقوا بالفتى أبشالوم . وحينما مات أبشالوم في المعركة انزعج داود وصعد إلى علية الباب وكان يبكي ويقول هكذا وهو يتمشى يا ابنى ابشالوم یا ابنی ابشالوم يا ليتني مت عوضاً عنك يا ابشالوم يا ابنی (۲صم ۱۸ : ۳۳) .
نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن مجلة الكرازة العدد السادس عشر عام ١٩٨٩

عدد الزيارات 64

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل